الفرعُ الرَّابعُ: يَصِحُّ العَقدُ في الشَّيءِ تَبَعًا، وإن كان لا يَجوزُ مَقصودًا
أوَّلًا: صيغةُ القاعِدةِ.استُعمِلَتِ القاعِدةُ بهذه الصِّيغةِ المَذكورةِ: "يَصِحُّ العَقدُ في الشَّيءِ تَبَعًا، وإن كان لا يَجوزُ مَقصودًا"
[5188] يُنظر: ((المبسوط)) للسرخسي (23/17). ، وصيغةِ: "قد يَثبُتُ حُكمُ العَقدِ في الشَّيءِ تَبَعًا، وإن كان لا يَجوزُ إثباتُه فيه مَقصودًا"
[5189] يُنظر: ((المبسوط)) للسرخسي (15/37)، ((حاشية ابن عابدين)) (6/261). ، وصيغةِ: "قد ثَبَتَ مِنَ الحُكمِ تَبَعًا ما لا يَثبُتُ مَقصودًا"
[5190] يُنظر: ((الهداية)) للمرغيناني (3/17)، ((حاشية ابن عابدين)) (4/361)، ((اللباب)) للميداني (2/182). ، وصيغةِ: "قد يَدخُلُ في العَقدِ تَبَعًا ما لا يَجوزُ إيرادُ العَقدِ عليه قَصدًا"
[5191] يُنظر: ((المبسوط)) للسرخسي (11/179). ، وصيغةِ: "ليس حُكمُ ما يَدخُلُ في العَقدِ على وَجهِ التَّبَعِ حُكمَ ما يُفرَدُ به"
[5192] يُنظر: ((أحكام القرآن)) للجصاص (1/644). ، وصيغةِ: "قد يَتبَعُ في العُقودِ ما لا يَجوزُ العَقدُ عليه"
[5193] يُنظر: ((التجريد)) للقدوري (8/3792). .
ثانيًا: المَعنى الإجماليُّ للقاعِدةِ.تُفيدُ القاعِدةُ أنَّه يُغتَفرُ في الشَّيءِ التَّابعِ لأصلِ العَقدِ، فيَصِحُّ العَقدُ فيه تَبَعًا بطَريقِ التَّبَعيَّةِ، وإن كان لا يَجوزُ العَقدُ فيه مَقصودًا، أي مِن حَيثُ القَصدُ؛ إذ قد يَثبُتُ حُكمُ العَقدِ في الشَّيءِ تَبَعًا، وإن كان لا يَجوزُ إثباتُه فيه مَقصودًا، وجَوازُه تَبَعًا لغَيرِه لا يَدُلُّ على جَوازِه مَقصودًا
[5194] يُنظر: ((المبسوط)) للسرخسي (15/37)، ((بدائع الصنائع)) للكاساني (6/220)، ((تبيين الحقائق)) للزيلعي (4/49)، ((البناية)) للعيني (7/437). .
وهذه القاعِدةُ مُتَفرِّعةٌ مِنَ القاعِدةِ الأُمِّ (المُلحَقُ بالعَقدِ يُعَدُّ واقِعًا فيهـ)، ووَجهُ تَفرُّعِها عنها أنَّ التَّابعَ مُلحَقٌ بالأصلِ، فيَصِحُّ العَقدُ فيه تَبَعًا لأصلِ العَقدِ؛ لأنَّ المُلحَقَ بالعَقدِ يُعَدُّ واقِعًا فيه.
ثالثًا: أدِلَّةُ القاعِدةِ.يُستَدَلُّ لهذه القاعِدةِ بالقَواعِدِ الآتيةِ:
1- القاعِدةُ الأُمُّ: (المُلحَقُ بالعَقدِ يُعَدُّ واقِعًا فيهـ).
2- قاعِدةُ: (يُغتَفرُ في التَّابعِ ما لا يُغتَفرُ في المَتبوعِ).
3- قاعِدةُ: (يُغتَفرُ في الشَّيءِ ضِمنًا ما لا يُغتَفرُ فيه مَقصودًا).
رابعًا: أمثِلةٌ للقاعِدةِ.تَندَرِجُ تَحتَ هذه القاعِدةِ بَعضُ الفُروعِ الفِقهيَّةِ، مِنها:
1- لا يَصِحُّ بَيعُ الطَّريقِ مَقصودًا، ويَجوزُ تَبَعًا للأرضِ والدَّارِ؛ لأنَّ حُكمَ العَقدِ قد يَثبُتُ في الشَّيءِ تَبَعًا، وإن كان لا يَجوزُ إثباتُه فيه مَقصودًا
[5195] يُنظر: ((المبسوط)) للسرخسي (15/37)، ((بدائع الصنائع)) للكاساني (6/220)، ((حاشية ابن عابدين)) (6/261). .
2- لا يَجوزُ استِثناءُ أطرافٍ مِنَ الحَيَوانِ في البَيعِ؛ لأنَّها تَدخُلُ في العَقدِ تَبَعًا لا مَقصودًا
[5196] يُنظر: ((كشف الأسرار)) لعلاء الدين البخاري (3/146). .
3- مَن حَلَف لا يَشتَري صوفًا فاشتَرى شاةً على ظَهرِها صوفٌ لم يَحنَثْ، والأصلُ فيه أنَّ مَن حَلَف لا يَشتَري شَيئًا فاشتَرى غَيرَه ودَخل المَحلوفُ عليه في البَيعِ تَبَعًا لم يَحنَثْ، وإن دَخل مَقصودًا يَحنَثْ، والصُّوفُ هاهنا لم يَدخُلْ في العَقدِ مَقصودًا؛ لأنَّ التَّسميةَ لم تَتَناوَلِ الصُّوفَ، وإنَّما دَخَلَ في العَقدِ تَبَعًا للشَّاةِ
[5197] يُنظر: ((بدائع الصنائع)) للكاساني (3/81). .
خامِسًا: مُكمِلاتٌ للقاعِدةِ.استِثناءاتٌ:يُستَثنى مِنَ القاعِدةِ بَعضُ الصُّورِ، مِنها: أنَّ مَن حَلَف لا يَشتَري ثَمَرَ نَخلٍ، فاشتَرى أرضًا فيها نَخلٌ مُثمِرةٌ، وشَرَط المُشتَري الثَّمَرةَ: يَحنَث؛ لأنَّ الثَّمَرةَ دَخَلَت في العَقدِ مَقصودةً لا على وَجهِ التَّبَعِ؛ لأنَّه لو لم يُسَمِّها لا تَدخُلُ في البَيعِ
[5198] يُنظر: ((بدائع الصنائع)) للكاساني (3/81). .