موسوعة القواعد الفقهية

الفرعُ الثَّالثُ: الطَّارِئُ بَعدَ العَقدِ قَبلَ حُصولِ المَقصودِ به كالمُقارِنِ للعَقدِ


أوَّلًا: صيغةُ القاعِدةِ.
استُعمِلَتِ القاعِدةُ بهذه الصِّيغةِ المَذكورةِ: "الطَّارِئُ بَعدَ العَقدِ قَبلَ حُصولِ المَقصودِ به كالمُقارِنِ للعَقدِ" [5175] يُنظر: ((المبسوط)) للسرخسي (22/34). ، وصيغةِ: "الطَّارِئُ بَعدَ العَقدِ قَبلَ القَبضِ يُجعَلُ في الحُكمِ كالمُقارِنِ للعَقدِ" [5176] يُنظر: ((المبسوط)) للسرخسي (5/43). ، وصيغةِ: "الطَّارِئُ بَعدَ العَقدِ قَبلَ حُصولِ المَقصودِ يُجعَلُ بمَنزِلةِ المُقتَرِنِ بالعَقدِ" [5177] يُنظر: ((المبسوط)) للسرخسي (13/138). ، وصيغةِ: "الحادِثُ بَعدَ العَقدِ قَبلَ القَبضِ كالمَوجودِ وقتَ العَقدِ" [5178] يُنظر: ((المبسوط)) للسرخسي (13/9). ، وصيغةِ: "الفسادُ الطَّارِئُ بَعدَ العَقدِ بمَثابةِ الفسادِ المُقتَرِنِ بالعَقدِ" [5179] يُنظر: ((الحاوي الكبير)) للماوردي (6/408). ، وصيغةِ: "الفسادُ الطَّارِئُ بَعدَ العَقدِ قَبلَ حُصولِ المَقصودِ به كالمُقتَرِنِ بالعَقدِ" [5180] يُنظر: ((المبسوط)) للسرخسي (22/88). ، وصيغةِ: "الطَّارِئُ هَل يُنَزَّلُ مَنزِلةَ المُقارِنِ؟" [5181] يُنظر: ((المنثور)) للزركشي (2/347)، ((القواعد الفقهية)) لمحمد الزحيلي (2/961). .
ثانيًا: المَعنى الإجماليُّ للقاعِدةِ.
تُفيدُ القاعِدةُ أنَّ الطَّارِئَ الحادِثَ بَعدَ تَمامِ العَقدِ وقَبلَ حُصولِ المَقصودِ يُجعَلُ بمَنزِلةِ المُقتَرِنِ بالعَقدِ، فيَكونُ كالمَوجودِ عِندَ العَقدِ حُكمًا، فكَأنَّه مُقتَرِنٌ بأصلِ العَقدِ، فإذا كان مُفسِدًا فإنَّه يُفسِدُ العَقدَ، حَيثُ يَكونُ الفسادُ الطَّارِئُ بَعدَ العَقدِ قَبلَ حُصولِ المَقصودِ به كالمُقتَرِنِ بالعَقدِ [5182] يُنظر: ((الحاوي الكبير)) للماوردي (6/408)، ((المبسوط)) للسرخسي (13/67، 138)، ((بحر المذهب)) للروياني (5/7)، ((البيان)) للعمراني (5/147). .
وهذه القاعِدةُ مُتَفرِّعةٌ مِنَ القاعِدةِ الأُمِّ (المُلحَقُ بالعَقدِ يُعَدُّ واقِعًا فيهـ)، ووَجهُ تَفرُّعِها عنها أنَّ الطَّارِئَ بَعدَ تَمامِ العَقدِ مُلحَقٌ بالعَقدِ، فيُعَدُّ كالمُقارَنِ له؛ إذِ المُلحَقُ بالعَقدِ يُعَدُّ واقِعًا فيه.
ثالثًا: أدِلَّةُ القاعِدةِ.
يُستَدَلُّ لهذه القاعِدةِ بالقاعِدةِ الأُمِّ: (المُلحَقُ بالعَقدِ يُعَدُّ واقِعًا فيهـ).
رابعًا: أمثِلةٌ للقاعِدةِ.
مِنَ الأمثِلةِ على هذه القاعِدةِ:
1- العَيبُ الحادِثُ في يَدِ البائِعِ قَبلَ القَبضِ، كالعَيبِ المَوجودِ في المَبيعِ حالَ العَقدِ؛ لأنَّ الفسادَ الطَّارِئَ بَعدَ العَقدِ كالفسادِ المُقارِنِ للعَقدِ [5183] يُنظر: ((البيان)) للعمراني (5/147). .
2- إذا اشتَرى نَصرانيٌّ من نَصرانيٍّ خَمرًا فلم يَقبِضْها حَتَّى أسلَمَ أحَدُهما، إمَّا البائِعُ أوِ المُشتَري، فلا بَيعَ بَينَهما؛ لأنَّ الإسلامَ يَمنَعُ القَبضَ هنا؛ لأنَّ هذا القَبضَ مُشابهٌ بالعَقدِ مِن حَيثُ إنَّه يَتَأكَّدُ به مِلكُ العَينِ، ويُستَفادُ به مِلكُ التَّصَرُّفِ، فكَما أنَّ الإسلامَ مِن أحَدِهما يَمنَعُ ابتِداءَ العَقدِ على الخَمرِ فكَذلك يَمنَعُ القَبضَ بحُكمِ العَقدِ، وفواتُ القَبضِ المُستَحَقِّ بالعَقدِ مُبطِلٌ للعَقدِ؛ لأنَّ الطَّارِئَ بَعدَ العَقدِ قَبلَ القَبضِ مِنَ الزَّوائِدِ يُجعَلُ كالمَوجودِ عِندَ العَقدِ حُكمًا، فكَذلك الطَّارِئُ مِن إسلامِ أحَدِهما يُجعَلُ كالمَوجودِ عِندَ العَقدِ [5184] يُنظر: ((المبسوط)) للسرخسي (13/67). .
3- إذا دَفعَ رَجُلٌ إلى رَجُلٍ أموالًا مُضارَبةً بالنِّصفِ فلم يَشتَرِ شَيئًا حَتَّى كَسَدَت تلك الفُلوسُ، وأُحدِثَت فلَوسٌ غَيرُها، فسَدَتِ المُضارَبةُ. ولَوِ اقتَرَنَ كَسادُها بعَقدِ المُضارَبةِ لم تَصِحَّ المُضارَبةُ، فكَذلك إذا كَسَدَت بَعدَ العَقدِ قَبلَ حُصولِ المَقصودِ به؛ لأنَّ الطَّارِئَ بَعدَ العَقدِ قَبلَ حُصولِ المَقصودِ به كالمُقارِنِ للعَقدِ [5185] يُنظر: ((المبسوط)) للسرخسي (22/34). .
4- إذا طَرَأ مُؤَبَّدُ تَحريمٍ على نِكاحٍ قَطَعه، فلَو نَكَحَ امرَأةً فوطِئَها أبوه أوِ ابنُه بشُبهةٍ، أو وطِئَ هو أُمَّها أو بنتَها، انفسَخَ النِّكاحُ؛ لأنَّ الطَّارِئَ هنا يُنزَّلُ مَنزِلةَ المُقارِنِ، وإنَّما كانت مَوانِعُ النِّكاحِ تَمنَعُ في الابتِداءِ والدَّوامِ؛ لتَأبُّدِها واعتِضادِها بكَونِ الأصلِ في الأبضاعِ هو الحُرمةَ. وكَذلك عَيبُ النِّكاحِ إذا كان بالزَّوجِ وقارَنه تَخَيَّرَتِ الزَّوجةُ، وكَذلك إذا حَدَثَ في دَوامِ النِّكاحِ [5186] يُنظر: ((المنثور)) للزركشي (2/347). .
خامِسًا: مُكمِلاتٌ للقاعِدةِ.
استِثناءاتٌ:
يُستَثنى مِنَ القاعِدةِ بَعضُ الصُّورِ، مِنها: إذا أحرَمَ المُتَزَوِّجُ لم يَمنَعِ استِمرارَ النِّكاحِ، وإن كان لو قارَنَ ابتِداءَه مَنَعَ [5187] يُنظر: ((المنثور)) للزركشي (2/348). .

انظر أيضا: