موسوعة القواعد الفقهية

الفرعُ الأوَّلُ: الزِّيادةُ المُتَّصِلةُ تَتبَعُ الأصلَ


أوَّلًا: صيغةُ القاعِدةِ.
استُعمِلَتِ القاعِدةُ بهذه الصِّيغةِ المَذكورةِ: "الزِّيادةُ المُتَّصِلةُ تَتبَعُ الأصلَ" [5142] يُنظر: ((المهذب)) للشيرازي (2/199)، ((الأشباه والنظائر)) لابن السبكي (1/375)، ((المنثور)) للزركشي (2/182)، ((التدريب)) للبلقيني (3/143)، ((حاشية الجمل على شرح المنهج)) (3/151)، ((حاشية البجيرمي على شرح المنهج)) (2/264). ، وصيغةِ: "الزِّيادةُ المُتَّصِلةُ تَبَعٌ مِن كُلِّ وَجهٍ" [5143] يُنظر: ((المبسوط)) للسرخسي (25/160). ، وصيغةِ: "الزِّيادةُ المُتَّصِلةُ تَتبَعُ الأصلَ إلَّا في الصَّداقِ" [5144] يُنظر: ((الأشباه والنظائر)) لابن السبكي (1/375)، ((الأشباه والنظائر)) لابن الملقن (2/199). ، وصيغةِ: "الزِّيادةُ المُتَّصِلةُ مِن حُكمِها أن تَتبَعَ المِلكَ دونَ المالِكِ" [5145] يُنظر: ((الحاوي الكبير)) للماوردي (6/279). ، وصيغةِ: "الزِّيادةُ المُتَّصِلةُ تُتبَعُ في الفُسوخِ والعُقودِ" [5146] يُنظر: ((شرح الزركشي على مختصر الخرقي)) (5/298). ، وصيغةِ: "الزِّيادةُ المُتَّصِلةُ لا تمنَعُ الفَسخَ عنِ العَينِ" [5147] يُنظر: ((المبسوط)) للسرخسي (13/34). ، وصيغةِ: "الزِّيادةُ المُتَّصِلةُ لا تمنَعُ الرُّجوعَ في الرَّدِّ بالعَيبِ" [5148] يُنظر: ((الوسيط)) للغزالي (5/250). ، وصيغةِ: "الزِّيادةُ المُتَّصِلةُ لا عِبرةَ بها في عُقودِ المُعاوَضاتِ" [5149] يُنظر: ((المبسوط)) للسرخسي (5/73). ، وصيغةِ: "الزِّيادةُ المُتَّصِلةُ لا تُفرَدُ عنِ الأصلِ" [5150] يُنظر: ((المبسوط)) للسرخسي (16/195). ، وصيغةِ: "الزِّيادةُ المُتَّصِلةُ يَنبَغي ألَّا تُفرَدَ بالاعتِبارِ" [5151] يُنظر: ((نهاية المطلب)) لأبي المعالي الجويني (6/320). ، وصيغةِ: "لا مُبالاةَ بالزِّيادةِ المُتَّصِلةِ في قَواعِدِ الشَّريعةِ" [5152] يُنظر: ((نهاية المطلب)) لأبي المعالي الجويني (6/314). ، وصيغةِ: "النَّماءُ المُتَّصِلُ في الأعيانِ المَملوكةِ العائِدةِ إلى مَنِ انتَقَلَ المِلكُ عنه بالفُسوخِ؛ يَتبعُ الأعيانَ على ظاهرِ المَذهَبِ عِندَ أصحابِنا، والمَنصوصُ عن أحمَدَ: أنَّه لا يَتبَعُ... ويَتبعُ الأصلَ في التَّوثِقةِ والضَّمانِ على المَشهورِ" [5153] يُنظر: ((القواعد)) لابن رجب (2/56). .
ثانيًا: المَعنى الإجماليُّ للقاعِدةِ.
الزِّيادةُ المُتَّصِلةُ في العُقودِ تَتبَعُ الأصلَ، ويَنبَغي ألَّا تُفرَدَ بالاعتِبارِ؛ فإفرادُ الزِّيادةِ المُتَّصِلةِ غَيرُ مُمكِنٍ، ومَعنى ذلك: أنَّه إذا ثَبَتَ الرُّجوعُ في عَينٍ فزيدَت زيادةً مُتَّصِلةً -كالسِّمَنِ في الدَّابَّةِ- لم تَمنَعْ تلك الزِّيادةُ الاستِقلالَ بالرُّجوعِ، كما إذا أفلَسَ المُشتَري بالثَّمَنِ؛ فإنَّ البائِعَ يَرجِعُ له المَبيعَ بزيادَتِه المُتَّصِلةِ [5154] يُنظر: ((المهذب)) للشيرازي (2/199)، ((نهاية المطلب)) لأبي المعالي الجويني (3/312)، ((الأشباه والنظائر)) لابن السبكي (1/375)، ((المنثور)) للزركشي (2/182)، ((التدريب)) للبلقيني (3/143)، ((حاشية الجمل على شرح المنهج)) (3/151). .
وهذه القاعِدةُ مُتَفرِّعةٌ مِنَ القاعِدةِ الأُمِّ (المُلحَقُ بالعَقدِ يُعَدُّ واقِعًا فيهـ)؛ لأنَّ الزِّيادةَ المُتَّصِلةَ بالعَقدِ تَتبَعُه، وتَصيرُ كَأنَّها جُزءٌ مِن أجزائِه؛ لأنَّها مُلحَقةٌ بالعَقدِ، والمُلحَقُ بالعَقدِ يُعَدُّ واقِعًا فيه.
ثالثًا: أدِلَّةُ القاعِدةِ.
يُستَدَلُّ لهذه القاعِدةِ بالقَواعِدِ، ومِنها:
1- القاعِدةُ الأُمُّ: (المُلحَقُ بالعَقدِ يُعَدُّ واقِعًا فيهـ).
2- قاعِدةُ :(التَّابعُ تابعٌ)؛ لأنَّ الزِّيادةَ المُتَّصِلةَ تَتبَعُ الأصلَ كما في الصِّيغةِ المُختارةِ للقاعِدةِ.
3- قاعِدةُ: (التَّابعُ لا يُفرَدُ)؛ لأنَّ الزِّيادةَ المُتَّصِلةَ لا تُفرَدُ، كما جاءَ في بَعضِ صيَغِ القاعِدةِ، مِنها: الزِّيادةُ المُتَّصِلةُ لا تُفرَدُ عنِ الأصلِ [5155] يُنظر: ((المبسوط)) للسرخسي (16/195). ، وصيغةِ: الزِّيادةُ المُتَّصِلةُ يَنبَغي ألَّا تُفرَدَ بالاعتِبارِ [5156] يُنظر: ((نهاية المطلب)) لأبي المعالي الجويني (6/320). ، وصيغةِ: إفرادُ الزِّيادةِ المُتَّصِلةِ غَيرُ مُمكِنٍ [5157] يُنظر: ((نهاية المطلب)) لأبي المعالي الجويني (3/312). .
رابعًا: أمثِلةٌ للقاعِدةِ.
تَندَرِجُ تَحتَ هذه القاعِدةِ بَعضُ الفُروعِ الفِقهيَّةِ، مِنها:
1- الزِّيادةُ المُتَّصِلةُ في المَبيعِ تَحدُثُ على مِلكِ المُشتَري، فلذلك تَدخُلُ في البَيعِ بغَيرِ شَرطٍ، ولَو شَرط خُروجَها مِنَ البَيعِ فسَدَ العَقدُ، وإذا ازدادَ المَبيعُ زيادةً مُتَّصِلةً، ففُلِّسَ المُشتَري قَبلَ تَوفُّرِ الثَّمَنِ، فالبائِعُ يَرجِعُ في المَبيعِ وإن كان زائِدًا، ولا تَصيرُ الزِّيادةُ سَبَبًا لإبطالِ حَقِّ الرُّجوعِ في العَينِ [5158] يُنظر: ((الحاوي الكبير)) للماوردي (5/197)، ((نهاية المطلب)) لأبي المعالي الجويني (13/49). .
2- للبائِعِ أن يَرجِعَ في العَينِ مَعَ الزِّيادةِ المُتَّصِلةِ والمُنفصِلةِ، إلَّا أن يَتَصَرَّفَ المُشتَري فيها تَصَرُّفًا يَمنَعُ الرُّجوعَ. ورَدُّ الأصلِ بالعَيبِ يوجِبُ رَدَّ زيادَتِه المُتَّصِلةِ به؛ لأنَّ الزِّيادةَ المُتَّصِلةَ مِن حُكمِهما أن تَتبَعَ المِلكَ دونَ المالِكِ [5159] يُنظر: ((الحاوي الكبير)) للماوردي (6/279)، ((المهذب)) للشيرازي (2/199)، ((حلية العلماء)) للشاشي (4/133). .
3- إذا انتَقَلَ المِلكُ عنِ النَّخلِ بعَقدٍ أو فَسخٍ تتبَعُ فيه الزِّيادةُ المُتَّصِلةُ دونَ المُنفصِلةِ، كالطَّلعِ غَيرِ المُؤَبَّرِ [5160] يُنظر: ((القواعد)) لابن رجب (2/106)، ((القواعد الفقهية)) لمحمد الزحيلي (1/438). .
4- الزِّيادةُ المُتَّصِلةُ التي لا تَتَمَيَّزُ -مِثلُ الثَّمَرةِ تَعظُمُ، ونَحوِ ذلك- فهيَ غَيرُ مُتَمَيِّزةٍ مِنها، فتَدخُلُ في الرَّهنِ، وهيَ رَهنٌ كُلُّها [5161] يُنظر: ((الحاوي الكبير)) للماوردي (6/215). .
خامِسًا: مُكمِلاتٌ للقاعِدةِ.
استِثناءاتٌ:
يُستَثنى مِنَ القاعِدةِ بَعضُ الصُّوَرِ، مِنها:
1- صورةُ الصَّداقِ عِندَ الشَّافِعيَّةِ، فالزِّيادةُ المُتَّصِلةُ تَتبَعُ الأصلَ إلَّا في الصَّداقِ، فإنَّ الزَّوجَ إذا طَلَّقَ قَبلَ الدُّخولِ لا يَرجِعُ إلى النِّصفِ الزَّائِدِ إلَّا برِضا المَرأةِ؛ إذ لا مُبالاةَ بالزِّيادةِ المُتَّصِلةِ فيه، فإذا أصدَقَ الرَّجُلُ امرَأتَه عَينًا، فزادَت في يَدِها زيادةً مُتَّصِلةً، وطَلَّقَها الزَّوجُ قَبلَ المَسيسِ، والعَينُ زائِدةٌ، فللمَرأةِ أن تَتَمَسَّكَ بعَينِ الصَّداقِ، ويَرجِعَ الزَّوجُ عليها بنِصفِ القيمةِ، ولا فرقَ بَينَ أن تَكونَ موسِرةً أو مُعسِرةً [5162] يُنظر: ((نهاية المطلب)) لأبي المعالي الجويني (6/314)، ((الأشباه والنظائر)) لابن السبكي (1/375)، ((المنثور)) للزركشي (2/182). .
2- الزِّيادةُ المُتَّصِلةُ في الصِّلاتِ تَمنَعُ رَدَّ الأصلِ، كالمَوهوبِ، وتَأثيرُ الزِّيادةِ المُتَّصِلةِ في الصِّلاتِ أكثَرُ مِن تَأثيرِ الزِّيادةِ المُنفصِلةِ، حَتَّى إنَّ الزِّيادةَ المُنفصِلةَ في الهبةِ لا تمنَعُ الرُّجوعَ، والمُتَّصِلةُ تَمنَعُ؛ لأنَّ الهبةَ ليسَت بعَقدِ ضَمانٍ، فالقَبضُ بحُكمِه لمَّا لم يوجِبْ ضَمانَ العَينِ على المَوهوبِ له لم يَبقَ للواهِبِ حَقٌّ في العَينِ حَتَّى تَسريَ إلى الزِّيادةِ، وإذا تَعَذَّرَ الرُّجوعُ في الزِّيادةِ تَعَذَّر في الأصلِ؛ لأنَّ الأصلَ لا يَنفصِلُ عنِ الزِّيادةِ [5163] يُنظر: ((المبسوط)) للسرخسي (5/73). .

انظر أيضا: