المَطلَبُ الأوَّلُ: المُلحَقُ بالعَقدِ يُعَدُّ واقِعًا فيه
أوَّلًا: صيغةُ القاعِدةِ.استُعمِلَتِ القاعِدةُ بهذه الصِّيغةِ المَذكورةِ: "المُلحَقُ بالعَقدِ يُعَدُّ واقِعًا فيه"
[5122] يُنظر: ((الإتقان والإحكام)) لميارة (1/300). ، وصيغةِ: "المُلحَقُ بالعَقدِ كأنَّه فيه"
[5123] يُنظر: ((المختصر الفقهي)) لابن عرفة (6/235). ، وصيغةِ: "المُلحَقُ بالعَقدِ يُعَدُّ كَجُزئِه"
[5124] يُنظر: ((إيضاح المسالك)) للونشريسي (1/260)، ((شرح المنهج المنتخب)) للمنجور (1/435). ، وصيغةِ: "الفَرضُ بَعدَ العَقدِ يُلحَقُ بالعَقدِ"
[5125] يُنظر: ((أحكام القرآن)) لابن العربي (1/293)، ((تفسير القرطبي)) (3/198)، ((الذخيرة)) للقرافي (4/368). ، وصيغةِ: "الشَّيءُ إذا ألحِقَ بالعَقدِ اقتَضى أن يُملكَ على الوَجهِ الذي يملكُ الأصل"
[5126] يُنظر: ((الفروق)) للكرابيسي (2/309). ، وصيغةِ: "ما وقَعَ عليه الاتِّفاقُ بَعدَ العَقدِ يُجعَلُ كالمَذكورِ في أصلِ العَقدِ"
[5127] يُنظر: ((المبسوط)) للسرخسي (14/83). ، وصيغةِ: "ما جازَ أن يُعقَدَ عليه مِنَ الشُّروطِ يَجوزُ أن يُلحَقُ بالعَقدِ"
[5128] يُنظر: ((لوامع الدرر)) للمجلسي الشنقيطي (8/154). ، وصيغةِ: "المُلحَقُ بالعَقدِ كَمُنفصِلٍ عنه أو واقِعٍ فيه؟"
[5129] يُنظر: ((المختصر الفقهي)) لابن عرفة (4/17). ، وصيغةِ: "المُلحَقاتُ بالعُقودِ هَل تُعَدُّ كَجُزئِها، أو إنشاءٌ ثانٍ؟"
[5130] يُنظر: ((إيضاح المسالك)) للونشريسي (1/258)، ((شرح المنهج المنتخب)) للمنجور (1/434). ، وصيغةِ: "المُلحَقاتُ بالعُقودِ هَل تُعَدُّ كَأنَّها مُصاحِبةٌ لها، أو شَيءٌ حادِثٌ مُستَقِلٌّ بنَفسِه؟"
[5131] يُنظر: ((شرح المنهج المنتخب)) للمنجور (1/434). ، وصيغةِ: "المُلحَقاتُ بالعُقودِ هَل تُقدَّرُ واقِعةً في أصلِ العَقدِ فيَجوزُ، أو لا تُقدَّرُ واقِعةً فيه فيَمتَنِعُ؟"
[5132] يُنظر: ((التوضيح)) لخليل (5/233). ، وصيغةِ: "المُلحَقاتُ للعُقودِ هَل تُقدَّرُ واقِعةً فيها أو لا؟"
[5133] يُنظر: ((مواهب الجليل)) للحطاب (4/412)، ((منح الجليل)) لعليش (5/118). .
ثانيًا: المَعنى الإجماليُّ للقاعِدةِ.تُفيدُ القاعِدةُ أنَّ ما أُلحِقَ بالعَقدِ ولَم يَكُنْ مَوجودًا فيه، فهَل يُعَدُّ واقِعًا فيه؟ في القاعِدةِ خِلافٌ، وبناءُ القاعِدةِ على تَرجيحِ أنَّ ما أُلحِقَ بَعدَ العَقدِ يُعَدُّ واقِعًا فيه، ويَصيرُ كالمَوجودِ حالَ العَقدِ، فما وقَعَ عليه الاتِّفاقُ بَعدَ العَقدِ يُجعَلُ كالمَذكورِ في أصلِ العَقدِ، فإذا اتَّفقَ المُتَعاقِدانِ على إلحاقِ شَرطٍ مُعَيَّنٍ بالعَقدِ جازَ ذلك بناءً على القاعِدةِ؛ لأنَّ إلحاقَ الشَّرطِ الصَّحيحِ بأصلِ العَقدِ ثَبَتَ شَرعًا للحاجةِ إليه، حَتَّى صَحَّ قِرانُه بالعَقدِ؛ فيَصِحُّ إلحاقُه به وإن كان تَغييرًا؛ فإنَّهما يَملكانِ الفسخَ فالتَّغييرُ أَولى؛ لأنَّ التَّغييرَ تَبديلُ الوصفِ، والفَسخُ رَفعُ الأصلِ والوَصفِ. ولا يُشتَرَطُ لصِحَّةِ الإلحاقِ أن يَكونَ في مَجلِسِ العَقدِ. وحَيثُ كان ما بَعدَ العَقدِ يُلحَقُ بالعَقدِ فإذا صَحَّ العَقدُ صَحَّ ما ألحِقَ به، وحَيثُ بَطَلَ العَقدُ بطَل ما ألحِقَ به
[5134] يُنظر: ((أحكام القرآن)) للجصاص (1/528)، ((المنتقى)) للباجي (4/216)، ((المبسوط)) للسرخسي (14/83)، ((بدائع الصنائع)) للكاساني (5/176)، ((معين الحكام)) للطرابلسي (ص: 148)، ((الإتقان والإحكام)) لميارة (1/300)، ((شرح الزرقاني على مختصر خليل)) (5/218). .
ثالثًا: أدِلَّةُ القاعِدةِ.يُستَدَلُّ لهذه القاعِدةِ بالقُرآنِ الكَريمِ، والسُّنَّةِ، والإجماعِ:
1- مِنَ القُرآنِ:قال اللهُ تَعالى:
فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا تَرَاضَيْتُمْ بِهِ مِنْ بَعْدِ الْفَرِيضَةِ [النساء: 24] .
وَجهُ الدَّلالةِ:تَدُلُّ الآيةُ على أنَّ الزِّيادةَ في الصَّداقِ بَعدَ العَقدِ تُلحَقُ به؛ لأنَّ ما بَعدَ العَقدِ زَمَنٌ لفَرضِ المَهرِ، فكان حالةُ الزِّيادةِ كَحالةِ العَقدِ، فدَلَّ ذلك على أنَّ حُكمَ الزِّيادةِ المَفروضةِ بَعدَ العَقدِ كحُكمِ المَفروضِ في العَقدِ إلَّا فيما قامَ الدَّليلُ عليه
[5135] يُنظر: ((المبسوط)) للسرخسي (13/84)، ((المغني)) لابن قدامة (10/179)، ((الشرح الكبير)) لشمس الدين ابن قدامة (21/121)، ((تبيين الحقائق)) للزيلعي (4/83). .
2- مِنَ السُّنَّةِ:عَن جابِرِ بنِ عبدِ اللهِ رَضيَ اللهُ عنهما، قال:
((أقبَلنا مِن مَكَّةَ إلى المَدينةِ مَعَ رَسولِ اللهِ صلَّى الله عليه وسلَّم، فاعتَلَّ جَمَلي، وساق الحَديثَ بقِصَّتِه، وفيه: ثُمَّ قال لي: بِعْني جَمَلَك هذا، قال: قُلتُ: لا، بَل هو لك. قال: لا، بَل بِعْنيه. قال: قُلتُ: لا، بَل هو لك يا رَسولَ اللهِ. قال: لا، بَل بِعْنيه. قال: قُلتُ: فإنَّ لرَجُلٍ عليَّ أوقيَّةَ ذَهَبٍ، فهو لك بها. قال: قد أخَذتُه، فتَبلَّغْ عليه إلى المَدينةِ. قال: فلَمَّا قَدِمتُ المَدينةَ قال رَسولُ اللهِ صلَّى الله عليه وسلَّم لبلالٍ: أعطِه أوقيَّةً مِن ذَهَبٍ، وزِدْه. قال: فأعطاني أوقيَّةً مِن ذَهَبٍ وزادَني قيراطًا، قال: فقُلتُ: لا تُفارِقُني زيادةُ رَسولِ اللهِ صلَّى الله عليه وسلَّم، قال: فكان في كيسٍ لي، فأخَذَه أهلُ الشَّامِ يَومَ الحَرَّةِ)) [5136] أخرجه البخاري (2309)، ومسلم (715) واللفظ له .
وَجهُ الدَّلالةِ:أنَّ هذه الزِّيادةَ كانت في ثَمَنِ البَعيرِ، فدَلَّ على أنَّه إذا زادَ المُشتَري في الثَّمَنِ بَعدَ تَمامِ البَيعِ، أو زاد البائِعُ في المَبيعِ زيادةً، جازَ ذلك ولَحِقَتِ الزِّيادةُ بالعَقدِ، فكَأنَّه وقَعَ على الأصلِ والزِّيادةِ
[5137] يُنظر: ((مختصر اختلاف العلماء للطحاوي)) للجصاص (3/111)، ((التجريد)) للقدوري (5/2558). .
3- مِنَ الإجماعِ:وممَّن نَقَلَه: الكاسانيُّ
[5138] قال: (أجمَعوا على أنَّه لو ألحَقَ بالعَقدِ الصَّحيحِ شَرطًا صَحيحًا، كالخيارِ الصَّحيحِ في البَيعِ الباتِّ ونَحوِ ذلك يَلتَحِقُ بهـ). ((بدائع الصنائع)) (5/176). .
رابعًا: أمثِلةٌ للقاعِدةِ.تَندَرِجُ تَحتَ هذه القاعِدةِ بَعضُ الفُروعِ الفِقهيَّةِ، مِنها:
1- إذا حَطَّ البائِعُ عنِ المُشتَري بَعضَ الثَّمَنِ بَعدَ العَقدِ، فإنَّه يَصِحُّ، ويُلحَقُ الحَطُّ بأصلِ العَقدِ، فصارَ كَأنَّه وُجِد حالَ العَقدِ؛ لأنَّه حَطٌّ لازِمٌ فلَحِقَ العَقدَ، كما لو كان في مُدَّةِ الخيارِ، وهذا يعتَضدُ بتَعامُلِ الخَلقِ في الأعصارِ المُنقَضيةِ
[5139] يُنظر: ((التجريد)) للقدوري (5/2511)، ((نهاية المطلب)) لأبي المعالي الجويني (7/407). .
2- إذا زادَ المُشتَري في ثَمَنِ المَبيعِ بَعدَ تَمامِ البَيعِ، أو زاد البائِعُ في المَبيعِ زيادةً، جازَ ذلك ولَحِقَتِ الزِّيادةُ بالعَقدِ، فكَأنَّه وقَعَ على الأصلِ والزِّيادةِ
[5140] يُنظر: ((التجريد)) للقدوري (5/2558). .
3- الزِّيادةُ في الصَّداقِ بَعدَ العَقدِ تُلحَقُ به، فإذا تَزَوَّجَ الرَّجُلُ المَرأةَ على مَهرٍ، فلَمَّا رَآها زادَها في مَهرِها فهو جائِزٌ، ومَعنى لُحوقِ الزِّيادةِ بالعَقدِ أنَّها تَلزَمُ ويَثبُتُ فيها أحكامُ الصَّداقِ؛ مِنَ التَّنصيفِ بالطَّلاقِ قَبلَ الدُّخولِ، وغَيرِه، فيَصيرُ الجَميعُ صَداقًا. فإن طَلَّقَها قَبلَ أن يَدخُلَ بها فلَها نِصفُ الصَّداقِ الأوَّلِ وما زادَها
[5141] يُنظر: ((المغني)) لابن قدامة (10/178)، ((الشرح الكبير)) لشمس الدين ابن قدامة (20/473)، ((شرح المنهج المنتخب)) للمنجور (1/437). .