موسوعة القواعد الفقهية

المطلَبُ الثَّالِثُ: الاستِثناءُ مِنَ القَواعِدِ الفِقهيَّةِ للمَشَقَّةِ


المُرادُ بالمَشَقَّةِ: الثِّقَلُ والصُّعوبةُ والشِّدَّةُ غَيرُ المُعتادةِ التي يَجِدُها المُكَلَّفونَ أثناءَ قيامِهِم ببَعضِ العِباداتِ، فالتَّكاليفُ الشَّرعيَّةُ التي يَنشَأُ عَنها مَشَقَّةٌ زائِدةٌ عَنِ المُعتادِ توجِبُ خَلَلًا على المُكَلَّفِ في نَفسِه مالِه، أو حالٍ مِن أحوالِه، يُخَفِّفُ فيها الشَّرعُ بما يَرفَعُ الحَرَجَ عَنِ العَبدِ، ويُبعِدُ عَنه الضِّيقَ الذي يَلحَقُه، فنَجِدُ الشَّارِعَ -مَثَلًا- عَفا عَن بَعضِ الأُمورِ التي يَكونُ الأصلُ فيها المَنعَ مِن أجلِ المَشَقَّةِ الحاصِلةِ بسَبَبِ الاحتِرازِ، ومَوارِدُ الشَّرعِ مَبنيَّةٌ على أنَّ جِنسَ المَشَقَّةِ في الاحتِرازِ مُؤَثِّرٌ في جِنسِ التَّخفيفِ [443] يُنظر: ((الاستثناء من القواعد الفقهية)) لنور الدين بوحمزة (ص: 22- 23). .
ومِن أمثِلةِ ذلك:
استِثناءُ ما لا يُمكِنُ التَّحَرُّزُ مِنه مِنَ النَّجاساتِ، بناءً على المَشَقَّةِ الحاصِلةِ للمُكَلَّفِ عِندَ التَّحَفُّظِ مِنها، مَعَ أنَّ الأصلَ في النَّجاساتِ اجتِنابُها وعَدَمُ التَّلَبُّسِ بها، وعُبِّرَ عَن هذا بقَولِهِم: (كُلُّ ما لا يُمكِنُ الاحتِرازُ عَن مُلابَسَتِه مَعفوٌّ عنهـ) [444] يُنظر: ((مجموع الفتاوى)) (21/ 592). .
قال العِزُّ بنُ عَبدِ السَّلامِ: (وأمَّا المُستَثنى مِنَ الأخباثِ فكُلُّ نَجاسةٍ يَعُمُّ الابتِلاءُ بها، كَفَضلةِ الاستِجمارِ، ودَمِ البَراغيثِ والبَثراتِ، وطينِ الشَّارِعِ المَحكومِ بنَجاسَتِه؛ فإنَّه يُعفى عَن قَليلِه ولا يُعفى عَن كَثيرِه لنُدرَتِه بالنِّسبةِ إلى قَليلِه ولتَفاحُشِهـ) [445] ((قواعد الأحكام)) (2/ 164). .

انظر أيضا: