موسوعة القواعد الفقهية

الفَرعُ الرَّابِعُ: الحَقُّ الضَّعيفُ لا يَعدو مَحلَّه


أوَّلًا: صيغةُ القاعِدةِ.
استُعمِلَتِ القاعِدةُ بهذه الصِّيغةِ المَذكورةِ: "الحَقُّ الضَّعيفُ لا يَعدو مَحلَّه" [2773] يُنظر: ((المبسوط)) للسرخسي (10/59)، ((فتح القدير)) لابن الهمام (6/16). .
ثانيًا: المَعنى الإجماليُّ للقاعِدةِ.
الحَقُّ الثَّابِتُ في عَقدٍ مِنَ العُقودِ قد يَكونُ سَبَبُه قَويًّا، فيَكونُ الحَقُّ قَويًّا، وقد يَكونُ ضَعيفًا. والمُرادُ بالحَقِّ الضَّعيفِ: الحَقُّ الذي في إثباتِه شُبهةٌ، أو شُرِع رُخصةً مِن بابِ الضَّرورةِ والحاجةِ، فإذا كان الحَقُّ ضَعيفًا فإنَّه لا يُتَجاوَزُ به المَحَلُّ الوارِدُ فيه، فالضَّعيفُ لا يَقوى على أن يَتَجاوزَ المَحَلَّ الوارِدَ فيه ويَثبُتَ في مَحَلٍّ آخَرَ، بَل يَثبُتُ فيما ورَدَ فيه فقَط، وقدِ انفرَدَ الحَنَفيَّةُ بالنَّصِّ على هذه القاعِدةِ، وهيَ تُعتَبَرُ مُكملةً لقاعِدةِ (الأقوى أحَقُّ بالحُكمِ) [2774] يُنظر: ((موسوعة القواعد الفقهية)) للبورنو (3/130). .
ثالِثًا: أدِلَّةُ القاعِدةِ.
دَلَّ على هذه القاعِدةِ المَعقولُ:
وهو أنَّ الضَّعيفَ لو جاوزَ مَحَلَّه لانقَلَبَ قَويًّا، كما أنَّ فيه بناءَ القَويِّ على الضَّعيفِ، وهو لا يَجوزُ [2775] يُنظر: ((المبسوط)) للسرخسي (2/99). .
رابِعًا: أمثِلةٌ للقاعِدةِ.
مِنَ الأمثِلةِ على هذه القاعِدةِ:
1- إذا ماتَ الغازي أو قُتِلَ بَعدَ إصابةِ الغَنيمةِ وقَبلَ إخراجِها إلى دارِ الإسلامِ، لم يورَثْ سَهمُه عِندَ الحَنَفيَّةِ؛ وهذا لأنَّ الحَقَّ يَثبُتُ بنَفسِ الإصابةِ، ولا يَتَأكَّدُ إلَّا بالإحرازِ، والحَقُّ الضَّعيفُ لا يورَثُ، وأمَّا بَعدَ الإحرازِ الحَقّ يَتَأكَّدُ، والإرثُ يَجري في الحَقِّ المُتَأكِّدِ [2776] يُنظر: ((المبسوط)) للسرخسي (10/44). .
2- حَقُّ القَبولِ لا يورَثُ؛ فإنَّ المُشتَريَ إذا ماتَ بَعدَ إيجابِ البائِعِ قَبلَ قَبولِه لا يَخلُفُه وارِثُه في القَبولِ؛ لأنَّ حَقَّ القَبولِ ضَعيفٌ، فلا يَعدو مَحلَّه [2777] يُنظر: ((المبسوط)) للسرخسي (10/44)، ((الذخيرة)) للقرافي (7/55). .
3- لو عَقدَ أحَدٌ عَقدًا واشتَرَطَ فيه الخيارَ لمُدَّةٍ مُحَدَّدةٍ، ثُمَّ ماتَ خِلالَ المُدَّةِ، فإنَّ خيارَ الشَّرطِ لا يورَثُ عِندَ الحَنَفيَّةِ والحَنابِلةِ؛ لأنَّه حَقٌّ ضَعيفٌ، والحَقُّ الضَّعيفُ لا يَعدو مَحلَّه [2778] يُنظر: ((شرح مختصر الطحاوي)) للجصاص (3/15)، ((التعليقة الكبيرة)) لأبي يعلى (3/138)، ((المبسوط)) للسرخسي (10/44). .

انظر أيضا: