موسوعة القواعد الفقهية

الفَرعُ الثَّاني: المَعلومُ كالمَذكورِ


أوَّلًا: صيغةُ القاعِدةِ.
استُعمِلَتِ القاعِدةُ بهذه الصِّيغةِ المَذكورةِ: "المَعلومُ كالمَذكورِ" [2177] يُنظر: ((العزيز)) للرافعي (8/465)، ((شرح مشكل الوسيط)) لابن الصلاح (4/46)، ((روضة الطالبين)) للنووي (7/429)، ((كفاية النبيهـ)) لابن الرفعة (13/368)، ((فيض الباري)) للكشميري (1/315)، ((مرعاة المفاتيح)) للمباركفوري (1/92). . وصيغةِ: "المَعلومُ كالمَذكورِ لفظًا" [2178] يُنظر: ((الوسيط)) للغزالي (5/352). . وصيغةِ: "المَعروفُ كالمَنصوصِ" [2179] يُنظر: ((المحيط البرهاني)) لابن مازه (2/485)، ((شرح سنن أبي داود)) للعيني (6/446). . وصيغةِ: "المُتَعارَفُ كالمَنصوصِ عليه" [2180] يُنظر: ((المحيط البرهاني)) لابن مازه (4/308)، ((تبيين الحقائق)) للزيلعي (5/58). . وصيغةِ: "المَذكورُ دَلالةً كالمَذكورِ نَصًّا" [2181] يُنظر: ((بدائع الصنائع)) للكاساني (4/183). .
ثانيًا: المَعنى الإجماليُّ للقاعِدةِ.
المَعلومُ مِنَ الصِّفاتِ والشُّروطِ يَكونُ بمَنزِلةِ المَذكورِ لفظًا وإن لم يُذكَرْ في الواقِعِ؛ فإنَّ مُطلَقَ الكَلامِ يَتَقَيَّدُ بدَلالةِ الحالِ، ويَصيرُ ذلك كالمَنصوصِ عليه [2182] يُنظر: ((المبسوط)) للسرخسي (8/168)، ((الوسيط)) للغزالي (5/352)، ((فيض الباري)) للكشميري (1/315). .
وهذه القاعِدةُ مُتَفرِّعةٌ مِنَ القاعِدةِ الأُمِّ (المَوجودُ شَرعًا كالمَوجودِ حَقيقةً)؛ لأنَّ المَعلومَ في الذِّهنِ بمَنزِلةِ المَذكورِ وُجودًا؛ إذِ المَوجودُ شَرعًا كالمَوجودِ حَقيقةً.
ثالِثًا: أدِلَّةُ القاعِدةِ:
يُستَدَلُّ لهذه القاعِدةِ بالقُرآنِ، والسُّنَّةِ، والقَواعِدِ:
1- مِنَ القُرآنِ:
قال اللهُ تعالى: وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدَاءُ إِلَّا أَنْفُسُهُمْ فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ [النور: 6] .
وَجهُ الدَّلالةِ:
أنَّ العُلَماءَ أجمَعوا على أنَّ المُرادَ به الرَّميُ بالزِّنا، فصارَ كالمَذكورِ [2183] يُنظر: ((التجريد)) للقدوري (10/5208). .
2- مِنَ السُّنَّةِ:
عن رِفاعةَ بنِ رافِعٍ رَضِيَ اللهُ عنه أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((إنَّه لا تَتِمُّ صَلاةٌ لأحَدٍ مِنَ النَّاسِ حتَّى يَتَوضَّأَ فيَضَعَ الوُضوءَ، يَعني مَواضِعَه. ثُمَّ يُكَبِّرَ، ويَحمَدَ اللَّهَ عَزَّ وجَلَّ، ويُثنيَ عليه، ويَقرَأَ بما شاءَ مِنَ القُرآنِ، ثُمَّ يَقولَ: اللهُ أكبَرُ، ثُمَّ يَركَعَ حتَّى تَطمَئِنَّ مَفاصِلُه، ثُمَّ يَقولَ: سَمِعَ اللَّهُ لمَن حَمِدَه، حتَّى يَستَويَ قائِمًا، ثُمَّ يَقولَ: اللهُ أكبَرُ، ثُمَّ يَسجُدَ حتَّى تَطمَئِنَّ مَفاصِلُه، ثُمَّ يَقولَ: اللهُ أكبَرُ، ويَرفعَ رَأسَه حتَّى يَستَويَ قاعِدًا، ثُمَّ يَقولَ: اللهُ أكبَرُ، ثُمَّ يَسجُدَ حتَّى تَطمَئِنَّ مَفاصِلُه، ثُمَّ يَرفعَ رَأسَه فيُكَبِّرَ، فإذا فعَلَ ذلك تَمَّت صَلاتُهـ)) [2184] أخرجه أبو داود (857) واللفظ له، والطبراني (5/38) (4526)، وابن بشران في ((الأمالي)) (460). صَحَّحه ابنُ القيم في ((إعلام الموقعين)) (2/215)، والألباني في ((صحيح سنن أبي داود)) (857)، وشعيب الأرناؤوط في تخريج ((سنن أبي داود)) (857). .
وَجهُ الدَّلالةِ:
أنَّ قَولَه: ((إنَّه لا تَتِمُّ صَلاةٌ لأحَدٍ مِنَ النَّاسِ حتَّى يَتَوضَّأَ فيَضَعَ الوُضوءَ، يَعني مَواضِعَهـ)) المُرادُ به حالَ القُدرةِ باتِّفاقٍ، فصارَ ذلك كالمَذكورِ [2185] يُنظر: ((التجريد)) للقدوري (1/258). .
3- مِنَ القَواعِدِ:
يُستَدَلُّ لهذه القاعِدةِ بالقَواعِدِ التَّاليةِ:
- القاعِدةُ الأُمُّ: (المَوجودُ شَرعًا كالمَوجودِ حَقيقةً).
- وقاعِدةُ: (المَعروفُ عُرفًا كالمَشروطِ شَرطًا).
رابِعًا: أمثِلةٌ للقاعِدةِ.
تَندَرِجُ تَحتَ هذه القاعِدةِ بَعضُ الفُروعِ الفِقهيَّةِ، مِنها:
1- إذا باعَ بثَمَنٍ مُؤَجَّلٍ في الابتِداءِ يَثبُتُ الأجَلُ، فكذلك إذا أجَّلَ البائِعُ المُشتَريَ في الثَّمَنِ في الانتِهاءِ؛ لأنَّ هذا التَّأجيلَ يَلتَحِقُ بأصلِ العَقدِ، ويَصيرُ كالمَذكورِ فيه [2186] يُنظر: ((المبسوط)) للسرخسي (30/134). .
2- الزِّيادةُ في الصَّداقِ تَلحَقُ بالعَقدِ الأوَّلِ، فتَكونُ كالمَذكورِ فيه، بمَعنى أنَّها تَلزَمُ ويَثبُتُ المِلكُ فيها، ويَصيرُ الجَميعُ صَداقًا [2187] يُنظر: ((المغني)) لابن قدامة (10/80)، ((الشرح الكبير)) لشمس الدين ابن قدامة (20/473). .
3- إذا قال الواقِفُ: أرضي هذه صَدَقةٌ مَوقوفةٌ على أنَّ لي أن أُعطيَ غَلَّتَها لمَن شِئتُ مِنَ النَّاسِ، جازَ الوقفُ، ثُمَّ إذا شاءَها للأغنياءِ أو لأهلِ الدُّنيا أو ما أشبَهَ ذلك مِمَّا لا يَجوزُ الوقفُ عليه، يَبطُلُ؛ لصَيرورَتِه كالمَذكورِ في صُلبِ العَقدِ [2188] يُنظر: ((الإسعاف في أحكام الأوقاف)) للطرابلسي (ص: 31). .

انظر أيضا: