موسوعة القواعد الفقهية

الفَرعُ الأوَّلُ: ما تَعَيَّن مِنَ الوصفِ شَرعًا يَكونُ كالمَذكورِ نَصًّا


أوَّلًا: صيغةُ القاعِدةِ.
استُعمِلَتِ القاعِدةُ بهذه الصِّيغةِ المَذكورةِ: "ما تَعَيَّن مِنَ الوصفِ شَرعًا يَكونُ كالمَذكورِ نَصًّا" [2172] يُنظر: ((المبسوط)) للسرخسي (5/80). .
ثانيًا: المَعنى الإجماليُّ للقاعِدةِ.
تُفيدُ القاعِدةُ أنَّ ما تَعَيَّن ذِكرُه مِنَ الأوصافِ مِن قِبَلِ الشَّرعِ يَكونُ كالمَذكورِ نَصًّا في سياقِ الكَلامِ، ويَقرُبُ مِنه أنَّ المَذكورَ دَلالةً كالمَذكورِ نَصًّا؛ فإنَّ المَقاصِدَ مِنَ الأعيانِ في العُقودِ إذا كانت مُتَعَيِّنةً استَغنَت عَمَّا يُعَيِّنُها، وكذلك الحُقوقُ إذا تَعَيَّنَت لمُستَحِقِّها فإنَّها تَتَعَيَّنُ لأصحابِها بغَيرِ نيَّةٍ [2173] يُنظر: ((المبسوط)) للسرخسي (5/80)، ((بدائع الصنائع)) للكاساني (4/183)، ((الأمنية)) للقرافي (ص: 22). .
وهذه القاعِدةُ مُتَفرِّعةٌ مِنَ القاعِدةِ الأُمِّ (المَوجودُ شَرعًا كالمَوجودِ حَقيقةً)؛ لأنَّ الوَصفَ المُتَعَيِّنَ شَرعًا كالمَوجودِ نَصًّا؛ إذِ المَوجودُ شَرعًا كالمَوجودِ حَقيقةً.
ثالِثًا: أدِلَّةُ القاعِدةِ.
يُستَدَلُّ لهذه القاعِدةِ بالقاعِدةِ الأُمِّ (المَوجودُ شَرعًا كالمَوجودِ حَقيقةً).
رابِعًا: أمثِلةٌ للقاعِدةِ.
تَندَرِجُ تَحتَ هذه القاعِدةِ بَعضُ الفُروعِ الفِقهيَّةِ، مِنها:
1- إذا قال لزَوجَتِه: أنتِ طالِقٌ، ونَوى به ثَلاثًا، فإنَّه يَصِحُّ مِنه، ويَقَعُ الثَّلاثُ، مِن حَيثُ إنَّ قَولَه: أنتِ طالِقٌ، يَقتَضي طَلاقًا لا مَحالةَ، فصارَ الطَّلاقُ كالمَذكورِ نَصًّا، ولَو كان مَذكورًا بأن قال: أنتِ طالِقٌ الطَّلاقَ، أو ثَلاثًا، ونَوى به الثَّلاثَ، صَحَّ، فكذلك هذا. وقيلَ: لا يَقَعُ أكثَرُ مِن واحِدةٍ [2174] يُنظر: ((تخريج الفروع على الأصول)) للزنجاني (ص: 280). .
2- الحُقوقُ إذا تَعَيَّنَت لمُستَحِقِّها كالدَّينِ المُنفرِدِ فإنَّه يَتَعَيَّنُ لرَبِّه بغَيرِ نيَّةٍ، مِثلُ حُقوقِ اللهِ تعالى إذا تَعَيَّنَت له كالإيمانِ وما ذُكِرَ مَعَه. أمَّا إن تَرَدَّدَ بَينَ دينَينِ أحَدُهما برَهنٍ والآخَرُ بغَيرِ رَهنٍ، فإنَّ الدَّافِعَ يَفتَقِرُ في تَعيينِ المَدفوعِ إلى النِّيَّةِ والتَّصريحِ [2175] يُنظر: ((الأمنية)) للقرافي (ص: 22). .
3- العِلمُ بالمَبيعِ شَرطٌ لصِحَّةِ البَيعِ شَرعًا، وطَريقُه إمَّا الرُّؤيةُ وإمَّا الوصفُ، لكِنَّ الرُّؤيةَ مُتَعَذِّرةٌ في بَيعِ السَّلَمِ؛ لكَونِ المُسَلَّمِ فيه مَوصوفًا في الذِّمَّةِ، فتَعَيَّن الوصفُ طَريقًا لمَعرِفةِ المُسلَّمِ فيه. والأوصافُ على ضَربَينِ: مُتَّفَقٌ على اشتِراطِها، ومُختَلَفٌ فيها. فالمُتَّفَقُ عليها ثَلاثةُ أوصافٍ: الجِنسُ، والنَّوعُ، والجَودةُ والرَّداءةُ. فهذه لا بُدَّ مِنها في كُلِّ مُسَلَّمٍ فيه [2176] يُنظر: ((المغني)) لابن قدامة (6/391)، ((الممتع)) لابن المنجى (2/526)، ((المعاملات المعاصرة)) للدبيان (8/143). .

انظر أيضا: