موسوعة القواعد الفقهية

الفَرعُ الخامِسُ: وقتُ الشَّيءِ هَل يُنَزَّلُ مَنزِلةَ ذلك الشَّيءِ؟


أوَّلًا: صيغةُ القاعِدةِ.
استُعمِلَتِ القاعِدةُ بهذه الصِّيغةِ المَذكورةِ: "وقتُ الشَّيءِ هَل يُنَزَّلُ مَنزِلةَ ذلك الشَّيءِ؟" [2204] يُنظر: ((المنثور)) للزركشي (3/338). . وصيغةِ: "دُخولُ وقتِ الشَّيءِ هَل يَقومُ مَقامَه؟" [2205] يُنظر: ((الأشباه والنظائر)) (2/524)، ((عجالة المحتاج)) (3/1239) كلاهما لابن الملقن، ((تحرير الفتاوى)) لابن العراقي (2/555-556)، ((بداية المحتاج)) لابن قاضي شهبة (3/72). ، وصيغةِ: "يَقومُ مُضيُّ الزَّمانِ مَقامَ الفِعلِ" [2206] يُنظر: ((الأشباه والنظائر)) للسيوطي (ص: 537). . وصيغةِ: "المُتَعَيِّنُ في وقتٍ إذا فاتَ وقتُه لا يَبقى مُتَعَيِّنًا على المُكَلَّفِ بالإتيانِ به إذا أدرَكَ مِثلَه في الزَّمانِ الثَّاني" [2207] يُنظر: ((الكافي)) للسغناقي (2/589). .
ثانيًا: المَعنى الإجماليُّ للقاعِدةِ.
تُفيدُ القاعِدةُ أنَّ الشَّيءَ المُتَعَيِّنَ فِعلُه في وقتٍ مِنَ الأوقاتِ إن مَضى وقتُه المُحَدَّدُ له هَل يُنَزَّلُ مَنزِلةَ فِعلِ ذلك الشَّيءِ؛ حَيثُ يَقومُ مُضيُّ الزَّمانِ مَقامَ الفِعلِ، أو لا يُنَزَّلُ مَنزِلةَ فِعلِه؟ ورَدَتِ القاعِدةُ بصيغةِ الاستِفهامِ لتَدُلَّ على التَّفصيلِ.
والوقتُ هنا على ضَربَينِ: الأوَّلُ: أن لا يَكونَ وَقتُ الشَّيءِ رُكنًا في المَقصودِ، فيُنَزَّلُ مَنزِلةَ ذلك الشَّيءِ؛ حَيثُ إنَّ وقتَ الشَّيءِ يُشبِهُ سَبَبَ الشَّيءِ؛ لأنَّ الوقتَ يُؤتى بالأمرِ الكائِنِ فيه، والأُمورُ مُتَعَلِّقةٌ بأوقاتِها.
والثَّاني: أن يَكونَ وقتُ الشَّيءِ رُكنًا في المَقصودِ فلا يُنَزَّلُ مَنزِلةَ ذلك الشَّيءِ [2208] يُنظر: ((تفسير الرازي)) (26/276)، ((الكافي)) للسغناقي (2/589)، ((المنثور)) للزركشي (3/338)، ((الأشباه والنظائر)) للسيوطي (ص: 537). .
وهذه القاعِدةُ مُتَفرِّعةٌ مِنَ القاعِدةِ الأُمِّ (المَوجودُ شَرعًا كالمَوجودِ حَقيقةً)، ووَجهُ تَفرُّعِها عنها أنَّ مُضيَّ وقتِ الشَّيءِ كَفِعلِ الشَّيءِ، فيُنَزَّلُ مَنزِلَتَه في الحَقيقةِ؛ إذ المَوجودُ شَرعًا كالمَوجودِ حَقيقةً.
ثالِثًا: أدِلَّةُ القاعِدةِ:
يُستَدَلُّ لهذه القاعِدةِ بالسُّنَّةِ والقَواعِدِ:
1- مِنَ السُّنَّةِ:
عن عُمَرَ بنِ الخَطَّابِ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((إذا أقبَلَ اللَّيلُ مِن هاهنا، وأدبَرَ النَّهارُ مِن هاهنا، وغَرَبَتِ الشَّمسُ، فقدَ أفطَرَ الصَّائِمُ )) [2209] أخرجه البخاري (1954) واللفظ له، ومسلم (1100). .
وَجهُ الدَّلالةِ:
يَدُلُّ الحَديثُ على أنَّه إذا دَخَلَ اللَّيلُ فقد أفطَرَ الصَّائِمُ وإن لم يَتَناولِ المُفطِرَ [2210] يُنظر: ((المنثور)) للزركشي (3/338). .
2- مِنَ القَواعِدِ:
يُستَدَلُّ لهذه القاعِدةِ بالقاعِدةِ الأُمِّ (المَوجودُ شَرعًا كالمَوجودِ حَقيقةً).
رابِعًا: أمثِلةٌ للقاعِدةِ:
تَندَرِجُ تَحتَ هذه القاعِدةِ بَعضُ الفُروعِ الفِقهيَّةِ، مِنها:
أوَّلًا: أمثِلةُ ما لا يَكونُ وقتُ الشَّيءِ رُكنًا في المَقصودِ، فيُنَزَّلُ مَنزِلةَ ذلك الشَّيءِ:
1- إذا مَضى زَمَنُ المَنفعةِ في الإجارةِ بَعدَ التَّمكينِ فقدِ استَقَرَّتِ الأُجرةُ وإن لم تُستَوفَ المَنفعةُ [2211] يُنظر: ((المنثور)) للزركشي (3/338)، ((الأشباه والنظائر)) للسيوطي (ص: 537). .
2- مُضيُّ زَمَنٍ يُمكِنُ فيه القَبضُ يَكفي في الهبةِ والرَّهنِ وإن لم يقبضْ، فإذا وهَبَه أو رَهَنَه شَيئًا عِندَه وأذِنَ له في قَبضِه ومَضى زَمَنُ إمكانِه صارَ كالمَقبوضِ، ولا يحتاجُ إلى إذنٍ في القَبضِ [2212] يُنظر: ((المنثور)) للزركشي (3/338)، ((الأشباه والنظائر)) للسيوطي (ص: 537). .
ثانيًا: أمثِلةُ ما يَكونُ وقتُ الشَّيءِ رُكنًا في المَقصودِ، فلا يُنَزَّلُ مَنزِلةَ ذلك الشَّيءِ:
1- دُخولُ وَقتِ رَميِ الجَمَراتِ في الحَجِّ لا يُنَزَّلُ مَنزِلةَ الرَّميِ [2213] يُنظر: ((المنثور)) للزركشي (3/338)، ((الأشباه والنظائر)) لابن الملقن (2/524). .
2- الصَّبيُّ إذا وقَف بعَرَفةَ ثُمَّ دَفعَ بَعدَ الغُروبِ ثُمَّ كَمَلَ قَبلَ الفجرِ، لا يَسقُطُ فرضُه [2214] يُنظر: ((المنثور)) للزركشي (3/338)، ((الأشباه والنظائر)) للسيوطي (ص: 537). .

انظر أيضا: