موسوعة القواعد الفقهية

الفَرعُ الخامِسُ: ما لا قيمةَ له كالمَعدومِ


أوَّلًا: صيغةُ القاعِدةِ.
استُعمِلَت القاعِدةُ بهذا المَعنى في الصِّيَغِ التَّاليةِ: صيغةِ: "ما لا قيمةَ له لا يُمكِنُ تَقويمُه" [2106] يُنظر: ((التهذيب)) للبغوي (3/497). . وصيغةِ: "كُلُّ شَيءٍ يُعرَفُ إلَّا ما لا قيمةَ له" [2107] يُنظر: ((مسائل الإمام أحمد وإسحاق بن راهويهـ)) (6/2718)، ((الإشراف)) لابن المنذر (6/370)، ((الجامع لعلوم الإمام أحمد)) للرباط وآخرين (9/623). . وصيغةِ: "ما لا قيمةَ له مِنَ المملوكاتِ لا يُضمَنُ بالإتلافِ" [2108] يُنظر: ((التجريد)) للقدوري (11/5782). وينظر أيضًا: ((المهذب)) للشيرازي (2/208). . وصيغةِ: "إتلافُ ما لا قيمةَ له لا يوجِبُ الضَّمانَ" [2109] يُنظر: ((شرح الزيادات)) لقاضي خان (2/397). . وصيغةِ: "ما لا قيمةَ له لا تَصِحُّ المُعاوَضةُ عليه" [2110] يُنظر: ((الحاوي الكبير)) للماوردي (5/262). . وصيغةِ: "ما لا قيمةَ له لا يَثبُتُ في الذِّمَّةِ" [2111] يُنظر: ((بدائع الصنائع)) للكاساني (7/214)، ((المبدع)) لبرهان الدين ابن مفلح (10/728)، ((درر الحكام)) لملا خسرو (2/358). . وصيغةِ: "ما لا قيمةَ له لا بَدَلَ له" [2112] يُنظر: ((الحاوي الكبير)) للماوردي (9/553)، ((بحر المذهب)) للروياني (9/526). .
ثانيًا: المَعنى الإجماليُّ للقاعِدةِ.
تُفيدُ القاعِدةُ أنَّ الشَّيءَ الذي لا قيمةَ له مادِّيَّةٌ بَينَ النَّاسِ، ولا يُنتَفعُ به في حالِ السَّعةِ والاختيارِ؛ لهَوانِه على أهلِه: لا يَتَعَلَّقُ به حُكمٌ، فصارَ كالمَعدومِ؛ فالمُعتَبَرُ في التَّقويمِ هو مُراعاةُ المَنفعةِ التي أذِنَ الشَّارِعُ فيها، وما لا يُؤذَنُ فيه فلا عِبرةَ به، فلا تُعتَبَرُ قيمَتُه؛ إذِ المَعدومُ شَرعًا كالمَعدومِ حِسًّا [2113] يُنظر: ((المحلى)) لابن حزم (7/79)، ((شرح حدود ابن عرفة)) للرصاع (ص: 505)، ((القواعد والضوابط الفقهية في الضمان المالي)) لحمد الهاجري (ص: 86)، ((المعاملات المالية)) للدبيان (9/85). .
وهذه القاعِدةُ مُتَفرِّعةٌ مِنَ القاعِدةِ الأُمِّ (المَعدومُ شَرعًا كالمَعدومِ حِسًّا)؛ لأنَّ ما لا قيمةَ له كَعَدَمِه؛ حَيثُ لا يُنتَفَعُ به؛ إذِ المَعدومُ شَرعًا كالمَعدومِ حِسًّا.
ثالِثًا: أدِلَّةُ القاعِدةِ.
يُستَدَلُّ لهذه القاعِدةِ بالقاعِدةِ الأُمِّ (المَعدومُ شَرعًا كالمَعدومِ حِسًّا).
رابِعًا: أمثِلةٌ للقاعِدةِ.
تَندَرِجُ تَحتَ هذه القاعِدةِ بَعضُ الفُروعِ الفِقهيَّةِ، مِنها:
1- ما لا قيمةَ له لا يَصِحُّ بَيعُه ويَجِبُ رَدُّ الثَّمَنِ، فمَنِ اشتَرى شَيئًا لا قيمةَ له، رَجَعَ بجَميعِ الثَّمَنِ؛ لأنَّه لا يَجوزُ أن يَستَحِقَّ ثَمَنَ ما لا قيمةَ له [2114] يُنظر: ((شرح مختصر الطحاوي)) للجصاص (3/73)، ((المهذب)) للشيرازي (2/52)، ((بحر المذهب)) للروياني (4/554). .
2- ما لا قيمةَ له أو كانت قيمَتُه يَسيرةً، يَجوزُ التِقاطُه، ومَن وَجَدَ لُقَطةً لا قيمةَ لها، كالتَّمرةِ والخِرقةِ والكَسرةِ، فلا يَلزَمُه تَعريفُها، وهيَ رِزقٌ لواجِدِها [2115] يُنظر: ((الإرشاد)) لابن أبي موسى (ص: 255)، ((شرح صحيح البخاري)) لابن بطال (3/542)، ((المعاملات المالية)) للدبيان (19/503). .
3- لا تُقطَعُ يَدُ السَّارِقِ في سَرِقةِ ما لا قيمةَ له، كالشَّيءِ التَّافِه؛ لأنَّ ما لا قيمةَ له شَرعًا فلا قَطعَ فيه [2116] يُنظر: ((المحلى)) لابن حزم (12/347)، ((موسوعة الإجماع)) لمجموعة مؤلفين (10/241). .
4- إذا قَطَعَ يَدَ غَيرِه عَمدًا ثُمَّ قَتَلَه فلا شَيءَ عليه؛ لأنَّ اليَدَ لا قيمةَ لها مَعَ إتلافِ النَّفسِ بالقِصاصِ [2117] يُنظر: ((شرح مختصر الطحاوي)) للجصاص (5/459). .

انظر أيضا: