موسوعة القواعد الفقهية

الفَرعُ الثَّالِثُ: إذا دَخَلَ أمرٌ في أمرٍ فإن لم يَكُنْ مِن نَوعِ المَدخولِ فيه أو لم تَكُنْ له خَصيصةٌ أو فِعلٌ في مَحَلِّه أقوى قُدِّرَ الدَّاخِلُ عَدَمًا


أوَّلًا: صيغةُ القاعِدةِ.
استُعمِلَتِ القاعِدةُ بهذه الصِّيغةِ: "إذا دَخَلَ أمرٌ في أمرٍ فإن لم يَكُنْ مِن نَوعِ المَدخولِ فيه أو لم تَكُنْ له خَصيصةٌ أو فِعلٌ في مَحَلِّه أقوى قُدِّرَ الدَّاخِلُ عَدَمًا، وإلَّا فقَولانِ" [1910] يُنظر: ((القواعد)) للمقري (2/612). .
ثانيًا: المَعنى الإجماليُّ للقاعِدةِ.
إذا دَخَلَ أمرٌ ما -سَواءٌ كان عِبادةً أو غَيرَها- في أمرٍ ما مِن نَوعِه، بأن كانتا عُقوبَتَينِ مِن نَوعٍ واحِدٍ، أو صَلاتَينِ أو نَحوَهما، قُدِّرَ الدَّاخِلُ عَدَمًا، أي: كَأنَّه ليسَ مَوجودًا، ويُكتَفى حينَئِذٍ بأحَدِهما عنِ الآخَرِ، وتَبرَأُ ذِمَّةُ المُكَلَّفِ بفِعلِه، فإن لم يَكُنْ مِن نَوعِه أو كان له خَصيصةٌ، ففيه خِلافٌ عِندَ المالِكيَّةِ في دُخولِه مِن عَدَمِه، وهذه القاعِدةُ انفرَدَ بذِكرِها المالِكيَّةُ، وتُعتَبَرُ تَطبيقًا لقاعِدةِ (التَّداخُلُ يَدخُلُ في ضُروبٍ) [1911] يُنظر: ((القواعد)) للمقري (2/612). .
ثالِثًا: أدِلَّةُ القاعِدةِ.
دَلَّ على هذه القاعِدةِ ما سَبَقَ مِن أدِلَّةِ قاعِدةِ (التَّداخُلُ يَدخُلُ في ضُروبٍ).
رابِعًا: أمثِلةٌ للقاعِدةِ.
مِنَ الأمثِلةِ على هذه القاعِدةِ:
1- كُلُّ حَدٍّ للهِ عَزَّ وجَلَّ اجتَمَعَ مَعَ القَتلِ فالقَتلُ يَأتي على ذلك كُلِّه عِندَ المالِكيَّةِ والحَنابِلةِ؛ لأنَّه لا حاجةَ مَعَه إلى الزَّجرِ بغَيرِه، إلَّا حَدَّ القَذفِ عِندَ المالِكيَّةِ، فإنَّه يُقامُ قَبلَ القَتلِ؛ وذلك لحاجةِ المَقذوفِ؛ إذ يَلحَقُه عارُ القَذفِ إن لم يُحَدَّ له [1912] يُنظر: ((الجامع لمسائل المدونة)) لابن يونس (22/422)، ((المغني)) لابن قدامة (12/381). .
2- مَن جَرَحَ إنسانًا فإنَّه يَجِبُ عليه الدِّيةُ إن كان الجَرحُ مِمَّا لا يُمكِنُ القِصاصُ فيه أو عَفا الأولياءُ عنِ القِصاصِ إلى الدِّيةِ، فإن سَرى الجَرحُ إلى النَّفسِ فماتَ المَجروحُ فلا تَلزَمُ الجانيَ إلَّا ديةُ النَّفسِ، وتَتَداخَلُ ديةُ الأطرافِ مَعَ ديةِ النَّفسِ [1913] يُنظر: ((مختصر المزني)) (2/352)، ((المحلى)) لابن حزم (1/292)، ((قواعد الأحكام)) للعز بن عبد السلام (1/252)، ((المغني)) لابن قدامة (12/153). .
3- أهلُ مَكَّةَ يُحرِمونَ بالحَجِّ مِن مَكَّةَ، وبِالعُمرةِ مِن أدنى الحِلِّ، فإذا حَجَّ المَكِّيُّ قارِنًا فهَل يُحرِمُ مِن مَكَّةَ أو مِن أدنى الحِلِّ؟ عِندَ الشَّافِعيَّةِ وأحَدِ قَولَيِ المالِكيَّةِ: يُحرِمُ مِن مَكَّةَ؛ تَغليبًا للحَجِّ لاندِراجِ العُمرةِ فيه، فلا يَحتاجُ إلى الإحرامِ بها مِنَ الحِلِّ، والمَشهورُ عِندَ المالِكيَّةِ: أنَّه يُحرِمُ مِن أدنى الحِلِّ [1914] يُنظر: ((التفريع)) لابن الجلاب (1/195)، ((القواعد)) للمقري (2/612)، ((أسنى المطالب)) لزكريا الأنصاري (1/463). .

انظر أيضا: