الموسوعة الحديثية


- عن عمرَ قالَ : وَمَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْهُمْ فَمَا أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلَا رِكَابٍ هذِهِ لرسولِ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ خاصَّةً قرى عُرَيْنةَ، فدَكَ، وَكَذا وَكَذا ما أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ ، وللفقراءِ الَّذينَ أخرجوا من ديارِهِم، وأموالِهِم، وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ ، وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ ، فاستوعبت هذِهِ الآيةُ النَّاسَ فلم يبقَ أحدٌ منَ المسلمينَ إلَّا لَهُ فيها حقٌّ قالَ أيُّوبُ: أو قالَ حظٌّ إلَّا بَعضَ من تملِكونَ من أرقَّائِكُم
الراوي : عمر بن الخطاب | المحدث : الألباني | المصدر : صحيح أبي داود | الصفحة أو الرقم : 2966 | خلاصة حكم المحدث : صحيح
كان عُمرُ رَضِي اللهُ عَنْه مِن فُقهاءِ الصَّحابَةِ، وممَّن أمَر النَّبِيُّ صلَّى اللهُ علَيْه وسلَّم بالاقتِداءِ بهِم، وقد ثبَّتَ أركانَ الدَّولةِ الإسْلامِيَّةِ، ووضَّحَ كثيرًا مِن المسائلِ الشَّرعيَّةِ واجتَهَد فيها بما قطَع الاختلافَ حولَها.
وفي هَذا الحَديثِ: عن عُمرَ قال: {وَمَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْهُمْ فَمَا أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلَا رِكَابٍ} [الحشر: 6]، أي: ما أعطَى اللهُ لرَسولِه مِن يَهودِ بَني النَّضيرِ لا يُقسَمُ على المُسلِمينَ كغَنيمةٍ، فلم يَكُنْ للمُسلِمينَ فيها مشَقَّةٌ أو قِتالٌ، فلم يُقاتِلوا أو يَسِيروا سِراعًا بِخَيلٍ أو غيرِه، "هذه لرَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ علَيْه وسلَّم خاصَّةً"، أي: لِلنَّبِيِّ عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ أن يتَصرَّفَ فيها كيفَما شاءَ، وذلِكَ الفَيءُ هو "قُرَى عُرَينةَ"، قيل: هو مَوضِعٌ ناحيةَ الشَّامِ به قُرًى، "فَدَك"، وهي قريةٌ بشِبْهِ الجزيرةِ في الحِجازِ، "وكَذا وكَذا"، أي: قُرًى أخْرَى بَعضُها بخَيبَرَ.
ثُمَّ بيَّنَ عُمرُ رَضِيَ اللهُ عَنْه الأصنافَ الَّتي تُعطَى الفَيْءَ؛ {مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى}، أي: أَمْوالِ الكفَّارِ مِن أهلِ القُرى، {فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى}، أي: بَني هاشِمٍ، وبَني المطَّلِبِ، {وَالْيَتَامَى}، أي: كلِّ مَن فَقَد أباه مِن ذكَرٍ أو أُنْثى ولَم يَبلُغْ بَعدُ، {وَالْمَسَاكِينِ}، أي: مَن لَيسَ عِندَه ما يَكْفيه، {وَابْنِ السَّبِيلِ} [الحشر: 7]، أي: المُسافِرِ الَّذِي انقَطَع به الطَّريقُ، وليس معَه ما يَكْفيه للرُّجوعِ إلى بَلَدِه، "وللفُقراءِ الذين أُخرِجوا مِن ديارِهم، وأموالِهم،"، أي: فُقراءِ المُهاجِرين، {وَالَّذِينَ تَبَوَّؤُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ} [الحشر: 9]، أي: الأنصارُ، {وَالَّذِينَ جَاؤُوا مِنْ بَعْدِهِمْ} [الحشر: 10]، أي: تابِعو المُهاجِرينَ والأنصارِ إلى يومِ القيامةِ، "فاستَوعَبَتْ هذه الآيةُ النَّاسَ"، أي: جَمَعَت جَميعَ المُسلِمينَ، "فلَم يَبْقَ أحدٌ مِن المُسلِمينَ إلَّا له فيها حقٌّ"، أي: لِجَميعِ المُسلِمينَ حقٌّ في هذا الفَيءِ"، قال أيُّوبُ: "أوْ قال: حَظٌّ، إلَّا بعضَ مَن تَملِكون مِن أرِقَّائِكم"، أي: استَثْنى العَبيدَ مِن حقِّ الفَيءِ، فهُم تابِعونَ لأَسْيادِهم ومَالِكِيهم، وقيل: إنَّما قال ذلك لأنَّه كان يُعْطي بَعضَ العَبيدِ وهُم ثَلاثَةٌ شَهِدوا بَدرًا، فكان يُعْطي كلَّ واحِدٍ مِنهُم ثَلاثةَ آلافِ دِرْهمٍ سنَويًّا، وأمَّا جَميعُ العَبيدِ فلا حَظَّ لهم في هذا الفَيءِ.
وفي الحَدِيثِ: بيانٌ لفَضلِ عُمرِه وفِقهِه، وتَنظيمِه لأُمورِ الدَّولةِ.