الموسوعة الحديثية

نتائج البحث

1 - جلَسْنا إلى المِقدادِ بنِ الأسودِ يومًا فمَرَّ به رجُلٌ فقال : طوبى لهاتَيْنِ العَينينِ اللَّتينِ رأَتَا رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم واللهِ لَوَدِدْنا أنَّا رأَيْنا ما رأَيْتَ وشهِدْنا ما شهِدْتَ فاستُغضِب فجعَلْتُ أعجَبُ ما قال إلَّا خيرًا ثمَّ أقبَل إليه فقال : ما يحمِلُ الرَّجُلَ على أنْ يتمنَّى مَحضَرًا غيَّبه اللهُ عنه لا يدري لو شهِده كيف كان يكونُ فيه واللهِ لقد حضَر رسولَ اللهِ أقوامٌ أكَبَّهم اللهُ على مَناخِرِهم في جَهنَّمَ لم يُجيبوه ولم يُصَدِّقوه أوَلَا تحمَدونَ اللهَ إذ أخرَجكم تعرِفونَ ربَّكم مُصدِّقينَ لِما جاء به نبيُّكم صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قد كُفِيتم البلاءَ بغيرِكم ؟ واللهِ لقد بُعِث النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم على أشدِّ حالٍ بُعِث عليها نبيٌّ مِن الأنبياءِ وفترةٍ وجاهليَّةٍ ما يرَوْنَ أنَّ دِينًا أفضلُ مِن عبادةِ الأوثانِ فجاء بفُرقانٍ فرَّق بيْنَ الحقِّ والباطلِ وفرَّق بيْنَ الوالدِ وولَدِه حتَّى إنْ كان الرَّجُلُ لَيَرى ولَدَه أو والدَه أو أخاه كافرًا وقد فتَح اللهُ قُفْلَ قلبِه للإيمانِ يعلَمُ أنَّه إنْ هلَك دخَل النَّارَ فلا تقَرُّ عينُه وهو يعلَمُ أنَّ حبيبَه في النَّارِ وأنَّها الَّتي قال اللهُ : {الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ} [الفرقان: 74] الآيةَ

2 - عن [السائب بن مالك] قال: كنَّا جلوسًا في المسجدِ فدخَل عمَّارُ بنُ ياسرٍ فصلَّى صلاةً خفَّفها فمرَّ بنا فقيل له: يا أبا اليقظانِ خفَّفْتَ الصَّلاةَ قال: أوَخفيفةً رأَيْتُموها ؟ قُلْنا: نَعم قال: أمَا إنِّي قد دعَوْتُ فيها بدعاءٍ قد سمِعْتُه مِن رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ثمَّ مضى فأتبَعه رجلٌ مِن القومِ قال عطاءٌ: اتَّبعه أَبي - ولكنَّه كرِه أنْ يقولَ: اتَّبَعْتُه - فسأَله عن الدُّعاءِ ثمَّ رجَع فأخبَرهم بالدُّعاءِ: ( اللَّهمَّ بعِلْمِك الغيبَ وقدرتِك على الخَلْقِ أحيِني ما علِمْتَ الحياةَ خيرًا لي وتوفَّني إذا كانتِ الوفاةُ خيرًا لي اللَّهمَّ إنِّي أسأَلُك خشيتَك في الغيبِ والشَّهادةِ وكلمةَ العدلِ والحقِّ في الغضبِ والرِّضا وأسأَلُك القصدَ في الفقرِ والغِنى وأسأَلُك نعيمًا لا يَبيدُ وقرَّةَ عينٍ لا تنقطَعُ وأسأَلُك الرِّضا بعد القضاءِ وأسأَلُك بَرْدَ العيشِ بعدَ الموتِ وأسأَلُك لذَّةَ النَّظرِ إلى وجهِك وأسأَلُك الشَّوقَ إلى لقائِك في غيرِ ضرَّاءَ مُضرَّةٍ ولا فتنةٍ مُضلَّةٍ اللَّهمَّ زيِّنَّا بزينةِ الإيمانِ واجعَلْنا هداةً مُهتدينَ

3 - لمَّا خلَق اللهُ آدَمَ ونفَخ فيه الرُّوحَ عطَس فقال : الحمدُ للهِ فحمِد اللهَ بإذْنِ اللهِ فقال له ربُّه : يرحَمُك ربُّك يا آدَمُ اذهَبْ إلى أولئكَ الملائكةِ ـ إلى ملأٍ منهم جُلوسٍ ـ فسلِّمْ عليهم فقال : السَّلامُ عليكم فقالوا : وعليكم السَّلامُ ورحمةُ اللهِ ثمَّ رجَع إلى ربِّه فقال : هذه تحيَّتُك وتحيَّةُ بَنِيك بيْنَهم وقال اللهُ جلَّ وعلا ـ ويداه مَقبوضتانِ ـ : اختَرْ أيَّهما شِئْتَ فقال : اختَرْتُ يمينَ ربِّي وكلتا يدَيْ ربِّي يمينٌ مبارَكةٌ ثمَّ بسَطهما فإذا فيهما آدَمُ وذُرِّيَّتُه فقال : أيْ ربِّ ما هؤلاءِ ؟ فقال : هؤلاءِ ذُرِّيَّتُك فإذا كلُّ إنسانٍ منهم مكتوبٌ عُمُرُه بيْنَ عينَيْه فإذا فيهم رجُلٌ أضوَؤُهم ـ أو مِن أضوَئِهم لَمْ يكتُبْ له إلَّا أربعينَ سَنةً قال : يا ربِّ ما هذا ؟ قال : هذا ابنُك داودُ وقد كتَب اللهُ عُمُرَه أربعينَ سنةً قال : أيْ ربِّ زِدْه في عُمُرِه قال : ذاكَ الَّذي كتَبْتُ له قال : فإنِّي قد جعَلْتُ له مِن عُمُري سِتِّينَ سنةً قال : أنتَ وذاك اسكُنِ الجنَّةَ فسكَن الجنَّةَ ما شاء اللهُ ثمَّ أُهبِط منها وكان آدَمُ يعُدُّ لنفسِه فأتاه ملَكُ الموتِ فقال له آدَمُ : قد عجِلْتَ قد كُتِب لي ألفُ سنةٍ قال : بلى ولكنَّك جعَلْتَ لابنِك داودَ منها سِتِّينَ سنةً فجحَد فجحَدتْ ذُرِّيَّتُه ونسِي فنسِيَتْ ذُرِّيَّتُه فيومَئذٍ أُمِر بالكتابِ والشُّهودِ )
خلاصة حكم المحدث : إسناده قوي على شرط مسلم
الراوي : أبو هريرة | المحدث : شعيب الأرناؤوط | المصدر : تخريج صحيح ابن حبان
الصفحة أو الرقم : 6167
التصنيف الموضوعي: خلق - خلق آدم أنبياء - داود آداب العطاس - ما يقول إذا عطس إيمان - الملائكة خلق - بدء الخلق وعجائبه
| أحاديث مشابهة | شرح حديث مشابه

4 - خرَج النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم زمَنَ الحُديبيَةِ في بضعَ عشر مئةً مِن أصحابِه حتَّى إذا كانوا بذي الحُليفةِ قلَّد رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وأشعَر ثمَّ أحرَم بالعمرةِ وبعَث بيْنَ يدَيْهِ عينًا له رجُلًا مِن خُزاعةَ يجيئُه بخبرِ قريشٍ وسار رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم حتَّى إذا كان بغَديرِ الأشطاطِ قريبًا مِن عُسْفانَ أتاه عينُه الخُزاعيُّ فقال: إنِّي ترَكْتُ كعبَ بنَ لُؤيٍّ وعامرَ بنَ لؤيٍّ قد جمَعوا لك الأحابيشَ وجمَعوا لك جموعًا كثيرةً وهم مقاتِلوك وصادُّوك عن البيتِ الحرامِ فقال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ( أشيروا علَيَّ أترَوْنَ أنْ نميلَ إلى ذراريِّ هؤلاء الَّذين أعانوهم فنُصيبَهم فإنْ قعَدوا قعَدوا مَوتورين محزونين وإنْ نجَوْا يكونوا عُنقًا قطَعها اللهُ أم ترَوْنَ أنْ نؤُمَّ البيتَ فمَن صدَّنا عنه قاتَلْناه ) ؟ فقال أبو بكرٍ الصِّدِّيقُ رضوانُ اللهِ عليه: اللهُ ورسولُه أعلمُ يا نبيَّ اللهِ إنَّما جِئْنا مُعتمرينَ ولم نجِئْ لقتالِ أَحدٍ ولكنْ مَن حال بينَنا وبيْنَ البيتِ قاتَلْناه فقال النَّبيُّ ـ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ( فرُوحوا إذًا ) قال الزُّهريُّ في حديثِه: وكان أبو هُريرةَ يقولُ: ما رأَيْتُ أحدًا أكثرَ مشاورةً لأصحابِه مِن رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال الزُّهريُّ في حديثِه عن عُروةَ عن المِسوَرِ ومَروانَ في حديثِهما: فراحوا حتَّى إذا كانوا ببعضِ الطَّريقِ قال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ( إنَّ خالدَ بنَ الوليدِ بالغَميمِ في خيلٍ لقريشٍ طليعةً فخُذوا ذاتَ اليمينِ ) فواللهِ ما شعَر بهم خالدُ بنُ الوليدِ حتَّى إذا هو بقَترةِ الجيشِ فأقبَل يركُضُ نذيرًا لقريشٍ وسار النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم حتَّى إذا كان بالثَّنيَّةِ الَّتي يُهبَطُ عليهم منها فلمَّا انتهى إليها برَكتْ راحلتُه فقال النَّاسُ: حَلْ حَلْ فألحَّتْ فقالوا: خلَأتِ القصواءُ فقال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ( ما خلَأتِ القصواءُ وما ذلك لها بخُلُقٍ ولكنْ حبَسها حابسُ الفيلِ ) ثمَّ قال: ( والَّذي نفسي بيدِه لا يسأَلوني خُطَّةً يُعظِّمون فيها حُرماتِ اللهِ إلَّا أعطَيْتُهم إيَّاها ) ثمَّ زجَرها فوثَبتْ به قال: فعدَل عنهم حتَّى نزَل بأقصى الحُديبيَةِ على ثَمَدٍ قليلِ الماءِ إنَّما يتبَرَّضُه النَّاسُ تبرُّضًا فلم يلبَثْ بالنَّاسِ أنْ نزَحوه فشُكي إلى رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم العطشُ فانتزَع سهمًا مِن كِنانتِه ثمَّ أمَرهم أنْ يجعَلوه فيه قال: فما زال يَجيشُ لهم بالرِّيِّ حتَّى صدَروا عنه: فبينما هم كذلك إذ جاءه بُدَيْلُ بنُ ورقاءَ الخزاعيُّ في نفرٍ مِن قومِه مِن خُزاعةَ وكانت عَيْبَةَ نُصحِ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم مِن أهلِ تِهامةَ فقال: إنِّي ترَكْتُ كعبَ بنَ لؤيٍّ وعامرَ بنَ لؤيٍّ نزَلوا أعدادَ مياهِ الحُديبيَةِ معهم العُوذُ المَطافيلُ وهم مقاتلوك وصادُّوك عن البيتِ الحرامِ فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ( إنَّا لم نجِئْ لقتالِ أَحدٍ ولكنَّا جِئْنا مُعتمرينَ فإنَّ قريشًا قد نهَكَتْهم الحربُ وأضرَّت بهم فإنْ شاؤوا مادَدْتُهم مدَّةً ويُخلُّوا بيني وبيْنَ النَّاسِ فإنْ ظهَرْنا وشاؤوا أنْ يدخُلوا فيما دخَل فيه النَّاسُ فعَلوا وقد جَمُّوا وإنْ هم أبَوْا فوالَّذي نفسي بيدِه لأُقاتِلَنَّهم على أمري هذا حتَّى تنفرِدَ سالفتي أو لَيُبْدِيَنَّ اللهُ أمرَه ) قال بُدَيْلُ بنُ وَرْقاءَ: سأُبلِغُهم ما تقولُ: فانطلَق حتَّى أتى قريشًا فقال: إنَّا قد جِئْناكم مِن عندِ هذا الرَّجُلِ وسمِعْناه يقولُ قولًا فإنْ شِئْتم أنْ نعرِضَه عليكم فعَلْنا فقال سفهاؤُهم: لا حاجةَ لنا في أنْ تُخبِرونا عنه بشيءٍ وقال ذو الرَّأيِ: هاتِ ما سمِعْتَه يقولُ قال: سمِعْتُه يقولُ كذا وكذا فأخبَرْتُهم بما قال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فقام عندَ ذلك أبو مسعودٍ عُروةُ بنُ مسعودٍ الثَّقفيُّ فقال: يا قومِ ألَسْتُم بالولدِ ؟ قالوا: بلى قال: ألَسْتُ بالوالدِ ؟ قالوا: بلى قال: فهل تتَّهموني ؟ قالوا: لا قال: ألَسْتُم تعلَمون أنِّي استنفَرْتُ أهلَ عُكاظٍ فلمَّا بلَّحوا عليَّ جِئْتُكم بأهلي وولَدي ومَن أطاعني ؟ قالوا: بلى قال: فإنَّ هذا امرؤٌ عرَض عليكم خُطَّةَ رُشدٍ فاقبَلوها ودعوني آتِهِ قالوا: ائتِه فأتاه قال: فجعَل يُكلِّمُ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم نحوًا مِن قولِه لبُدَيْلِ بنِ وَرْقاءَ فقال عروةُ بنُ مسعودٍ عندَ ذلك يا محمَّدُ أرأَيْتَ إنِ استأصَلْتَ قومَك هل سمِعْتَ أحدًا مِن العربِ اجتاح أصلَه قبْلَك وإنْ تكُنِ الأخرى فواللهِ إنِّي أرى وجوهًا وأرى أشوابًا مِن النَّاسِ خُلَقاءَ أنْ يفِرُّوا ويدَعوك فقال أبو بكرٍ الصِّدِّيقُ رضوانُ اللهِ عليه: امصُصْ ببَظْرِ اللَّاتِ أنحنُ نفِرُّ وندَعُه ؟ فقال أبو مسعودٍ: مَن هذا ؟ قالوا: أبو بكرِ بنُ أبي قُحافةَ فقال: أمَا والَّذي نفسي بيدِه لولا يدٌ كانت لك عندي لم أَجْزِك بها لأجَبْتُك وجعَل يُكلِّمُ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فكلَّما كلَّمه أخَذ بلِحيتِه والمغيرةُ بنُ شُعبةَ الثَّقفيُّ قائمٌ على رأسِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وعليه السَّيفُ والمِغفَرُ فكلَّما أهوى عُروةُ بيدِه إلى لحيةِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ضرَب يدَه بنَعْلِ السَّيفِ، وقال: أخِّرْ يدَك عن لحيةِ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فرفَع عروةُ رأسَه وقال: مَن هذا ؟ فقالوا: المغيرةُ بنُ شُعبةَ الثَّقفيُّ فقال: أيْ غُدَرُ، أولَسْتُ أسعى في غَدرَتِك وكان المغيرةُ بنُ شُعبةَ صحِب قومًا في الجاهليَّةِ فقتَلهم وأخَذ أموالَهم ثمَّ جاء فأسلَم فقال له النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ( أمَّا الإسلامُ فأقبَلُ وأمَّا المالُ فلَسْتُ منه في شيءٍ ) قال: ثمَّ إنَّ عروةَ جعَل يرمُقُ صحابةَ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بعينِه فواللهِ ما يتنخَّمُ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم نُخامةً إلَّا وقَعتْ في كفِّ رجُلٍ منهم فدلَك بها وجهَه وجِلدَه وإذا أمَرهم انقادوا لأمرِه وإذا توضَّأ كادوا يقتتلون على وَضوئِه وإذا تكلَّم خفَضوا أصواتَهم عندَه وما يُحِدُّون إليه النَّظرَ تعظيمًا له فرجَع عروةُ بنُ مسعودٍ إلى أصحابِه فقال: أيْ قومِ واللهِ لقد وفَدْتُ إلى الملوكِ ووفَدْتُ إلى كسرى وقيصرَ والنَّجاشيِّ واللهِ ما رأَيْتُ ملِكًا قطُّ يُعظِّمُه أصحابُه ما يُعظِّمُ أصحابُ محمَّدٍ محمَّدًا وواللهِ إنْ يتنخَّمُ نُخامةً إلَّا وقَعت في كفِّ رجُلٍ منهم فدلَك بها وجهَه وجِلْدَه وإذا أمَرهم ابتدَروا أمرَه وإذا توضَّأ اقتتلوا على وَضوئِه وإذا تكلَّم خفَضوا أصواتَهم عندَه وما يُحِدُّون إليه النَّظرَ تعظيمًا له وإنَّه قد عرَض عليكم خُطَّةَ رُشدٍ فاقبَلوها فقال رجُلٌ مِن بني كِنانةَ دعوني آتِه فلمَّا أشرَف على النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: هذا فلانٌ مِن قومٍ يُعظِّمون البُدنَ فابعَثوها له قال: فبُعِثَتْ واستقبَله القومُ يُلَبُّون فلمَّا رأى ذلك قال: سُبحانَ اللهِ لا ينبغي لهؤلاء أنْ يُصَدُّوا عن البيتِ فلمَّا رجَع إلى أصحابِه قال: رأَيْتُ البُدْنَ قد قُلِّدتْ وأُشعِرَتْ فما أرى أنْ يُصَدُّوا عن البيتِ فقام رجُلٌ منهم يُقالُ له: مِكرَزٌ فقال: دعوني آتِهِ فقالوا: ائتِه فلمَّا أشرَف عليهم قال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ( هذا مِكرَزٌ وهو رجُلٌ فاجرٌ ) فجعَل يُكلِّمُ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فبينما هو يُكلِّمُه إذ جاءه سُهيلُ بنُ عمرٍو قال مَعْمَرٌ: فأخبَرني أيُّوبُ السَّخْتِيانيُّ عن عِكرمةَ قال: فلمَّا جاء سُهيلٌ قال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ( هذا سُهيلٌ قد سهَّل اللهُ لكم أمرَكم ) قال مَعْمَرٌ في حديثِه عن الزُّهريِّ عن عُروةَ عن المِسوَرِ ومَروانَ: فلمَّا جاء سُهيلٌ قال: هاتِ اكتُبْ بينَنا وبينَكم كتابًا فدعا الكاتبَ فقال: اكتُبْ بِسْمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ فقال سُهيلٌ: أمَّا الرَّحمنُ فلا أدري واللهِ ما هو ولكِنِ اكتُبْ باسمِك اللَّهمَّ ثمَّ قال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ( اكتُبْ هذا ما قاضى عليه محمَّدٌ رسولُ اللهِ ) فقال سُهيلُ بنُ عمرٍو: لو كنَّا نعلَمُ أنَّك رسولُ اللهِ ما صدَدْناك عن البيتِ ولا قاتَلْناك ولكِنِ اكتُبْ: محمَّدُ بنُ عبدِ اللهِ فقال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ( واللهِ إنِّي لَرسولُ اللهِ وإنْ كذَّبْتُموني اكتُبْ محمَّدُ بنُ عبدِ اللهِ ) قال الزُّهريُّ: وذلك لقولِه: لا يسأَلوني خُطَّةً يُعظِّمون فيها حُرماتِ اللهِ إلَّا أعطَيْتُهم إيَّاها وقال في حديثِه عن عُروةَ عنِ المِسوَرِ ومَروانَ فقال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ( على أنْ تُخَلُّوا بينَنا وبيْنَ البيتِ فنطوفَ به فقال سُهيلُ بنُ عمرٍو: إنَّه لا يتحدَّثُ العربُ أنَّا أُخِذْنا ضُغطةً ، ولكِنْ لك مِن العامِ المقبِلِ، فكتَب، فقال سُهيلُ بنُ عمرٍو: على أنَّه لا يأتيك منَّا رجُلٌ وإنْ كان على دِينِك أو يُريدُ دينَك إلَّا ردَدْتَه إلينا فقال المسلِمونَ: سُبحانَ اللهِ كيف يُرَدُّ إلى المشركينَ وقد جاء مسلِمًا فبينما هم على ذلك إذ جاء أبو جَنْدَلِ بنُ سُهيلِ بنِ عمرٍو يرسُفُ في قيودِه قد خرَج مِن أسفلِ مكَّةَ حتى رمى بنفسِه بيْنَ المسلمينَ فقال سُهيلُ بنُ عمرٍو: يا محمَّدُ هذا أوَّلُ مَن نُقاضيك عليه أنْ ترُدَّه إليَّ فقال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: إنَّا لم نُمضِ الكتابَ بعدُ فقال: واللهِ لا أُصالِحُك على شيءٍ أبدًا فقال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ( فأَجِزْه لي ) فقال: ما أنا بمُجيزِه لك قال: فافعَلْ قال: ما أنا بفاعلٍ قال مِكرَزٌ: بل قد أجَزْناه لك فقال أبو جَنْدَلِ بنُ سُهيلِ بنِ عمرٍو: يا معشرَ المسلمينَ أُرَدُّ إلى المشركين وقد جِئْتُ مسلِمًا ألا ترَوْنَ إلى ما قد لقيتُ وكان قد عُذِّب عذابًا شديدًا في اللهِ - فقال عمرُ بنُ الخطَّابِ رضوانُ اللهِ عليه: واللهِ ما شكَكْتُ منذُ أسلَمْتُ إلَّا يومَئذٍ فأتَيْتُ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فقُلْتُ: ألَسْتَ رسولَ اللهِ حقًّا ؟ قال: ( بلى ) قُلْتُ: ألَسْنا على الحقِّ وعدوُّنا على الباطلِ ؟ قال: ( بلى ) قُلْتُ: فلِمَ نُعطي الدَّنيَّةَ في دِيننِا إذًا ؟ قال: ( إنِّي رسولُ اللهِ ولَسْتُ أعصي ربِّي وهو ناصري ) قُلْتُ: أوليسَ كُنْتَ تُحدِّثُنا أنَّا سنأتي البيتَ فنطوفُ به ؟ قال ( بلى فخبَّرْتُك أنَّك تأتيه العامَ ؟ ) قال: لا قال: ( فإنَّك تأتيه فتطوفُ به قال: فأتَيْتُ أبا بكرٍ الصِّدِّيقَ رضوانُ اللهِ عليه فقُلْتُ: يا أبا بكرٍ أليس هذا نبيَّ اللهِ حقًّا ؟ قال: ( بلى ) قُلْتُ: أولَسْنا على الحقِّ وعدوُّنا على الباطلِ ؟ قال: ( بلى ) قُلْتُ: فلِمَ نُعطي الدَّنيَّةَ في دِينِنا إذًا ؟ قال: أيُّها الرَّجلُ إنَّه رسولُ اللهِ وليس يعصي ربَّه وهو ناصرُه فاستمسِكْ بغَرْزِه حتَّى تموتَ فواللهِ إنَّه على الحقِّ قُلْتُ: أوليس كان يُحدِّثُنا أنَّا سنأتي البيتَ ونطوفُ به ؟ قال: بلى قال فأخبَرك أنَّا نأتيه العامَ ؟ قُلْتُ: لا قال: فإنَّك آتيه وتطوفُ به قال عمرُ بنُ الخطَّابِ رضوانُ اللهِ عليه فعمِلْتُ في ذلك أعمالًا - يعني في نقضِ الصَّحيفةِ - فلمَّا فرَغ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم مِن الكتابِ أمَر رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أصحابَه فقال: ( انحَروا الهَدْيَ واحلِقوا ) قال: فواللهِ ما قام رجُلٌ منهم رجاءَ أنْ يُحدِثَ اللهُ أمرًا فلمَّا لم يقُمْ أحَدٌ منهم قام رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فدخَل على أمِّ سلَمةَ فقال: ما لقيتُ مِن النَّاسِ قالت أمُّ سلَمةَ: أوَتُحِبُّ ذاك، اخرُجْ ولا تُكلِّمَنَّ أحدًا منهم كلمةً حتَّى تنحَرَ بُدنَكَ وتدعوَ حالقَك فقام النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فخرَج ولم يُكلِّمْ أحدًا منهم حتَّى نحَر بُدْنَه ثمَّ دعا حالقَه فحلَقه فلمَّا رأى ذلك النَّاسُ جعَل بعضُهم يحلِقُ بعضًا حتَّى كاد بعضُهم يقتُلُ بعضًا قال: ثمَّ جاء نِسوةٌ مؤمناتٌ فأنزَل اللهُ تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ} [الممتحنة: 10] إلى آخِرِ الآيةِ قال: فطلَّق عمرُ رضوانُ اللهِ عليه امرأتينِ كانتا له في الشِّركِ فتزوَّج إحداهما معاويةُ بنُ أبي سُفيانَ والأخرى صفوانُ بنُ أميَّةَ قال: ثمَّ رجَع صلَّى اللهُ عليه وسلَّم إلى المدينةِ فجاءه أبو بَصيرٍ رجُلٌ مِن قريشٍ وهو مسلِمٌ فأرسَلوا في طلبِه رجُلينِ وقالوا: العهدَ الَّذي جعَلْتَ لنا فدفَعه إلى الرَّجُلينِ فخرَجا حتَّى بلَغا به ذا الحليفةِ فنزَلوا يأكُلون مِن تمرٍ لهم فقال أبو بَصيرٍ لأَحدِ الرَّجُلينِ: واللهِ لَأرى سيفَك هذا يا فلانُ جيِّدًا فقال: أجَلْ واللهِ إنَّه لَجيِّدٌ لقد جرَّبْتُ به ثمَّ جرَّبْتُ فقال أبو بَصيرٍ: أَرِني أنظُرْ إليه فأمكَنه منه فضرَبه حتَّى برَد وفرَّ الآخَرُ حتَّى أتى المدينةَ فدخَل المسجدَ يعدو فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: لقد رأى هذا ذُعْرًا فلمَّا انتهى إلى النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: قُتِل واللهِ صاحبي وإنِّي لَمقتولٌ فجاء أبو بَصيرٍ فقال: يا نبيَّ اللهِ قد واللهِ أوفى اللهُ ذمَّتَك قد ردَدْتَني إليهم ثمَّ أنجاني اللهُ منهم فقال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ويلُ امِّه لو كان معه أحَدٌ فلمَّا سمِع بذلك عرَف أنَّه سيرُدُّه إليهم مرَّةً أخرى فخرَج حتَّى أتى سِيفَ البحرِ قال: وتفلَّت منهم أبو جَنْدَلِ بنُ سُهيلِ بنِ عمرٍو فلحِق بأبي بَصيرٍ فجعَل لا يخرُجُ مِن قريشٍ رجُلٌ أسلَم إلَّا لحِق بأبي بَصيرٍ حتَّى اجتمَعت منهم عصابةٌ قال: فواللهِ ما يسمَعون بِعِيرٍ خرَجتْ لقريشٍ إلى الشَّامِ إلَّا اعترَضوا لها فقتَلوهم وأخَذوا أموالَهم فأرسَلتْ قريشٌ إلى النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم تُناشِدُه اللهَ والرَّحِمَ لَمَا أرسَل إليهم ممَّن أتاه فهو آمِنٌ فأرسَل النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم إليهم فأنزَل اللهُ جلَّ وعلا: {وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُمْ بِبَطْنِ مَكَّةَ} [الفتح: 24] حتَّى بلَغ {حَمِيَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ} [الفتح: 26] وكانت حميَّتُهم أنَّهم لم يُقِرُّوا أنَّه نبيُّ اللهِ ولم يُقِرُّوا ببِسْمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ

5 - أنَّ عمرَ بنَ الخطَّابِ رضوانُ اللهِ عليه قال للهُرمُزانِ: أمَا إذ فُتَّني بنفسِك فانصَحْ لي وذلك أنَّه قال له: تكلَّم لا بأسَ، فأمَّنه، فقال الهُرمُزانُ: نَعم، إنَّ فارسَ اليومَ رأسٌ وجَناحانِ قال: فأين الرَّأسُ قال: بنَهَاوَنْدَ مع بنذاذقانَ فإنَّ معه أَساورةَ كسرى وأهلَ أصفهانَ قال: فأين الجَناحانِ فذكَر الهُرمُزانُ مكانًا نسيتُه فقال الهُرمزانُ: فاقطَعِ الجَناحينِ توهِنِ الرَّأسَ فقال له عمرُ رضوانُ اللهِ عليه: كذَبْتَ يا عدوَّ اللهِ، بل أعمِدُ إلى الرَّأسِ فيقطَعُه اللهُ وإذا قطَعه اللهُ عنِّي انفضَّ عنِّي الجَناحانِ فأراد عمرُ أنْ يسيرَ إليه بنفسِه فقالوا: نُذكِّرُك اللهَ يا أميرَ المؤمنينَ أنْ تسيرَ بنفسِك إلى العَجمِ فإنْ أُصِبْتَ بها لم يكُنْ للمسلمينَ نظامٌ ولكنِ ابعَثِ الجنودَ قال: فبعَث أهلَ المدينةِ وبعَث فيهم عبدَ اللهِ بنَ عمرَ بنِ الخطَّابِ وبعَث المُهاجرين والأنصارَ وكتَب إلى أبي موسى الأشعريِّ: أنْ سِرْ بأهلِ البَصرةِ وكتَب إلى حُذيفةَ بنِ اليَمانِ: أنْ سِرْ بأهلِ الكوفةِ حتَّى تجتمعوا جميعًا بنَهاوَنْدَ فإذا اجتمَعْتُم فأميرُكم النُّعمانُ بنُ مُقرِّنٍ المُزنيُّ قال: فلمَّا اجتمَعوا بنَهَاوَنْدَ جميعًا أرسَل إليهم بنذاذقانُ العِلْجُ: أنْ أرسِلوا إلينا يا معشرَ العربِ رجلًا منكم نُكلِّمْه فاختار النَّاسُ المغيرةَ بنَ شُعبةَ قال أبي: فكأنِّي أنظُرُ إليه، رجلٌ طويلٌ، أشعَرُ أعورُ فأتاه فلمَّا رجَع إلينا سأَلْناه فقال لنا: إنِّي وجَدْتُ العِلْجَ قد استشار أصحابَه: في أيِّ شيءٍ تأذَنون لهذا العربيِّ أَبِشَارَتِنا وبهجتِنا ومُلكِنا أو نتقشَّفُ له فنُزهِّدُه عمَّا في أيدينا فقالوا: بل نأذَنُ له بأفضلِ ما يكونُ مِن الشَّارةِ والعُدَّةِ فلمَّا أتَيْتُهم رأَيْتُ تلك الحِرابَ والدَّرَقَ يلتَمِعُ معه البصرُ ورأَيْتُهم قيامًا على رأسِه وإذا هو على سريرٍ مِن ذهبٍ وعلى رأسِه التَّاجُ فمضَيْتُ كما أنا ونكَسْتُ رأسي لأقعُدَ معه على السَّريرِ قال: فدُفِعْتُ ونُهِرْتُ فقُلْتُ: إنَّ الرُّسلَ لا يُفعَلُ بهم هذا فقالوا لي: إنَّما أنتَ كلبٌ أتقعُدُ مع الملِكِ ؟ فقُلْتُ: لَأنا أشرَفُ في قومي مِن هذا فيكم قال: فانتهَرني وقال: اجلِسْ فجلَسْتُ فتُرجِم لي قولُه فقال: يا معشرَ العربِ إنَّكم كُنْتُم أطولَ النَّاسِ جوعًا وأعظَمَ النَّاسِ شقاءً وأقذرَ النَّاسِ قذرًا وأبعدَ النَّاسِ دارًا وأبعدَه مِن كلِّ خيرٍ وما كان منَعني أنْ آمُرَ هؤلاءِ الأَساورةَ حولي أنْ ينتظِموكم بالنُّشَّابِ إلَّا تنجُّسًا بجيفِكم لأنَّكم أرجاسٌ فإنْ تذهَبوا نُخلِّي عنكم وإنْ تأبَوْا نُرِكم مصارعَكم قال المغيرةُ: فحمِدْتُ اللهَ وأثنَيْتُ عليه وقُلْتُ: واللهِ ما أخطَأْتَ مِن صِفتِنا ونعتِنا شيئًا إنْ كنَّا لَأبعدَ النَّاسِ دارًا وأشدَّ النَّاسِ جوعًا وأعظمَ النَّاسِ شقاءً وأبعدَ النَّاسِ مِن كلِّ خيرٍ حتَّى بعَث اللهُ إلينا رسولًا فوعَدَنا النَّصرَ في الدُّنيا والجنَّةَ في الآخرةِ فلم نزَلْ نتعرَّفُ مِن ربِّنا مُذْ جاءنا رسولُه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم الفَلْجَ والنَّصرَ حتَّى أتَيْناكم وإنَّا واللهِ نرى لكم مُلكًا وعيشًا لا نرجِعُ إلى ذلك الشَّقاءِ أبدًا حتَّى نغلِبَكم على ما في أيديكم أو نُقتَلَ في أرضِكم فقال: أمَّا الأعورُ فقد صدَقكم الَّذي في نفسِه فقُمْتُ مِن عندِه وقد واللهِ أرعَبْتُ العِلْجَ جُهدي فأرسَل إلينا العِلْجُ: إمَّا أنْ تعبُروا إلينا بنَهاوَنْدَ وإمَّا أنْ نعبُرَ إليكم فقال النُّعمانُ: اعبُروا، فعبَرْنا قال أبي: فلم أرَ كاليومِ قطُّ إنَّ العلوجَ يجيئون كأنَّهم جبالُ الحديدِ وقد تواثَقوا ألَّا يفِرُّوا مِن العربِ وقد قُرِن بعضُهم إلى بعضٍ حتَّى كان سبعةٌ في قِرانٍ وألقَوْا حَسَكَ الحديدِ خَلْفَهم وقالوا: مَن فرَّ منَّا عقَره حَسَكُ الحديدِ، فقال المغيرةُ بنُ شُعبةَ حينَ رأى كثرتَهم: لم أرَ كاليومِ فشَلًا، إنَّ عدوَّنا يُترَكون أنْ يتتامُّوا فلا يُعجَلوا أمَا واللهِ لو أنَّ الأمرَ إليَّ لقد أعجَلْتُهم به قال: وكان النُّعمانُ رجلًا بكَّاءً فقال: قد كان اللهُ جلَّ وعلا يُشهِدُك أمثالَها فلا يُخزيك ولا يُعرِّي موقفَك وإنَّه واللهِ ما منَعني أنْ أُناجِزَهم إلَّا لشيءٍ شهِدْتُه مِن رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم إنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم كان إذا غزا فلم يُقاتِلْ أوَّلَ النَّهارِ لم يعجَلْ حتَّى تحضُرَ الصَّلواتُ وتهُبَّ الأرواحُ ويطيبَ القتالُ ثمَّ قال النُّعمانُ: اللَّهمَّ إنِّي أسأَلُك أنْ تُقِرَّ عيني اليومَ بفتحٍ يكونُ فيه عزُّ الإسلامِ وأهلِه وذلُّ الكفرِ وأهلِه ثمَّ اختِمْ لي على إثرِ ذلك بالشَّهادةِ ثمَّ قال: أمِّنوا يرحَمْكم اللهُ فأمَّنَّا وبكى وبكَيْنا ثمَّ قال النُّعمانُّ: إنِّي هازٌّ لوائي فتيسَّروا للسِّلاحِ ثمَّ هازُّه الثَّانيةَ فكونوا متيسِّرينَ لقتالِ عدوِّكم بإزائِهم فإذا هزَزْتُه الثَّالثةَ فلْيحمِلْ كلُّ قومٍ على مَن يليهم مِن عدوِّكم على بركةِ اللهِ قال: فلمَّا حضَرتِ الصَّلاةُ وهبَّتِ الأرواحُ كبَّر وكبَّرْنا وقال: ريحُ الفتحِ واللهِ إنْ شاء اللهُ وإنِّي لَأرجو أنْ يستجيبَ اللهُ لي وأنْ يفتَحَ علينا فهزَّ اللِّواءَ فتيسَّروا ثمَّ هزَّه الثَّانيةَ ثمَّ هزَّه الثَّالثةَ فحمَلْنا جميعًا كلُّ قومٍ على مَن يليهم وقال النُّعمانُ: إنْ أنا أُصِبْتُ فعلى النَّاسِ حُذيفةُ بنُ اليمانِ فإنْ أُصيب حُذيفةُ ففُلانٌ فإنْ أُصيب فلانٌ ففلانٌ حتَّى عدَّ سبعةً آخرُهم المغيرةُ بنُ شعبةَ قال أبي: فواللهِ ما علِمْتُ مِن المسلمينَ أحدًا يُحِبُّ أنْ يرجِعَ إلى أهلِه حتَّى يُقتَلَ أو يظفَرَ وثبَتوا لنا فلم نسمَعْ إلَّا وَقْعَ الحديدِ على الحديدِ حتَّى أُصيب في المسلمينَ مُصابةٌ عظيمةٌ فلمَّا رأَوْا صبرَنا ورأَوْنا لا نُريدُ أنْ نرجِعَ انهزَموا فجعَل يقَعُ الرَّجلُ فيقَعُ عليه سبعةٌ في قِرانٍ فيُقتَلون جيمعًا وجعَل يعقِرُهم حَسَكُ الحديدِ خَلْفَهم فقال النُّعمانُ: قدِّموا اللِّواءَ فجعَلْنا نُقدِّمُ اللِّواءَ فنقتُلُهم ونضرِبُهم فلمَّا رأى النُّعمانُ أنَّ اللهَ قد استجاب له ورأى الفتحَ جاءته نُشَّابةٌ فأصابت خاصرتَه فقتَلتْه فجاء أخوه مَعقِلُ بنُ مُقرِّنٍ فسجَّى عليه ثوبًا وأخَذ اللِّواءَ فتقدَّم به ثمَّ قال: تقدَّموا رحِمكم اللهُ فجعَلْنا نتقدَّمُ فنهزِمُهم ونقتُلُهم فلمَّا فرَغْنا واجتمَع النَّاسُ قالوا: أين الأميرُ ؟ فقال مَعقِلٌ: هذا أميرُكم قد أقرَّ اللهُ عينَه بالفتحِ وختَم له بالشَّهادةِ فبايَع النَّاسُ حُذيفةَ بنَ اليَمانِ قال: وكان عمرُ رضوانُ اللهِ عليه بالمدينةِ يدعو اللهَ وينتظرُ مثلَ صيحةِ الحُبْلى فكتَب حُذيفةُ إلى عمرَ بالفتحِ مع رجُلٍ مِن المسلمينَ فلمَّا قدِم عليه قال: أبشِرْ يا أميرَ المؤمنينَ بفتحٍ أعزَّ اللهُ فيه الإسلامَ وأهلَه وأذلَّ فيه الشِّرْكَ وأهلَه وقال: النُّعمانُ بعَثك ؟ قال: احتسِبِ النُّعمانَ يا أميرَ المؤمنينَ فبكى عمرُ واسترجَع قال: ومَن ويحَكَ ؟ فقال: فلانٌ وفلانٌ وفلانٌ حتَّى عدَّ ناسًا ثمَّ قال: وآخَرينَ يا أميرَ المؤمنين لا تعرِفُهم فقال عمرُ رضوانُ اللهِ عليه وهو يبكي: لا يضُرُّهم ألَّا يعرِفَهم عمرُ لكنَّ اللهَ يعرِفُهم

6 - لم أتخلَّفْ عن النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في غزوةٍ غزاها حتَّى كانت غزوةُ تبوكَ إلَّا بدر، ولم يُعاتِبِ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أحدًا تخلَّف عن بدرٍ إنَّما خرَج النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يُريدُ العيرَ وخرَجَت قريشٌ مُغيثينَ لعيرِهم فالتقَوا على غيرِ موعدٍ كما قال اللهُ ولعَمْري إنَّ أشرفَ مشاهدِ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في النَّاسِ لَبدرٌ وما أُحِبُّ أنِّي كُنْتُ شهِدْتُها مكانَ بيعتي ليلةَ العَقبةِ حينَ تواثَقْنا على الإسلامِ ولم أتخلَّفْ بعدُ عن النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في غزوةٍ غزاها حتَّى كانت غزوةُ تبوكَ وهي آخِرُ غزوةٍ غزاها، آذَن النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم [ النَّاسَ ] بالرَّحيلِ وأراد أنْ يتأهَّبوا أُهبةَ غزوِهم وذلك حين طاب الظِّلالُ وطابتِ الثِّمارُ وكان قلَّما أراد غزوةً إلَّا ورَّى غيرَها وكان يقولُ: ( الحربُ خَدْعةٌ ) فأراد النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في غزوةِ تبوكَ أنْ يتأهَّبَ النَّاسُ أُهبَتَه وأنا أيسَرُ ما كُنْتُ قد جمَعْتُ راحلتينِ لي فلم أزَلْ كذلك حتَّى قام النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم غاديًا بالغداةِ وذلك يومَ الخميسِ ـ وكان يُحِبُّ أنْ يخرُجَ يومَ الخميسِ ـ فأصبَح غاديًا فقُلْتُ: أنطلِقُ إلى السُّوقِ وأشتري جَهازي ثمَّ ألحَقُ بها فانطلَقْتُ إلى السُّوقِ مِن الغدِ فعسُر علَيَّ بعضُ شأني فرجَعْتُ فقُلْتُ: أرجِعُ غدًا إنْ شاء اللهُ فألحَقُ بهم فعسُر علَيَّ بعضُ شأني أيضًا فلم أزَلْ كذلك حتَّى لبَّس بي الذَّنبُ وتخلَّفْتُ عن النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فجعَلْتُ أمشي في الأسواقِ وأطرافِ المدنيةِ فيُحزِنُني ألَّا أرى أحدًا تخلَّف عن رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم إلَّا رجلًا مغموصًا عليه في النِّفاقِ وكان ليس أحدٌ تخلَّف إلَّا أرى ذلك سيَخفى له وكان النَّاسُ كثيرًا لا يجمَعُهم ديوانٌ وكان جميعُ مَن تخلَّف عن النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بضعةً وثمانينَ رجلًا ولم يذكُرْني النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم حتَّى بلَغ تبوكًا فلمَّا بلَغ تبوكًا قال: ( ما فعَل كعبُ بنُ مالكٍ ) ؟ فقال رجلٌ مِن قومي: خلَّفه يا رسولَ اللهِ بُرداهُ والنَّظرُ في عِطْفَيه فقال معاذُ بنُ جبلٍ: بئس ما قُلْتَ واللهِ يا نبيَّ اللهِ ما نعلَمُ إلَّا خيرًا قال: فبَيْنا هم كذلك إذا رجلٌ يزولُ به السَّرابُ فقال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ( كُنْ أبا خَيثمةَ ) فإذا هو أبو خَيثمةَ فلمَّا قضى رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم غزوةَ تبوكٍ وقفَل ودنا مِن المدينةِ جعَلْتُ أتذكَّرُ ماذا أخرُجُ به مِن سخَطِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وأستعينُ على ذلك بكلِّ ذي رأيٍ مِن أهلِ بيتي حتَّى إذا قيل: النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم مُصبِّحُكم بالغداةِ راح عنِّي الباطلُ وعرَفْتُ أنِّي لا أنجو إلَّا بالصِّدْقِ فدخَل النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ضُحًى فصلَّى في المسجدِ ركعتينِ ـ وكان إذا قدِم مِن سفرٍ فعَل ذلك: دخَل المسجدَ فصلَّى فيه ركعتينِ ثمَّ جلَس ـ فجعَل يأتيه مَن تخلَّف فيحلِفون له ويعتذِرون إليه فيستغفرُ لهم ويقبَلُ علانيتَهم ويكِلُ سرائرَهم إلى اللهِ فدخَلْتُ المسجدَ فإذا هو جالسٌ فلمَّا رآني تبسَّم تبسُّمَ المُغضَبِ فجِئْتُ فجلَسْتُ بينَ يدَيهِ فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ( ألم تكُنِ ابتَعْتَ ظَهرًا ) ؟ قُلْتُ: بلى يا نبيَّ اللهِ فقال ( ما خلَّفك عنِّي ) ؟ فقُلْتُ: واللهِ لو بينَ يدَيْ أحَدٍ مِن النَّاسِ غيرِك جلَسْتُ لخرَجْتُ مِن سخَطِه عليَّ بعُذْرٍ ولقد أوتيتُ جدَلًا ولكنِّي قد علِمْتُ ـ يا نبيَّ اللهِ ـ أنِّي إنْ حدَّثْتُك اليومَ بقولٍ تجِدُ عليَّ فيه وهو حقٌّ فإنِّي أرجو فيه عقبى اللهِ وإنْ حدَّثْتُك اليومَ بحديثٍ ترضى عنِّي فيه وهو كذِبٌ أوشَك أنْ يُطلِعَك اللهُ علَيَّ واللهِ يا نبيَّ اللهِ ما كُنْتُ قطُّ أيسَرَ ولا أخفَّ حاذًا منِّي حيثُ تخلَّفْتُ عليك فقال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ( أمَّا هذا فقد صدَقكم الحديثَ قُمْ حتَّى يقضيَ اللهُ فيك) فقُمْتُ فثار على أثري ناسٌ مِن قومي يؤنِّبونَني فقالوا: واللهِ ما نعلَمُك أذنَبْتَ ذنبًا قطُّ قبْلَ هذا فهلَّا اعتذَرْتَ إلى رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بعُذْرٍ يرضاه عنك فيه وكان استغفارُ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم سيأتي مِن وراءِ ذلك ولم تقِفْ موقفًا لا ندري ماذا يُقضى لك فيه فلم يزالوا يؤنِّبونَني حتَّى همَمْتُ أنْ أرجِعَ فأُكذِّبَ نفسي فقُلْتُ: هل قال هذا القولَ أحدٌ غيري ؟ قالوا: نَعم قاله هلالُ بنُ أُميَّةَ ومُرارةُ بنُ ربيعةَ فذكَروا رجلينِ صالحينِ شهِدا بدرًا لي فيهما أُسوةٌ فقُلْتُ: واللهِ لا أرجِعُ إليه في هذا أبدًا ولا أُكذِّبُ نفسي ونهى النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم عن كلامِنا أيُّها الثَّلاثةُ فجعَلْتُ أخرُجُ إلى السُّوقِ ولا يُكلِّمُني أحدٌ وتنكَّر لنا النَّاسُ حتَّى ما هم بالَّذينَ نعرِفُ وتنكَّر لنا الحيطانُ حتَّى ما هي بالحيطانِ الَّتي نعرِفُ وتنكَّرَت لنا الأرضُ حتَّى ما هي بالأرضِ الَّتي نعرِفُ وكُنْتُ أقوى أصحابي فكُنْتُ أخرُجُ فأطوفُ في الأسواقِ فآتي المسجدَ وآتي النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فأُسلِّمُ عليه وأقولُ: هل حرَّك شفَتَيهِ بالسَّلامِ فإذا قُمْتُ أُصلِّي إلى ساريةٍ وأقبَلْتُ على صلاتي نظَر إليَّ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بمؤخِرِ عينَيْه وإذا نظَرْتُ إليه أعرَض عنِّي واشتكى صاحباي فجعَلا يبكيانِ اللَّيلَ والنَّهارَ ولا يُطلِعانِ رؤوسَهما قال: فبَيْنا أنا أطوفُ في الأسواقِ إذا رجلٌ نصرانيٌّ قد جاء بطعامٍ له يبيعُه يقولُ: مَن يدُلُّ على كعبِ بنِ مالكٍ فطفِق النَّاسُ يُشيرونَ له إليَّ فأتاني وأتى بصحيفةٍ مِن ملِكِ غسَّانَ فإذا فيها: أمَّا بعدُ فإنَّه بلَغني أنَّ صاحبَك قد جفاك وأقصاك ولسْتَ بدارِ هوانٍ ولا مَضيعةٍ فالحَقْ بنا نواسِكَ فقُلْتُ: هذا أيضًا مِن البلاءِ فسجَرْتُ لها التَّنُّورَ فأحرَقْتُها فيه فلمَّا مضَت أربعونَ ليلةً إذا رسولٌ مِن النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قد أتاني فقال: اعتزِلِ امرأتَك فقُلْتُ: أُطلِّقُها ؟ قال: لا ولكنْ لا تقرَبْها فجاءَتِ امرأةُ هلالِ بنِ أميَّةَ فقالت: يا نبيَّ اللهِ إنَّ هلالَ بنَ أميَّةَ شيخٌ ضعيفٌ فهل تأذَنُ لي أنْ أخدُمَه قال: ( نَعم ولكنْ لا يقرَبَنَّكِ ) قالت: يا نبيَّ اللهِ ما به حركةٌ لشيءٍ ما زال متَّكئًا يبكي اللَّيلَ والنَّهارَ مُذْ كان مِن أمرِه ما كان قال كعبٌ: فلمَّا طال علَيَّ البلاءُ اقتحَمْتُ على أبي قتادةَ حائطَه ـ وهو ابنُ عمِّي ـ فسلَّمْتُ عليه فلم يرُدَّ علَيَّ فقُلْتُ: أنشُدُكَ اللهَ يا أبا قتادةَ أتعلَمُ أنِّي أحب الله ورسوله ؟ فسكَت فقُلْتُ: أنشُدُك اللهَ يا أبا قتادةَ أتعلَمُ أنِّي أُحِبُّ اللهَ ورسولَه ؟ فسكَت فقُلْتُ: أنشُدُك اللهَ يا أبا قتادةَ أتعلَمُ أنِّي أُحِبُّ اللهَ ورسولَه فقال: اللهُ ورسولُه أعلَمُ قال: فلم أملِكْ نفسي أنْ بكَيْتُ ثمَّ اقتحَمْتُ الحائطَ خارجًا حتَّى إذا مضَتْ خمسونَ ليلةً مِن حينِ نهى النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم عن كلامِنا صلَّيْتُ على ظهرِ بيتٍ لنا صلاةَ الفجرِ وأنا في المنزلةِ الَّتي قال اللهُ: قد ضاقَت علينا الأرضُ بما رحُبَت وضاقت علينا أنفسُنا إذ سمِعْتُ نداءً مِن ذِروةِ سَلْعٍ أنْ أبشِرْ يا كعبُ بنَ مالكٍ فخرجت ساجدًا وعرَفْتُ أنَّ اللهَ قد جاءنا بالفرَجِ ثمَّ جاء رجلٌ يركُضُ على فرسٍ يُبشِّرُني فكان الصَّوتُ أسرَعَ مِن فرسِه فأعطَيْتُه ثوبيَّ بشارةً ولبِسْتُ ثوبينِ آخَرينِ وكانت توبتُنا نزَلت على النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ثُلُثَ اللَّيلِ فقالت أمُّ سلَمةَ: يا نبيَّ اللهِ ألا نُبشِّرُ كعبَ بنَ مالكٍ فقال: ( إذًا يحطِمُكم النَّاسُ ويمَنعونَكم النَّومَ سائرَ اللَّيلةِ ) قال: وكانت أمُّ سلَمةَ محسنةً في شأني تُخبِرُني بأمري فانطلَقْتُ إلى النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فإذا هو جالسٌ في المسجدِ وحولَه المسلمونَ وهو يستنيرُ كاستنارِ القمرِ وكان إذا سُرَّ بالأمرِ استنار فجِئْتُ فجلَسْتُ بينَ يدَيْهِ فقال: ( يا كعبُ بنَ مالكٍ أبشِرْ بخيرِ يومٍ أتى عليك منذُ ولدَتْك أمُّك ) قال: فقُلْتُ: يا نبيَّ اللهِ أمِن عندِ اللهِ أم مِن عندِك ؟ قال: ( بل مِن عندِ اللهِ ) ثمَّ تلا عليهم: {لَقَدْ تَابَ اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ} [التوبة: 117] حتَّى بلَغ {هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ} [التوبة: 118] قال: وفينا نزَلت {اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ} [التوبة: 119] قال: فقُلْتُ: يا نبيَّ اللهِ إنَّ مِن توبتي أنِّي لا أُحدِّثُ إلَّا صدقًا وأنْ أنخلَعَ مِن مالي كلِّه صدقةً إلى اللهِ وإلى رسولِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فقال ( أمسِكْ عليك بعضَ مالِك فهو خيرٌ لك ) قال: فقُلْتُ: فإنِّي أُمسِكُ سهمي الَّذي بخيبرَ قال: فما أنعَمَ اللهُ علَيَّ مِن نعمةٍ بعدَ الإسلامِ أعظَمَ في نفسي مِن صدقي رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم حينَ صدَقْتُه أنا وصاحباي ألَّا نكونَ كذَبْنا فهلَكْنا كما هلَكوا، وما تعمَّدْتُ لكذبةٍ بعدُ وإنِّي لأرجو أنْ يحفَظَني اللهُ فيما بقي قال الزُّهريُّ: فهذا ما انتهى إلينا مِن حديثِ كعبِ بنِ مالكٍ
 

1 - رأَيْتُني اللَّيلةَ عندَ الكعبةِ فرأَيْتُ رجُلًا آدَمَ كأحسَنِ ما أنتَ راءٍ مِن أُدْمِ الرِّجالِ له لِمَّةٌ كأحسَنِ ما أنتَ راءٍ مِن اللِّمَمِ قد رجَّلها فهي تقطُرُ ماءً مُتَّكئًا على رجُلَيْنِ أو على عواتقِ رجُلَيْنِ يطوفُ بالبيتِ فسأَلْتُ : مَن هذا ؟ فقالوا : عيسى ابنُ مريمَ ثمَّ إذا أنا برجُلٍ جَعْدٍ قَطَطٍ أعورِ العَيْنِ اليمينِ كأنَّ عيْنَه عِنبةٌ طافيةٌ فسأَلْتُ : مَن هذا ؟ فقالوا : المسيحُ الدَّجَّالُ
خلاصة حكم المحدث : إسناده صحيح على شرط الشيخين
الراوي : عبدالله بن عمر | المحدث : شعيب الأرناؤوط | المصدر : تخريج صحيح ابن حبان
الصفحة أو الرقم : 6231 التخريج : أخرجه البخاري (5902)، ومسلم (169) بلفظ مقارب
التصنيف الموضوعي: أنبياء - عيسى أشراط الساعة - صفة الدجال رؤيا - رؤيا النبي صلى الله عليه وسلم
|أصول الحديث | شرح حديث مشابه

2 - ( لَأدفَعَنَّ الرَّايةَ اليومَ إلى رجُلٍ يُحِبُّ اللهَ ورسولَه ) فتطاوَل القومُ فقال : ( أينَ علِيٌّ ) ؟ فقالوا : يشتكي عينَه فدعاه فبزَق في كفَّيْهِ ومسَح بهما عَيْنَ علِيٍّ ثمَّ دفَع إليه الرَّايةَ ففتَح اللهُ عليه

3 - على كلِّ نفسِ ابنِ آدَمَ كُتِب حظُّه مِن الزِّنا: العينُ زِناؤُها النَّظرُ والأذنُ زِناؤُها السَّمعُ واليدُ زِناؤُها البطشُ والرِّجْلُ زِناؤُها المشيُ واللِّسانُ زِناؤُه الكلامُ والقلبُ يهوى الشَّيءَ ويُصدِّقُ ذلك أو يُكذِّبُه الفَرْجُ
خلاصة حكم المحدث : إسناده حسن
الراوي : أبو هريرة | المحدث : شعيب الأرناؤوط | المصدر : تخريج صحيح ابن حبان
الصفحة أو الرقم : 4423
التصنيف الموضوعي: آفات اللسان - الغيبة آفات اللسان - النميمة رقائق وزهد - حفظ الجوارح قدر - كل شيء بقدر آداب عامة - غض البصر
| شرح حديث مشابه

4 - قام رجلٌ مِن عندِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فأخبر له أن عينٌ للمشركينَ فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ( مَن قتَله فله سلَبُه ) قال: فأدرَكْتُه فقتَلْتُه فنفَّلني رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم سلَبَه
خلاصة حكم المحدث : إسناده قوي
الراوي : سلمة بن الأكوع | المحدث : شعيب الأرناؤوط | المصدر : تخريج صحيح ابن حبان
الصفحة أو الرقم : 4839 التخريج : أخرجه ابن حبان (6152)، واللفظ له، والبخاري (3063)، وأحمد (16519)، باختلاف يسير، ومسلم (1754)، مطولا.
التصنيف الموضوعي: جهاد - السلب والنفل جهاد - حكم الجاسوس غنائم - الغنائم وتقسيمها جهاد - الغنائم وأحكامها غنائم - السلب للقاتل
|أصول الحديث | شرح حديث مشابه

5 - اللهُ أفرَحُ بتوبةِ أحدِكم مِن رجُلٍ بأرضٍ دَوِّيَّةٍ مُهلِكةٍ ومعه راحلتُه عليها زادُه وطعامُه وما يُصلِحُه فأضَلَّها فخرَج في طلبِها حتَّى إذا أدرَكه الموتُ قال : أرجِعُ إلى مكاني فأموتُ فيه فرجَع إلى مكانِه الَّذي أضَلَّها فيه فبيْنَما هو كذلك إذ غلَبَتْه عينُه فاستيقَظ فإذا راحلتُه عندَ رأسِه عليها زادُه وما يُصلِحُه فاللهُ أفرَحُ بتوبةِ أحدِكم مِن هذا الرَّجلِ
خلاصة حكم المحدث : إسناده صحيح على شرط الشيخين
الراوي : عبدالله بن مسعود | المحدث : شعيب الأرناؤوط | المصدر : تخريج صحيح ابن حبان
الصفحة أو الرقم : 618 التخريج : أخرجه البخاري (6308)، ومسلم (2744) باختلاف يسير
التصنيف الموضوعي: توبة - الحض على التوبة توبة - سقوط الذنوب بالاستغفار والتوبة إحسان - غفران الله للذنوب والآثام آداب عامة - ضرب الأمثال توبة - تبشير التائب بالغفران
|أصول الحديث | شرح حديث مشابه

6 - أوَّلُ زُمرةٍ تدخُلُ الجنَّةَ على صورةِ القمرِ ليلةَ البدرِ ثمَّ الَّذينَ يلونَهم على صورةِ أشدِّ كوكبٍ دُرِّيٍّ في السَّماءِ لا يبولونَ ولا يتغوَّطونَ ولا يتفُلونَ ولا يمتَخِطونَ أمشاطُهم الذَّهبُ ورَشْحُهم المِسكُ ومجامِرُهم الأَلُوَّةُ وأزواجُهم الحورُ العِينُ وأخلاقُهم على خَلْقِ رجُلٍ واحدٍ على صورةِ أبيهم سِتُّونَ ذراعًا
خلاصة حكم المحدث : إسناده صحيح على شرط الشيخين
الراوي : أبو هريرة | المحدث : شعيب الأرناؤوط | المصدر : تخريج صحيح ابن حبان
الصفحة أو الرقم : 7437 التخريج : أخرجه البخاري (3327)، ومسلم (2834) باختلاف يسير
التصنيف الموضوعي: جنة - صفة أهل الجنة جنة - نساء الجنة خلق - خلق آدم جنة - أول من يدخل الجنة جنة - طيب أهل الجنة
|أصول الحديث | شرح حديث مشابه

7 - أنَّ مُعاذَ بنَ جبلٍ أخبَره أنَّهم خرَجوا مع رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم عامَ تبوكَ فكان رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يجمَعُ بَيْنَ الظُّهرِ والعصرِ والمَغرِبِ والعِشاءِ قال : فأخَّر الصَّلاةَ يومًا ثمَّ خرَج فصلَّى الظُّهرَ والعصرَ جميعًا ثمَّ دخَل ثمَّ خرَج فصلَّى المَغرِبَ والعِشاءَ جميعًا ثمَّ قال : ( إنَّكم ستأتونَ غدًا إنْ شاء اللهُ عَيْنَ تبوكَ وإنَّكم لنْ تأتوها حتَّى يَضْحَى النَّهارُ فمَن جاءها فلا يمَسَّ مِن مائِها شيئًا حتَّى آتيَ ) قال : فجِئْناها وقد سبَق إليها رجُلانِ والعَيْنُ مِثْلُ الشِّراكِ تبِضُّ بشيءٍ مِن ماءٍ فسأَلهما رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم : ( هل مسَسْتُما مِن مائِها ) ؟ قالا : نَعم فسبَّهما وقال لهما ما شاء اللهُ أنْ يقولَ ثمَّ غرَفوا مِن العَيْنِ بأيديهم قليلًا قليلًا حتَّى اجتمَع في شيءٍ ثمَّ غسَل رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فيه وجهَه ويدَيْهِ ثمَّ أعاده فيها فجرَتِ العَيْنُ بماءٍ كثيرٍ فاستقى النَّاسُ ثمَّ قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم : ( يوشِكُ بكَ يا مُعاذُ إنْ طالت بك حياةٌ أنْ ترى ما ها هنا قد مُلِئ جِنانًا )
خلاصة حكم المحدث : إسناده صحيح على شرط مسلم
الراوي : معاذ بن جبل | المحدث : شعيب الأرناؤوط | المصدر : تخريج صحيح ابن حبان
الصفحة أو الرقم : 1595 التخريج : أخرجه ابن حبان (1595) بلفظه، وأبو داود (1206)، والنسائي (587) كلاهما باختلاف يسير، وأحمد (22070) مطولا.
التصنيف الموضوعي: فضائل النبي وصفته ودلائل النبوة - إخبار النبي عن المغيبات فضائل النبي وصفته ودلائل النبوة - معجزات النبي مغازي - غزوة تبوك مناقب وفضائل - معاذ بن جبل سفر - الجمع بين الصلاة في السفر
|أصول الحديث | شرح حديث مشابه

8 - أنَّهم خرَجوا مع رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم عامَ غزوةِ تبوكَ وكان رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يجمَعُ بيْنَ الظُّهرِ والعصرِ وبيْنَ المغرِبِ والعِشاءِ قال : فأخَّر الصَّلاةَ يومًا ثمَّ خرَج فصلَّى الظُّهرَ والعصرَ جميعًا ثمَّ دخَل ثمَّ خرَج فصلَّى المغرِبَ والعِشاءَ جميعًا ثمَّ قال : ( إنَّكم ستأتونَ غَدًا إنْ شاء اللهُ عَيْنَ تبوكَ فإنَّكم لنْ تأتوها حتَّى يَضْحى النَّهارُ فمَن جاءها فلا يمَسَّ مِن مائِها شيئًا حتَّى آتيَ ) قال : فجِئْناها وقد سبَق إليها رجُلانِ والعَيْنُ مِثلُ الشِّراكِ تبِضُّ بشيءٍ مِن ماءٍ فسأَلهما رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم : ( هل مسَسْتُما مِن مائِها شيئًا ؟ ) فقالا : نَعم فسبَّهما وقال لهما ما شاء اللهُ أنْ يقولَ ثمَّ غرَفوا مِن العَيْنِ بأيديهم قليلًا حتَّى اجتَمَع في شيءٍ ثمَّ غسَل رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فيه وجهَه ويدَيْه ثمَّ أعادها فيها فجرَتِ العَيْنُ بماءٍ كثيرٍ فاستقى النَّاسُ ثمَّ قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم : ( يوشِكُ يا معاذُ إنْ طالتْ بك الحياةُ أنْ ترى ما ها هنا قد مُلِئ جِنانًا )
خلاصة حكم المحدث : إسناده صحيح
الراوي : معاذ بن جبل | المحدث : شعيب الأرناؤوط | المصدر : تخريج صحيح ابن حبان
الصفحة أو الرقم : 6537 التخريج : أخرجه ابن حبان (1595)، ومسلم (706) كلاهما بلفظه، وأبو داود (1220)، والترمذي (553) كلاهما مختصرا ببعض لفظه.
التصنيف الموضوعي: آفات اللسان - السباب فضائل النبي وصفته ودلائل النبوة - بركة النبي مغازي - غزوة تبوك سفر - الجمع بين الصلاة في السفر صلاة - جواز الجمع بين الظهر والعصر للحاجة
|أصول الحديث | شرح حديث مشابه

9 - جلَسْنا إلى المِقدادِ بنِ الأسودِ يومًا فمَرَّ به رجُلٌ فقال : طوبى لهاتَيْنِ العَينينِ اللَّتينِ رأَتَا رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم واللهِ لَوَدِدْنا أنَّا رأَيْنا ما رأَيْتَ وشهِدْنا ما شهِدْتَ فاستُغضِب فجعَلْتُ أعجَبُ ما قال إلَّا خيرًا ثمَّ أقبَل إليه فقال : ما يحمِلُ الرَّجُلَ على أنْ يتمنَّى مَحضَرًا غيَّبه اللهُ عنه لا يدري لو شهِده كيف كان يكونُ فيه واللهِ لقد حضَر رسولَ اللهِ أقوامٌ أكَبَّهم اللهُ على مَناخِرِهم في جَهنَّمَ لم يُجيبوه ولم يُصَدِّقوه أوَلَا تحمَدونَ اللهَ إذ أخرَجكم تعرِفونَ ربَّكم مُصدِّقينَ لِما جاء به نبيُّكم صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قد كُفِيتم البلاءَ بغيرِكم ؟ واللهِ لقد بُعِث النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم على أشدِّ حالٍ بُعِث عليها نبيٌّ مِن الأنبياءِ وفترةٍ وجاهليَّةٍ ما يرَوْنَ أنَّ دِينًا أفضلُ مِن عبادةِ الأوثانِ فجاء بفُرقانٍ فرَّق بيْنَ الحقِّ والباطلِ وفرَّق بيْنَ الوالدِ وولَدِه حتَّى إنْ كان الرَّجُلُ لَيَرى ولَدَه أو والدَه أو أخاه كافرًا وقد فتَح اللهُ قُفْلَ قلبِه للإيمانِ يعلَمُ أنَّه إنْ هلَك دخَل النَّارَ فلا تقَرُّ عينُه وهو يعلَمُ أنَّ حبيبَه في النَّارِ وأنَّها الَّتي قال اللهُ : {الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ} [الفرقان: 74] الآيةَ
خلاصة حكم المحدث : إسناده صحيح على شرط مسلم
الراوي : جبير بن نفير | المحدث : شعيب الأرناؤوط | المصدر : تخريج صحيح ابن حبان
الصفحة أو الرقم : 6552 التخريج : أخرجه أحمد (23810)، والبخاري في ((الأدب المفرد)) (87)، والطبراني (20/254) (600) باختلاف يسير
التصنيف الموضوعي: إسلام - فضل الإسلام تفسير آيات - سورة الفرقان فضائل النبي وصفته ودلائل النبوة - مبعث النبي أدعية وأذكار - حمد الله في كل الأحوال إسلام - أهل الفترة
| أحاديث مشابهة |أصول الحديث | شرح حديث مشابه

10 - بعَثَنا رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في ثلاثِمئةِ راكبٍ وأميرُنا أبو عُبيدةَ بنُ الجرَّاحِ نرصُدُ عيرًا لقريشٍ فأقَمْنا بالسَّاحلِ نصفَ شهرٍ فأصابنا جوعٌ شديدٌ حتَّى أكَلْنا الخَبَطَ قال: فسُمِّي ذلك الجيشُ جيشَ الخَبَطِ ثمَّ ألقى البحرُ دابَّةً يُقالُ لها: العَنْبَرُ فأكَلْنا منه نصفَ شهرٍ حتَّى ثَابَتْ أجسامُنا وادَّهنَّا بوَدَكِه فأخَذ أبو عُبيدةَ بنُ الجرَّاحِ ضِلَعًا مِن أضلاعِه ونظَر إلى أطولِ جملٍ في الجيشِ وأطولِ رجُلٍ فحمَله عليه فمرَّ تحتَه قال سُفيانُ: قال أبو الزُّبيرِ عن جابرٍ: أعطانا رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم جِرابًا فيه تمرٌ فلمَّا نفِد وجَدْنا فَقْدَه فجعَل يجيءُ الرَّجلُ بالشَّيءِ قال: وأخرَجْنا مِن عينَيْهِ كذا وكذا حُبًّا مِن وَدَكٍ فلمَّا قدِمْنا على النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم سأَلَنا: ( هل معكم منه شيءٌ ؟ )
خلاصة حكم المحدث : إسناده صحيح على شرط الشيخين
الراوي : جابر بن عبدالله | المحدث : شعيب الأرناؤوط | المصدر : تخريج صحيح ابن حبان
الصفحة أو الرقم : 5259 التخريج : أخرجه ابن حبان (5259) بلفظه، والبخاري (4361)، ومسلم (1935)، والنسائي (4352) جميعهم باختلاف يسير.
التصنيف الموضوعي: أطعمة - أكل التمر سرايا - السرايا سرايا - تأمير الأمراء على البعوث والسرايا ووصيتهم غنائم - الطعام في أرض العدو رقائق وزهد - عيش السلف
|أصول الحديث | شرح حديث مشابه

11 - كان رجُلٌ فيمَن كان قبْلَكم لَمْ يبتئِرْ عندَ اللهِ خيرًا قطُّ قال لِبَنيه عندَ الموتِ : يا بَنيَّ أيُّ أبٍ كُنْتُ لكم ؟ قالوا : خيرَ أبٍ قال : فإذا أنا مِتُّ فاحرِقوني واسحَقوني فإذا كان في يومِ ريحٍ عاصفٍ فذُرُّوني قال : فمات ففُعِل به ذلك فقال له : كُنْ فكان كأسرعَ مِن طَرْفةِ العينِ فقال اللهُ : يا عبدي ما حمَلك على ما فعَلْتَ ؟ فقال : مخافتُك أيْ ربِّ قال : فما تَلافاه أنْ غفَر له قال المُعتمِرُ : قال : أبي : فحدَّثْتُ هذا الحديثَ أبا عُثمانَ النَّهديَّ قال : هكذا حدَّثني سُليمانُ وزاد فيه : ( وذُرُّوني في البحرِ )
خلاصة حكم المحدث : إسناده صحيح على شرط مسلم
الراوي : أبو سعيد الخدري | المحدث : شعيب الأرناؤوط | المصدر : تخريج صحيح ابن حبان
الصفحة أو الرقم : 650 التخريج : أخرجه ابن حبان (650) بلفظه، والبخاري (3478)، ومسلم (2757) باختلاف يسير.
التصنيف الموضوعي: رقائق وزهد - الخوف من الله علم - القصص إيمان - ما جاء عن الأمم السابقة قبل الإسلام استغفار - مغفرة الله تعالى للذنوب العظام وسعة رحمته توبة - سعة رحمة الله تعالى وأنها سبقت غضبه
|أصول الحديث | شرح حديث مشابه

12 - كان أصحابُ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم إذا كان الرَّجلُ صائمًا فحضَره الإفطارُ فنام قبْلَ أنْ يُفطِرَ لم يأكُلْ ليلتَه ولا يومَه حتَّى يُمسيَ وإنَّ قيسَ بنَ صِرمةَ كان صائمًا فلمَّا حضَر الإفطارُ أتى امرأتَه فقال: هل عندَكِ طعامٌ ؟ قال: لا، ولكنْ أنطلِقُ فأطلُبُ، وكان يومَه يعمَلُ فغلَبَته عينُه فجاءته امرأتُه فلمَّا رأَتْه قالت: خيبةً لك فأصبَح فلمَّا انتصف النَّهارُ غُشي عليه فذُكِر ذلك للنَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فنزَلت هذه الآيةُ {أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ} [البقرة: 187] ففرِحوا بها فرَحًا شديدًا {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ} [البقرة: 187]
خلاصة حكم المحدث : إسناده صحيح على شرط البخاري
الراوي : البراء بن عازب | المحدث : شعيب الأرناؤوط | المصدر : تخريج صحيح ابن حبان
الصفحة أو الرقم : 3460 التخريج : أخرجه ابن خزيمة (1904)، وابن حبان (3461)، واللفظ لهما، والبخاري (1915)، باختلاف يسير.
التصنيف الموضوعي: تفسير آيات - سورة البقرة صيام - وقت الإمساك قرآن - أسباب النزول علم - النسخ في القرآن والسنة
|أصول الحديث | شرح حديث مشابه

13 - أنَّ عُوَيمرًا العَجْلانيَّ أتى عاصمَ بنَ عديٍّ وكان سيِّدَ بني العَجْلانِ فقال: كيف تقولونَ في رجلٍ وجَد مع امرأتِه رجلًا أيقتُلُه فتقتُلونه أم كيف يصنَعُ ؟ فقال: سَلْ لي رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم عن ذلك قال: فأتى عاصمٌ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فقال: يا رسولَ اللهِ رجلٌ وجَد مع امرأتِه رجلًا أيقتُلُه فتقتُلونه أم كيف يصنَعُ ؟ فكرِه رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم المسائلَ وعابها فأتى عُوَيمرًا فقال له: إنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قد كرِه المسائلَ وعابها فقال عويمرٌ: واللهِ لا أنتهي حتَّى أسأَلَ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم عن ذلك فأتى عويمرٌ فسأَله فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ( قد أنزَل اللهُ جلَّ وعلا فيك وفي صاحبتِك ) فلاعَنها ثمَّ قال: يا رسولَ اللهِ إنْ حبَسْتُها فقد ظلَمْتُها قال: فطلَّقها وكانت سُنَّةً لِمَن بعدَهما مِن المتلاعِنَيْنِ قال: ثمَّ قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ( انظُروا فإنْ جاءتْ به أسحَمَ [ أدعَجَ العينينِ عظيمَ الأَلْيَتَينِ خَدَلَّجَ السَّاقينِ فلا أحسَبُ عويمرًا إلَّا قد صدَق عليها وإنْ جاءتْ به ] أُحيمِرَ [ كأنَّه وَحَرةٌ ] فلا أحسَبُ عويمرًا إلَّا وقد كذَب عليها ) قال: فجاءتْ به على النَّعتِ الَّذي نعَت رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم [ مِن تصديقِ عويمرٍ ] قال: فكان يُنسَبُ بعدُ إلى أمِّه
خلاصة حكم المحدث : إسناده صحيح على شرط البخاري
الراوي : سهل بن سعد الساعدي | المحدث : شعيب الأرناؤوط | المصدر : تخريج صحيح ابن حبان
الصفحة أو الرقم : 4285 التخريج : أخرجه البخاري (4745) باختلاف يسير، ومسلم (1492) مختصراً باختلاف يسير
التصنيف الموضوعي: اعتصام بالسنة - ما يكره من كثرة السؤال وتكلف ما لا يعنيه لعان و تلاعن - اللعان لعان و تلاعن - الملاعنة لعان و تلاعن - من طلق بعد اللعان لعان وتلاعن - التفريق بين المتلاعنين
|أصول الحديث | شرح حديث مشابه

14 - كُنْتُ قائمًا عندَ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم إذ جاء حَبْرٌ مِن أحبارِ اليهودِ فقال : سلامٌ عليكَ يا مُحمَّدُ قال : فدفَعْتُه دَفعةً كاد يُصرَعُ منها فقال : لِمَ تدفَعُني ؟ فقُلْتُ : ألَا تقولُ : يا رسولَ اللهِ ؟ قال اليهوديُّ : إنَّما أدعوه باسمِه الَّذي سمَّاه به أهلُه فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم : ( إنَّ اسمي مُحمَّدٌ الَّذي سمَّاني به أهلي ) فقال اليهوديُّ : جِئْتُ أسأَلُكَ قال رسولُ اللهِ : ( ينفَعُكَ شيءٌ إنْ أخبَرْتُكَ ) ؟ قال : أسمَعُ ما تُحدِّثُ فنكَت رسولُ اللهِ بعُودٍ معه وقال : ( سَلْ ) فقال اليهوديُّ : أينَ يكونُ النَّاسُ يومَ تُبدَّلُ الأرضُ غيرَ الأرضِ والسَّمواتُ ؟ فقال رسولُ اللهِ : ( هم في الظُّلمةِ دونَ الجِسرِ ) قال : فمَن أوَّلُ النَّاسِ إجازةً ؟ فقال : ( فُقَراءُ المُهاجِرينَ ) فقال اليهوديُّ : فما تُحفتُهم حينَ يدخُلونَ الجنَّةَ ؟ قال : ( زائدةُ كبِدِ النُّونِ ) قال : ما غَداؤُهم على إِثرِها ؟ قال : ( يُنحَرُ لهم ثَورُ الجنَّةِ الَّذي كان يأكُلُ مِن أطرافِها ) قال : فما شَرابُهم عليه ؟ قال : مِن عَيْنٍ فيها تُسمَّى سَلْسبيلًا ) قال : صدَقْتَ قال : وجِئْتُ أسأَلُكَ عن شيءٍ لا يعلَمُه أحَدٌ مِن أهلِ الأرضِ إلَّا نَبيٌّ قال : ( ينفَعُكَ إنْ حدَّثْتُكَ ) ؟ فقال : أسمَعُ بأُذُنيَّ، جِئْتُ أسأَلُكَ عنِ الولَدِ فقال : ( ماءُ الرَّجُلِ أبيضُ وماءُ المرأةِ أصفَرُ فإذا اجتَمَعا فعَلَا ماءُ الرَّجُلِ مَنِيَّ المرأةِ أَذْكَرا بإذنِ اللهِ وإذا علا مَنِيُّ المرأةِ مَنِيَّ الرَّجُلِ آنَثَا بإذنِ اللهِ ) فقال اليهوديُّ : لقد صدَقْتَ وإنَّكَ لَنَبيٌّ وانصرَف فذهَب فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم : لقد سأَلني هذا عنِ الَّذي سأَلني وما لي عِلْمٌ بشيءٍ منه حتَّى أتاني اللهُ به )

15 - عن [السائب بن مالك] قال: كنَّا جلوسًا في المسجدِ فدخَل عمَّارُ بنُ ياسرٍ فصلَّى صلاةً خفَّفها فمرَّ بنا فقيل له: يا أبا اليقظانِ خفَّفْتَ الصَّلاةَ قال: أوَخفيفةً رأَيْتُموها ؟ قُلْنا: نَعم قال: أمَا إنِّي قد دعَوْتُ فيها بدعاءٍ قد سمِعْتُه مِن رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ثمَّ مضى فأتبَعه رجلٌ مِن القومِ قال عطاءٌ: اتَّبعه أَبي - ولكنَّه كرِه أنْ يقولَ: اتَّبَعْتُه - فسأَله عن الدُّعاءِ ثمَّ رجَع فأخبَرهم بالدُّعاءِ: ( اللَّهمَّ بعِلْمِك الغيبَ وقدرتِك على الخَلْقِ أحيِني ما علِمْتَ الحياةَ خيرًا لي وتوفَّني إذا كانتِ الوفاةُ خيرًا لي اللَّهمَّ إنِّي أسأَلُك خشيتَك في الغيبِ والشَّهادةِ وكلمةَ العدلِ والحقِّ في الغضبِ والرِّضا وأسأَلُك القصدَ في الفقرِ والغِنى وأسأَلُك نعيمًا لا يَبيدُ وقرَّةَ عينٍ لا تنقطَعُ وأسأَلُك الرِّضا بعد القضاءِ وأسأَلُك بَرْدَ العيشِ بعدَ الموتِ وأسأَلُك لذَّةَ النَّظرِ إلى وجهِك وأسأَلُك الشَّوقَ إلى لقائِك في غيرِ ضرَّاءَ مُضرَّةٍ ولا فتنةٍ مُضلَّةٍ اللَّهمَّ زيِّنَّا بزينةِ الإيمانِ واجعَلْنا هداةً مُهتدينَ
خلاصة حكم المحدث : إسناده قوي
الراوي : عمار بن ياسر | المحدث : شعيب الأرناؤوط | المصدر : تخريج صحيح ابن حبان
الصفحة أو الرقم : 1971 التخريج : أخرجه ابن خزيمة في ((التوحيد)) (1/ 29)، وابن حبان (1971 ) كلاهما بلفظه، والنسائي (1305)، وأحمد (18325)، والحاكم (1923) جميعا بنحوه .
التصنيف الموضوعي: أدعية وأذكار - الجوامع من الدعاء أدعية وأذكار - الدعاء بالموت والحياة صلاة - التخفيف في الصلاة أدعية وأذكار - دعاء المرء لنفسه
| أحاديث مشابهة |أصول الحديث | شرح حديث مشابه

16 - غزَوْنا مع رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم حُنَينًا قال : فلمَّا واجَهْنا العدوَّ تقدَّمْتُ فأعلو ثنيَّةً فاستقبَلني رجُلٌ مِن العدوِّ فأرميه بسهمٍ فتوارى عنِّي فما درَيْتُ ما أصنَعُ ثمَّ نظَرْتُ إلى القومِ فإذا هم قد طلَعوا مِن ثنيَّةٍ أخرى فالتقَوْا هم وصحابةُ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فولَّى صحابةُ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وأرجِعُ مُنهزِمًا وعلَيَّ بُردتانِ مُتَّزِرًا بإحداهما مُرتديًا بالأخرى قال : فانطلَق رادئي فجمَعْتُه ومرَرْتُ على رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم مُنهزِمًا وهو على بَغلتِه الشَّهباءِ فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم : ( لقد رأى ابنُ الأكوعِ فزَعًا ) فلمَّا غَشُوا رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم نزَل عنِ البغلةِ ثمَّ قبَض قَبضةً مِن تُرابٍ مِن الأرضِ ثمَّ استقبَل به وجوهَهم فقال : ( شاهَتِ الوجوهُ ) فما خلَق اللهُ منهم إنسانًا إلَّا ملَأ عينَه تُرابًا بتلك القَبضةِ فولَّوا مُدبِرينَ فهزَمهم اللهُ وقسَم رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم غنائمَهم بيْنَ المُسلِمينَ
خلاصة حكم المحدث : إسناده حسن على شرط مسلم
الراوي : سلمة بن الأكوع | المحدث : شعيب الأرناؤوط | المصدر : تخريج صحيح ابن حبان
الصفحة أو الرقم : 6520 التخريج : أخرجه مسلم (1777)، وابن حبان (6520)، والبيهقي في ((دلائل النبوة)) (5/ 140) واللفظ لهم، والطحاوي في ((معاني الآثار)) (5333) مختصرًا.
التصنيف الموضوعي: غنائم - الغنائم وتقسيمها فضائل النبي وصفته ودلائل النبوة - معجزات النبي مغازي - غزوة حنين جهاد - الغنائم وأحكامها
|أصول الحديث | شرح حديث مشابه

17 - خرَجْتُ مع عُبيدِ اللهِ بنِ عَديِّ بنِ الخِيارِ إلى الشَّامِ فلمَّا قدِمْنا حِمْصَ قال لي عُبَيدُ اللهِ : هل لك في وَحْشِيٍّ نسأَلُه عن قَتْلِ حمزةَ ؟ قُلْتُ : نَعم قال : وكان وَحْشِيٌّ يسكُنُ حِمْصَ قال : فسأَلْنا عنه فقيل لنا : هو ذاكَ في ظلِّ قصرِه كأنَّه حَمِيتٌ قال : فجِئْنا حتَّى وقَفْنا عليه فسلَّمْنا فردَّ السَّلامَ قال : وعُبَيدُ اللهِ مُعتجِرٌ بعِمامةٍ ما يَرى وَحْشِيٌّ إلَّا عينَيْهِ ورِجْلَيْهِ قال : فقال له عُبَيدُ اللهِ : يا وَحْشِيُّ أتعرِفُني ؟ فنظَر إليه وقال : لا واللهِ إلَّا أنِّي أعلَمُ أنَّ عَديَّ بنَ الخِيارِ تزوَّج امرأةً يُقالُ لها : أمُّ القِتالُ بنتُ أبي العِيصِ فولَدَتْ له غُلامًا بمكَّةَ فاسترضَعه فحمَلْتُ ذلك الغُلامَ مع أمِّه فناوَلْتُها إيَّاه فلَكأنِّي نظَرْتُ إلى قدَمَيْكَ قال : فكشَف عُبَيدُ اللهِ عن وجهِه ثمَّ قال : ألَا تُخبِرُنا بقَتْلِ حمزةَ ؟ قال : نَعم إنَّ حمزةَ قتَل طُعَيمةَ بنَ عَديِّ بنِ الخِيارِ ببَدْرٍ قال : فقال لي مولايَ جُبَيرُ بنُ مُطعِمٍ : إنْ قتَلْتَ حمزةَ بعمِّي فأنتَ حُرٌّ قال : فلمَّا أنْ خرَج النَّاسُ عامَ عَيْنَيْنِ - قال : وعَيْنَيْنِ جَبلٌ تحتَ أُحُدٍ بَيْنَه وبَيْنَ وادٍ - قال : فخرَجْتُ مع النَّاسِ إلى القتالِ فلمَّا اصطفُّوا للقتالِ خرَج سِباعٌ أبو نِيَارٍ قال : فخرَج إليه حمزةُ بنُ عبدِ المطَّلبِ فقال : يا سباعُ يا ابنَ أمِّ أنمارٍ يا ابنَ مُقطِّعةِ البُظورِ تُحادُّ اللهَ ورسولَه ؟ قال : ثمَّ شدَّ عليه فكان كأمسِ الذَّاهبِ قال : وانكَمَنْتُ لِحمزةَ حتَّى مرَّ علَيَّ فلمَّا أنْ دنا منِّي رمَيْتُه بحَرْبتي فأضَعُها في ثُنَّتِه حتَّى خرَجَتْ مِن بَيْنِ ورِكَيْهِ قال : فكان ذلك العهدَ به، فلمَّا رجَع النَّاسُ رجَعْتُ معهم فأقَمْتُ بمكَّةَ حتَّى نشَأ فيها الإسلامُ ثمَّ خرَجْتُ إلى الطَّائفِ قال : وأرسَلوا إلى رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم رُسُلًا قال : وقيل له : إنَّه لا يَهيجُ الرُّسُلَ قال : فجِئْتُ فيهم حتَّى قدِمْتُ على رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فلمَّا رآني رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال : ( أنتَ وَحْشِيٌّ ) ؟ قُلْتُ : نَعم قال : ( أنتَ قتَلْتَ حمزةَ ) ؟ قال : قُلْتُ : قد كان مِن الأمرِ ما بلَغك فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم : ( أمَا تستطيعُ أنْ تُغيِّبَ عنِّي وجهَك ؟ ) قال : فخرَجْتُ فلمَّا تُوفِّي رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم خرَج مُسيلِمةُ الكذَّابُ قال : قُلْتُ : لَأخرُجَنَّ إلى مُسيلِمةَ لَعَلِّي أقتُلُه فأُكافِئَ به حمزةَ قال : فخرَجْتُ مع النَّاسِ فكان مِن أمرِهم ما كان قال : وإذا رُجَيْلٌ قائمٌ في ثُلمةِ جِدارٍ كأنَّه جملٌ أورَقُ ما نرى رأسَه قال : فأرميه بحَرْبتي فأضَعُها بَيْنَ ثَديَيْهِ حتَّى خرَجَتْ مِن بَيْنِ كتِفَيْهِ قال : ودبَّ رجُلٌ مِن الأنصارِ فضرَبه بالسَّيفِ على هامَتِه قال عبدُ اللهِ بنُ الفضلِ : وأخبَرني سُلَيمانُ بنُ يَسارٍ أنَّه سمِع عبدَ اللهِ بنَ عُمَرَ يقولُ : قالت جاريةٌ على ظهرِ البيتِ : إنَّ أميرَ المُؤمِنينَ قتَله العبدُ الأسودُ
خلاصة حكم المحدث : صحيح
الراوي : وحشي بن حرب | المحدث : شعيب الأرناؤوط | المصدر : تخريج صحيح ابن حبان
الصفحة أو الرقم : 7017 التخريج : أخرجه ابن حبان (7017) واللفظ له، والطيالسي (1410)، وابن أبي عاصم في ((الآحاد والمثاني)) (483)، والطبراني في ((المعجم الكبير)) (3/ 147) (2947) بنحوه.
التصنيف الموضوعي: مغازي - غزوة أحد مناقب وفضائل - حمزة بن عبد المطلب مناقب وفضائل - فضائل أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم مناقب وفضائل - فضائل قرابة النبي صلى الله عليه وسلم مغازي - قتل حمزة في غزوة أحد
|أصول الحديث | شرح حديث مشابه

18 - كُنْتُ عندَ سعيدِ بنِ جُبيرٍ فقال لنا : أيُّكم رأى الكوكبَ الَّذي انقَضَّ البارحةَ ؟ قال : قُلْتُ : أنا أمَا إنِّي لم أكُنْ في الصَّلاةِ ولكنِّي لُدِغْتُ قال : فما فعَلْتَ ؟ قُلْتُ : استرقَيْتُ قال : وما حمَلك على ذلك ؟ قال : قُلْتُ : حديثٌ حدَّثناه الشَّعبيُّ قال : وما يُحدِّثُكم الشَّعبيُّ ؟ قال : قُلْتُ : حدَّثنا عن بُريدةَ بنِ حُصَيبٍ الأَسْلميِّ أنَّه قال : لا رُقيةَ إلَّا مِن عينٍ أو حُمَةٍ قال : فقال سعيدُ بنُ جُبيرٍ : حدَّثنا ابنُ عبَّاسٍ عن النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال : ( عُرِضَتْ علَيَّ الأُمَمُ فرأَيْتُ النَّبيَّ ومعه رهطٌ والنَّبيَّ ومعه رجُلٌ والنَّبيَّ وليس معه أحَدٌ إذ رُفِع لي سوادٌ عظيمٌ فقُلْتُ : هذه أمَّتي فقيل : هذا موسى وقومُه ولكِنِ انظُرْ إلى الأُفقِ فنظَرْتُ فإذا سوادٌ عظيمٌ ثمَّ قيل لي : انظُرْ إلى هذا الجانبِ الآخَرِ فإذا سوادٌ عظيمٌ فقيل لي : أمَّتُك ومعهم سبعونَ ألفًا يدخُلونَ الجنَّةَ بغيرِ حسابٍ ولا عذابٍ ) ثم نهَض النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فدخَل فخاض القومُ في ذلك وقالوا : مَن هؤلاءِ الَّذينَ يدخُلونَ الجنَّةَ بغيرِ حسابٍ ؟ فقال بعضُهم : لعلَّهم الَّذينَ صحِبوا النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وقال بعضُهم : لعلَّهم الَّذينَ وُلِدوا في الإسلامِ ولم يُشرِكوا باللهِ قطُّ وذكَروا أشياءَ فخرَج إليهم النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فقال : ( ما هذا الَّذي كُنْتُم تخوضونَ فيه ) ؟ فأخبَروه بمقالتِهم فقال : ( هم الَّذي لا يكتَوونَ ولا يستَرْقُونَ ولا يتطيَّرونَ وعلى ربِّهم يتوكَّلونَ ) فقام عُكَّاشةُ بنُ مِحصَنٍ الأَسديُّ فقال : أنا منهم يا رسولَ اللهِ ؟ قال : ( أنتَ منهم ) ثمَّ قام رجُلٌ آخَرُ فقال : أنا منهم يا رسولَ اللهِ ؟ قال : ( سبَقك بها عُكَّاشةُ )
خلاصة حكم المحدث : إسناده صحيح
الراوي : عبدالله بن عباس | المحدث : شعيب الأرناؤوط | المصدر : تخريج صحيح ابن حبان
الصفحة أو الرقم : 6430 التخريج : أخرجه البخاري (5705)، ومسلم (220) باختلاف يسير
التصنيف الموضوعي: رقائق وزهد - التوكل واليقين طب - الطيرة والفأل طب - الكي مناقب وفضائل - أمة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم مناقب وفضائل - بعض من شهد النبي بأنهم من أهل الجنة
|أصول الحديث | شرح حديث مشابه

19 - أنَّ عامرَ بنَ ربيعةَ أخا بني عديِّ بنِ كعبٍ رأى سهلَ بنَ حُنيفٍ وهو مع رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بالخَرَّارِ يغتسلُ فقال : واللهِ ما رأَيْتُ كاليومِ ولا جِلْدَ مخبَّأةٍ قال : فلُبِط سهلٌ فأُتِي النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فقيل : يا رسولَ اللهِ هل لك في سَهلِ بنِ حُنيفٍ لا يرفَعُ رأسَه ؟ فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم : ( هل تتَّهِمونَ مِن أحدٍ ) ؟ قالوا : نَعم، عامرَ بنَ ربيعةَ؛ رآه يغتسِلُ فقال : واللهِ ما رأَيْتُ كاليومِ ولا جِلْدَ مخبَّأةٍ فدعا رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم عامرَ بنَ ربيعةَ فتغيَّظ عليه وقال : ( علامَ يقتُلُ أحدُكم أخاه ألَا تُبرِّكُ ؟ اغتسِلْ له ) فغسَل له عامرٌ فراح سَهلٌ مع الرَّكْبِ ليس به بأسٌ قال : والغُسلُ : أنْ يُؤتَى بالقَدَحِ فيُدخِلَ الغاسلُ كفَّيْهِ جميعًا فيه ثمَّ يغسِلَ وجهَه في القَدَحِ ثمَّ يُدخِلَ يدَه اليُمنى فيغسِلَ صدرَه في القَدَحِ ثمَّ يُدخِلَ يدَه فيغسِلَ ظهرَه ثمَّ يأخُذَ بيدِه اليُسرى يفعَلُ مِثلَ ذلك، ثمَّ يغسِلَ رُكبتَيْهِ وأطرافَ أصابعِه مِن ظَهرِ القدَمِ ويفعَلَ ذلك بالرِّجْلِ اليُسرى ثمَّ يُعطيَ ذلك الإناءَ - قبْلَ أنْ يضَعَه بالأرضِ - الَّذي أصابه العينُ ثمَّ يمُجَّ فيه ويتمضمضَ ويُهريقَ على وجهِه ويصُبَّ على رأسِه ويُكفِئَ القَدَحَ مِن وراءِ ظَهرِه
خلاصة حكم المحدث : صحيح
الراوي : أبو أمامة بن سهل بن حنيف | المحدث : شعيب الأرناؤوط | المصدر : تخريج صحيح ابن حبان
الصفحة أو الرقم : 6106 التخريج : أخرجه ابن ماجه (3509)، ومالك (5/1373)، والنسائي في ((السنن الكبرى)) (7571) باختلاف يسير
التصنيف الموضوعي: أدعية وأذكار - الذكر عند رؤية ما يعجبه طب - العين حق وضوء - الوضوء من العين طب - الاستغسال من العين غسل - الأغسال الواجبة والمسنونة
|أصول الحديث | شرح حديث مشابه

20 - لمَّا خلَق اللهُ آدَمَ ونفَخ فيه الرُّوحَ عطَس فقال : الحمدُ للهِ فحمِد اللهَ بإذْنِ اللهِ فقال له ربُّه : يرحَمُك ربُّك يا آدَمُ اذهَبْ إلى أولئكَ الملائكةِ ـ إلى ملأٍ منهم جُلوسٍ ـ فسلِّمْ عليهم فقال : السَّلامُ عليكم فقالوا : وعليكم السَّلامُ ورحمةُ اللهِ ثمَّ رجَع إلى ربِّه فقال : هذه تحيَّتُك وتحيَّةُ بَنِيك بيْنَهم وقال اللهُ جلَّ وعلا ـ ويداه مَقبوضتانِ ـ : اختَرْ أيَّهما شِئْتَ فقال : اختَرْتُ يمينَ ربِّي وكلتا يدَيْ ربِّي يمينٌ مبارَكةٌ ثمَّ بسَطهما فإذا فيهما آدَمُ وذُرِّيَّتُه فقال : أيْ ربِّ ما هؤلاءِ ؟ فقال : هؤلاءِ ذُرِّيَّتُك فإذا كلُّ إنسانٍ منهم مكتوبٌ عُمُرُه بيْنَ عينَيْه فإذا فيهم رجُلٌ أضوَؤُهم ـ أو مِن أضوَئِهم لَمْ يكتُبْ له إلَّا أربعينَ سَنةً قال : يا ربِّ ما هذا ؟ قال : هذا ابنُك داودُ وقد كتَب اللهُ عُمُرَه أربعينَ سنةً قال : أيْ ربِّ زِدْه في عُمُرِه قال : ذاكَ الَّذي كتَبْتُ له قال : فإنِّي قد جعَلْتُ له مِن عُمُري سِتِّينَ سنةً قال : أنتَ وذاك اسكُنِ الجنَّةَ فسكَن الجنَّةَ ما شاء اللهُ ثمَّ أُهبِط منها وكان آدَمُ يعُدُّ لنفسِه فأتاه ملَكُ الموتِ فقال له آدَمُ : قد عجِلْتَ قد كُتِب لي ألفُ سنةٍ قال : بلى ولكنَّك جعَلْتَ لابنِك داودَ منها سِتِّينَ سنةً فجحَد فجحَدتْ ذُرِّيَّتُه ونسِي فنسِيَتْ ذُرِّيَّتُه فيومَئذٍ أُمِر بالكتابِ والشُّهودِ )
خلاصة حكم المحدث : إسناده قوي على شرط مسلم
الراوي : أبو هريرة | المحدث : شعيب الأرناؤوط | المصدر : تخريج صحيح ابن حبان
الصفحة أو الرقم : 6167
التصنيف الموضوعي: خلق - خلق آدم أنبياء - داود آداب العطاس - ما يقول إذا عطس إيمان - الملائكة خلق - بدء الخلق وعجائبه
| أحاديث مشابهة | شرح حديث مشابه

21 - أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم كتَب إلى أهلِ اليَمنِ بكتابٍ فيه الفرائضُ والسُّنَنُ والدِّيَاتُ بعَث به مع عمرِو بنِ حَزمٍ فقُرِئَتْ على أهلِ اليَمَنِ وهذه نُسختُها : ( مِن محمَّدٍ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم إلى شُرَحبيلَ بنِ عبدِ كُلالٍ والحارثِ بنِ عبدِ كُلالٍ ونُعيمِ بنِ عبدِ كُلالٍ قِيلَ ذي رُعَيْنٍ ومَعافِرَ وهَمْدانَ : أمَّا بعدُ فقد رجَع رسولُكم وأَعطَيْتُم مِن الغنائمِ خُمُسَ اللهِ وما كتَب اللهُ على المؤمِنينَ مِن العُشُرِ في العَقارِ وما سقَتِ السَّماءُ أو كان سَيْحًا أو بَعْلًا ففيه العُشرُ إذا بلَغ خمسةَ أوسُقٍ وما سُقِي بالرِّشاءِ والدَّاليَةِ ففيه نِصفُ العُشرِ إذا بلَغ خمسةَ أوسُقٍ وفي كلِّ خَمسٍ مِن الإبلِ سائمةً شاةٌ إلى أنْ تبلُغَ أربعًا وعشرينَ فإذا زادَتْ واحدةً على أربعٍ وعِشرينَ ففيها ابنةُ مَخاضٍ فإنْ لم توجَدْ بنتُ مَخاضٍ فابنُ لَبُونٍ ذَكَرٌ إلى أنْ تبلُغَ خَمسًا وثلاثينَ فإذا زادَتْ على خَمسٍ وثلاثينَ ففيها ابنةُ لَبُونٍ إلى أنْ تبلُغَ خَمْسًا وأربعينَ فإذا زادَتْ على خَمسٍ وأربعينَ ففيها حِقَّةٌ طَرُوقةٌ إلى أنْ تبلُغَ سِتِّينَ فإنْ زادَتْ على سِتِّينَ واحدةً ففيها جَذَعةٌ إلى أنْ تبلُغَ خَمسةً وسبعينَ فإنْ زادَتْ على خَمسٍ وسبعينَ واحدةً ففيها ابنتا لَبُونٍ إلى أنْ تبلُغَ تِسعينَ فإنْ زادَتْ على تِسعينَ واحدةً ففيها حِقَّتَانِ طَرُوقَتَا الجَملِ إلى أنْ تبلُغَ عِشرينَ ومِئةً فما زاد ففي كلِّ أربعينَ ابنةُ لَبُونٍ وفي كلِّ خَمسينَ حِقَّةٌ طَرُوقةُ الجَملِ وفي كلِّ ثلاثينَ باقورةً بقرةٌ وفي كلِّ أربعينَ شاةً سائمةً شاةٌ إلى أنْ تبلُغَ عِشرينَ ومئةً فإنْ زادَتْ على عِشرينَ ومئةً واحدةً ففيها شاتانِ إلى أنْ تبلُغَ مئتانِ فإنْ زادَتْ واحدةً فثلاثةُ شِياهٍ إلى أنْ تبلُغَ ثلاثَمئةٍ فما زاد ففي كلِّ مئةِ شاةٍ شاةٌ ولا تُؤخَذُ في الصَّدقةِ هَرِمةٌ ولا عَجْفاءُ ولا ذاتُ عَوارٍ ولا تَيْسُ الغَنَمِ ولا يُجمَعُ بيْنَ مُتفرِّقٍ ولا يُفرَّقُ بيْنَ مجتمِعٍ خِيفةَ الصَّدقةِ وما أُخِذ مِن الخَليطَيْنِ فإنَّهما يتراجَعانِ بيْنَهما بالسَّويَّةِ وفي كلِّ خَمْسِ أواقٍ مِن الوَرِقِ خَمسةُ دراهمَ فما زاد ففي كلِّ أربعينَ درهمًا درهمٌ وليس فيما دونَ خَمسِ أواقٍ شيءٌ وفي كلِّ أربعينَ دينارًا دينارٌ وإنَّ الصَّدقةَ لا تحِلُّ لِمُحمَّدٍ ولا لأهلِ بيتِه إنَّما هي الزَّكاةُ تُزكَّى بها أنفسُهم في فُقراءِ المؤمِنينَ أو في سبيلِ اللهِ وليس في رقيقٍ ولا مزرعةٍ ولا عمَّالِها شيءٌ إذا كانت تُؤدَّى صدقَتُها مِن العُشرِ وليس في عبدِ المُسلِمِ ولا فرَسِه شيءٌ وإنَّ أكبَرَ الكبائرِ عندَ اللهِ يومَ القيامةِ الإشراكُ باللهِ وقتلُ النَّفسِ المؤمنةِ بغيرِ الحقِّ والفرارُ في سبيلِ اللهِ يومَ الزَّحفِ وعقوقُ الوالدَيْنِ ورميُ المُحصَنةِ وتعلُّمُ السِّحرِ وأكلُ الرِّبا وأكلُ مالِ اليتيمِ وإنَّ العُمرةَ الحجُّ الأصغَرُ ولا يمَسُّ القرآنَ إلَّا طاهرٌ ولا طلاقَ قبْلَ إملاكٍ ولا عِتْقَ حتَّى يبتاعَ ولا يُصَلِّيَنَّ أحَدُكم في ثوبٍ واحدٍ ليس على مَنكِبِه منه شيءٌ ولا يَحتبِيَنَّ في ثوبٍ واحدٍ ليس بيْنَه وبيْنَ السَّماءِ شيءٌ ولا يُصَلِّيَنَّ أحَدُكم في ثوبٍ واحدٍ وشِقُّه بادٍ ولا يُصَلِّيَنَّ أحَدُكم عاقِصًا شَعرَه وإنَّ مَن اعتَبَط مؤمنًا قَتْلًا عن بيِّنةٍ فهو قَوَدٌ إلَّا أنْ يرضى أولياءُ المقتولِ وإنَّ في النَّفسِ الدِّيَةَ مئةً مِن الإبلِ، وفي الأنفِ إذا أُوعِبَ جَدْعُه الدِّيَةُ وفي اللِّسانِ الدِّيَةُ وفي الشَّفَتَيْنِ الدِّيَةُ وفي البَيْضتَيْنِ الدِّيَةُ وفي الذَّكَرِ الدِّيَةُ وفي الصُّلْبِ الدِّيَةُ وفي العينَيْنِ الدِّيَةُ وفي الرِّجْلِ الواحدةِ نِصفُ الدِّيَةِ وفي المأمومةِ ثُلُثُ الدِّيَةِ وفي الجائفةِ ثُلُثُ الدِّيَةِ وفي المُنقِّلةِ خَمسَ عَشْرةَ مِن الإبلِ وفي كلِّ أُصبُعٍ مِن الأصابعِ مِن اليدِ والرِّجْلِ عَشْرٌ مِن الإبلِ وفي السِّنِّ خَمْسٌ مِن الإبلِ وفي المُوضِّحةِ خَمْسٌ مِن الإبلِ وإنَّ الرَّجُلَ يُقتَلُ بالمرأةِ وعلى أهلِ الذَّهَبِ ألفُ دينارٍ
خلاصة حكم المحدث : إسناده ضعيف، [وله شاهد لمعظم ما جاء فيه]
الراوي : عمرو بن حزم | المحدث : شعيب الأرناؤوط | المصدر : تخريج صحيح ابن حبان
الصفحة أو الرقم : 6559 التخريج : أخرجه ابن حبان (6559) واللفظ له، والطبراني في ((الأحاديث الطوال)) (56)، والبيهقي (7336) باختلاف يسير.
التصنيف الموضوعي: زكاة - زكاة ما سقته السماء وما سقي بالنضح زكاة - صفة المأخوذ في الزكاة من الأنعام غنائم - مصارف الخمس زكاة - صدقة المواشي السائمة زكاة - ما نهي عن أخذه وما لا يجوز للمصدق أخذه وما يأخذه
|أصول الحديث | شرح حديث مشابه

22 - خرَجْتُ يومَ الخَندقِ أقفو أثَرَ النَّاسِ فسمِعْتُ وَئيدِ الأرضِ مِن ورائي فالتفَتُّ فإذا أنا بسعدِ بنِ مُعاذٍ ومعه ابنُ أخيه الحارثُ بنُ أوسٍ يحمِلُ مِجَنَّه فجلَسْتُ إلى الأرضِ فمَرَّ سعدٌ وعليه دِرْعٌ قد خرَجَتْ منها أطرافُه فأنا أتخوَّفُ على أطرافِ سعدٍ وكان مِن أعظَمِ النَّاسِ وأطولِهم قالت : فمَرَّ وهو يرتجِزُ ويقولُ : لبِّثْ قليلًا يُدرِكِ الهَيْجا حَمَلْ ما أحسَنَ الموتَ إذا حان الأجَلْ قالت : فقُمْتُ فاقتحَمْتُ حديقةً فإذا فيها نفَرٌ مِن المُسلِمينَ فيهم عُمَرُ بنُ الخطَّابِ رضِي اللهُ عنه فقال عُمَرُ : وَيْحَكِ ما جاء بكِ لَعَمْرِي واللهِ إنَّكِ لَجريئةٌ ما يُؤمِنُكِ أنْ يكونَ تحوُّزٌ أو بلاءٌ قالت : فما زال يلومُني حتَّى تمنَّيْتُ أنَّ الأرضَ قدِ انشقَّتْ فدخَلْتُ فيها وفيهم رجُلٌ عليه نَصيفةٌ له فرفَع الرَّجُلُ النَّصيفَ عن وجهِه فإذا طلحةُ بنُ عُبَيدِ اللهِ فقال : وَيْحَكَ يا عُمَرُ إنَّكَ قد أكثَرْتَ منذُ اليومِ وأينَ الفِرارُ إلَّا إلى اللهِ ؟ قالت : ورمى سعدًا رجُلٌ مِن المُشرِكينَ يُقالُ له : ابنُ العَرِقَةِ بسَهمٍ قال : خُذْها وأنا ابنُ العَرِقَةِ فأصاب أَكْحَلَه فقطَعها فقال : اللَّهمَّ لا تُمِتْني حتَّى تُقِرَّ عيني مِن قُرَيظةَ وكانوا حلفاءَه ومواليَه في الجاهليَّةِ فبرَأ كَلْمُه وبعَث اللهُ الرِّيحَ على المُشرِكينَ فكفى اللهُ المؤمنينَ القتالَ وكان اللهُ قويًّا عزيزًا ، فلحِق أبو سُفيانَ بتِهامَةَ ولحِق عُيَينةُ ومَن معه بنَجْدٍ ورجَعَتْ بنو قُرَيظةَ فتحصَّنوا بصَياصِيهم فرجَع رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم إلى المدينةِ وأمَر بقُبَّةٍ مِن أَدَمٍ فضُرِبَتْ على سعدٍ في المسجدِ ووضَع السِّلاحَ قالت : فأتاه جِبريلُ فقال : أوَقَدْ وضَعْتَ السِّلاحَ فوَاللهِ ما وضَعَتِ الملائكةُ السِّلاحَ اخرُجْ إلى بني قُرَيظةَ فقاتِلْهم فأمَر رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بالرَّحيلِ ولبِس لَأْمَتَه فخرَج فمَرَّ على بني غُنْمٍ وكانوا جيرانَ المسجِدِ فقال : ( مَن مَرَّ بكم ) ؟ قالوا : مَرَّ بنا دِحْيَةُ الكَلْبيُّ فأتاهم رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فحاصَرهم خمسًا وعشرينَ يومًا فلمَّا اشتَدَّ حَصْرُهم واشتَدَّ البلاءُ عليهم قيل لهم : انزِلوا على حُكْمِ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فاستشاروا أبا لُبابةَ فأشار إليهم : أنَّه الذَّبحُ فقالوا : ننزِلُ على حُكْمِ سعدِ بنِ مُعاذٍ فنزَلوا على حُكْمِ سعدٍ وبعَث رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم إلى سعدٍ فحُمِل على حمارٍ وعليه إِكافٌ مِن لِيفٍ وحَفَّ به قومُه فجعَلوا يقولونَ : يا أبا عمرٍو حلفاؤُك ومواليك وأهلُ النِّكايةِ ومَن علِمْتَ فلا يرجِعُ إليهم قولًا حتَّى إذا دنا مِن ذراريِّهم التفَت إلى قومِه فقال : قد آنَ لسعدٍ ألَّا يُباليَ في اللهِ لومةَ لائمٍ فلمَّا طلَع على رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم : ( قوموا إلى سيِّدِكم فأنزِلوه ) قال عُمَرُ : سيِّدُنا اللهُ قال : ( أنزِلوه ) فأنزَلوه فقال له رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم : ( احكُمْ فيهم ) قال : فإنِّي أحكُمُ فيهم أنْ تُقتَلَ مُقاتِلتُهم وتُسبَى ذراريُّهم وتُقسَمَ أموالُهم قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم : ( لقد حكَمْتَ فيهم بحُكْمِ اللهِ ورسولِه ) ثم دعا اللهَ سعدٌ فقال : اللَّهمَّ إنْ كُنْتَ أبقَيْتَ على نبيِّك صلَّى اللهُ عليه وسلَّم مِن حَرْبِ قُرَيشٍ شيئًا فأبقِني لها وإنْ كُنْتَ قطَعْتَ بَيْنَه وبَيْنَهم فاقبِضْني إليكَ فانفجَر كَلْمُه وكان قد برَأ منه حتَّى ما بقي منه إلَّا مِثْلُ الحِمِّصِ قالت : فرجَع رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ورجَع سعدٌ إلى بيتِه الَّذي ضرَب عليه رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قالت فحضَره رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وأبو بكرٍ وعُمَرُ قالت : فوالَّذي نفسي بيدِه إنِّي لَأعرِفُ بكاءَ أبي بكرٍ مِن بكاءِ عُمَرَ وأنا في حُجرتي وكانوا كما قال اللهُ {رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ} [الفتح: 29] قال عَلْقمةُ : فقُلْتُ : أيْ أُمَّهْ فكيف كان رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يصنَعُ ؟ قالت : كان عيناه لا تدمَعُ على أحَدٍ ولكنَّه إذا وجَد إنَّما هو آخِذٌ بلِحيتِه
خلاصة حكم المحدث : حسن
الراوي : عائشة أم المؤمنين | المحدث : شعيب الأرناؤوط | المصدر : تخريج صحيح ابن حبان
الصفحة أو الرقم : 7028 التخريج : أخرجه ابن حبان (7028) واللفظ له، وأحمد (25097)، وإسحاق في ((مسنده)) (1126) باختلاف يسير.
التصنيف الموضوعي: آداب الدعاء - استجابة الدعاء تفسير آيات - سورة الفتح مغازي - غزوة الخندق مناقب وفضائل - سعد بن معاذ شعر - الحداء والرجز
|أصول الحديث | شرح الحديث

23 - خرَج النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم زمَنَ الحُديبيَةِ في بضعَ عشر مئةً مِن أصحابِه حتَّى إذا كانوا بذي الحُليفةِ قلَّد رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وأشعَر ثمَّ أحرَم بالعمرةِ وبعَث بيْنَ يدَيْهِ عينًا له رجُلًا مِن خُزاعةَ يجيئُه بخبرِ قريشٍ وسار رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم حتَّى إذا كان بغَديرِ الأشطاطِ قريبًا مِن عُسْفانَ أتاه عينُه الخُزاعيُّ فقال: إنِّي ترَكْتُ كعبَ بنَ لُؤيٍّ وعامرَ بنَ لؤيٍّ قد جمَعوا لك الأحابيشَ وجمَعوا لك جموعًا كثيرةً وهم مقاتِلوك وصادُّوك عن البيتِ الحرامِ فقال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ( أشيروا علَيَّ أترَوْنَ أنْ نميلَ إلى ذراريِّ هؤلاء الَّذين أعانوهم فنُصيبَهم فإنْ قعَدوا قعَدوا مَوتورين محزونين وإنْ نجَوْا يكونوا عُنقًا قطَعها اللهُ أم ترَوْنَ أنْ نؤُمَّ البيتَ فمَن صدَّنا عنه قاتَلْناه ) ؟ فقال أبو بكرٍ الصِّدِّيقُ رضوانُ اللهِ عليه: اللهُ ورسولُه أعلمُ يا نبيَّ اللهِ إنَّما جِئْنا مُعتمرينَ ولم نجِئْ لقتالِ أَحدٍ ولكنْ مَن حال بينَنا وبيْنَ البيتِ قاتَلْناه فقال النَّبيُّ ـ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ( فرُوحوا إذًا ) قال الزُّهريُّ في حديثِه: وكان أبو هُريرةَ يقولُ: ما رأَيْتُ أحدًا أكثرَ مشاورةً لأصحابِه مِن رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال الزُّهريُّ في حديثِه عن عُروةَ عن المِسوَرِ ومَروانَ في حديثِهما: فراحوا حتَّى إذا كانوا ببعضِ الطَّريقِ قال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ( إنَّ خالدَ بنَ الوليدِ بالغَميمِ في خيلٍ لقريشٍ طليعةً فخُذوا ذاتَ اليمينِ ) فواللهِ ما شعَر بهم خالدُ بنُ الوليدِ حتَّى إذا هو بقَترةِ الجيشِ فأقبَل يركُضُ نذيرًا لقريشٍ وسار النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم حتَّى إذا كان بالثَّنيَّةِ الَّتي يُهبَطُ عليهم منها فلمَّا انتهى إليها برَكتْ راحلتُه فقال النَّاسُ: حَلْ حَلْ فألحَّتْ فقالوا: خلَأتِ القصواءُ فقال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ( ما خلَأتِ القصواءُ وما ذلك لها بخُلُقٍ ولكنْ حبَسها حابسُ الفيلِ ) ثمَّ قال: ( والَّذي نفسي بيدِه لا يسأَلوني خُطَّةً يُعظِّمون فيها حُرماتِ اللهِ إلَّا أعطَيْتُهم إيَّاها ) ثمَّ زجَرها فوثَبتْ به قال: فعدَل عنهم حتَّى نزَل بأقصى الحُديبيَةِ على ثَمَدٍ قليلِ الماءِ إنَّما يتبَرَّضُه النَّاسُ تبرُّضًا فلم يلبَثْ بالنَّاسِ أنْ نزَحوه فشُكي إلى رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم العطشُ فانتزَع سهمًا مِن كِنانتِه ثمَّ أمَرهم أنْ يجعَلوه فيه قال: فما زال يَجيشُ لهم بالرِّيِّ حتَّى صدَروا عنه: فبينما هم كذلك إذ جاءه بُدَيْلُ بنُ ورقاءَ الخزاعيُّ في نفرٍ مِن قومِه مِن خُزاعةَ وكانت عَيْبَةَ نُصحِ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم مِن أهلِ تِهامةَ فقال: إنِّي ترَكْتُ كعبَ بنَ لؤيٍّ وعامرَ بنَ لؤيٍّ نزَلوا أعدادَ مياهِ الحُديبيَةِ معهم العُوذُ المَطافيلُ وهم مقاتلوك وصادُّوك عن البيتِ الحرامِ فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ( إنَّا لم نجِئْ لقتالِ أَحدٍ ولكنَّا جِئْنا مُعتمرينَ فإنَّ قريشًا قد نهَكَتْهم الحربُ وأضرَّت بهم فإنْ شاؤوا مادَدْتُهم مدَّةً ويُخلُّوا بيني وبيْنَ النَّاسِ فإنْ ظهَرْنا وشاؤوا أنْ يدخُلوا فيما دخَل فيه النَّاسُ فعَلوا وقد جَمُّوا وإنْ هم أبَوْا فوالَّذي نفسي بيدِه لأُقاتِلَنَّهم على أمري هذا حتَّى تنفرِدَ سالفتي أو لَيُبْدِيَنَّ اللهُ أمرَه ) قال بُدَيْلُ بنُ وَرْقاءَ: سأُبلِغُهم ما تقولُ: فانطلَق حتَّى أتى قريشًا فقال: إنَّا قد جِئْناكم مِن عندِ هذا الرَّجُلِ وسمِعْناه يقولُ قولًا فإنْ شِئْتم أنْ نعرِضَه عليكم فعَلْنا فقال سفهاؤُهم: لا حاجةَ لنا في أنْ تُخبِرونا عنه بشيءٍ وقال ذو الرَّأيِ: هاتِ ما سمِعْتَه يقولُ قال: سمِعْتُه يقولُ كذا وكذا فأخبَرْتُهم بما قال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فقام عندَ ذلك أبو مسعودٍ عُروةُ بنُ مسعودٍ الثَّقفيُّ فقال: يا قومِ ألَسْتُم بالولدِ ؟ قالوا: بلى قال: ألَسْتُ بالوالدِ ؟ قالوا: بلى قال: فهل تتَّهموني ؟ قالوا: لا قال: ألَسْتُم تعلَمون أنِّي استنفَرْتُ أهلَ عُكاظٍ فلمَّا بلَّحوا عليَّ جِئْتُكم بأهلي وولَدي ومَن أطاعني ؟ قالوا: بلى قال: فإنَّ هذا امرؤٌ عرَض عليكم خُطَّةَ رُشدٍ فاقبَلوها ودعوني آتِهِ قالوا: ائتِه فأتاه قال: فجعَل يُكلِّمُ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم نحوًا مِن قولِه لبُدَيْلِ بنِ وَرْقاءَ فقال عروةُ بنُ مسعودٍ عندَ ذلك يا محمَّدُ أرأَيْتَ إنِ استأصَلْتَ قومَك هل سمِعْتَ أحدًا مِن العربِ اجتاح أصلَه قبْلَك وإنْ تكُنِ الأخرى فواللهِ إنِّي أرى وجوهًا وأرى أشوابًا مِن النَّاسِ خُلَقاءَ أنْ يفِرُّوا ويدَعوك فقال أبو بكرٍ الصِّدِّيقُ رضوانُ اللهِ عليه: امصُصْ ببَظْرِ اللَّاتِ أنحنُ نفِرُّ وندَعُه ؟ فقال أبو مسعودٍ: مَن هذا ؟ قالوا: أبو بكرِ بنُ أبي قُحافةَ فقال: أمَا والَّذي نفسي بيدِه لولا يدٌ كانت لك عندي لم أَجْزِك بها لأجَبْتُك وجعَل يُكلِّمُ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فكلَّما كلَّمه أخَذ بلِحيتِه والمغيرةُ بنُ شُعبةَ الثَّقفيُّ قائمٌ على رأسِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وعليه السَّيفُ والمِغفَرُ فكلَّما أهوى عُروةُ بيدِه إلى لحيةِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ضرَب يدَه بنَعْلِ السَّيفِ، وقال: أخِّرْ يدَك عن لحيةِ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فرفَع عروةُ رأسَه وقال: مَن هذا ؟ فقالوا: المغيرةُ بنُ شُعبةَ الثَّقفيُّ فقال: أيْ غُدَرُ، أولَسْتُ أسعى في غَدرَتِك وكان المغيرةُ بنُ شُعبةَ صحِب قومًا في الجاهليَّةِ فقتَلهم وأخَذ أموالَهم ثمَّ جاء فأسلَم فقال له النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ( أمَّا الإسلامُ فأقبَلُ وأمَّا المالُ فلَسْتُ منه في شيءٍ ) قال: ثمَّ إنَّ عروةَ جعَل يرمُقُ صحابةَ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بعينِه فواللهِ ما يتنخَّمُ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم نُخامةً إلَّا وقَعتْ في كفِّ رجُلٍ منهم فدلَك بها وجهَه وجِلدَه وإذا أمَرهم انقادوا لأمرِه وإذا توضَّأ كادوا يقتتلون على وَضوئِه وإذا تكلَّم خفَضوا أصواتَهم عندَه وما يُحِدُّون إليه النَّظرَ تعظيمًا له فرجَع عروةُ بنُ مسعودٍ إلى أصحابِه فقال: أيْ قومِ واللهِ لقد وفَدْتُ إلى الملوكِ ووفَدْتُ إلى كسرى وقيصرَ والنَّجاشيِّ واللهِ ما رأَيْتُ ملِكًا قطُّ يُعظِّمُه أصحابُه ما يُعظِّمُ أصحابُ محمَّدٍ محمَّدًا وواللهِ إنْ يتنخَّمُ نُخامةً إلَّا وقَعت في كفِّ رجُلٍ منهم فدلَك بها وجهَه وجِلْدَه وإذا أمَرهم ابتدَروا أمرَه وإذا توضَّأ اقتتلوا على وَضوئِه وإذا تكلَّم خفَضوا أصواتَهم عندَه وما يُحِدُّون إليه النَّظرَ تعظيمًا له وإنَّه قد عرَض عليكم خُطَّةَ رُشدٍ فاقبَلوها فقال رجُلٌ مِن بني كِنانةَ دعوني آتِه فلمَّا أشرَف على النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: هذا فلانٌ مِن قومٍ يُعظِّمون البُدنَ فابعَثوها له قال: فبُعِثَتْ واستقبَله القومُ يُلَبُّون فلمَّا رأى ذلك قال: سُبحانَ اللهِ لا ينبغي لهؤلاء أنْ يُصَدُّوا عن البيتِ فلمَّا رجَع إلى أصحابِه قال: رأَيْتُ البُدْنَ قد قُلِّدتْ وأُشعِرَتْ فما أرى أنْ يُصَدُّوا عن البيتِ فقام رجُلٌ منهم يُقالُ له: مِكرَزٌ فقال: دعوني آتِهِ فقالوا: ائتِه فلمَّا أشرَف عليهم قال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ( هذا مِكرَزٌ وهو رجُلٌ فاجرٌ ) فجعَل يُكلِّمُ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فبينما هو يُكلِّمُه إذ جاءه سُهيلُ بنُ عمرٍو قال مَعْمَرٌ: فأخبَرني أيُّوبُ السَّخْتِيانيُّ عن عِكرمةَ قال: فلمَّا جاء سُهيلٌ قال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ( هذا سُهيلٌ قد سهَّل اللهُ لكم أمرَكم ) قال مَعْمَرٌ في حديثِه عن الزُّهريِّ عن عُروةَ عن المِسوَرِ ومَروانَ: فلمَّا جاء سُهيلٌ قال: هاتِ اكتُبْ بينَنا وبينَكم كتابًا فدعا الكاتبَ فقال: اكتُبْ بِسْمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ فقال سُهيلٌ: أمَّا الرَّحمنُ فلا أدري واللهِ ما هو ولكِنِ اكتُبْ باسمِك اللَّهمَّ ثمَّ قال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ( اكتُبْ هذا ما قاضى عليه محمَّدٌ رسولُ اللهِ ) فقال سُهيلُ بنُ عمرٍو: لو كنَّا نعلَمُ أنَّك رسولُ اللهِ ما صدَدْناك عن البيتِ ولا قاتَلْناك ولكِنِ اكتُبْ: محمَّدُ بنُ عبدِ اللهِ فقال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ( واللهِ إنِّي لَرسولُ اللهِ وإنْ كذَّبْتُموني اكتُبْ محمَّدُ بنُ عبدِ اللهِ ) قال الزُّهريُّ: وذلك لقولِه: لا يسأَلوني خُطَّةً يُعظِّمون فيها حُرماتِ اللهِ إلَّا أعطَيْتُهم إيَّاها وقال في حديثِه عن عُروةَ عنِ المِسوَرِ ومَروانَ فقال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ( على أنْ تُخَلُّوا بينَنا وبيْنَ البيتِ فنطوفَ به فقال سُهيلُ بنُ عمرٍو: إنَّه لا يتحدَّثُ العربُ أنَّا أُخِذْنا ضُغطةً ، ولكِنْ لك مِن العامِ المقبِلِ، فكتَب، فقال سُهيلُ بنُ عمرٍو: على أنَّه لا يأتيك منَّا رجُلٌ وإنْ كان على دِينِك أو يُريدُ دينَك إلَّا ردَدْتَه إلينا فقال المسلِمونَ: سُبحانَ اللهِ كيف يُرَدُّ إلى المشركينَ وقد جاء مسلِمًا فبينما هم على ذلك إذ جاء أبو جَنْدَلِ بنُ سُهيلِ بنِ عمرٍو يرسُفُ في قيودِه قد خرَج مِن أسفلِ مكَّةَ حتى رمى بنفسِه بيْنَ المسلمينَ فقال سُهيلُ بنُ عمرٍو: يا محمَّدُ هذا أوَّلُ مَن نُقاضيك عليه أنْ ترُدَّه إليَّ فقال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: إنَّا لم نُمضِ الكتابَ بعدُ فقال: واللهِ لا أُصالِحُك على شيءٍ أبدًا فقال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ( فأَجِزْه لي ) فقال: ما أنا بمُجيزِه لك قال: فافعَلْ قال: ما أنا بفاعلٍ قال مِكرَزٌ: بل قد أجَزْناه لك فقال أبو جَنْدَلِ بنُ سُهيلِ بنِ عمرٍو: يا معشرَ المسلمينَ أُرَدُّ إلى المشركين وقد جِئْتُ مسلِمًا ألا ترَوْنَ إلى ما قد لقيتُ وكان قد عُذِّب عذابًا شديدًا في اللهِ - فقال عمرُ بنُ الخطَّابِ رضوانُ اللهِ عليه: واللهِ ما شكَكْتُ منذُ أسلَمْتُ إلَّا يومَئذٍ فأتَيْتُ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فقُلْتُ: ألَسْتَ رسولَ اللهِ حقًّا ؟ قال: ( بلى ) قُلْتُ: ألَسْنا على الحقِّ وعدوُّنا على الباطلِ ؟ قال: ( بلى ) قُلْتُ: فلِمَ نُعطي الدَّنيَّةَ في دِيننِا إذًا ؟ قال: ( إنِّي رسولُ اللهِ ولَسْتُ أعصي ربِّي وهو ناصري ) قُلْتُ: أوليسَ كُنْتَ تُحدِّثُنا أنَّا سنأتي البيتَ فنطوفُ به ؟ قال ( بلى فخبَّرْتُك أنَّك تأتيه العامَ ؟ ) قال: لا قال: ( فإنَّك تأتيه فتطوفُ به قال: فأتَيْتُ أبا بكرٍ الصِّدِّيقَ رضوانُ اللهِ عليه فقُلْتُ: يا أبا بكرٍ أليس هذا نبيَّ اللهِ حقًّا ؟ قال: ( بلى ) قُلْتُ: أولَسْنا على الحقِّ وعدوُّنا على الباطلِ ؟ قال: ( بلى ) قُلْتُ: فلِمَ نُعطي الدَّنيَّةَ في دِينِنا إذًا ؟ قال: أيُّها الرَّجلُ إنَّه رسولُ اللهِ وليس يعصي ربَّه وهو ناصرُه فاستمسِكْ بغَرْزِه حتَّى تموتَ فواللهِ إنَّه على الحقِّ قُلْتُ: أوليس كان يُحدِّثُنا أنَّا سنأتي البيتَ ونطوفُ به ؟ قال: بلى قال فأخبَرك أنَّا نأتيه العامَ ؟ قُلْتُ: لا قال: فإنَّك آتيه وتطوفُ به قال عمرُ بنُ الخطَّابِ رضوانُ اللهِ عليه فعمِلْتُ في ذلك أعمالًا - يعني في نقضِ الصَّحيفةِ - فلمَّا فرَغ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم مِن الكتابِ أمَر رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أصحابَه فقال: ( انحَروا الهَدْيَ واحلِقوا ) قال: فواللهِ ما قام رجُلٌ منهم رجاءَ أنْ يُحدِثَ اللهُ أمرًا فلمَّا لم يقُمْ أحَدٌ منهم قام رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فدخَل على أمِّ سلَمةَ فقال: ما لقيتُ مِن النَّاسِ قالت أمُّ سلَمةَ: أوَتُحِبُّ ذاك، اخرُجْ ولا تُكلِّمَنَّ أحدًا منهم كلمةً حتَّى تنحَرَ بُدنَكَ وتدعوَ حالقَك فقام النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فخرَج ولم يُكلِّمْ أحدًا منهم حتَّى نحَر بُدْنَه ثمَّ دعا حالقَه فحلَقه فلمَّا رأى ذلك النَّاسُ جعَل بعضُهم يحلِقُ بعضًا حتَّى كاد بعضُهم يقتُلُ بعضًا قال: ثمَّ جاء نِسوةٌ مؤمناتٌ فأنزَل اللهُ تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ} [الممتحنة: 10] إلى آخِرِ الآيةِ قال: فطلَّق عمرُ رضوانُ اللهِ عليه امرأتينِ كانتا له في الشِّركِ فتزوَّج إحداهما معاويةُ بنُ أبي سُفيانَ والأخرى صفوانُ بنُ أميَّةَ قال: ثمَّ رجَع صلَّى اللهُ عليه وسلَّم إلى المدينةِ فجاءه أبو بَصيرٍ رجُلٌ مِن قريشٍ وهو مسلِمٌ فأرسَلوا في طلبِه رجُلينِ وقالوا: العهدَ الَّذي جعَلْتَ لنا فدفَعه إلى الرَّجُلينِ فخرَجا حتَّى بلَغا به ذا الحليفةِ فنزَلوا يأكُلون مِن تمرٍ لهم فقال أبو بَصيرٍ لأَحدِ الرَّجُلينِ: واللهِ لَأرى سيفَك هذا يا فلانُ جيِّدًا فقال: أجَلْ واللهِ إنَّه لَجيِّدٌ لقد جرَّبْتُ به ثمَّ جرَّبْتُ فقال أبو بَصيرٍ: أَرِني أنظُرْ إليه فأمكَنه منه فضرَبه حتَّى برَد وفرَّ الآخَرُ حتَّى أتى المدينةَ فدخَل المسجدَ يعدو فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: لقد رأى هذا ذُعْرًا فلمَّا انتهى إلى النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: قُتِل واللهِ صاحبي وإنِّي لَمقتولٌ فجاء أبو بَصيرٍ فقال: يا نبيَّ اللهِ قد واللهِ أوفى اللهُ ذمَّتَك قد ردَدْتَني إليهم ثمَّ أنجاني اللهُ منهم فقال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ويلُ امِّه لو كان معه أحَدٌ فلمَّا سمِع بذلك عرَف أنَّه سيرُدُّه إليهم مرَّةً أخرى فخرَج حتَّى أتى سِيفَ البحرِ قال: وتفلَّت منهم أبو جَنْدَلِ بنُ سُهيلِ بنِ عمرٍو فلحِق بأبي بَصيرٍ فجعَل لا يخرُجُ مِن قريشٍ رجُلٌ أسلَم إلَّا لحِق بأبي بَصيرٍ حتَّى اجتمَعت منهم عصابةٌ قال: فواللهِ ما يسمَعون بِعِيرٍ خرَجتْ لقريشٍ إلى الشَّامِ إلَّا اعترَضوا لها فقتَلوهم وأخَذوا أموالَهم فأرسَلتْ قريشٌ إلى النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم تُناشِدُه اللهَ والرَّحِمَ لَمَا أرسَل إليهم ممَّن أتاه فهو آمِنٌ فأرسَل النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم إليهم فأنزَل اللهُ جلَّ وعلا: {وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُمْ بِبَطْنِ مَكَّةَ} [الفتح: 24] حتَّى بلَغ {حَمِيَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ} [الفتح: 26] وكانت حميَّتُهم أنَّهم لم يُقِرُّوا أنَّه نبيُّ اللهِ ولم يُقِرُّوا ببِسْمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ

24 - أنَّ عمرَ بنَ الخطَّابِ رضوانُ اللهِ عليه قال للهُرمُزانِ: أمَا إذ فُتَّني بنفسِك فانصَحْ لي وذلك أنَّه قال له: تكلَّم لا بأسَ، فأمَّنه، فقال الهُرمُزانُ: نَعم، إنَّ فارسَ اليومَ رأسٌ وجَناحانِ قال: فأين الرَّأسُ قال: بنَهَاوَنْدَ مع بنذاذقانَ فإنَّ معه أَساورةَ كسرى وأهلَ أصفهانَ قال: فأين الجَناحانِ فذكَر الهُرمُزانُ مكانًا نسيتُه فقال الهُرمزانُ: فاقطَعِ الجَناحينِ توهِنِ الرَّأسَ فقال له عمرُ رضوانُ اللهِ عليه: كذَبْتَ يا عدوَّ اللهِ، بل أعمِدُ إلى الرَّأسِ فيقطَعُه اللهُ وإذا قطَعه اللهُ عنِّي انفضَّ عنِّي الجَناحانِ فأراد عمرُ أنْ يسيرَ إليه بنفسِه فقالوا: نُذكِّرُك اللهَ يا أميرَ المؤمنينَ أنْ تسيرَ بنفسِك إلى العَجمِ فإنْ أُصِبْتَ بها لم يكُنْ للمسلمينَ نظامٌ ولكنِ ابعَثِ الجنودَ قال: فبعَث أهلَ المدينةِ وبعَث فيهم عبدَ اللهِ بنَ عمرَ بنِ الخطَّابِ وبعَث المُهاجرين والأنصارَ وكتَب إلى أبي موسى الأشعريِّ: أنْ سِرْ بأهلِ البَصرةِ وكتَب إلى حُذيفةَ بنِ اليَمانِ: أنْ سِرْ بأهلِ الكوفةِ حتَّى تجتمعوا جميعًا بنَهاوَنْدَ فإذا اجتمَعْتُم فأميرُكم النُّعمانُ بنُ مُقرِّنٍ المُزنيُّ قال: فلمَّا اجتمَعوا بنَهَاوَنْدَ جميعًا أرسَل إليهم بنذاذقانُ العِلْجُ: أنْ أرسِلوا إلينا يا معشرَ العربِ رجلًا منكم نُكلِّمْه فاختار النَّاسُ المغيرةَ بنَ شُعبةَ قال أبي: فكأنِّي أنظُرُ إليه، رجلٌ طويلٌ، أشعَرُ أعورُ فأتاه فلمَّا رجَع إلينا سأَلْناه فقال لنا: إنِّي وجَدْتُ العِلْجَ قد استشار أصحابَه: في أيِّ شيءٍ تأذَنون لهذا العربيِّ أَبِشَارَتِنا وبهجتِنا ومُلكِنا أو نتقشَّفُ له فنُزهِّدُه عمَّا في أيدينا فقالوا: بل نأذَنُ له بأفضلِ ما يكونُ مِن الشَّارةِ والعُدَّةِ فلمَّا أتَيْتُهم رأَيْتُ تلك الحِرابَ والدَّرَقَ يلتَمِعُ معه البصرُ ورأَيْتُهم قيامًا على رأسِه وإذا هو على سريرٍ مِن ذهبٍ وعلى رأسِه التَّاجُ فمضَيْتُ كما أنا ونكَسْتُ رأسي لأقعُدَ معه على السَّريرِ قال: فدُفِعْتُ ونُهِرْتُ فقُلْتُ: إنَّ الرُّسلَ لا يُفعَلُ بهم هذا فقالوا لي: إنَّما أنتَ كلبٌ أتقعُدُ مع الملِكِ ؟ فقُلْتُ: لَأنا أشرَفُ في قومي مِن هذا فيكم قال: فانتهَرني وقال: اجلِسْ فجلَسْتُ فتُرجِم لي قولُه فقال: يا معشرَ العربِ إنَّكم كُنْتُم أطولَ النَّاسِ جوعًا وأعظَمَ النَّاسِ شقاءً وأقذرَ النَّاسِ قذرًا وأبعدَ النَّاسِ دارًا وأبعدَه مِن كلِّ خيرٍ وما كان منَعني أنْ آمُرَ هؤلاءِ الأَساورةَ حولي أنْ ينتظِموكم بالنُّشَّابِ إلَّا تنجُّسًا بجيفِكم لأنَّكم أرجاسٌ فإنْ تذهَبوا نُخلِّي عنكم وإنْ تأبَوْا نُرِكم مصارعَكم قال المغيرةُ: فحمِدْتُ اللهَ وأثنَيْتُ عليه وقُلْتُ: واللهِ ما أخطَأْتَ مِن صِفتِنا ونعتِنا شيئًا إنْ كنَّا لَأبعدَ النَّاسِ دارًا وأشدَّ النَّاسِ جوعًا وأعظمَ النَّاسِ شقاءً وأبعدَ النَّاسِ مِن كلِّ خيرٍ حتَّى بعَث اللهُ إلينا رسولًا فوعَدَنا النَّصرَ في الدُّنيا والجنَّةَ في الآخرةِ فلم نزَلْ نتعرَّفُ مِن ربِّنا مُذْ جاءنا رسولُه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم الفَلْجَ والنَّصرَ حتَّى أتَيْناكم وإنَّا واللهِ نرى لكم مُلكًا وعيشًا لا نرجِعُ إلى ذلك الشَّقاءِ أبدًا حتَّى نغلِبَكم على ما في أيديكم أو نُقتَلَ في أرضِكم فقال: أمَّا الأعورُ فقد صدَقكم الَّذي في نفسِه فقُمْتُ مِن عندِه وقد واللهِ أرعَبْتُ العِلْجَ جُهدي فأرسَل إلينا العِلْجُ: إمَّا أنْ تعبُروا إلينا بنَهاوَنْدَ وإمَّا أنْ نعبُرَ إليكم فقال النُّعمانُ: اعبُروا، فعبَرْنا قال أبي: فلم أرَ كاليومِ قطُّ إنَّ العلوجَ يجيئون كأنَّهم جبالُ الحديدِ وقد تواثَقوا ألَّا يفِرُّوا مِن العربِ وقد قُرِن بعضُهم إلى بعضٍ حتَّى كان سبعةٌ في قِرانٍ وألقَوْا حَسَكَ الحديدِ خَلْفَهم وقالوا: مَن فرَّ منَّا عقَره حَسَكُ الحديدِ، فقال المغيرةُ بنُ شُعبةَ حينَ رأى كثرتَهم: لم أرَ كاليومِ فشَلًا، إنَّ عدوَّنا يُترَكون أنْ يتتامُّوا فلا يُعجَلوا أمَا واللهِ لو أنَّ الأمرَ إليَّ لقد أعجَلْتُهم به قال: وكان النُّعمانُ رجلًا بكَّاءً فقال: قد كان اللهُ جلَّ وعلا يُشهِدُك أمثالَها فلا يُخزيك ولا يُعرِّي موقفَك وإنَّه واللهِ ما منَعني أنْ أُناجِزَهم إلَّا لشيءٍ شهِدْتُه مِن رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم إنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم كان إذا غزا فلم يُقاتِلْ أوَّلَ النَّهارِ لم يعجَلْ حتَّى تحضُرَ الصَّلواتُ وتهُبَّ الأرواحُ ويطيبَ القتالُ ثمَّ قال النُّعمانُ: اللَّهمَّ إنِّي أسأَلُك أنْ تُقِرَّ عيني اليومَ بفتحٍ يكونُ فيه عزُّ الإسلامِ وأهلِه وذلُّ الكفرِ وأهلِه ثمَّ اختِمْ لي على إثرِ ذلك بالشَّهادةِ ثمَّ قال: أمِّنوا يرحَمْكم اللهُ فأمَّنَّا وبكى وبكَيْنا ثمَّ قال النُّعمانُّ: إنِّي هازٌّ لوائي فتيسَّروا للسِّلاحِ ثمَّ هازُّه الثَّانيةَ فكونوا متيسِّرينَ لقتالِ عدوِّكم بإزائِهم فإذا هزَزْتُه الثَّالثةَ فلْيحمِلْ كلُّ قومٍ على مَن يليهم مِن عدوِّكم على بركةِ اللهِ قال: فلمَّا حضَرتِ الصَّلاةُ وهبَّتِ الأرواحُ كبَّر وكبَّرْنا وقال: ريحُ الفتحِ واللهِ إنْ شاء اللهُ وإنِّي لَأرجو أنْ يستجيبَ اللهُ لي وأنْ يفتَحَ علينا فهزَّ اللِّواءَ فتيسَّروا ثمَّ هزَّه الثَّانيةَ ثمَّ هزَّه الثَّالثةَ فحمَلْنا جميعًا كلُّ قومٍ على مَن يليهم وقال النُّعمانُ: إنْ أنا أُصِبْتُ فعلى النَّاسِ حُذيفةُ بنُ اليمانِ فإنْ أُصيب حُذيفةُ ففُلانٌ فإنْ أُصيب فلانٌ ففلانٌ حتَّى عدَّ سبعةً آخرُهم المغيرةُ بنُ شعبةَ قال أبي: فواللهِ ما علِمْتُ مِن المسلمينَ أحدًا يُحِبُّ أنْ يرجِعَ إلى أهلِه حتَّى يُقتَلَ أو يظفَرَ وثبَتوا لنا فلم نسمَعْ إلَّا وَقْعَ الحديدِ على الحديدِ حتَّى أُصيب في المسلمينَ مُصابةٌ عظيمةٌ فلمَّا رأَوْا صبرَنا ورأَوْنا لا نُريدُ أنْ نرجِعَ انهزَموا فجعَل يقَعُ الرَّجلُ فيقَعُ عليه سبعةٌ في قِرانٍ فيُقتَلون جيمعًا وجعَل يعقِرُهم حَسَكُ الحديدِ خَلْفَهم فقال النُّعمانُ: قدِّموا اللِّواءَ فجعَلْنا نُقدِّمُ اللِّواءَ فنقتُلُهم ونضرِبُهم فلمَّا رأى النُّعمانُ أنَّ اللهَ قد استجاب له ورأى الفتحَ جاءته نُشَّابةٌ فأصابت خاصرتَه فقتَلتْه فجاء أخوه مَعقِلُ بنُ مُقرِّنٍ فسجَّى عليه ثوبًا وأخَذ اللِّواءَ فتقدَّم به ثمَّ قال: تقدَّموا رحِمكم اللهُ فجعَلْنا نتقدَّمُ فنهزِمُهم ونقتُلُهم فلمَّا فرَغْنا واجتمَع النَّاسُ قالوا: أين الأميرُ ؟ فقال مَعقِلٌ: هذا أميرُكم قد أقرَّ اللهُ عينَه بالفتحِ وختَم له بالشَّهادةِ فبايَع النَّاسُ حُذيفةَ بنَ اليَمانِ قال: وكان عمرُ رضوانُ اللهِ عليه بالمدينةِ يدعو اللهَ وينتظرُ مثلَ صيحةِ الحُبْلى فكتَب حُذيفةُ إلى عمرَ بالفتحِ مع رجُلٍ مِن المسلمينَ فلمَّا قدِم عليه قال: أبشِرْ يا أميرَ المؤمنينَ بفتحٍ أعزَّ اللهُ فيه الإسلامَ وأهلَه وأذلَّ فيه الشِّرْكَ وأهلَه وقال: النُّعمانُ بعَثك ؟ قال: احتسِبِ النُّعمانَ يا أميرَ المؤمنينَ فبكى عمرُ واسترجَع قال: ومَن ويحَكَ ؟ فقال: فلانٌ وفلانٌ وفلانٌ حتَّى عدَّ ناسًا ثمَّ قال: وآخَرينَ يا أميرَ المؤمنين لا تعرِفُهم فقال عمرُ رضوانُ اللهِ عليه وهو يبكي: لا يضُرُّهم ألَّا يعرِفَهم عمرُ لكنَّ اللهَ يعرِفُهم

25 - لم أتخلَّفْ عن النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في غزوةٍ غزاها حتَّى كانت غزوةُ تبوكَ إلَّا بدر، ولم يُعاتِبِ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أحدًا تخلَّف عن بدرٍ إنَّما خرَج النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يُريدُ العيرَ وخرَجَت قريشٌ مُغيثينَ لعيرِهم فالتقَوا على غيرِ موعدٍ كما قال اللهُ ولعَمْري إنَّ أشرفَ مشاهدِ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في النَّاسِ لَبدرٌ وما أُحِبُّ أنِّي كُنْتُ شهِدْتُها مكانَ بيعتي ليلةَ العَقبةِ حينَ تواثَقْنا على الإسلامِ ولم أتخلَّفْ بعدُ عن النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في غزوةٍ غزاها حتَّى كانت غزوةُ تبوكَ وهي آخِرُ غزوةٍ غزاها، آذَن النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم [ النَّاسَ ] بالرَّحيلِ وأراد أنْ يتأهَّبوا أُهبةَ غزوِهم وذلك حين طاب الظِّلالُ وطابتِ الثِّمارُ وكان قلَّما أراد غزوةً إلَّا ورَّى غيرَها وكان يقولُ: ( الحربُ خَدْعةٌ ) فأراد النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في غزوةِ تبوكَ أنْ يتأهَّبَ النَّاسُ أُهبَتَه وأنا أيسَرُ ما كُنْتُ قد جمَعْتُ راحلتينِ لي فلم أزَلْ كذلك حتَّى قام النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم غاديًا بالغداةِ وذلك يومَ الخميسِ ـ وكان يُحِبُّ أنْ يخرُجَ يومَ الخميسِ ـ فأصبَح غاديًا فقُلْتُ: أنطلِقُ إلى السُّوقِ وأشتري جَهازي ثمَّ ألحَقُ بها فانطلَقْتُ إلى السُّوقِ مِن الغدِ فعسُر علَيَّ بعضُ شأني فرجَعْتُ فقُلْتُ: أرجِعُ غدًا إنْ شاء اللهُ فألحَقُ بهم فعسُر علَيَّ بعضُ شأني أيضًا فلم أزَلْ كذلك حتَّى لبَّس بي الذَّنبُ وتخلَّفْتُ عن النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فجعَلْتُ أمشي في الأسواقِ وأطرافِ المدنيةِ فيُحزِنُني ألَّا أرى أحدًا تخلَّف عن رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم إلَّا رجلًا مغموصًا عليه في النِّفاقِ وكان ليس أحدٌ تخلَّف إلَّا أرى ذلك سيَخفى له وكان النَّاسُ كثيرًا لا يجمَعُهم ديوانٌ وكان جميعُ مَن تخلَّف عن النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بضعةً وثمانينَ رجلًا ولم يذكُرْني النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم حتَّى بلَغ تبوكًا فلمَّا بلَغ تبوكًا قال: ( ما فعَل كعبُ بنُ مالكٍ ) ؟ فقال رجلٌ مِن قومي: خلَّفه يا رسولَ اللهِ بُرداهُ والنَّظرُ في عِطْفَيه فقال معاذُ بنُ جبلٍ: بئس ما قُلْتَ واللهِ يا نبيَّ اللهِ ما نعلَمُ إلَّا خيرًا قال: فبَيْنا هم كذلك إذا رجلٌ يزولُ به السَّرابُ فقال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ( كُنْ أبا خَيثمةَ ) فإذا هو أبو خَيثمةَ فلمَّا قضى رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم غزوةَ تبوكٍ وقفَل ودنا مِن المدينةِ جعَلْتُ أتذكَّرُ ماذا أخرُجُ به مِن سخَطِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وأستعينُ على ذلك بكلِّ ذي رأيٍ مِن أهلِ بيتي حتَّى إذا قيل: النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم مُصبِّحُكم بالغداةِ راح عنِّي الباطلُ وعرَفْتُ أنِّي لا أنجو إلَّا بالصِّدْقِ فدخَل النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ضُحًى فصلَّى في المسجدِ ركعتينِ ـ وكان إذا قدِم مِن سفرٍ فعَل ذلك: دخَل المسجدَ فصلَّى فيه ركعتينِ ثمَّ جلَس ـ فجعَل يأتيه مَن تخلَّف فيحلِفون له ويعتذِرون إليه فيستغفرُ لهم ويقبَلُ علانيتَهم ويكِلُ سرائرَهم إلى اللهِ فدخَلْتُ المسجدَ فإذا هو جالسٌ فلمَّا رآني تبسَّم تبسُّمَ المُغضَبِ فجِئْتُ فجلَسْتُ بينَ يدَيهِ فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ( ألم تكُنِ ابتَعْتَ ظَهرًا ) ؟ قُلْتُ: بلى يا نبيَّ اللهِ فقال ( ما خلَّفك عنِّي ) ؟ فقُلْتُ: واللهِ لو بينَ يدَيْ أحَدٍ مِن النَّاسِ غيرِك جلَسْتُ لخرَجْتُ مِن سخَطِه عليَّ بعُذْرٍ ولقد أوتيتُ جدَلًا ولكنِّي قد علِمْتُ ـ يا نبيَّ اللهِ ـ أنِّي إنْ حدَّثْتُك اليومَ بقولٍ تجِدُ عليَّ فيه وهو حقٌّ فإنِّي أرجو فيه عقبى اللهِ وإنْ حدَّثْتُك اليومَ بحديثٍ ترضى عنِّي فيه وهو كذِبٌ أوشَك أنْ يُطلِعَك اللهُ علَيَّ واللهِ يا نبيَّ اللهِ ما كُنْتُ قطُّ أيسَرَ ولا أخفَّ حاذًا منِّي حيثُ تخلَّفْتُ عليك فقال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ( أمَّا هذا فقد صدَقكم الحديثَ قُمْ حتَّى يقضيَ اللهُ فيك) فقُمْتُ فثار على أثري ناسٌ مِن قومي يؤنِّبونَني فقالوا: واللهِ ما نعلَمُك أذنَبْتَ ذنبًا قطُّ قبْلَ هذا فهلَّا اعتذَرْتَ إلى رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بعُذْرٍ يرضاه عنك فيه وكان استغفارُ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم سيأتي مِن وراءِ ذلك ولم تقِفْ موقفًا لا ندري ماذا يُقضى لك فيه فلم يزالوا يؤنِّبونَني حتَّى همَمْتُ أنْ أرجِعَ فأُكذِّبَ نفسي فقُلْتُ: هل قال هذا القولَ أحدٌ غيري ؟ قالوا: نَعم قاله هلالُ بنُ أُميَّةَ ومُرارةُ بنُ ربيعةَ فذكَروا رجلينِ صالحينِ شهِدا بدرًا لي فيهما أُسوةٌ فقُلْتُ: واللهِ لا أرجِعُ إليه في هذا أبدًا ولا أُكذِّبُ نفسي ونهى النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم عن كلامِنا أيُّها الثَّلاثةُ فجعَلْتُ أخرُجُ إلى السُّوقِ ولا يُكلِّمُني أحدٌ وتنكَّر لنا النَّاسُ حتَّى ما هم بالَّذينَ نعرِفُ وتنكَّر لنا الحيطانُ حتَّى ما هي بالحيطانِ الَّتي نعرِفُ وتنكَّرَت لنا الأرضُ حتَّى ما هي بالأرضِ الَّتي نعرِفُ وكُنْتُ أقوى أصحابي فكُنْتُ أخرُجُ فأطوفُ في الأسواقِ فآتي المسجدَ وآتي النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فأُسلِّمُ عليه وأقولُ: هل حرَّك شفَتَيهِ بالسَّلامِ فإذا قُمْتُ أُصلِّي إلى ساريةٍ وأقبَلْتُ على صلاتي نظَر إليَّ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بمؤخِرِ عينَيْه وإذا نظَرْتُ إليه أعرَض عنِّي واشتكى صاحباي فجعَلا يبكيانِ اللَّيلَ والنَّهارَ ولا يُطلِعانِ رؤوسَهما قال: فبَيْنا أنا أطوفُ في الأسواقِ إذا رجلٌ نصرانيٌّ قد جاء بطعامٍ له يبيعُه يقولُ: مَن يدُلُّ على كعبِ بنِ مالكٍ فطفِق النَّاسُ يُشيرونَ له إليَّ فأتاني وأتى بصحيفةٍ مِن ملِكِ غسَّانَ فإذا فيها: أمَّا بعدُ فإنَّه بلَغني أنَّ صاحبَك قد جفاك وأقصاك ولسْتَ بدارِ هوانٍ ولا مَضيعةٍ فالحَقْ بنا نواسِكَ فقُلْتُ: هذا أيضًا مِن البلاءِ فسجَرْتُ لها التَّنُّورَ فأحرَقْتُها فيه فلمَّا مضَت أربعونَ ليلةً إذا رسولٌ مِن النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قد أتاني فقال: اعتزِلِ امرأتَك فقُلْتُ: أُطلِّقُها ؟ قال: لا ولكنْ لا تقرَبْها فجاءَتِ امرأةُ هلالِ بنِ أميَّةَ فقالت: يا نبيَّ اللهِ إنَّ هلالَ بنَ أميَّةَ شيخٌ ضعيفٌ فهل تأذَنُ لي أنْ أخدُمَه قال: ( نَعم ولكنْ لا يقرَبَنَّكِ ) قالت: يا نبيَّ اللهِ ما به حركةٌ لشيءٍ ما زال متَّكئًا يبكي اللَّيلَ والنَّهارَ مُذْ كان مِن أمرِه ما كان قال كعبٌ: فلمَّا طال علَيَّ البلاءُ اقتحَمْتُ على أبي قتادةَ حائطَه ـ وهو ابنُ عمِّي ـ فسلَّمْتُ عليه فلم يرُدَّ علَيَّ فقُلْتُ: أنشُدُكَ اللهَ يا أبا قتادةَ أتعلَمُ أنِّي أحب الله ورسوله ؟ فسكَت فقُلْتُ: أنشُدُك اللهَ يا أبا قتادةَ أتعلَمُ أنِّي أُحِبُّ اللهَ ورسولَه ؟ فسكَت فقُلْتُ: أنشُدُك اللهَ يا أبا قتادةَ أتعلَمُ أنِّي أُحِبُّ اللهَ ورسولَه فقال: اللهُ ورسولُه أعلَمُ قال: فلم أملِكْ نفسي أنْ بكَيْتُ ثمَّ اقتحَمْتُ الحائطَ خارجًا حتَّى إذا مضَتْ خمسونَ ليلةً مِن حينِ نهى النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم عن كلامِنا صلَّيْتُ على ظهرِ بيتٍ لنا صلاةَ الفجرِ وأنا في المنزلةِ الَّتي قال اللهُ: قد ضاقَت علينا الأرضُ بما رحُبَت وضاقت علينا أنفسُنا إذ سمِعْتُ نداءً مِن ذِروةِ سَلْعٍ أنْ أبشِرْ يا كعبُ بنَ مالكٍ فخرجت ساجدًا وعرَفْتُ أنَّ اللهَ قد جاءنا بالفرَجِ ثمَّ جاء رجلٌ يركُضُ على فرسٍ يُبشِّرُني فكان الصَّوتُ أسرَعَ مِن فرسِه فأعطَيْتُه ثوبيَّ بشارةً ولبِسْتُ ثوبينِ آخَرينِ وكانت توبتُنا نزَلت على النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ثُلُثَ اللَّيلِ فقالت أمُّ سلَمةَ: يا نبيَّ اللهِ ألا نُبشِّرُ كعبَ بنَ مالكٍ فقال: ( إذًا يحطِمُكم النَّاسُ ويمَنعونَكم النَّومَ سائرَ اللَّيلةِ ) قال: وكانت أمُّ سلَمةَ محسنةً في شأني تُخبِرُني بأمري فانطلَقْتُ إلى النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فإذا هو جالسٌ في المسجدِ وحولَه المسلمونَ وهو يستنيرُ كاستنارِ القمرِ وكان إذا سُرَّ بالأمرِ استنار فجِئْتُ فجلَسْتُ بينَ يدَيْهِ فقال: ( يا كعبُ بنَ مالكٍ أبشِرْ بخيرِ يومٍ أتى عليك منذُ ولدَتْك أمُّك ) قال: فقُلْتُ: يا نبيَّ اللهِ أمِن عندِ اللهِ أم مِن عندِك ؟ قال: ( بل مِن عندِ اللهِ ) ثمَّ تلا عليهم: {لَقَدْ تَابَ اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ} [التوبة: 117] حتَّى بلَغ {هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ} [التوبة: 118] قال: وفينا نزَلت {اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ} [التوبة: 119] قال: فقُلْتُ: يا نبيَّ اللهِ إنَّ مِن توبتي أنِّي لا أُحدِّثُ إلَّا صدقًا وأنْ أنخلَعَ مِن مالي كلِّه صدقةً إلى اللهِ وإلى رسولِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فقال ( أمسِكْ عليك بعضَ مالِك فهو خيرٌ لك ) قال: فقُلْتُ: فإنِّي أُمسِكُ سهمي الَّذي بخيبرَ قال: فما أنعَمَ اللهُ علَيَّ مِن نعمةٍ بعدَ الإسلامِ أعظَمَ في نفسي مِن صدقي رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم حينَ صدَقْتُه أنا وصاحباي ألَّا نكونَ كذَبْنا فهلَكْنا كما هلَكوا، وما تعمَّدْتُ لكذبةٍ بعدُ وإنِّي لأرجو أنْ يحفَظَني اللهُ فيما بقي قال الزُّهريُّ: فهذا ما انتهى إلينا مِن حديثِ كعبِ بنِ مالكٍ
خلاصة حكم المحدث : صحيح
الراوي : كعب بن مالك | المحدث : شعيب الأرناؤوط | المصدر : تخريج صحيح ابن حبان
الصفحة أو الرقم : 3370 التخريج : أخرجه ابن حبان (3370) واللفظ له، والبخاري (4418)، ومسلم (2769) باختلاف يسير.
التصنيف الموضوعي: آفات اللسان - الكذب وما جاء فيه توبة - توبة كعب وصاحبيه جهاد - الحرب خدعة مغازي - غزوة بدر مغازي - غزوة تبوك
| أحاديث مشابهة |أصول الحديث | شرح حديث مشابه

26 - حينَ قال لها أهلُ الإفكِ ما قالوا فبرَّأها اللهُ، وكلٌّ حدَّثني بطائفةٍ مِن الحديثِ، وبعضُهم أوعى لحديثِها مِن بعضٍ وأسَدُّ اقتصاصًا، وقد وعَيْتُ مِن كلِّ واحدٍ الحديثَ الَّذي حدَّثني به، وبعضُهم يُصدِّقُ بعضًا، ذكَروا أنَّ عائشةَ قالت: كان رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم إذا أراد أنْ يخرُجَ سفرًا أقرَع بينَ نسائِه فأيَّتُهنَّ خرَج سهمُها خرَج بها رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم معه، قالت: فأقرَع بينَنا في غزوةٍ غزاها فخرَج سهمي فخرَجْنا مع رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وذلك بعدَ أنْ أُنزِل الحجابُ فأنا أُحمَلُ في هَودجي وأنزِلُ فيه مسيرَنا حتَّى إذا فرَغ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم مِن غزوتِه تلك وقفَل ودنَوْنا مِن المدينةِ آذَن بالرَّحيلِ ليلةً فقُمْتُ [ حينَ آذَنوا ] في الرَّحيلِ، فمشَيْتُ حتَّى جاوَزْتُ الجيشَ فلمَّا قضَيْتُ شأني رجَعْتُ فلمَسْتُ صدري فإذا عِقدٌ مِن جَزْعِ ظَفارِ قد وقَع فرجَعْتُ فالتمَسْتُ عِقدي فحبَسني ابتغاؤُه وأقبَل الرَّهطُ الَّذينَ يرحَلونَ لرسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فحمَلوا هَودجي ورحَلوه على البعيرِ الَّذي كُنْتُ أركَبُ وهم يحسَبون أنِّي فيه قالت عائشةُ: وكان النِّساءُ إذ ذاك خِفافًا لم يغشَهنَّ اللَّحمُ فرحَلوه ورفَعوه فلمَّا بعَثوا وسار الجيشُ وجَدْتُ عِقدي بعدَما استمرَّ الجيشُ فجِئْتُ منازلَهم وليس بها داعي ولا مجيبٌ، فأقَمْتُ منزلي الَّذي كُنْتُ فيه فبَيْنا أنا جالسةٌ غلَبتْني عيني فنِمْتُ وكان صفوانُ بنُ المعطَّلِ السُّلَميُّ ثمَّ الذَّكوانيُّ عرَّس فأدلَج فأصبَح عندَ منزلي فرأى سوادَ إنسانٍ فعرَفني حينَ رآني وكان رآني قبْلَ أنْ ينزِلَ الحجابُ فاستيقَظْتُ باسترجاعِه حينَ عرَفني فخمَّرْتُ وجهي بجلبابي واللهِ ما كلَّمني بكلمةٍ ولا سمِعْتُ منه كلمةً غيرَ استرجاعِه حتَّى أناخ راحلتَه فوطِئ على يدِها فركِبْتُه ثمَّ انطلَق يقودُ بي الرَّاحلةَ حتَّى أتَيْنا الجيشَ بعدَما نزَلوا موغِرينَ في نحرِ الظَّهيرةِ فهلَك في شأني مَن هلَك، وكان الَّذي تولَّى كِبْرَه منهم عبدُ اللهِ بنُ أُبَيِّ ابنِ سلولٍ فقدِمْتُ المدينةَ فاشتكَيْتُ حينَ قدِمْتُها شهرًا والنَّاسُ يُفيضونَ في قولِ أهلِ الإفكِ ولا أشعُرُ بشيءٍ مِن ذلك وهو يُريبُني مِن رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم؛ لأنِّي لا أرى منه اللُّطفَ الَّذي كُنْتُ أراه منه حينَ أشتكي إنَّما يدخُلُ عليَّ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فيقولُ: ( كيف تِيكُم ؟ ) فيُريبُني ذلك ولا أشعُرُ حتَّى خرَجْتُ بعدَما نقَهْتُ مِن مرَضي ومعي أمُّ مِسطَحٍ قِبَلَ المَناصِعِ وهي مُتبرَّزُنا ولا نخرُجُ إلَّا ليلًا إلى ليلٍ وذلك أنَّا نكرَهُ أنْ نتَّخذَ الكُنُفَ قريبًا مِن بيوتِنا، وأمرُنا أمرُ العربِ الأُوَلِ في التَّبرُّزِ، وكنَّا نتأذَّى بالكُنُفِ قُرْبَ بيوتِنا فانطلَقْتُ ومعي أمُّ مِسطَحٍ وهي بنتُ أبي رُهمِ بنِ المطَّلبِ بنِ عبدِ منافٍ، وأمُّها بنتُ صخرِ بنِ عامرٍ خالةِ أبي بكرٍ الصِّدِّيقِ، وابنُها مِسطَحُ بنُ أُثاثةَ بنِ عبَّادِ بنِ المطَّلبِ، فأقبَلْنا حينَ فرَغْنا مِن شأنِنا لنأتيَ البيتَ فعثَرتْ أمُّ مِسطَحٍ في مِرطِها فقالت: تعِس مِسطَحٌ فقُلْتُ لها: بئس ما قُلْتِ، أتسُبِّينَ رجلًا قد شهِد بدرًا ؟! فقالت: أيْ هَنتاه، أوَلم تسمَعي ما قال ؟ قُلْتُ: وما قال فأخبَرتْني بقولِ أهلِ الإفكِ فازدَدْتُ مرضًا إلى مرَضي ورجَعْتُ إلى بيتي فدخَل عليَّ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فسلَّم ثمَّ قال: ( كيف تِيكُم ؟ ) فقُلْتُ: أتأذَنُ لي أنْ آتيَ أبوَيَّ ؟ وأنا حينَئذٍ أُريدُ أنْ أتيقَّنَ الخبَرَ مِن قِبَلِهما فأذِن لي رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فجِئْتُ أبويَّ فقُلْتُ لأمِّي: يا أمَّتاه ما يتَّحدثُ النَّاسُ ؟ قالت: أيْ بنيَّةُ هوِّني عليكِ فواللهِ لَقَلَّ امرأةٌ وضيئةٌ كانت عندَ رجلٍ يُحِبُّها ولها ضرائرُ إلَّا أكثَرْنَ عليها قالت: فقُلْتُ: سبحانَ اللهِ أوَتحدَّث النَّاسُ بذلك ؟ ! قالت: فمكَثْتُ تلك اللَّيلةَ لا يرقَأُ لي دمعٌ ولا أكتحِلُ بنومٍ ، أُصبِحُ وأبكي ودعا رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم عليَّ بنَ أبي طالبٍ وأسامةَ بنَ زيدٍ وهو حينَئذٍ يُريدُ أنْ يستشيرَهما في فِراقِ أهلِه وذلك حينَ استَلْبَث الوحيُ فأمَّا أسامةُ بنُ زيدٍ فأشار على رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بالَّذي يعلَمُ مِن براءةِ أهلِه وما له في نفسِه لهم مِن الوُدِّ فقال: هم أهلُك ولا نعلَمُ إلَّا خيرًا وأمَّا عليُّ بنُ أبي طالبٍ رضوانُ اللهِ عليه فقال: لم يُضيِّقِ اللهُ عليك والنِّساءُ سواها كثيرٌ وإنْ تسأَلِ الجاريةَ تصدُقْكَ قالت: فدعا رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بَريرةَ فقال: ( أيْ بَريرةُ، هل رأَيْتِ مِن عائشةَ شيئًا يُريبُكِ ؟ ) قالت بَريرةُ: يا رسولَ اللهِ والَّذي بعَثك بالحقِّ ما رأَيْتُ عليها أمرًا قطُّ أغمضه عليها أكثرَ مِن أنَّها جاريةٌ حديثةُ السِّنِّ تنامُ عن عجينِ أهلِها فيدخُلُ الدَّاجنُ فيأكُلُه فقام رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فاستعذَر مِن عبدِ اللهِ بنِ أُبَيِّ ابنِ سلولٍ فقال وهو على المنبرِ: ( يا معشرَ المسلِمينَ مَن يعذِرُني مِن رجلٍ بلَغ أذاه في أهلِ بيتي ؟ فواللهِ ما علِمْتُ مِن أهلي إلَّا خيرًا ولقد ذكَروا رجلًا ما علِمْتُ منه إلَّا خيرًا وما كان يدخُلُ على أهلي إلَّا معي ) فقام سعدُ بنُ معاذٍ الأنصاريُّ فقال: أنا أعذِرُك منه يا رسولَ اللهِ إنْ كان مِن الأوسِ ضرَبْنا عُنقَه وإنْ كان مِن الخزرجِ أمَرْتَنا ففعَلْنا أمرَك فقام سعدُ بنُ عُبادةَ وهو سيِّدُ الخزرجِ وكان رجلًا صالحًا ولكنِ احتمَلتْه الحميَّةُ فقال: واللهِ ما تقتُلُه ولا تقدِرُ على قتلِه فقام أُسيدُ بنُ حُضيرٍ وهو ابنُ عمِّ سعدِ بنِ مُعاذٍ فقال: كذَبْتَ لَعَمْرُ اللهِ لنقتُلَنَّه فإنَّك منافقٌ تجادِلُ عن المنافقينَ فثار الحيَّانِ: الأوسُ والخزرجُ حتَّى همُّوا أنْ يقتتِلوا ورسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يُخفِّضُهم حتَّى سكَتوا وسكَت رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فبكَيْتُ يومي لا يرقَأُ لي دمعٌ ولا أكتحلُ بنومٍ وأبواي يظنُّانِ أنَّ البكاءَ فالقٌ كبِدي فبينما هما جالسانِ عندي إذ استأذَنتْ عليَّ امرأةٌ مِن الأنصارِ فأذِنْتُ لها فجلَستْ معي فبينما نحنُ على حالِنا ذلك إذ دخَل رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فسلَّم ثمَّ جلَس ولم يكُنْ جلَس قبْلَ يومي ذلك مذُ كان مِن أمري ما كان ولبِث شهرًا لا يُوحى إليه قالت: فتشهَّد ثمَّ قال: ( أمَّا بعدُ فقد بلَغني يا عائشةُ عنكِ كذا وكذا فإنْ كُنْتِ بريئةً فسيُبرِّئُكِ اللهُ وإنْ كُنْتِ ألمَمْتِ بذنبٍ فاستغفِري اللهَ وتوبي فإنَّ العبدَ إذا اعترَف بالذَّنبِ ثمَّ تاب تاب اللهُ عليه ) فلمَّا قضى رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم مقالتَه قلَص دمعي حتَّى ما أُحِسُّ منه بقطرةٍ فقُلْتُ لأبي: أجِبْ عنِّي رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فقال: واللهِ ما أدري ما أقولُ لرسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فقُلْتُ لأمِّي: أجيبي عنِّي رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فقالت: واللهِ لا أدري ما أقولُ لرسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم [ فقُلْتُ ] ـ وأنا جاريةٌ حديثةُ السِّنِّ لا أقرَأُ كثيرًا مِن القرآنِ: إنِّي واللهِ لقد عرَفْتُ أنَّكم سمِعْتُم بذاك حتَّى استقرَّ في أنفسِكم وصدَّقْتُم به فإنْ قُلْتُ لكم: إنِّي بريئةٌ ـ واللهُ يعلَمُ أنِّي بريئةٌ ـ لم تُصدِّقوني وإنِ اعترَفْتُ لكم بأمرٍ ـ واللهُ يعلَمُ أنِّي بريئةٌ ـ لتُصَدِّقوني وإنِّي واللهِ لا أجِدُ مثَلي ومَثَلَكم إلَّا كما قال أبو يوسفَ: {فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ} [يوسف: 18] ثمَّ تحوَّلْتُ فاضطجَعْتُ على فراشي وأنا واللهِ حينَئذٍ أعلَمُ أنِّي بريئةٌ وأنَّ اللهَ جلَّ وعلا يُبرِّئُني ببراءتي ولكنْ لم أظُنَّ أنَّ اللهَ جلَّ وعلا يُنزِلُ في شأني وحيًا يُتلَى ولَشأني كان أحقَرَ في نفسي مِن أنْ يتكلَّمَ اللهُ جلَّ وعلا فيَّ بأمرٍ يُتلى ولكنْ أرجو أنْ يرى رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في منامِه رؤيا يُبرِّئُني اللهُ بها قالت: فواللهِ ما رام رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم مجلسَه ولا خرَج مِن البيتِ أحدٌ حتَّى أنزَل اللهُ على نبيِّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فأخَذه ما كان يأخُذُه مِن البُرحاءِ عندَ الوحيِ مِن ثِقَلِ القولِ الَّذي أُنزِل عليه فلمَّا سُرِّي عن رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم كان أوَّلَ كلمةٍ تكلَّم بها أنْ قال: ( يا عائشةُ أمَا واللهِ فقد برَّأكِ اللهُ ) فقالت لي أمِّي: قومي إليه فقُلْتُ: واللهِ لا أقومُ إليه ولا أحمَدُ إلَّا اللهَ الَّذي هو أنزَل براءتي فأنزَل اللهُ: {إِنَّ الَّذِينَ جَاؤُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ} [النور: 11] العشْرَ الآياتِ، قالت: فأنزَل اللهُ هذه الآياتِ في براءتي وكان أبو بكرٍ رضوانُ اللهِ عليه يُنفِقُ على مِسطَحٍ لقرابتِه منه وفقرِه فقال: واللهِ لا أُنفِقُ عليه أبدًا بعدَ الَّذي قال لعائشةَ ما قال فأنزَل اللهُ {وَلَا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ} [النور: 22] إلى قولِه: {أَلَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ} [النور: 22] فقال أبو بكرٍ: واللهِ إنِّي لَأُحِبُّ أنْ يغفِرَ اللهُ لي فرجَع إلى مِسطَحٍ بالنَّفقةِ الَّتي كان يُنفِقُ عليه فقال: واللهِ لا أنزِعُها منه أبدًا قالت: وكان رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم سأَل زينبَ بنتَ جحشٍ عن أمري: ( ما علِمْتِ وما رأَيْتِ ؟ ) فقالت: أحمي سمعي وبصري ما علِمْتُ إلَّا خيرًا قالت: وهي الَّتي كانت تُساميني مِن أزواجِ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فعصَمها اللهُ بالورَعِ وطفِقتْ أختُها حَمنةُ بنتُ جحشٍ تُحارِبُ لها فهلَكتْ فيمَن هلَك قال الزُّهريُّ: فهذا ما انتهى إليَّ مِن أمرِ هؤلاء الرَّهطِ