الموسوعة الحديثية

نتائج البحث

211 - أنَّ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، قالَ يَومَ خَيْبَرَ: لأُعْطِيَنَّ هذِه الرَّايَةَ رَجُلًا يَفْتَحُ اللَّهُ علَى يَدَيْهِ ، يُحِبُّ اللَّهَ وَرَسوله وَيُحِبُّهُ اللَّهُ وَرَسولُهُ قالَ: فَبَاتَ النَّاسُ يَدُوكُونَ لَيْلَتَهُمْ أَيُّهُمْ يُعْطَاهَا، قالَ فَلَمَّا أَصْبَحَ النَّاسُ غَدَوْا علَى رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، كُلُّهُمْ يَرْجُونَ أَنْ يُعْطَاهَا، فَقالَ أَيْنَ عَلِيُّ بنُ أَبِي طَالِبٍ فَقالوا: هو يا رَسولَ اللهِ، يَشْتَكِي عَيْنَيْهِ، قالَ فأرْسِلُوا إلَيْهِ، فَأُتِيَ به، فَبَصَقَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ في عَيْنَيْهِ، وَدَعَا له فَبَرَأَ ، حتَّى كَأَنْ لَمْ يَكُنْ به وَجَعٌ، فأعْطَاهُ الرَّايَةَ، فَقالَ عَلِيٌّ: يا رَسولَ اللهِ، أُقَاتِلُهُمْ حتَّى يَكونُوا مِثْلَنَا، فَقالَ: انْفُذْ علَى رِسْلِكَ ، حتَّى تَنْزِلَ بسَاحَتِهِمْ، ثُمَّ ادْعُهُمْ إلى الإسْلَامِ، وَأَخْبِرْهُمْ بما يَجِبُ عليهم مِن حَقِّ اللهِ فِيهِ، فَوَاللَّهِ لأَنْ يَهْدِيَ اللَّهُ بكَ رَجُلًا وَاحِدًا خَيْرٌ لكَ مِن أَنْ يَكونَ لكَ حُمْرُ النَّعَمِ .

212 - أنَّ ناسًا في زَمَنِ رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ قالوا: يا رَسولَ اللهِ، هلْ نَرَى رَبَّنا يَومَ القِيامَةِ؟ قالَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ: نَعَمْ قالَ: هلْ تُضارُّونَ في رُؤْيَةِ الشَّمْسِ بالظَّهِيرَةِ صَحْوًا ليسَ معها سَحابٌ؟ وهلْ تُضارُّونَ في رُؤْيَةِ القَمَرِ لَيْلَةَ البَدْرِ صَحْوًا ليسَ فيها سَحابٌ؟ قالوا: لا يا رَسولَ اللهِ، قالَ: ما تُضارُّونَ في رُؤْيَةِ اللهِ تَبارَكَ وتَعالَى يَومَ القِيامَةِ إلَّا كما تُضارُّونَ في رُؤْيَةِ أحَدِهِما، إذا كانَ يَوْمُ القِيامَةِ أذَّنَ مُؤَذِّنٌ لِيَتَّبِعْ كُلُّ أُمَّةٍ ما كانَتْ تَعْبُدُ، فلا يَبْقَى أحَدٌ كانَ يَعْبُدُ غيرَ اللهِ سُبْحانَهُ مِنَ الأصْنامِ والأنْصابِ إلَّا يَتَساقَطُونَ في النَّارِ، حتَّى إذا لَمْ يَبْقَ إلَّا مَن كانَ يَعْبُدُ اللَّهَ مِن بَرٍّ وفاجِرٍ وغُبَّرِ أهْلِ الكِتابِ، فيُدْعَى اليَهُودُ، فيُقالُ لهمْ: ما كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ؟ قالوا: كُنَّا نَعْبُدُ عُزَيْرَ ابْنَ اللهِ، فيُقالُ: كَذَبْتُمْ ما اتَّخَذَ اللَّهُ مِن صاحِبَةٍ ولا ولَدٍ، فَماذا تَبْغُونَ؟ قالوا: عَطِشْنا يا رَبَّنا، فاسْقِنا، فيُشارُ إليهِم ألا تَرِدُونَ؟ فيُحْشَرُونَ إلى النَّارِ كَأنَّها سَرابٌ يَحْطِمُ بَعْضُها بَعْضًا، فَيَتَساقَطُونَ في النَّارِ، ثُمَّ يُدْعَى النَّصارَى، فيُقالُ لهمْ: ما كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ؟ قالوا: كُنَّا نَعْبُدُ المَسِيحَ ابْنَ اللهِ، فيُقالُ لهمْ، كَذَبْتُمْ ما اتَّخَذَ اللَّهُ مِن صاحِبَةٍ ولا ولَدٍ، فيُقالُ لهمْ: ماذا تَبْغُونَ؟ فيَقولونَ: عَطِشْنا يا رَبَّنا، فاسْقِنا، قالَ: فيُشارُ إليهِم ألا تَرِدُونَ؟ فيُحْشَرُونَ إلى جَهَنَّمَ كَأنَّها سَرابٌ يَحْطِمُ بَعْضُها بَعْضًا، فَيَتَساقَطُونَ في النَّارِ حتَّى إذا لَمْ يَبْقَ إلَّا مَن كانَ يَعْبُدُ اللَّهَ تَعالَى مِن بَرٍّ وفاجِرٍ أتاهُمْ رَبُّ العالَمِينَ سُبْحانَهُ وتَعالَى في أدْنَى صُورَةٍ مِنَ الَّتي رَأَوْهُ فيها قالَ: فَما تَنْتَظِرُونَ؟ تَتْبَعُ كُلُّ أُمَّةٍ ما كانَتْ تَعْبُدُ، قالوا: يا رَبَّنا، فارَقْنا النَّاسَ في الدُّنْيا أفْقَرَ ما كُنَّا إليهِم، ولَمْ نُصاحِبْهُمْ، فيَقولُ: أنا رَبُّكُمْ، فيَقولونَ: نَعُوذُ باللَّهِ مِنْكَ لا نُشْرِكُ باللَّهِ شيئًا مَرَّتَيْنِ، أوْ ثَلاثًا، حتَّى إنَّ بَعْضَهُمْ لَيَكادُ أنْ يَنْقَلِبَ، فيَقولُ: هلْ بيْنَكُمْ وبيْنَهُ آيَةٌ فَتَعْرِفُونَهُ بها؟ فيَقولونَ: نَعَمْ، فيُكْشَفُ عن ساقٍ فلا يَبْقَى مَن كانَ يَسْجُدُ لِلَّهِ مِن تِلْقاءِ نَفْسِهِ إلَّا أذِنَ اللَّهُ له بالسُّجُودِ، ولا يَبْقَى مَن كانَ يَسْجُدُ اتِّقاءً ورِياءً إلَّا جَعَلَ اللَّهُ ظَهْرَهُ طَبَقَةً واحِدَةً، كُلَّما أرادَ أنْ يَسْجُدَ خَرَّ علَى قَفاهُ، ثُمَّ يَرْفَعُونَ رُؤُوسَهُمْ وقدْ تَحَوَّلَ في صُورَتِهِ الَّتي رَأَوْهُ فيها أوَّلَ مَرَّةٍ، فقالَ: أنا رَبُّكُمْ، فيَقولونَ: أنْتَ رَبُّنا، ثُمَّ يُضْرَبُ الجِسْرُ علَى جَهَنَّمَ، وتَحِلُّ الشَّفاعَةُ ، ويقولونَ: اللَّهُمَّ سَلِّمْ، سَلِّمْ قيلَ: يا رَسولَ اللهِ، وما الجِسْرُ؟ قالَ: دَحْضٌ مَزِلَّةٌ ، فيه خَطاطِيفُ وكَلالِيبُ وحَسَكٌ تَكُونُ بنَجْدٍ فيها شُوَيْكَةٌ يُقالُ لها السَّعْدانُ، فَيَمُرُّ المُؤْمِنُونَ كَطَرْفِ العَيْنِ، وكالْبَرْقِ، وكالرِّيحِ، وكالطَّيْرِ، وكَأَجاوِيدِ الخَيْلِ والرِّكابِ، فَناجٍ مُسَلَّمٌ، ومَخْدُوشٌ مُرْسَلٌ، ومَكْدُوسٌ في نارِ جَهَنَّمَ، حتَّى إذا خَلَصَ المُؤْمِنُونَ مِنَ النَّارِ، فَوالذي نَفْسِي بيَدِهِ، ما مِنكُم مِن أحَدٍ بأَشَدَّ مُناشَدَةً لِلَّهِ في اسْتِقْصاءِ الحَقِّ مِنَ المُؤْمِنِينَ لِلَّهِ يَومَ القِيامَةِ لإِخْوانِهِمُ الَّذِينَ في النَّارِ، يقولونَ: رَبَّنا كانُوا يَصُومُونَ معنا ويُصَلُّونَ ويَحُجُّونَ، فيُقالُ لهمْ: أخْرِجُوا مَن عَرَفْتُمْ، فَتُحَرَّمُ صُوَرُهُمْ علَى النَّارِ، فيُخْرِجُونَ خَلْقًا كَثِيرًا قَدِ أخَذَتِ النَّارُ إلى نِصْفِ ساقَيْهِ، وإلَى رُكْبَتَيْهِ، ثُمَّ يقولونَ: رَبَّنا ما بَقِيَ فيها أحَدٌ مِمَّنْ أمَرْتَنا به، فيَقولُ: ارْجِعُوا فمَن وجَدْتُمْ في قَلْبِهِ مِثْقالَ دِينارٍ مِن خَيْرٍ فأخْرِجُوهُ، فيُخْرِجُونَ خَلْقًا كَثِيرًا، ثُمَّ يقولونَ: رَبَّنا لَمْ نَذَرْ فيها أحَدًا مِمَّنْ أمَرْتَنا، ثُمَّ يقولُ: ارْجِعُوا فمَن وجَدْتُمْ في قَلْبِهِ مِثْقالَ نِصْفِ دِينارٍ مِن خَيْرٍ فأخْرِجُوهُ، فيُخْرِجُونَ خَلْقًا كَثِيرًا، ثُمَّ يقولونَ: رَبَّنا لَمْ نَذَرْ فيها مِمَّنْ أمَرْتَنا أحَدًا، ثُمَّ يقولُ: ارْجِعُوا فمَن وجَدْتُمْ في قَلْبِهِ مِثْقالَ ذَرَّةٍ مِن خَيْرٍ فأخْرِجُوهُ، فيُخْرِجُونَ خَلْقًا كَثِيرًا ثُمَّ يقولونَ: رَبَّنا لَمْ نَذَرْ فيها خَيْرًا. وَكانَ أبو سَعِيدٍ الخُدْرِيُّ يقولُ: إنْ لَمْ تُصَدِّقُونِي بهذا الحَديثِ فاقْرَؤُوا إنْ شِئْتُمْ: {إنَّ اللَّهَ لا يَظْلِمُ مِثْقالَ ذَرَّةٍ وإنْ تَكُ حَسَنَةً يُضاعِفْها ويُؤْتِ مِن لَدُنْهُ أجْرًا عَظِيمًا} [النساء: 40]، فيَقولُ اللَّهُ عزَّ وجلَّ: شَفَعَتِ المَلائِكَةُ، وشَفَعَ النَّبِيُّونَ، وشَفَعَ المُؤْمِنُونَ، ولَمْ يَبْقَ إلَّا أرْحَمُ الرَّاحِمِينَ، فَيَقْبِضُ قَبْضَةً مِنَ النَّارِ، فيُخْرِجُ مِنْها قَوْمًا لَمْ يَعْمَلُوا خَيْرًا قَطُّ قدْ عادُوا حُمَمًا ، فيُلْقِيهِمْ في نَهَرٍ في أفْواهِ الجَنَّةِ يُقالُ له: نَهَرُ الحَياةِ، فَيَخْرُجُونَ كما تَخْرُجُ الحِبَّةُ في حَمِيلِ السَّيْلِ ، ألا تَرَوْنَها تَكُونُ إلى الحَجَرِ، أوْ إلى الشَّجَرِ، ما يَكونُ إلى الشَّمْسِ أُصَيْفِرُ وأُخَيْضِرُ، وما يَكونُ مِنْها إلى الظِّلِّ يَكونُ أبْيَضَ؟ فقالوا: يا رَسولَ اللهِ، كَأنَّكَ كُنْتَ تَرْعَى بالبادِيَةِ، قالَ: فَيَخْرُجُونَ كاللُّؤْلُؤِ في رِقابِهِمُ الخَواتِمُ، يَعْرِفُهُمْ أهْلُ الجَنَّةِ هَؤُلاءِ عُتَقاءُ اللهِ الَّذِينَ أدْخَلَهُمُ اللَّهُ الجَنَّةَ بغيرِ عَمَلٍ عَمِلُوهُ، ولا خَيْرٍ قَدَّمُوهُ، ثُمَّ يقولُ: ادْخُلُوا الجَنَّةَ فَما رَأَيْتُمُوهُ فَهو لَكُمْ، فيَقولونَ: رَبَّنا، أعْطَيْتَنا ما لَمْ تُعْطِ أحَدًا مِنَ العالَمِينَ، فيَقولُ: لَكُمْ عِندِي أفْضَلُ مِن هذا، فيَقولونَ: يا رَبَّنا، أيُّ شيءٍ أفْضَلُ مِن هذا؟ فيَقولُ: رِضايَ، فلا أسْخَطُ علَيْكُم بَعْدَهُ أبَدًا. قالَ مُسْلِمٌ: قَرَأْتُ علَى عِيسَى بنِ حَمَّادٍ زُغْبَةَ المِصْرِيِّ هذا الحَدِيثَ في الشَّفاعَةِ، وقُلتُ له: أُحَدِّثُ بهذا الحَديثِ عَنْكَ أنَّكَ سَمِعْتَ مِنَ اللَّيْثِ بنِ سَعْدٍ، فقالَ: نَعَمْ، قُلتُ لِعِيسَى بنِ حَمَّادٍ: أخْبَرَكُمُ اللَّيْثُ بنُ سَعْدٍ، عن خالِدِ بنِ يَزِيدَ، عن سَعِيدِ بنِ أبِي هِلالٍ، عن زَيْدِ بنِ أسْلَمَ، عن عَطاءِ بنِ يَسارٍ، عن أبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ، أنَّه قالَ: قُلْنا: يا رَسولَ اللهِ، أنَرَى رَبَّنا؟ قالَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ: هلْ تُضارُّونَ في رُؤْيَةِ الشَّمْسِ إذا كانَ يَوْمٌ صَحْوٌ قُلْنا: لا، وسُقْتُ الحَدِيثَ حتَّى انْقَضَى آخِرُهُ وهو نَحْوُ حَديثِ حَفْصِ بنِ مَيْسَرَةَ، وزادَ بَعْدَ قَوْلِهِ بغيرِ عَمَلٍ عَمِلُوهُ، ولا قَدَمٍ قَدَّمُوهُ، فيُقالُ لهمْ: لَكُمْ ما رَأَيْتُمْ ومِثْلُهُ معهُ. قالَ أبو سَعِيدٍ: بَلَغَنِي أنَّ الجِسْرَ أدَقُّ مِنَ الشَّعْرَةِ، وأَحَدُّ مِنَ السَّيْفِ. وَليْسَ في حَديثِ اللَّيْثِ، فيَقولونَ: رَبَّنا أعْطَيْتَنا ما لَمْ تُعْطِ أحَدًا مِنَ العالَمِينَ وما بَعْدَهُ، فأقَرَّ به عِيسَى بنُ حَمَّادٍ.

213 - سَأَلْتُ ابْنَ عُمَرَ وَابْنَ عَبَّاسٍ عَنِ الصَّرْفِ، فَلَمْ يَرَيَا به بَأْسًا، فإنِّي لَقَاعِدٌ عِنْدَ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ، فَسَأَلْتُهُ عَنِ الصَّرْفِ، فَقالَ: ما زَادَ فَهو رِبًا، فأنْكَرْتُ ذلكَ لِقَوْلِهِمَا، فَقالَ: لا أُحَدِّثُكَ إلَّا ما سَمِعْتُ مِن رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ؛ جَاءَهُ صَاحِبُ نَخْلِهِ بصَاعٍ مِن تَمْرٍ طَيِّبٍ، وَكانَ تَمْرُ النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ هذا اللَّوْنَ، فَقالَ له النَّبيُّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ: أنَّى لكَ هذا؟ قالَ: انْطَلَقْتُ بصَاعَيْنِ فَاشْتَرَيْتُ به هذا الصَّاعَ ، فإنَّ سِعْرَ هذا في السُّوقِ كَذَا، وَسِعْرَ هذا كَذَا، فَقالَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ: وَيْلَكَ! أَرْبَيْتَ، إذَا أَرَدْتَ ذلكَ، فَبِعْ تَمْرَكَ بسِلْعَةٍ، ثُمَّ اشْتَرِ بسِلْعَتِكَ أَيَّ تَمْرٍ شِئْتَ. قالَ أَبُو سَعِيدٍ: فَالتَّمْرُ بالتَّمْرِ أَحَقُّ أَنْ يَكونَ رِبًا، أَمِ الفِضَّةُ بالفِضَّةِ؟ قالَ: فأتَيْتُ ابْنَ عُمَرَ بَعْدُ فَنَهَانِي، وَلَمْ آتِ ابْنَ عَبَّاسٍ، قالَ: فَحدَّثَني أَبُو الصَّهْبَاءِ: أنَّهُ سَأَلَ ابْنَ عَبَّاسٍ عنْه بمَكَّةَ فَكَرِهَهُ.

214 - قالَ لي عِمْرَانُ بنُ الحُصَيْنِ: أَرَأَيْتَ ما يَعْمَلُ النَّاسُ اليومَ وَيَكْدَحُونَ فِيهِ، أَشَيءٌ قُضِيَ عليهم وَمَضَى عليهم مِن قَدَرِ ما سَبَقَ، أَوْ فِيما يُسْتَقْبَلُونَ به ممَّا أَتَاهُمْ به نَبِيُّهُمْ وَثَبَتَتِ الحُجَّةُ عليهم؟ فَقُلتُ: بَلْ شَيءٌ قُضِيَ عليهم وَمَضَى عليهم، قالَ: فَقالَ: أَفلا يَكونُ ظُلْمًا؟ قالَ: فَفَزِعْتُ مِن ذلكَ فَزَعًا شَدِيدًا، وَقُلتُ: كُلُّ شَيءٍ خَلْقُ اللهِ وَمِلْكُ يَدِهِ، فلا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ، فَقالَ لِي: يَرْحَمُكَ اللَّهُ، إنِّي لَمْ أُرِدْ بما سَأَلْتُكَ إلَّا لِأَحْزِرَ عَقْلَكَ، إنَّ رَجُلَيْنِ مِن مُزَيْنَةَ أَتَيَا رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ فَقالَا: يا رَسُولَ اللهِ، أَرَأَيْتَ ما يَعْمَلُ النَّاسُ اليَومَ وَيَكْدَحُونَ فِيهِ، أَشَيءٌ قُضِيَ عليهم وَمَضَى فيهم مِن قَدَرٍ قدْ سَبَقَ، أَوْ فِيما يُسْتَقْبَلُونَ به ممَّا أَتَاهُمْ به نَبِيُّهُمْ وَثَبَتَتِ الحُجَّةُ عليهم؟ فَقالَ: لَا، بَلْ شَيءٌ قُضِيَ عليهم وَمَضَى فيهم، وَتَصْدِيقُ ذلكَ في كِتَابِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا * فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا} [الشمس: 7 - 8].

215 - كُنَّا عِنْدَ رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ في صَدْرِ النَّهَارِ، قالَ: فَجَاءَهُ قَوْمٌ حُفَاةٌ عُرَاةٌ، مُجْتَابِي النِّمَارِ أَوِ العَبَاءِ ، مُتَقَلِّدِي السُّيُوفِ، عَامَّتُهُمْ مِن مُضَرَ ، بَلْ كُلُّهُمْ مِن مُضَرَ، فَتَمَعَّرَ وَجْهُ رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ لِما رَأَى بهِمْ مِنَ الفَاقَةِ، فَدَخَلَ ثُمَّ خَرَجَ، فأمَرَ بلَالًا فأذَّنَ وَأَقَامَ، فَصَلَّى ثُمَّ خَطَبَ فَقالَ: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ} إلى آخِرِ الآيَةِ {إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا} [النساء: 1]، وَالآيَةَ الَّتي في الحَشْرِ: {اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ} [الحشر: 18]، تَصَدَّقَ رَجُلٌ مِن دِينَارِهِ، مِن دِرْهَمِهِ، مِن ثَوْبِهِ، مِن صَاعِ بُرِّهِ ، مِن صَاعِ تَمْرِهِ، حتَّى قالَ: ولو بشِقِّ تَمْرَةٍ، قالَ: فَجَاءَ رَجُلٌ مِنَ الأنْصَارِ بصُرَّةٍ كَادَتْ كَفُّهُ تَعْجِزُ عَنْهَا، بَلْ قدْ عَجَزَتْ، قالَ: ثُمَّ تَتَابَعَ النَّاسُ، حتَّى رَأَيْتُ كَوْمَيْنِ مِن طَعَامٍ وَثِيَابٍ، حتَّى رَأَيْتُ وَجْهَ رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ يَتَهَلَّلُ كَأنَّهُ مُذْهَبَةٌ ، فَقالَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ: مَن سَنَّ في الإسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً، فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَن عَمِلَ بهَا بَعْدَهُ، مِن غيرِ أَنْ يَنْقُصَ مِن أُجُورِهِمْ شَيءٌ، وَمَن سَنَّ في الإسْلَامِ سُنَّةً سَيِّئَةً، كانَ عليه وِزْرُهَا وَوِزْرُ مَن عَمِلَ بهَا مِن بَعْدِهِ، مِن غيرِ أَنْ يَنْقُصَ مِن أَوْزَارِهِمْ شَيءٌ. [وفي رِوايةٍ]: كُنَّا عِنْدَ رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ صَدْرَ النَّهَارِ... بِمِثْلِهِ. وفيه: قالَ: ثُمَّ صَلَّى الظُّهْرَ ثُمَّ خَطَبَ. [وفي رِوايةٍ]: كُنْتُ جَالِسًا عِنْدَ النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، فأتَاهُ قَوْمٌ مُجْتَابِي النِّمَارِ ... وَسَاقُوا الحَدِيثَ بقِصَّتِهِ، وَفِيهِ: فَصَلَّى الظُّهْرَ، ثُمَّ صَعِدَ مِنْبَرًا صَغِيرًا، فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عليه، ثُمَّ قالَ: أَمَّا بَعْدُ؛ فإنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ في كِتَابِهِ: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ} الآيَةَ. [وفي رواية]: جَاءَ نَاسٌ مِنَ الأعْرَابِ إلى رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، عليهمِ الصُّوفُ، فَرَأَى سُوءَ حَالِهِمْ قدْ أَصَابَتْهُمْ حَاجَةٌ ، فَذَكَرَ بمَعْنَى حَديثِهِمْ.

216 - إنِّي لأَعْلَمُ آخِرَ أهْلِ النَّارِ خُرُوجًا مِنْها، وآخِرَ أهْلِ الجَنَّةِ دُخُولًا الجَنَّةَ، رَجُلٌ يَخْرُجُ مِنَ النَّارِ حَبْوًا ، فيَقولُ اللَّهُ تَبارَكَ وتَعالَى له: اذْهَبْ فادْخُلِ الجَنَّةَ، فَيَأْتِيها فيُخَيَّلُ إلَيْهِ أنَّها مَلْأَى، فَيَرْجِعُ فيَقولُ: يا رَبِّ، وجَدْتُها مَلْأَى، فيَقولُ اللَّهُ تَبارَكَ وتَعالَى له: اذْهَبْ فادْخُلِ الجَنَّةَ، قالَ: فَيَأْتِيها، فيُخَيَّلُ إلَيْهِ أنَّها مَلْأَى، فَيَرْجِعُ فيَقولُ: يا رَبِّ، وجَدْتُها مَلْأَى، فيَقولُ اللَّهُ له: اذْهَبْ فادْخُلِ الجَنَّةَ، فإنَّ لكَ مِثْلَ الدُّنْيا وعَشَرَةَ أمْثالِها، أوْ إنَّ لكَ عَشَرَةَ أمْثالِ الدُّنْيا، قالَ: فيَقولُ: أتَسْخَرُ بي، أوْ أتَضْحَكُ بي، وأَنْتَ المَلِكُ؟ قالَ: لقَدْ رَأَيْتُ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ ضَحِكَ حتَّى بَدَتْ نَواجِذُهُ . قالَ: فَكانَ يُقالُ: ذاكَ أدْنَى أهْلِ الجَنَّةِ مَنْزِلَةً.

217 - لَمَّا نَزَلَتْ هذِه الآيَةُ: {وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ} [الشعراء: 214] ورَهْطَكَ منهمُ المُخْلَصِينَ، خَرَجَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ حتَّى صَعِدَ الصَّفا، فَهَتَفَ: يا صَباحاهْ، فقالوا: مَن هذا الذي يَهْتِفُ؟ قالوا: مُحَمَّدٌ، فاجْتَمَعُوا إلَيْهِ، فقالَ: يا بَنِي فُلانٍ، يا بَنِي فُلانٍ، يا بَنِي فُلانٍ، يا بَنِي عبدِ مَنافٍ، يا بَنِي عبدِ المُطَّلِبِ، فاجْتَمَعُوا إلَيْهِ، فقالَ: أرَأَيْتَكُمْ لو أخْبَرْتُكُمْ أنَّ خَيْلًا تَخْرُجُ بسَفْحِ هذا الجَبَلِ، أكُنْتُمْ مُصَدِّقِيَّ؟ قالوا: ما جَرَّبْنا عَلَيْكَ كَذِبًا، قالَ: فإنِّي نَذِيرٌ لَكُمْ بيْنَ يَدَيْ عَذابٍ شَدِيدٍ، قالَ: فقالَ أبو لَهَبٍ: تَبًّا لكَ أما جَمَعْتَنا إلَّا لِهذا، ثُمَّ قامَ فَنَزَلَتْ هذِه السُّورَةُ: (تَبَّتْ يَدا أبِي لَهَبٍ وقدْ تَبَّ). كَذَا قَرَأَ الْأَعْمَشُ إِلَى آخِرِ السُّورَةِ

218 - خَرَجْنَا مع رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ عَامَ حَجَّةِ الوَدَاعِ ، فأهْلَلْنَا بعُمْرَةٍ، ثُمَّ قالَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ: مَن كانَ معهُ هَدْيٌ فَلْيُهِلَّ بالحَجِّ مع العُمْرَةِ، ثُمَّ لا يَحِلُّ حتَّى يَحِلَّ منهما جَمِيعًا قالَتْ: فَقَدِمْتُ مَكَّةَ وَأَنَا حَائِضٌ، لَمْ أَطُفْ بالبَيْتِ، وَلَا بيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، فَشَكَوْتُ ذلكَ إلى رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، فَقالَ: انْقُضِي رَأْسَكِ وَامْتَشِطِي وَأَهِلِّي بالحَجِّ وَدَعِي العُمْرَةَ قالَتْ: فَفَعَلْتُ، فَلَمَّا قَضَيْنَا الحَجَّ أَرْسَلَنِي رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ مع عبدِ الرَّحْمَنِ بنِ أَبِي بَكْرٍ إلى التَّنْعِيمِ ، فَاعْتَمَرْتُ، فَقالَ: هذِه مَكَانُ عُمْرَتِكِ فَطَافَ، الَّذِينَ أَهَلُّوا بالعُمْرَةِ، بالبَيْتِ وَبِالصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، ثُمَّ حَلُّوا، ثُمَّ طَافُوا طَوَافًا آخَرَ، بَعْدَ أَنْ رَجَعُوا مِن مِنًى لِحَجِّهِمْ، وَأَمَّا الَّذِينَ كَانُوا جَمَعُوا الحَجَّ وَالْعُمْرَةَ، فإنَّما طَافُوا طَوَافًا وَاحِدًا.
خلاصة حكم المحدث : [صحيح]
الراوي : عائشة أم المؤمنين | المحدث : مسلم | المصدر : صحيح مسلم
الصفحة أو الرقم : 1211
التصنيف الموضوعي: عمرة - العمرة في أشهر الحج حج - التمتع بالحج حج - حج المرأة الحائض حج - طواف القارن عمرة - العمرة من التنعيم
| أحاديث مشابهة |أصول الحديث | شرح حديث مشابه

219 - إنَّ اللَّهَ زَوَى لي الأرْضَ، فَرَأَيْتُ مَشارِقَها ومَغارِبَها، وإنَّ أُمَّتي سَيَبْلُغُ مُلْكُها ما زُوِيَ لي مِنْها، وأُعْطِيتُ الكَنْزَيْنِ الأحْمَرَ والأبْيَضَ ، وإنِّي سَأَلْتُ رَبِّي لِأُمَّتي أنْ لا يُهْلِكَها بسَنَةٍ عامَّةٍ، وأَنْ لا يُسَلِّطَ عليهم عَدُوًّا مِن سِوَى أنْفُسِهِمْ، فَيَسْتَبِيحَ بَيْضَتَهُمْ ، وإنَّ رَبِّي قالَ: يا مُحَمَّدُ، إنِّي إذا قَضَيْتُ قَضاءً فإنَّه لا يُرَدُّ، وإنِّي أعْطَيْتُكَ لِأُمَّتِكَ أنْ لا أُهْلِكَهُمْ بسَنَةٍ عامَّةٍ، وأَنْ لا أُسَلِّطَ عليهم عَدُوًّا مِن سِوَى أنْفُسِهِمْ، يَسْتَبِيحُ بَيْضَتَهُمْ، ولَوِ اجْتَمَع عليهم مَن بأَقْطارِها -أوْ قالَ: مَن بيْنَ أقْطارِها- حتَّى يَكونَ بَعْضُهُمْ يُهْلِكُ بَعْضًا، ويَسْبِي بَعْضُهُمْ بَعْضًا.

220 - [عن] عبيدالله بن عبدالله بن عتبة بن مسعود؛ أنَّ أُمَّ قَيْسٍ بنْتَ مِحْصَنٍ، وَكَانَتْ مِنَ المُهَاجِرَاتِ الأُوَلِ اللَّاتي بَايَعْنَ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، وَهي أُخْتُ عُكَّاشَةَ بنِ مِحْصَنٍ، أَحَدِ بَنِي أَسَدِ بنِ خُزَيْمَةَ، قالَ: أَخْبَرَتْنِي أنَّهَا أَتَتْ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ بابْنٍ لَهَا لَمْ يَبْلُغْ أَنْ يَأْكُلَ الطَّعَامَ، وَقَدْ أَعْلَقَتْ عليه مِنَ العُذْرَةِ ، قالَ يُونُسُ: أَعْلَقَتْ: غَمَزَتْ فَهي تَخَافُ أَنْ يَكونَ به عُذْرَةٌ، قالَتْ: فَقالَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ: عَلَامَهْ تَدْغَرْنَ أَوْلَادَكُنَّ بهذا الإعْلَاقِ؟ علَيْكُم بهذا العُودِ الهِنْدِيِّ ، يَعْنِي به الكُسْتَ، فإنَّ فيه سَبْعَةَ أَشْفِيَةٍ، منها ذَاتُ الجَنْبِ .
خلاصة حكم المحدث : [صحيح]
الراوي : أم قيس بنت محصن | المحدث : مسلم | المصدر : صحيح مسلم
الصفحة أو الرقم : 2214
التصنيف الموضوعي: إسلام - البيعة على الإسلام طب - أدوية النبي صلى الله عليه وسلم طب - العود الهندي طب - ذات الجنب
| أحاديث مشابهة |أصول الحديث | شرح حديث مشابه

221 - كانَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ إذَا أَمَّرَ أَمِيرًا علَى جَيْشٍ، أَوْ سَرِيَّةٍ، أَوْصَاهُ في خَاصَّتِهِ بتَقْوَى اللهِ، وَمَن معهُ مِنَ المُسْلِمِينَ خَيْرًا، ثُمَّ قالَ: اغْزُوا باسْمِ اللهِ في سَبيلِ اللهِ، قَاتِلُوا مَن كَفَرَ باللَّهِ، اغْزُوا وَلَا تَغُلُّوا، وَلَا تَغْدِرُوا، وَلَا تُمَثِّلُوا، وَلَا تَقْتُلُوا وَلِيدًا . وإذَا لَقِيتَ عَدُوَّكَ مِنَ المُشْرِكِينَ، فَادْعُهُمْ إلى ثَلَاثِ خِصَالٍ -أَوْ خِلَالٍ- فأيَّتُهُنَّ ما أَجَابُوكَ فَاقْبَلْ منهمْ، وَكُفَّ عنْهمْ، ثُمَّ ادْعُهُمْ إلى الإسْلَامِ، فإنْ أَجَابُوكَ، فَاقْبَلْ منهمْ، وَكُفَّ عنْهمْ، ثُمَّ ادْعُهُمْ إلى التَّحَوُّلِ مِن دَارِهِمْ إلى دَارِ المُهَاجِرِينَ، وَأَخْبِرْهُمْ أنَّهُمْ إنْ فَعَلُوا ذلكَ فَلَهُمْ ما لِلْمُهَاجِرِينَ، وَعليهم ما علَى المُهَاجِرِينَ، فإنْ أَبَوْا أَنْ يَتَحَوَّلُوا منها، فَأَخْبِرْهُمْ أنَّهُمْ يَكونُونَ كَأَعْرَابِ المُسْلِمِينَ، يَجْرِي عليهم حُكْمُ اللهِ الذي يَجْرِي علَى المُؤْمِنِينَ، وَلَا يَكونُ لهمْ في الغَنِيمَةِ وَالْفَيْءِ شيءٌ إلَّا أَنْ يُجَاهِدُوا مع المُسْلِمِينَ، فإنْ هُمْ أَبَوْا فَسَلْهُمُ الجِزْيَةَ ، فإنْ هُمْ أَجَابُوكَ فَاقْبَلْ منهمْ، وَكُفَّ عنْهمْ، فإنْ هُمْ أَبَوْا فَاسْتَعِنْ باللَّهِ وَقَاتِلْهُمْ. وإذَا حَاصَرْتَ أَهْلَ حِصْنٍ فأرَادُوكَ أَنْ تَجْعَلَ لهمْ ذِمَّةَ اللهِ، وَذِمَّةَ نَبِيِّهِ، فلا تَجْعَلْ لهمْ ذِمَّةَ اللهِ، وَلَا ذِمَّةَ نَبِيِّهِ، وَلَكِنِ اجْعَلْ لهمْ ذِمَّتَكَ وَذِمَّةَ أَصْحَابِكَ؛ فإنَّكُمْ أَنْ تُخْفِرُوا ذِمَمَكُمْ وَذِمَمَ أَصْحَابِكُمْ أَهْوَنُ مِن أَنْ تُخْفِرُوا ذِمَّةَ اللهِ وَذِمَّةَ رَسولِهِ، وإذَا حَاصَرْتَ أَهْلَ حِصْنٍ فأرَادُوكَ أَنْ تُنْزِلَهُمْ علَى حُكْمِ اللهِ، فلا تُنْزِلْهُمْ علَى حُكْمِ اللهِ، وَلَكِنْ أَنْزِلْهُمْ علَى حُكْمِكَ؛ فإنَّكَ لا تَدْرِي أَتُصِيبُ حُكْمَ اللهِ فيهم أَمْ لَا. وفي رواية: كانَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ إذَا بَعَثَ أَمِيرًا، أَوْ سَرِيَّةً دَعَاهُ فأوْصَاهُ...

222 - خَطَبَنَا رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، فَقالَ: إنَّكُمْ تَسِيرُونَ عَشِيَّتَكُمْ وَلَيْلَتَكُمْ، وَتَأْتُونَ المَاءَ إنْ شَاءَ اللَّهُ غَدًا، فَانْطَلَقَ النَّاسُ لا يَلْوِي أَحَدٌ علَى أَحَدٍ، قالَ أَبُو قَتَادَةَ: فَبيْنَما رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ يَسِيرُ حتَّى ابْهَارَّ اللَّيْلُ ، وَأَنَا إلى جَنْبِهِ، قالَ: فَنَعَسَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ ، فَمَالَ عن رَاحِلَتِهِ ، فأتَيْتُهُ فَدَعَمْتُهُ مِن غيرِ أَنْ أُوقِظَهُ حتَّى اعْتَدَلَ علَى رَاحِلَتِهِ ، قالَ: ثُمَّ سَارَ حتَّى تَهَوَّرَ اللَّيْلُ، مَالَ عن رَاحِلَتِهِ ، قالَ: فَدَعَمْتُهُ مِن غيرِ أَنْ أُوقِظَهُ حتَّى اعْتَدَلَ علَى رَاحِلَتِهِ ، قالَ: ثُمَّ سَارَ حتَّى إذَا كانَ مِن آخِرِ السَّحَرِ ، مَالَ مَيْلَةً هي أَشَدُّ مِنَ المَيْلَتَيْنِ الأُولَيَيْنِ، حتَّى كَادَ يَنْجَفِلُ ، فأتَيْتُهُ فَدَعَمْتُهُ، فَرَفَعَ رَأْسَهُ، فَقالَ: مَن هذا؟ قُلتُ: أَبُو قَتَادَةَ، قالَ: مَتَى كانَ هذا مَسِيرَكَ مِنِّي؟ قُلتُ: ما زَالَ هذا مَسِيرِي مُنْذُ اللَّيْلَةِ، قالَ: حَفِظَكَ اللَّهُ بما حَفِظْتَ به نَبِيَّهُ، ثُمَّ قالَ: هلْ تَرَانَا نَخْفَى علَى النَّاسِ؟ ثُمَّ قالَ: هلْ تَرَى مِن أَحَدٍ؟ قُلتُ: هذا رَاكِبٌ، ثُمَّ قُلتُ: هذا رَاكِبٌ آخَرُ، حتَّى اجْتَمَعْنَا فَكُنَّا سَبْعَةَ رَكْبٍ، قالَ: فَمَالَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ عَنِ الطَّرِيقِ، فَوَضَعَ رَأْسَهُ، ثُمَّ قالَ: احْفَظُوا عَلَيْنَا صَلَاتَنَا، فَكانَ أَوَّلَ مَنِ اسْتَيْقَظَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ وَالشَّمْسُ في ظَهْرِهِ، قالَ: فَقُمْنَا فَزِعِينَ، ثُمَّ قالَ: ارْكَبُوا، فَرَكِبْنَا فَسِرْنَا حتَّى إذَا ارْتَفَعَتِ الشَّمْسُ نَزَلَ، ثُمَّ دَعَا بمِيضَأَةٍ كَانَتْ مَعِي فِيهَا شيءٌ مِن مَاءٍ، قالَ: فَتَوَضَّأَ منها وُضُوءًا دُونَ وُضُوءٍ، قالَ: وَبَقِيَ فِيهَا شيءٌ مَن مَاءٍ، ثُمَّ قالَ لأَبِي قَتَادَةَ: احْفَظْ عَلَيْنَا مِيضَأَتَكَ، فَسَيَكونُ لَهَا نَبَأٌ، ثُمَّ أَذَّنَ بلَالٌ بالصَّلَاةِ، فَصَلَّى رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ صَلَّى الغَدَاةَ ، فَصَنَعَ كما كانَ يَصْنَعُ كُلَّ يَومٍ، قالَ: وَرَكِبَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ وَرَكِبْنَا معهُ، قالَ: فَجَعَلَ بَعْضُنَا يَهْمِسُ إلى بَعْضٍ ما كَفَّارَةُ ما صَنَعْنَا بتَفْرِيطِنَا في صَلَاتِنَا؟ ثُمَّ قالَ: أَما لَكُمْ فِيَّ أُسْوَةٌ، ثُمَّ قالَ: أَما إنَّه ليسَ فِيَّ النَّوْمِ تَفْرِيطٌ، إنَّما التَّفْرِيطُ علَى مَن لَمْ يُصَلِّ الصَّلَاةَ حتَّى يَجِيءَ وَقْتُ الصَّلَاةَ الأُخْرَى، فمَن فَعَلَ ذلكَ فَلْيُصَلِّهَا حِينَ يَنْتَبِهُ لَهَا، فَإِذَا كانَ الغَدُ فَلْيُصَلِّهَا عِنْدَ وَقْتِهَا، ثُمَّ قالَ: ما تَرَوْنَ النَّاسَ صَنَعُوا؟ قالَ: ثُمَّ قالَ: أَصْبَحَ النَّاسُ فَقَدُوا نَبِيَّهُمْ، فَقالَ أَبُو بَكْرٍ، وَعُمَرُ: رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ بَعْدَكُمْ، لَمْ يَكُنْ لِيُخَلِّفَكُمْ، وَقالَ النَّاسُ: إنَّ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ بيْنَ أَيْدِيكُمْ، فإنْ يُطِيعُوا أَبَا بَكْرٍ، وَعُمَرَ يَرْشُدُوا. قالَ: فَانْتَهَيْنَا إلى النَّاسِ حِينَ امْتَدَّ النَّهَارُ، وَحَمِيَ كُلُّ شيءٍ، وَهُمْ يقولونَ: يا رَسولَ اللهِ، هَلَكْنَا، عَطِشْنَا، فَقالَ: لا هُلْكَ علَيْكُم ، ثُمَّ قالَ: أَطْلِقُوا لي غُمَرِي قالَ: وَدَعَا بالمِيضَأَةِ، فَجَعَلَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ يَصُبُّ، وَأَبُو قَتَادَةَ يَسْقِيهِمْ، فَلَمْ يَعْدُ أَنْ رَأَى النَّاسُ مَاءً في المِيضَأَةِ تَكَابُّوا عَلَيْهَا، فَقالَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ: أَحْسِنُوا المَلأَ كُلُّكُمْ سَيَرْوَى قالَ: فَفَعَلُوا، فَجَعَلَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ يَصُبُّ وَأَسْقِيهِمْ حتَّى ما بَقِيَ غيرِي، وَغَيْرُ رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، قالَ: ثُمَّ صَبَّ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، فَقالَ لِي: اشْرَبْ، فَقُلتُ: لا أَشْرَبُ حتَّى تَشْرَبَ يا رَسولَ اللهِ، قالَ: إنَّ سَاقِيَ القَوْمِ آخِرُهُمْ شُرْبًا، قالَ: فَشَرِبْتُ، وَشَرِبَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، قالَ: فأتَى النَّاسُ المَاءَ جَامِّينَ رِوَاءً . قالَ: فَقالَ عبدُ اللهِ بنُ رَبَاحٍ: إنِّي لأُحَدِّثُ هذا الحَدِيثَ في مَسْجِدِ الجَامِعِ، إذْ قالَ عِمْرَانُ بنُ حُصَيْنٍ انْظُرْ أَيُّهَا الفَتَى كيفَ تُحَدِّثُ، فإنِّي أَحَدُ الرَّكْبِ تِلكَ اللَّيْلَةَ، قالَ: قُلتُ: فأنْتَ أَعْلَمُ بالحَديثِ، فَقالَ: مِمَّنْ أَنْتَ؟ قُلتُ: مِنَ الأنْصَارِ، قالَ: حَدِّثْ، فأنتُمْ أَعْلَمُ بحَديثِكُمْ، قالَ: فَحَدَّثْتُ القَوْمَ، فَقالَ عِمْرَانُ: لقَدْ شَهِدْتُ تِلكَ اللَّيْلَةَ، وَما شَعَرْتُ أَنْ أَحَدًا حَفِظَهُ كما حَفِظْتُهُ.

223 - أَرْسَلَنِي أَصْحَابِي إلى رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ أَسْأَلُهُ لهمُ الحُمْلَانَ، إذْ هُمْ معهُ في جَيْشِ العُسْرَةِ، وَهي غَزْوَةُ تَبُوكَ ، فَقُلتُ: يا نَبِيَّ اللهِ، إنَّ أَصْحَابِي أَرْسَلُونِي إلَيْكَ لِتَحْمِلَهُمْ، فَقالَ: وَاللَّهِ لا أَحْمِلُكُمْ علَى شيءٍ، وَوَافَقْتُهُ وَهو غَضْبَانُ وَلَا أَشْعُرُ، فَرَجَعْتُ حَزِينًا مِن مَنْعِ رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، وَمِنْ مَخَافَةِ أَنْ يَكونَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ قدْ وَجَدَ في نَفْسِهِ عَلَيَّ، فَرَجَعْتُ إلى أَصْحَابِي، فأخْبَرْتُهُمُ الذي قالَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، فَلَمْ أَلْبَثْ إلَّا سُوَيْعَةً إذْ سَمِعْتُ بلَالًا يُنَادِي: أَيْ عَبْدَ اللهِ بنَ قَيْسٍ فأجَبْتُهُ، فَقالَ: أَجِبْ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ يَدْعُوكَ، فَلَمَّا أَتَيْتُ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، قالَ: خُذْ هَذَيْنِ القَرِينَيْنِ ، وَهَذَيْنِ القَرِينَيْنِ ، وَهَذَيْنِ القَرِينَيْنِ ، لِسِتَّةِ أَبْعِرَةٍ ابْتَاعَهُنَّ حِينَئِذٍ مِن سَعْدٍ، فَانْطَلِقْ بهِنَّ إلى أَصْحَابِكَ، فَقُلْ: إنَّ اللَّهَ، أَوْ قالَ: إنَّ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، يَحْمِلُكُمْ علَى هَؤُلَاءِ فَارْكَبُوهُنَّ، قالَ أَبُو مُوسَى: فَانْطَلَقْتُ إلى أَصْحَابِي بهِنَّ، فَقُلتُ: إنَّ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ يَحْمِلُكُمْ علَى هَؤُلَاءِ، وَلَكِنْ وَاللَّهِ لا أَدَعُكُمْ حتَّى يَنْطَلِقَ مَعِي بَعْضُكُمْ إلى مَن سَمِعَ مَقالَةَ رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ حِينَ سَأَلْتُهُ لَكُمْ، وَمَنْعَهُ في أَوَّلِ مَرَّةٍ، ثُمَّ إعْطَاءَهُ إيَّايَ بَعْدَ ذلكَ، لا تَظُنُّوا أَنِّي حَدَّثْتُكُمْ شيئًا لَمْ يَقُلْهُ، فَقالوا لِي: وَاللَّهِ إنَّكَ عِنْدَنَا لَمُصَدَّقٌ، وَلَنَفْعَلَنَّ ما أَحْبَبْتَ، فَانْطَلَقَ أَبُو مُوسَى بنَفَرٍ منهمْ، حتَّى أَتَوُا الَّذِينَ سَمِعُوا قَوْلَ رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ وَمَنْعَهُ إيَّاهُمْ، ثُمَّ إعْطَاءَهُمْ بَعْدُ، فَحَدَّثُوهُمْ بما حَدَّثَهُمْ به أَبُو مُوسَى سَوَاءً.

224 - كَانَتِ المُؤْمِنَاتُ إذَا هَاجَرْنَ إلى رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ يُمْتَحَنَّ بقَوْلِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ: {يَا أَيُّهَا النبيُّ إذَا جَاءَكَ المُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ علَى أَنْ لا يُشْرِكْنَ باللَّهِ شيئًا وَلَا يَسْرِقْنَ وَلَا يَزْنِينَ} [الممتحنة: 12] إلى آخِرِ الآيَةِ. قالَتْ عَائِشَةُ: فمَن أَقَرَّ بهذا مِنَ المُؤْمِنَاتِ، فقَدْ أَقَرَّ بالمِحْنَةِ. وَكانَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ إذَا أَقْرَرْنَ بذلكَ مِن قَوْلِهِنَّ، قالَ لهنَّ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ: انْطَلِقْنَ، فقَدْ بَايَعْتُكُنَّ وَلَا وَاللَّهِ ما مَسَّتْ يَدُ رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ يَدَ امْرَأَةٍ قَطُّ، غيرَ أنَّهُ يُبَايِعُهُنَّ بالكَلَامِ. قالَتْ عَائِشَةُ: وَاللَّهِ، ما أَخَذَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ علَى النِّسَاءِ قَطُّ إلَّا بما أَمَرَهُ اللَّهُ تَعَالَى، وَما مَسَّتْ كَفُّ رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ كَفَّ امْرَأَةٍ قَطُّ، وَكانَ يقولُ لهنَّ إذَا أَخَذَ عليهنَّ: قدْ بَايَعْتُكُنَّ كَلَامًا.

225 - كُنْتُ مُتَّكِئًا عِنْدَ عائِشَةَ، فقالَتْ: يا أبا عائِشَةَ، ثَلاثٌ مَن تَكَلَّمَ بواحِدَةٍ منهنَّ فقَدْ أعْظَمَ علَى اللهِ الفِرْيَةَ ، قُلتُ: ما هُنَّ؟ قالَتْ: مَن زَعَمَ أنَّ مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ رَأَى رَبَّهُ فقَدْ أعْظَمَ علَى اللهِ الفِرْيَةَ ، قالَ: وكُنْتُ مُتَّكِئًا فَجَلَسْتُ، فَقُلتُ: يا أُمَّ المُؤْمِنِينَ، أنْظِرِينِي، ولا تُعْجِلِينِي، ألَمْ يَقُلِ اللَّهُ عزَّ وجلَّ: {وَلقَدْ رَآهُ بالأُفُقِ المُبِينِ} [التكوير: 23]، {وَلقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى} [النجم: 13]؟ فقالَتْ: أنا أوَّلُ هذِه الأُمَّةِ سَأَلَ عن ذلكَ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، فقالَ: إنَّما هو جِبْرِيلُ، لَمْ أرَهُ علَى صُورَتِهِ الَّتي خُلِقَ عليها غيرَ هاتَيْنِ المَرَّتَيْنِ، رَأَيْتُهُ مُنْهَبِطًا مِنَ السَّماءِ سادًّا عِظَمُ خَلْقِهِ ما بيْنَ السَّماءِ إلى الأرْضِ، فقالَتْ: أوَ لَمْ تَسْمَعْ أنَّ اللَّهَ يقولُ: {لا تُدْرِكُهُ الأَبْصارُ وهو يُدْرِكُ الأَبْصارَ وهو اللَّطِيفُ الخَبِيرُ} [الأنعام: 103]، أوَ لَمْ تَسْمَعْ أنَّ اللَّهَ يقولُ: {وَما كانَ لِبَشَرٍ أنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إلَّا وحْيًا أوْ مِن وراءِ حِجابٍ أوْ يُرْسِلَ رَسولًا فيُوحِيَ بإذْنِهِ ما يَشاءُ إنَّه عَلِيٌّ حَكِيمٌ} [الشورى: 51]؟ قالَتْ: ومَن زَعَمَ أنَّ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ كَتَمَ شيئًا مِن كِتابِ اللهِ، فقَدْ أعْظَمَ علَى اللهِ الفِرْيَةَ ، واللَّهُ يقولُ: {يا أيُّها الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إلَيْكَ مِن رَبِّكَ وإنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ} [المائدة: 67]، قالَتْ: ومَن زَعَمَ أنَّه يُخْبِرُ بما يَكونُ في غَدٍ، فقَدْ أعْظَمَ علَى اللهِ الفِرْيَةَ ، واللَّهُ يقولُ: {قُلْ لا يَعْلَمُ مَن في السَّماواتِ والْأَرْضِ الغَيْبَ إلَّا اللَّهُ} [النمل: 65].

226 -  لَمَّا اعْتَزَلَ نَبِيُّ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ نِسَاءَهُ، قالَ: دَخَلْتُ المَسْجِدَ، فَإِذَا النَّاسُ يَنْكُتُونَ بالحَصَى، ويقولونَ: طَلَّقَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ نِسَاءَهُ، وَذلكَ قَبْلَ أَنْ يُؤْمَرْنَ بالحِجَابِ، فَقالَ عُمَرُ، فَقُلتُ: لأَعْلَمَنَّ ذلكَ اليَومَ، قالَ: فَدَخَلْتُ علَى عَائِشَةَ، فَقُلتُ: يا بنْتَ أَبِي بَكْرٍ، أَقَدْ بَلَغَ مِن شَأْنِكِ أَنْ تُؤْذِي رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ؟! فَقالَتْ: ما لي وَما لكَ يا ابْنَ الخَطَّابِ! عَلَيْكَ بعَيْبَتِكَ، قالَ: فَدَخَلْتُ علَى حَفْصَةَ بنْتِ عُمَرَ، فَقُلتُ لَهَا: يا حَفْصَةُ، أَقَدْ بَلَغَ مِن شَأْنِكِ أَنْ تُؤْذِي رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ؟! وَاللَّهِ لقَدْ عَلِمْتِ أنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ لا يُحِبُّكِ، وَلَوْلَا أَنَا لَطَلَّقَكِ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، فَبَكَتْ أَشَدَّ البُكَاءِ، فَقُلتُ لَهَا: أَيْنَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ؟ قالَتْ: هو في خِزَانَتِهِ في المَشْرُبَةِ، فَدَخَلْتُ، فَإِذَا أَنَا برَبَاحٍ غُلَامِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ قَاعِدًا علَى أُسْكُفَّةِ المَشْرُبَةِ، مُدَلٍّ رِجْلَيْهِ علَى نَقِيرٍ مِن خَشَبٍ ، وَهو جِذْعٌ يَرْقَى عليه رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ وَيَنْحَدِرُ، فَنَادَيْتُ: يا رَبَاحُ، اسْتَأْذِنْ لي عِنْدَكَ علَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، فَنَظَرَ رَبَاحٌ إلى الغُرْفَةِ، ثُمَّ نَظَرَ إِلَيَّ، فَلَمْ يَقُلْ شيئًا، ثُمَّ قُلتُ: يا رَبَاحُ، اسْتَأْذِنْ لي عِنْدَكَ علَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، فَنَظَرَ رَبَاحٌ إلى الغُرْفَةِ، ثُمَّ نَظَرَ إِلَيَّ، فَلَمْ يَقُلْ شيئًا، ثُمَّ رَفَعْتُ صَوْتِي، فَقُلتُ: يا رَبَاحُ، اسْتَأْذِنْ لي عِنْدَكَ علَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ؛ فإنِّي أَظُنُّ أنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ ظَنَّ أَنِّي جِئْتُ مِن أَجْلِ حَفْصَةَ، وَاللَّهِ لَئِنْ أَمَرَنِي رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ بضَرْبِ عُنُقِهَا، لأَضْرِبَنَّ عُنُقَهَا، وَرَفَعْتُ صَوْتِي، فأوْمَأَ إِلَيَّ أَنِ ارْقَهْ، فَدَخَلْتُ علَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ وَهو مُضْطَجِعٌ علَى حَصِيرٍ، فَجَلَسْتُ، فأدْنَى عليه إِزَارَهُ وَليسَ عليه غَيْرُهُ، وإذَا الحَصِيرُ قدْ أَثَّرَ في جَنْبِهِ، فَنَظَرْتُ ببَصَرِي في خِزَانَةِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، فَإِذَا أَنَا بقَبْضَةٍ مِن شَعِيرٍ نَحْوِ الصَّاعِ ، وَمِثْلِهَا قَرَظًا في نَاحِيَةِ الغُرْفَةِ، وإذَا أَفِيقٌ مُعَلَّقٌ ، قالَ: فَابْتَدَرَتْ عَيْنَايَ، قالَ: ما يُبْكِيكَ يا ابْنَ الخَطَّابِ؟ قُلتُ: يا نَبِيَّ اللهِ، وَما لي لا أَبْكِي وَهذا الحَصِيرُ قدْ أَثَّرَ في جَنْبِكَ، وَهذِه خِزَانَتُكَ لا أَرَى فِيهَا إِلَّا ما أَرَى، وَذَاكَ قَيْصَرُ وَكِسْرَى في الثِّمَارِ وَالأنْهَارِ، وَأَنْتَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ وَصَفْوَتُهُ، وَهذِه خِزَانَتُكَ! فَقالَ: يا ابْنَ الخَطَّابِ، أَلَا تَرْضَى أَنْ تَكُونَ لَنَا الآخِرَةُ وَلَهُمُ الدُّنْيَا؟ قُلتُ: بَلَى. قالَ: وَدَخَلْتُ عليه حِينَ دَخَلْتُ وَأَنَا أَرَى في وَجْهِهِ الغَضَبَ، فَقُلتُ: يا رَسُولَ اللهِ، ما يَشُقُّ عَلَيْكَ مِن شَأْنِ النِّسَاءِ؟ فإنْ كُنْتَ طَلَّقْتَهُنَّ، فإنَّ اللَّهَ معكَ، وَمَلَائِكَتَهُ، وَجِبْرِيلَ، وَمِيكَائِيلَ، وَأَنَا، وَأَبُو بَكْرٍ، وَالْمُؤْمِنُونَ معكَ، وَقَلَّما تَكَلَّمْتُ -وَأَحْمَدُ اللَّهَ- بكَلَامٍ إِلَّا رَجَوْتُ أَنْ يَكونَ اللَّهُ يُصَدِّقُ قَوْلِي الذي أَقُولُ، وَنَزَلَتْ هذِه الآيَةُ آيَةُ التَّخْيِيرِ: {عَسَى رَبُّهُ إِنْ طَلَّقَكُنَّ أَنْ يُبْدِلَهُ أَزْوَاجًا خَيْرًا مِنْكُنَّ} [التحريم: 5]، {وَإِنْ تَظَاهَرَا عَلَيْهِ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلَاهُ وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمَلَائِكَةُ بَعْدَ ذَلِكَ ظَهِيرٌ} [التحريم: 4]، وَكَانَتْ عَائِشَةُ بنْتُ أَبِي بَكْرٍ وَحَفْصَةُ تَظَاهَرَانِ علَى سَائِرِ نِسَاءِ النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، فَقُلتُ: يا رَسُولَ اللهِ، أَطَلَّقْتَهُنَّ؟ قالَ: لَا، قُلتُ: يا رَسُولَ اللهِ، إنِّي دَخَلْتُ المَسْجِدَ وَالْمُسْلِمُونَ يَنْكُتُونَ بالحَصَى، يقولونَ: طَلَّقَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ نِسَاءَهُ، أَفَأَنْزِلُ فَأُخْبِرَهُمْ أنَّكَ لَمْ تُطَلِّقْهُنَّ؟ قالَ: نَعَمْ، إنْ شِئْتَ، فَلَمْ أَزَلْ أُحَدِّثُهُ حتَّى تَحَسَّرَ الغَضَبُ عن وَجْهِهِ، وَحتَّى كَشَرَ فَضَحِكَ، وَكانَ مِن أَحْسَنِ النَّاسِ ثَغْرًا، ثُمَّ نَزَلَ نَبِيُّ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، وَنَزَلْتُ، فَنَزَلْتُ أَتَشَبَّثُ بالجِذْعِ، وَنَزَلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ كَأنَّما يَمْشِي علَى الأرْضِ ما يَمَسُّهُ بيَدِهِ، فَقُلتُ: يا رَسُولَ اللهِ، إنَّما كُنْتَ في الغُرْفَةِ تِسْعَةً وَعِشْرِينَ، قالَ: إنَّ الشَّهْرَ يَكونُ تِسْعًا وَعِشْرِينَ، فَقُمْتُ علَى بَابِ المَسْجِدِ، فَنَادَيْتُ بأَعْلَى صَوْتِي: لَمْ يُطَلِّقْ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ نِسَاءَهُ، وَنَزَلَتْ هذِه الآيَةُ: {وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ} [النساء: 83]، فَكُنْتُ أَنَا اسْتَنْبَطْتُ ذلكَ الأمْرَ، وَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ آيَةَ التَّخْيِيرِ.

227 - كُنْتُ مع نَبِيِّ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ في مَسِيرٍ له، فأدْلَجْنَا لَيْلَتَنَا، حتَّى إذَا كانَ في وَجْهِ الصُّبْحِ عَرَّسْنَا، فَغَلَبَتْنَا أَعْيُنُنَا حتَّى بَزَغَتِ الشَّمْسُ ، قالَ: فَكانَ أَوَّلَ مَنِ اسْتَيْقَظَ مِنَّا أَبُو بَكْرٍ، وَكُنَّا لا نُوقِظُ نَبِيَّ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ مَن مَنَامِهِ إذَا نَامَ حتَّى يَسْتَيْقِظَ، ثُمَّ اسْتَيْقَظَ عُمَرُ، فَقَامَ عِنْدَ نَبِيِّ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، فَجَعَلَ يُكَبِّرُ، وَيَرْفَعُ صَوْتَهُ بالتَّكْبِيرِ حتَّى اسْتَيْقَظَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، فَلَمَّا رَفَعَ رَأْسَهُ، وَرَأَى الشَّمْسَ قدْ بَزَغَتْ، قالَ: ارْتَحِلُوا، فَسَارَ بنَا حتَّى إذَا ابْيَضَّتِ الشَّمْسُ نَزَلَ فَصَلَّى بنَا الغَدَاةَ ، فَاعْتَزَلَ رَجُلٌ مِنَ القَوْمِ لَمْ يُصَلِّ معنَا، فَلَمَّا انْصَرَفَ ، قالَ له رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ: يا فُلَانُ ما مَنَعَكَ أَنْ تُصَلِّيَ معنَا؟ قالَ: يا نَبِيَّ اللهِ أَصَابَتْنِي جَنَابَةٌ، فأمَرَهُ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ فَتَيَمَّمَ بالصَّعِيدِ، فَصَلَّى، ثُمَّ عَجَّلَنِي في رَكْبٍ بيْنَ يَدَيْهِ نَطْلُبُ المَاءَ، وَقَدْ عَطِشْنَا عَطَشًا شَدِيدًا، فَبيْنَما نَحْنُ نَسِيرُ إذَا نَحْنُ بامْرَأَةٍ سَادِلَةٍ رِجْلَيْهَا بيْنَ مَزَادَتَيْنِ، فَقُلْنَا لَهَا: أَيْنَ المَاءُ؟ قالَتْ: أَيْهَاهْ أَيْهَاهْ، لا مَاءَ لَكُمْ، قُلْنَا: فَكَمْ بيْنَ أَهْلِكِ وبيْنَ المَاءِ؟ قالَتْ: مَسِيرَةُ يَومٍ وَلَيْلَةٍ، قُلْنَا: انْطَلِقِي إلى رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، قالَتْ: وَما رَسولُ اللهِ؟ فَلَمْ نُمَلِّكْهَا مِن أَمْرِهَا شيئًا حتَّى انْطَلَقْنَا بهَا، فَاسْتَقْبَلْنَا بهَا رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، فَسَأَلَهَا، فأخْبَرَتْهُ مِثْلَ الذي أَخْبَرَتْنَا، وَأَخْبَرَتْهُ أنَّهَا مُوتِمَةٌ لَهَا صِبْيَانٌ أَيْتَامٌ، فأمَرَ برَاوِيَتِهَا فَأُنِيخَتْ فَمَجَّ في العَزْلَاوَيْنِ العُلْيَاوَيْنِ، ثُمَّ بَعَثَ برَاوِيَتِهَا، فَشَرِبْنَا وَنَحْنُ أَرْبَعُونَ رَجُلًا عِطَاشٌ حتَّى رَوِينَا، وَمَلَأْنَا كُلَّ قِرْبَةٍ معنَا وإدَاوَةٍ، وَغَسَّلْنَا صَاحِبَنَا، غيرَ أنَّا لَمْ نَسْقِ بَعِيرًا ، وَهي تَكَادُ تَنْضَرِجُ مِنَ المَاءِ، يَعْنِي المَزَادَتَيْنِ، ثُمَّ قالَ: هَاتُوا ما كانَ عِنْدَكُمْ، فَجَمَعْنَا لَهَا مِن كِسَرٍ وَتَمْرٍ، وَصَرَّ لَهَا صُرَّةً، فَقالَ لَهَا: اذْهَبِي فأطْعِمِي هذا عِيَالَكِ، وَاعْلَمِي أنَّا لَمْ نَرْزَأْ مِن مَائِكِ، فَلَمَّا أَتَتْ أَهْلَهَا قالَتْ: لقَدْ لَقِيتُ أَسْحَرَ البَشَرِ، أَوْ إنَّه لَنَبِيٌّ كما زَعَمَ، كانَ مِن أَمْرِهِ ذَيْتَ وَذَيْتَ، فَهَدَى اللَّهُ ذَاكَ الصِّرْمَ بتِلْكَ المَرْأَةِ، فأسْلَمَتْ وَأَسْلَمُوا. [وفي رواية]: كُنَّا مع رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ في سَفَرٍ، فَسَرَيْنَا لَيْلَةً حتَّى إذَا كانَ مِن آخِرِ اللَّيْلِ قُبَيْلَ الصُّبْحِ وَقَعْنَا تِلكَ الوَقْعَةَ الَّتي لا وَقْعَةَ عِنْدَ المُسَافِرِ أَحْلَى منها، فَما أَيْقَظَنَا إلَّا حَرُّ الشَّمْسِ وَسَاقَ الحَدِيثَ بنَحْوِ حَديثِ سَلْمِ بنِ زَرِيرٍ، وَزَادَ وَنَقَصَ، وَقالَ في الحَديثِ: فَلَمَّا اسْتَيْقَظَ عُمَرُ بنُ الخَطَّابِ وَرَأَى ما أَصَابَ النَّاسَ، وَكانَ أَجْوَفَ جَلِيدًا ، فَكَبَّرَ وَرَفَعَ صَوْتَهُ بالتَّكْبِيرِ حتَّى اسْتَيْقَظَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ لِشِدَّةِ صَوْتِهِ بالتَّكْبِيرِ، فَلَمَّا اسْتَيْقَظَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ شَكَوْا إلَيْهِ الذي أَصَابَهُمْ، فَقالَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ: لا ضَيْرَ ارْتَحِلُوا وَاقْتَصَّ الحَدِيثَ.

228 -  أنَّ سَعْدَ بنَ هِشَامِ بنِ عَامِرٍ أَرَادَ أَنْ يَغْزُوَ في سَبيلِ اللهِ، فَقَدِمَ المَدِينَةَ، فأرَادَ أَنْ يَبِيعَ عَقَارًا له بهَا فَيَجْعَلَهُ في السِّلَاحِ وَالْكُرَاعِ، وَيُجَاهِدَ الرُّومَ حتَّى يَمُوتَ، فَلَمَّا قَدِمَ المَدِينَةَ لَقِيَ أُنَاسًا مِن أَهْلِ المَدِينَةِ، فَنَهَوْهُ عن ذلكَ، وَأَخْبَرُوهُ أنَّ رَهْطًا سِتَّةً أَرَادُوا ذلكَ في حَيَاةِ نَبِيِّ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، فَنَهَاهُمْ نَبِيُّ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، وَقالَ: أَليسَ لَكُمْ فِيَّ أُسْوَةٌ؟! فَلَمَّا حَدَّثُوهُ بذلكَ رَاجَعَ امْرَأَتَهُ، وَقَدْ كانَ طَلَّقَهَا وَأَشْهَدَ علَى رَجْعَتِهَا. فأتَى ابْنَ عَبَّاسٍ، فَسَأَلَهُ عن وِتْرِ رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، فَقالَ ابنُ عَبَّاسٍ: أَلَا أَدُلُّكَ علَى أَعْلَمِ أَهْلِ الأرْضِ بوِتْرِ رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ؟ قالَ: مَنْ؟ قالَ: عَائِشَةُ، فَأْتِهَا، فَاسْأَلْهَا، ثُمَّ ائْتِنِي فأخْبِرْنِي برَدِّهَا عَلَيْكَ. فَانْطَلَقْتُ إلَيْهَا، فأتَيْتُ علَى حَكِيمِ بنِ أَفْلَحَ، فَاسْتَلْحَقْتُهُ إلَيْهَا، فَقالَ: ما أَنَا بقَارِبِهَا ؛ لأَنِّي نَهَيْتُهَا أَنْ تَقُولَ في هَاتَيْنِ الشِّيعَتَيْنِ شيئًا، فأبَتْ فِيهِما إلَّا مُضِيًّا، قالَ: فأقْسَمْتُ عليه، فَجَاءَ، فَانْطَلَقْنَا إلى عَائِشَةَ، فَاسْتَأْذَنَّا عَلَيْهَا، فأذِنَتْ لَنَا، فَدَخَلْنَا عَلَيْهَا، فَقالَتْ: أَحَكِيمٌ؟ فَعَرَفَتْهُ، فَقالَ: نَعَمْ، فَقالَتْ: مَن معكَ؟ قالَ: سَعْدُ بنُ هِشَامٍ، قالَتْ: مَن هِشَامٌ؟ قالَ: ابنُ عَامِرٍ، فَتَرَحَّمَتْ عليه، وَقالَتْ خَيْرًا -قالَ قَتَادَةُ: وَكانَ أُصِيبَ يَومَ أُحُدٍ- فَقُلتُ: يا أُمَّ المُؤْمِنِينَ، أَنْبِئِينِي عن خُلُقِ رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، قالَتْ: أَلَسْتَ تَقْرَأُ القُرْآنَ؟ قُلتُ: بَلَى، قالَتْ: فإنَّ خُلُقَ نَبِيِّ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ كانَ القُرْآنَ. قالَ: فَهَمَمْتُ أَنْ أَقُومَ وَلَا أَسْأَلَ أَحَدًا عن شَيءٍ حتَّى أَمُوتَ، ثُمَّ بَدَا لِي، فَقُلتُ: أَنْبِئِينِي عن قِيَامِ رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، فَقالَتْ: أَلَسْتَ تَقْرَأُ {يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ}؟ قُلتُ: بَلَى، قالَتْ: فإنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ افْتَرَضَ قِيَامَ اللَّيْلِ في أَوَّلِ هذِه السُّورَةِ، فَقَامَ نَبِيُّ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ وَأَصْحَابُهُ حَوْلًا ، وَأَمْسَكَ اللَّهُ خَاتِمَتَهَا اثْنَيْ عَشَرَ شَهْرًا في السَّمَاءِ، حتَّى أَنْزَلَ اللَّهُ في آخِرِ هذِه السُّورَةِ التَّخْفِيفَ، فَصَارَ قِيَامُ اللَّيْلِ تَطَوُّعًا بَعْدَ فَرِيضَةٍ. قالَ: قُلتُ: يا أُمَّ المُؤْمِنِينَ، أَنْبِئِينِي عن وِتْرِ رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، فَقالَتْ: كُنَّا نُعِدُّ له سِوَاكَهُ وَطَهُورَهُ، فَيَبْعَثُهُ اللَّهُ ما شَاءَ أَنْ يَبْعَثَهُ مِنَ اللَّيْلِ، فَيَتَسَوَّكُ، وَيَتَوَضَّأُ، وَيُصَلِّي تِسْعَ رَكَعَاتٍ لا يَجْلِسُ فِيهَا إلَّا في الثَّامِنَةِ، فَيَذْكُرُ اللَّهَ وَيَحْمَدُهُ وَيَدْعُوهُ، ثُمَّ يَنْهَضُ وَلَا يُسَلِّمُ، ثُمَّ يَقُومُ فيُصَلِّي التَّاسِعَةَ، ثُمَّ يَقْعُدُ فَيَذْكُرُ اللَّهَ وَيَحْمَدُهُ وَيَدْعُوهُ، ثُمَّ يُسَلِّمُ تَسْلِيمًا يُسْمِعُنَا، ثُمَّ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ بَعْدَ ما يُسَلِّمُ وَهو قَاعِدٌ، فَتِلْكَ إحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَةً يا بُنَيَّ، فَلَمَّا أَسَنَّ نَبِيُّ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، وَأَخَذَهُ اللَّحْمُ، أَوْتَرَ بسَبْعٍ، وَصَنَعَ في الرَّكْعَتَيْنِ مِثْلَ صَنِيعِهِ الأوَّلِ، فَتِلْكَ تِسْعٌ يا بُنَيَّ. وَكانَ نَبِيُّ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ إذَا صَلَّى صَلَاةً أَحَبَّ أَنْ يُدَاوِمَ عَلَيْهَا، وَكانَ إذَا غَلَبَهُ نَوْمٌ، أَوْ وَجَعٌ عن قِيَامِ اللَّيْلِ، صَلَّى مِنَ النَّهَارِ ثِنْتَيْ عَشْرَةَ رَكْعَةً، وَلَا أَعْلَمُ نَبِيَّ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ قَرَأَ القُرْآنَ كُلَّهُ في لَيْلَةٍ، وَلَا صَلَّى لَيْلَةً إلى الصُّبْحِ، وَلَا صَامَ شَهْرًا كَامِلًا غيرَ رَمَضَانَ. قالَ: فَانْطَلَقْتُ إلى ابْنِ عَبَّاسٍ فَحَدَّثْتُهُ بحَديثِهَا، فَقالَ: صَدَقَتْ، لو كُنْتُ أَقْرَبُهَا، أَوْ أَدْخُلُ عَلَيْهَا لأَتَيْتُهَا حتَّى تُشَافِهَنِي به، قالَ: قُلتُ: لو عَلِمْتُ أنَّكَ لا تَدْخُلُ عَلَيْهَا ما حَدَّثْتُكَ حَدِيثَهَا. [وفي رواية]: أنَّهُ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ، ثُمَّ انْطَلَقَ إلى المَدِينَةِ لِيَبِيعَ عَقَارَهُ، فَذَكَرَ نَحْوَهُ.

229 - بَعَثَ عَلِيُّ بنُ أَبِي طَالِبٍ إلى رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ مِنَ اليَمَنِ، بذَهَبَةٍ في أَدِيمٍ مَقْرُوظٍ لَمْ تُحَصَّلْ مِن تُرَابِهَا ، قالَ: فَقَسَمَهَا بيْنَ أَرْبَعَةِ نَفَرٍ: بيْنَ عُيَيْنَةَ بنِ حِصْنٍ، وَالأقْرَعِ بنِ حَابِسٍ، وَزَيْدِ الخَيْلِ، وَالرَّابِعُ إمَّا عَلْقَمَةُ بنُ عُلَاثَةَ، وإمَّا عَامِرُ بنُ الطُّفَيْلِ، فَقالَ رَجُلٌ مِن أَصْحَابِهِ: كُنَّا نَحْنُ أَحَقَّ بهذا مِن هَؤُلَاءِ، قالَ: فَبَلَغَ ذلكَ النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، فَقالَ: أَلَا تَأْمَنُونِي؟ وَأَنَا أَمِينُ مَن في السَّمَاءِ، يَأْتِينِي خَبَرُ السَّمَاءِ صَبَاحًا وَمَسَاءً قالَ: فَقَامَ رَجُلٌ غَائِرُ العَيْنَيْنِ، مُشْرِفُ الوَجْنَتَيْنِ ، نَاشِزُ الجَبْهَةِ، كَثُّ اللِّحْيَةِ ، مَحْلُوقُ الرَّأْسِ، مُشَمَّرُ الإزَارِ، فَقالَ: يا رَسولَ اللهِ، اتَّقِ اللَّهَ، فَقالَ: وَيْلَكَ أَوَلَسْتُ أَحَقَّ أَهْلِ الأرْضِ أَنْ يَتَّقِيَ اللَّهَ، قالَ: ثُمَّ وَلَّى الرَّجُلُ، فَقالَ خَالِدُ بنُ الوَلِيدِ: يا رَسولَ اللهِ، أَلَا أَضْرِبُ عُنُقَهُ؟ فَقالَ: لَا، لَعَلَّهُ أَنْ يَكونَ يُصَلِّي قالَ خَالِدٌ: وَكَمْ مِن مُصَلٍّ يقولُ بلِسَانِهِ ما ليسَ في قَلْبِهِ، فَقالَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ: إنِّي لَمْ أُومَرْ أَنْ أَنْقُبَ عن قُلُوبِ النَّاسِ، وَلَا أَشُقَّ بُطُونَهُمْ قالَ: ثُمَّ نَظَرَ إلَيْهِ وَهو مُقَفٍّ ، فَقالَ: إنَّه يَخْرُجُ مِن ضِئْضِئِ هذا قَوْمٌ يَتْلُونَ كِتَابَ اللهِ، رَطْبًا لا يُجَاوِزُ حَنَاجِرَهُمْ، يَمْرُقُونَ مِنَ الدِّينِ كما يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنَ الرَّمِيَّةِ قالَ: أَظُنُّهُ قالَ: لَئِنْ أَدْرَكْتُهُمْ لأَقْتُلَنَّهُمْ قَتْلَ ثَمُودَ. [وفي رواية]: نَاتِئُ الجَبْهَةِ، وَلَمْ يَقُلْ: نَاشِزُ. وَزَادَ: فَقَامَ إلَيْهِ عُمَرُ بنُ الخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عنْه فَقالَ: يا رَسولَ اللهِ، أَلَا أَضْرِبُ عُنُقَهُ؟ قالَ: لا قالَ: ثُمَّ أَدْبَرَ فَقَامَ إلَيْهِ خَالِدٌ، سَيْفُ اللهِ، فَقالَ: يا رَسولَ اللهِ، أَلَا أَضْرِبُ عُنُقَهُ؟ قالَ: لا فَقالَ: إنَّه سَيَخْرُجُ مِن ضِئْضِئِ هذا قَوْمٌ يَتْلُونَ كِتَابَ اللهِ لَيِّنًا رَطْبًا وَقالَ: قالَ عُمَارَةُ: حَسِبْتُهُ قالَ: لَئِنْ أَدْرَكْتُهُمْ لأَقْتُلَنَّهُمْ قَتْلَ ثَمُودَ. [وفي رواية]: إنَّه سَيَخْرُجُ مِن ضِئْضِئِ هذا قَوْمٌ وَلَمْ يَذْكُرْ لَئِنْ أَدْرَكْتُهُمْ لأَقْتُلَنَّهُمْ قَتْلَ ثَمُودَ.

230 - تَزَوَّجَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، فَدَخَلَ بأَهْلِهِ، قالَ: فَصَنَعَتْ أُمِّي أُمُّ سُلَيْمٍ حَيْسًا، فَجَعَلَتْهُ في تَوْرٍ ، فَقالَتْ: يا أَنَسُ، اذْهَبْ بهذا إلى رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، فَقُلْ: بَعَثَتْ بهذا إلَيْكَ أُمِّي وَهي تُقْرِئُكَ السَّلَامَ، وَتَقُولُ: إنَّ هذا لكَ مِنَّا قَلِيلٌ يا رَسولَ اللهِ، قالَ: فَذَهَبْتُ بهَا إلى رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، فَقُلتُ: إنَّ أُمِّي تُقْرِئُكَ السَّلَامَ، وَتَقُولُ: إنَّ هذا لكَ مِنَّا قَلِيلٌ يا رَسولَ اللهِ، فَقالَ: ضَعْهُ، ثُمَّ قالَ: اذْهَبْ، فَادْعُ لي فُلَانًا وَفُلَانًا وَفُلَانًا، وَمَن لَقِيتَ، وَسَمَّى رِجَالًا، قالَ: فَدَعَوْتُ مَن سَمَّى، وَمَن لَقِيتُ. قالَ: قُلتُ لأَنَسٍ: عَدَدَ كَمْ كَانُوا؟ قالَ: زُهَاءَ ثَلَاثِ مِئَةٍ. وَقالَ لي رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ: يا أَنَسُ، هَاتِ التَّوْرَ ، قالَ: فَدَخَلُوا حتَّى امْتَلأَتِ الصُّفَّةُ وَالْحُجْرَةُ، فَقالَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ: لِيَتَحَلَّقْ عَشَرَةٌ عَشَرَةٌ، وَلْيَأْكُلْ كُلُّ إنْسَانٍ ممَّا يَلِيهِ، قالَ: فأكَلُوا حتَّى شَبِعُوا، قالَ: فَخَرَجَتْ طَائِفَةٌ، وَدَخَلَتْ طَائِفَةٌ، حتَّى أَكَلُوا كُلُّهُمْ، فَقالَ لِي: يا أَنَسُ، ارْفَعْ، قالَ: فَرَفَعْتُ، فَما أَدْرِي حِينَ وَضَعْتُ كانَ أَكْثَرَ، أَمْ حِينَ رَفَعْتُ، قالَ: وَجَلَسَ طَوَائِفُ منهمْ يَتَحَدَّثُونَ في بَيْتِ رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، وَرَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ جَالِسٌ وَزَوْجَتُهُ مُوَلِّيَةٌ وَجْهَهَا إلى الحَائِطِ، فَثَقُلُوا علَى رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، فَخَرَجَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، فَسَلَّمَ علَى نِسَائِهِ، ثُمَّ رَجَعَ، فَلَمَّا رَأَوْا رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ قدْ رَجَعَ، ظَنُّوا أنَّهُمْ قدْ ثَقُلُوا عليه، قالَ: فَابْتَدَرُوا البَابَ، فَخَرَجُوا كُلُّهُمْ، وَجَاءَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، حتَّى أَرْخَى السِّتْرَ، وَدَخَلَ وَأَنَا جَالِسٌ في الحُجْرَةِ، فَلَمْ يَلْبَثْ إلَّا يَسِيرًا حتَّى خَرَجَ عَلَيَّ، وَأُنْزِلَتْ هذِه الآيَةُ، فَخَرَجَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، وَقَرَأَهُنَّ علَى النَّاسِ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النبيِّ إلَّا أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ إلى طَعَامٍ غيرَ نَاظِرِينَ إنَاهُ وَلَكِنْ إذَا دُعِيتُمْ فَادْخُلُوا فَإِذَا طَعِمْتُمْ فَانْتَشِرُوا وَلَا مُسْتَأْنِسِينَ لِحَدِيثٍ إنَّ ذَلِكُمْ كانَ يُؤْذِي النبيَّ}[الأحزاب:53] إلى آخِرِ الآيَةِ. قالَ الجَعْدُ: قالَ أَنَسُ بنُ مَالِكٍ: أَنَا أَحْدَثُ النَّاسِ عَهْدًا بهذِه الآيَاتِ. وَحُجِبْنَ نِسَاءُ النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ.

231 - إنِّي لَقَاعِدٌ مع النَّبيِّ صلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ إذْ جَاءَ رَجُلٌ يَقُودُ آخَرَ بنِسْعَةٍ، فَقالَ: يا رَسولَ اللهِ، هذا قَتَلَ أَخِي، فَقالَ رَسولُ اللهِ صلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ: أَقَتَلْتَهُ؟ فَقالَ: إنَّه لو لَمْ يَعْتَرِفْ أَقَمْتُ عليه البَيِّنَةَ، قالَ: نَعَمْ قَتَلْتُهُ، قالَ: كيفَ قَتَلْتَهُ؟ قالَ: كُنْتُ أَنَا وَهو نَخْتَبِطُ مِن شَجَرَةٍ، فَسَبَّنِي، فأغْضَبَنِي، فَضَرَبْتُهُ بالفَأْسِ علَى قَرْنِهِ ، فَقَتَلْتُهُ، فَقالَ له النَّبيُّ صلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ: هلْ لكَ مِن شَيءٍ تُؤَدِّيهِ عن نَفْسِكَ؟ قالَ: ما لي مَالٌ إلَّا كِسَائِي وَفَأْسِي، قالَ: فَتَرَى قَوْمَكَ يَشْتَرُونَكَ؟ قالَ: أَنَا أَهْوَنُ علَى قَوْمِي مِن ذَاكَ، فَرَمَى إلَيْهِ بنِسْعَتِهِ، وَقالَ: دُونَكَ صَاحِبَكَ، فَانْطَلَقَ به الرَّجُلُ، فَلَمَّا وَلَّى قالَ رَسولُ اللهِ صلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ: إنْ قَتَلَهُ فَهو مِثْلُهُ، فَرَجَعَ، فَقالَ: يا رَسولَ اللهِ، إنَّه بَلَغَنِي أنَّكَ قُلْتَ: إنْ قَتَلَهُ فَهو مِثْلُهُ، وَأَخَذْتُهُ بأَمْرِكَ، فَقالَ رَسولُ اللهِ صلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ: أَمَا تُرِيدُ أَنْ يَبُوءَ بإثْمِكَ وإثْمِ صَاحِبِكَ؟ قالَ: يا نَبِيَّ اللهِ -لَعَلَّهُ قالَ-: بَلَى، قالَ: فإنَّ ذَاكَ كَذَاكَ، قالَ: فَرَمَى بنِسْعَتِهِ وَخَلَّى سَبِيلَهُ .

232 - يَا أَبَا عبدِ الرَّحْمَنِ ، رَأَيْتُكَ تَصْنَعُ أَرْبَعًا لَمْ أَرَ أَحَدًا مِن أَصْحَابِكَ يَصْنَعُهَا، قالَ: ما هُنَّ؟ يا ابْنَ جُرَيْجٍ، قالَ: رَأَيْتُكَ لا تَمَسُّ مِنَ الأرْكَانِ إلَّا اليَمَانِيَيْنِ، وَرَأَيْتُكَ تَلْبَسُ النِّعَالَ السِّبْتِيَّةَ، وَرَأَيْتُكَ تَصْبُغُ بالصُّفْرَةِ، وَرَأَيْتُكَ، إذَا كُنْتَ بمَكَّةَ، أَهَلَّ النَّاسُ إذَا رَأَوُا الهِلَالَ، وَلَمْ تُهْلِلْ أَنْتَ حتَّى يَكونَ يَوْمُ التَّرْوِيَةِ . فَقالَ عبدُ اللهِ بنُ عُمَرَ: أَمَّا الأرْكَانُ، فإنِّي لَمْ أَرَ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ يَمَسُّ إلَّا اليَمَانِيَيْنِ، وَأَمَّا النِّعَالُ السِّبْتِيَّةُ، فإنِّي رَأَيْتُ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ يَلْبَسُ النِّعَالَ الَّتي ليسَ فِيهَا شَعَرٌ، وَيَتَوَضَّأُ فِيهَا، فأنَا أُحِبُّ أَنْ أَلْبَسَهَا، وَأَمَّا الصُّفْرَةُ، فإنِّي رَأَيْتُ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ يَصْبُغُ بهَا، فأنَا أُحِبُّ أَنْ أَصْبُغَ بهَا، وَأَمَّا الإهْلَالُ فإنِّي لَمْ أَرَ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ يُهِلُّ حتَّى تَنْبَعِثَ به رَاحِلَتُهُ .

233 - ذَكَرَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ الدَّجَّالَ ذَاتَ غَدَاةٍ، فَخَفَّضَ فيه وَرَفَّعَ، حتَّى ظَنَنَّاهُ في طَائِفَةِ النَّخْلِ ، فَلَمَّا رُحْنَا إِلَيْهِ عَرَفَ ذلكَ فِينَا، فَقالَ: ما شَأْنُكُمْ؟ قُلْنَا: يا رَسُولَ اللهِ، ذَكَرْتَ الدَّجَّالَ غَدَاةً، فَخَفَّضْتَ فيه وَرَفَّعْتَ، حتَّى ظَنَنَّاهُ في طَائِفَةِ النَّخْلِ ، فَقالَ: غَيْرُ الدَّجَّالِ أَخْوَفُنِي علَيْكُم، إنْ يَخْرُجْ وَأَنَا فِيكُمْ، فأنَا حَجِيجُهُ دُونَكُمْ، وإنْ يَخْرُجْ وَلَسْتُ فِيكُمْ، فَامْرُؤٌ حَجِيجُ نَفْسِهِ، وَاللَّهُ خَلِيفَتي علَى كُلِّ مُسْلِمٍ، إنَّه شَابٌّ قَطَطٌ، عَيْنُهُ طَافِئَةٌ ، كَأَنِّي أُشَبِّهُهُ بعَبْدِ العُزَّى بنِ قَطَنٍ، فمَن أَدْرَكَهُ مِنكُمْ، فَلْيَقْرَأْ عليه فَوَاتِحَ سُورَةِ الكَهْفِ، إنَّه خَارِجٌ خَلَّةً بيْنَ الشَّأْمِ وَالْعِرَاقِ، فَعَاثَ يَمِينًا وَعَاثَ شِمَالًا، يا عِبَادَ اللهِ فَاثْبُتُوا. قُلْنَا: يا رَسُولَ اللهِ، وَما لَبْثُهُ في الأرْضِ؟ قالَ: أَرْبَعُونَ يَوْمًا؛ يَوْمٌ كَسَنَةٍ، وَيَوْمٌ كَشَهْرٍ، وَيَوْمٌ كَجُمُعَةٍ، وَسَائِرُ أَيَّامِهِ كَأَيَّامِكُمْ قُلْنَا: يا رَسُولَ اللهِ، فَذلكَ اليَوْمُ الذي كَسَنَةٍ، أَتَكْفِينَا فيه صَلَاةُ يَومٍ؟ قالَ: لَا، اقْدُرُوا له قَدْرَهُ، قُلْنَا: يا رَسُولَ اللهِ، وَما إِسْرَاعُهُ في الأرْضِ؟ قالَ: كَالْغَيْثِ اسْتَدْبَرَتْهُ الرِّيحُ، فَيَأْتي علَى القَوْمِ فَيَدْعُوهُمْ، فيُؤْمِنُونَ به وَيَسْتَجِيبُونَ له، فَيَأْمُرُ السَّمَاءَ فَتُمْطِرُ، وَالأرْضَ فَتُنْبِتُ، فَتَرُوحُ عليهم سَارِحَتُهُمْ أَطْوَلَ ما كَانَتْ ذُرًا، وَأَسْبَغَهُ ضُرُوعًا ، وَأَمَدَّهُ خَوَاصِرَ، ثُمَّ يَأْتي القَوْمَ، فَيَدْعُوهُمْ، فَيَرُدُّونَ عليه قَوْلَهُ، فَيَنْصَرِفُ عنْهمْ، فيُصْبِحُونَ مُمْحِلِينَ ليسَ بأَيْدِيهِمْ شَيءٌ مِن أَمْوَالِهِمْ، وَيَمُرُّ بالخَرِبَةِ ، فيَقولُ لَهَا: أَخْرِجِي كُنُوزَكِ، فَتَتْبَعُهُ كُنُوزُهَا كَيَعَاسِيبِ النَّحْلِ، ثُمَّ يَدْعُو رَجُلًا مُمْتَلِئًا شَبَابًا، فَيَضْرِبُهُ بالسَّيْفِ فَيَقْطَعُهُ جَزْلَتَيْنِ رَمْيَةَ الغَرَضِ، ثُمَّ يَدْعُوهُ فيُقْبِلُ وَيَتَهَلَّلُ وَجْهُهُ، يَضْحَكُ. فَبيْنَما هو كَذلكَ إِذْ بَعَثَ اللَّهُ المَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ، فَيَنْزِلُ عِنْدَ المَنَارَةِ البَيْضَاءِ شَرْقِيَّ دِمَشْقَ، بيْنَ مَهْرُودَتَيْنِ، وَاضِعًا كَفَّيْهِ علَى أَجْنِحَةِ مَلَكَيْنِ، إِذَا طَأْطَأَ رَأْسَهُ قَطَرَ، وإذَا رَفَعَهُ تَحَدَّرَ منه جُمَانٌ كَاللُّؤْلُؤِ ، فلا يَحِلُّ لِكَافِرٍ يَجِدُ رِيحَ نَفَسِهِ إِلَّا مَاتَ، وَنَفَسُهُ يَنْتَهِي حَيْثُ يَنْتَهِي طَرْفُهُ ، فَيَطْلُبُهُ حتَّى يُدْرِكَهُ ببَابِ لُدٍّ، فَيَقْتُلُهُ، ثُمَّ يَأْتي عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ قَوْمٌ قدْ عَصَمَهُمُ اللَّهُ منه، فَيَمْسَحُ عن وُجُوهِهِمْ وَيُحَدِّثُهُمْ بدَرَجَاتِهِمْ في الجَنَّةِ. فَبيْنَما هو كَذلكَ إِذْ أَوْحَى اللَّهُ إلى عِيسَى: إنِّي قدْ أَخْرَجْتُ عِبَادًا لِي، لا يَدَانِ لأَحَدٍ بقِتَالِهِمْ، فَحَرِّزْ عِبَادِي إلى الطُّورِ ، وَيَبْعَثُ اللَّهُ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ ، وَهُمْ مِن كُلِّ حَدَبٍ يَنْسِلُونَ ، فَيَمُرُّ أَوَائِلُهُمْ علَى بُحَيْرَةِ طَبَرِيَّةَ فَيَشْرَبُونَ ما فِيهَا، وَيَمُرُّ آخِرُهُمْ فيَقولونَ: لقَدْ كانَ بهذِه مَرَّةً مَاءٌ، وَيُحْصَرُ نَبِيُّ اللهِ عِيسَى وَأَصْحَابُهُ، حتَّى يَكونَ رَأْسُ الثَّوْرِ لأَحَدِهِمْ خَيْرًا مِن مِائَةِ دِينَارٍ لِأَحَدِكُمُ اليَومَ، فَيَرْغَبُ نَبِيُّ اللهِ عِيسَى وَأَصْحَابُهُ، فيُرْسِلُ اللَّهُ عليهمُ النَّغَفَ في رِقَابِهِمْ، فيُصْبِحُونَ فَرْسَى كَمَوْتِ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ، ثُمَّ يَهْبِطُ نَبِيُّ اللهِ عِيسَى وَأَصْحَابُهُ إلى الأرْضِ، فلا يَجِدُونَ في الأرْضِ مَوْضِعَ شِبْرٍ إِلَّا مَلأَهُ زَهَمُهُمْ وَنَتْنُهُمْ، فَيَرْغَبُ نَبِيُّ اللهِ عِيسَى وَأَصْحَابُهُ إلى اللهِ، فيُرْسِلُ اللَّهُ طَيْرًا كَأَعْنَاقِ البُخْتِ ، فَتَحْمِلُهُمْ فَتَطْرَحُهُمْ حَيْثُ شَاءَ اللَّهُ. ثُمَّ يُرْسِلُ اللَّهُ مَطَرًا لا يَكُنُّ منه بَيْتُ مَدَرٍ وَلَا وَبَرٍ، فَيَغْسِلُ الأرْضَ حتَّى يَتْرُكَهَا كَالزَّلَفَةِ ، ثُمَّ يُقَالُ لِلأَرْضِ: أَنْبِتي ثَمَرَتَكِ، وَرُدِّي بَرَكَتَكِ، فَيَومَئذٍ تَأْكُلُ العِصَابَةُ مِنَ الرُّمَّانَةِ، وَيَسْتَظِلُّونَ بقِحْفِهَا ، وَيُبَارَكُ في الرِّسْلِ، حتَّى أنَّ اللِّقْحَةَ مِنَ الإبِلِ لَتَكْفِي الفِئَامَ مِنَ النَّاسِ، وَاللِّقْحَةَ مِنَ البَقَرِ لَتَكْفِي القَبِيلَةَ مِنَ النَّاسِ، وَاللِّقْحَةَ مِنَ الغَنَمِ لَتَكْفِي الفَخِذَ مِنَ النَّاسِ، فَبيْنَما هُمْ كَذلكَ إِذْ بَعَثَ اللَّهُ رِيحًا طَيِّبَةً، فَتَأْخُذُهُمْ تَحْتَ آبَاطِهِمْ، فَتَقْبِضُ رُوحَ كُلِّ مُؤْمِنٍ وَكُلِّ مُسْلِمٍ، وَيَبْقَى شِرَارُ النَّاسِ، يَتَهَارَجُونَ فِيهَا تَهَارُجَ الحُمُرِ، فَعليهم تَقُومُ السَّاعَةُ. [وفي رواية]: لقَدْ كانَ بهذِه مَرَّةً مَاءٌ، ثُمَّ يَسِيرُونَ حتَّى يَنْتَهُوا إلى جَبَلِ الخَمَرِ -وَهو جَبَلُ بَيْتِ المَقْدِسِ- فيَقولونَ: لقَدْ قَتَلْنَا مَن في الأرْضِ، هَلُمَّ فَلْنَقْتُلْ مَن في السَّمَاءِ، فَيَرْمُونَ بنُشَّابِهِمْ إلى السَّمَاءِ، فَيَرُدُّ اللَّهُ عليهم نُشَّابَهُمْ مَخْضُوبَةً دَمًا. وفي رِوَايَة: فإنِّي قدْ أَنْزَلْتُ عِبَادًا لِي، لا يَدَيْ لأَحَدٍ بقِتَالِهِمْ.

234 - لَمَّا كانَ يَوْمُ بَدْرٍ نَظَرَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ إلى المُشْرِكِينَ وَهُمْ أَلْفٌ، وَأَصْحَابُهُ ثَلَاثُ مِائَةٍ وَتِسْعَةَ عَشَرَ رَجُلًا، فَاسْتَقْبَلَ نَبِيُّ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ القِبْلَةَ، ثُمَّ مَدَّ يَدَيْهِ، فَجَعَلَ يَهْتِفُ برَبِّهِ: اللَّهُمَّ أَنْجِزْ لي ما وَعَدْتَنِي، اللَّهُمَّ آتِ ما وَعَدْتَنِي، اللَّهُمَّ إنْ تُهْلِكْ هذِه العِصَابَةَ مِن أَهْلِ الإسْلَامِ لا تُعْبَدْ في الأرْضِ، فَما زَالَ يَهْتِفُ برَبِّهِ، مَادًّا يَدَيْهِ مُسْتَقْبِلَ القِبْلَةِ، حتَّى سَقَطَ رِدَاؤُهُ عن مَنْكِبَيْهِ، فأتَاهُ أَبُو بَكْرٍ فأخَذَ رِدَاءَهُ، فألْقَاهُ علَى مَنْكِبَيْهِ، ثُمَّ التَزَمَهُ مِن وَرَائِهِ، وَقالَ: يا نَبِيَّ اللهِ، كَفَاكَ مُنَاشَدَتُكَ رَبَّكَ؛ فإنَّه سَيُنْجِزُ لكَ ما وَعَدَكَ، فأنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: { إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُرْدِفِينَ} [الأنفال: 9]، فأمَدَّهُ اللَّهُ بالمَلَائِكَةِ. قالَ أَبُو زُمَيْلٍ: فَحدَّثَني ابنُ عَبَّاسٍ قالَ: بيْنَما رَجُلٌ مِنَ المُسْلِمِينَ يَومَئذٍ يَشْتَدُّ في أَثَرِ رَجُلٍ مِنَ المُشْرِكِينَ أَمَامَهُ، إذْ سَمِعَ ضَرْبَةً بالسَّوْطِ فَوْقَهُ وَصَوْتَ الفَارِسِ يقولُ: أَقْدِمْ حَيْزُومُ ، فَنَظَرَ إلى المُشْرِكِ أَمَامَهُ، فَخَرَّ مُسْتَلْقِيًا، فَنَظَرَ إلَيْهِ فَإِذَا هو قدْ خُطِمَ أَنْفُهُ، وَشُقَّ وَجْهُهُ، كَضَرْبَةِ السَّوْطِ، فَاخْضَرَّ ذلكَ أَجْمَعُ، فَجَاءَ الأنْصَارِيُّ، فَحَدَّثَ بذلكَ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، فَقالَ: صَدَقْتَ؛ ذلكَ مِن مَدَدِ السَّمَاءِ الثَّالِثَةِ، فَقَتَلُوا يَومَئذٍ سَبْعِينَ، وَأَسَرُوا سَبْعِينَ. قالَ أَبُو زُمَيْلٍ: قالَ ابنُ عَبَّاسٍ: فَلَمَّا أَسَرُوا الأُسَارَى، قالَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ لأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ: ما تَرَوْنَ في هَؤُلَاءِ الأُسَارَى؟ فَقالَ أَبُو بَكْرٍ: يا نَبِيَّ اللهِ، هُمْ بَنُو العَمِّ وَالْعَشِيرَةِ، أَرَى أَنْ تَأْخُذَ منهمْ فِدْيَةً فَتَكُونُ لَنَا قُوَّةً علَى الكُفَّارِ؛ فَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُمْ لِلإِسْلَامِ، فَقالَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ: ما تَرَى يا ابْنَ الخَطَّابِ؟ قُلتُ: لا، وَاللَّهِ يا رَسولَ اللهِ ما أَرَى الَّذي رَأَى أَبُو بَكْرٍ، وَلَكِنِّي أَرَى أَنْ تُمَكِّنَّا فَنَضْرِبَ أَعْنَاقَهُمْ، فَتُمَكِّنَ عَلِيًّا مِن عَقِيلٍ فَيَضْرِبَ عُنُقَهُ، وَتُمَكِّنِّي مِن فُلَانٍ -نَسِيبًا لِعُمَرَ- فأضْرِبَ عُنُقَهُ؛ فإنَّ هَؤُلَاءِ أَئِمَّةُ الكُفْرِ وَصَنَادِيدُهَا، فَهَوِيَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ ما قالَ أَبُو بَكْرٍ، وَلَمْ يَهْوَ ما قُلتُ، فَلَمَّا كانَ مِنَ الغَدِ جِئْتُ، فَإِذَا رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ وَأَبُو بَكْرٍ قَاعِدَيْنِ يَبْكِيَانِ، قُلتُ: يا رَسولَ اللهِ، أَخْبِرْنِي مِن أَيِّ شَيءٍ تَبْكِي أَنْتَ وَصَاحِبُكَ؟ فإنْ وَجَدْتُ بُكَاءً بَكَيْتُ، وإنْ لَمْ أَجِدْ بُكَاءً تَبَاكَيْتُ لِبُكَائِكُمَا، فَقالَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ: أَبْكِي لِلَّذِي عَرَضَ عَلَيَّ أَصْحَابُكَ مِن أَخْذِهِمِ الفِدَاءَ، لقَدْ عُرِضَ عَلَيَّ عَذَابُهُمْ أَدْنَى مِن هذِه الشَّجَرَةِ -شَجَرَةٍ قَرِيبَةٍ مِن نَبِيِّ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ- وَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ} إلى قَوْلِهِ {فَكُلُوا ممَّا غَنِمْتُمْ حَلَالًا طَيِّبًا} [الأنفال: 67 - 69]، فأحَلَّ اللَّهُ الغَنِيمَةَ لهمْ.

235 - أنَّ ناسًا قالُوا لِرَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ: يا رَسولَ اللهِ، هلْ نَرَى رَبَّنا يَومَ القِيامَةِ؟ فقالَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ: هلْ تُضارُّونَ في رُؤْيَةِ القَمَرِ لَيْلَةَ البَدْرِ؟ قالوا: لا يا رَسولَ اللهِ، قالَ: هلْ تُضارُّونَ في الشَّمْسِ ليسَ دُونَها سَحابٌ؟ قالوا: لا يا رَسولَ اللهِ، قالَ: فإنَّكُمْ تَرَوْنَهُ، كَذلكَ يَجْمَعُ اللَّهُ النَّاسَ يَومَ القِيامَةِ فيَقولُ: مَن كانَ يَعْبُدُ شيئًا فَلْيَتَّبِعْهُ، فَيَتَّبِعُ مَن كانَ يَعْبُدُ الشَّمْسَ الشَّمْسَ، ويَتَّبِعُ مَن كانَ يَعْبُدُ القَمَرَ القَمَرَ، ويَتَّبِعُ مَن كانَ يَعْبُدُ الطَّواغِيتَ الطَّواغِيتَ ،، وتَبْقَى هذِه الأُمَّةُ فيها مُنافِقُوها، فَيَأْتِيهِمُ اللَّهُ تَبارَكَ وتَعالَى في صُورَةٍ غيرِ صُورَتِهِ الَّتي يَعْرِفُونَ، فيَقولُ: أنا رَبُّكُمْ، فيَقولونَ: نَعُوذُ باللَّهِ مِنْكَ، هذا مَكانُنا حتَّى يَأْتِيَنا رَبُّنا، فإذا جاءَ رَبُّنا عَرَفْناهُ، فَيَأْتِيهِمُ اللَّهُ تَعالَى في صُورَتِهِ الَّتي يَعْرِفُونَ، فيَقولُ: أنا رَبُّكُمْ، فيَقولونَ: أنْتَ رَبُّنا فَيَتَّبِعُونَهُ ويُضْرَبُ الصِّراطُ بيْنَ ظَهْرَيْ جَهَنَّمَ ، فأكُونُ أنا وأُمَّتي أوَّلَ مَن يُجِيزُ، ولا يَتَكَلَّمُ يَومَئذٍ إلَّا الرُّسُلُ، ودَعْوَى الرُّسُلِ يَومَئذٍ: اللَّهُمَّ سَلِّمْ، سَلِّمْ، وفي جَهَنَّمَ كَلالِيبُ مِثْلُ شَوْكِ السَّعْدانِ ، هلْ رَأَيْتُمُ السَّعْدانَ؟ قالوا: نَعَمْ يا رَسولَ اللهِ، قالَ: فإنَّها مِثْلُ شَوْكِ السَّعْدانِ غيرَ أنَّه لا يَعْلَمُ ما قَدْرُ عِظَمِها إلَّا اللَّهُ، تَخْطَفُ النَّاسَ بأَعْمالِهِمْ، فَمِنْهُمُ المُؤْمِنُ بَقِيَ بعَمَلِهِ، ومِنْهُمُ المُجازَى حتَّى يُنَجَّى، حتَّى إذا فَرَغَ اللَّهُ مِنَ القَضاءِ بيْنَ العِبادِ، وأَرادَ أنْ يُخْرِجَ برَحْمَتِهِ مَن أرادَ مِن أهْلِ النَّارِ، أمَرَ المَلائِكَةَ أنْ يُخْرِجُوا مِنَ النَّارِ مِن كانَ لا يُشْرِكُ باللَّهِ شيئًا مِمَّنْ أرادَ اللَّهُ تَعالَى أنْ يَرْحَمَهُ مِمَّنْ يقولُ: لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، فَيَعْرِفُونَهُمْ في النَّارِ، يَعْرِفُونَهُمْ بأَثَرِ السُّجُودِ، تَأْكُلُ النَّارُ مِنَ ابْنِ آدَمَ إلَّا أثَرَ السُّجُودِ ، حَرَّمَ اللَّهُ علَى النَّارِ أنْ تَأْكُلَ أثَرَ السُّجُودِ ، فيُخْرَجُونَ مِنَ النَّارِ وقَدِ امْتَحَشُوا ، فيُصَبُّ عليهم ماءُ الحَياةِ، فَيَنْبُتُونَ منه كما تَنْبُتُ الحِبَّةُ في حَمِيلِ السَّيْلِ ، ثُمَّ يَفْرُغُ اللَّهُ تَعالَى مِنَ القَضاءِ بيْنَ العِبادِ، ويَبْقَى رَجُلٌ مُقْبِلٌ بوَجْهِهِ علَى النَّارِ وهو آخِرُ أهْلِ الجَنَّةِ دُخُولًا الجَنَّةَ، فيَقولُ: أيْ رَبِّ، اصْرِفْ وجْهِي عَنِ النَّارِ، فإنَّه قدْ قَشَبَنِي رِيحُها ، وأَحْرَقَنِي ذَكاؤُها ، فَيَدْعُو اللَّهَ ما شاءَ اللَّهُ أنْ يَدْعُوَهُ، ثُمَّ يقولُ اللَّهُ تَبارَكَ وتَعالَى: هلْ عَسَيْتَ إنْ فَعَلْتُ ذلكَ بكَ أنْ تَسْأَلَ غَيْرَهُ؟ فيَقولُ: لا أسْأَلُكَ غَيْرَهُ، ويُعْطِي رَبَّهُ مِن عُهُودٍ ومَواثِيقَ ما شاءَ اللَّهُ، فَيَصْرِفُ اللَّهُ وجْهَهُ عَنِ النَّارِ، فإذا أقْبَلَ علَى الجَنَّةِ ورَآها سَكَتَ ما شاءَ اللَّهُ أنْ يَسْكُتَ، ثُمَّ يقولُ: أيْ رَبِّ، قَدِّمْنِي إلى بابِ الجَنَّةِ، فيَقولُ اللَّهُ له: أليسَ قدْ أعْطَيْتَ عُهُودَكَ ومَواثِيقَكَ لا تَسْأَلُنِي غيرَ الذي أعْطَيْتُكَ، ويْلَكَ يا ابْنَ آدَمَ، ما أغْدَرَكَ فيَقولُ: أيْ رَبِّ، يَدْعُو اللَّهَ حتَّى يَقُولَ له: فَهلْ عَسَيْتَ إنْ أعْطَيْتُكَ ذلكَ أنْ تَسْأَلَ غَيْرَهُ؟ فيَقولُ: لا وعِزَّتِكَ، فيُعْطِي رَبَّهُ ما شاءَ اللَّهُ مِن عُهُودٍ ومَواثِيقَ، فيُقَدِّمُهُ إلى بابِ الجَنَّةِ، فإذا قامَ علَى بابِ الجَنَّةِ انْفَهَقَتْ له الجَنَّةُ، فَرَأَى ما فيها مِنَ الخَيْرِ والسُّرُورِ، فَيَسْكُتُ ما شاءَ اللَّهُ أنْ يَسْكُتَ، ثُمَّ يقولُ: أيْ رَبِّ، أدْخِلْنِي الجَنَّةَ، فيَقولُ اللَّهُ تَبارَكَ وتَعالَى له: أليسَ قدْ أعْطَيْتَ عُهُودَكَ ومَواثِيقَكَ أنْ لا تَسْأَلَ غيرَ ما أُعْطِيتَ؟ ويْلَكَ يا ابْنَ آدَمَ، ما أغْدَرَكَ، فيَقولُ: أيْ رَبِّ، لا أكُونُ أشْقَى خَلْقِكَ، فلا يَزالُ يَدْعُو اللَّهَ حتَّى يَضْحَكَ اللَّهُ تَبارَكَ وتَعالَى منه، فإذا ضَحِكَ اللَّهُ منه قالَ: ادْخُلِ الجَنَّةَ، فإذا دَخَلَها قالَ اللَّهُ له: تَمَنَّهْ، فَيَسْأَلُ رَبَّهُ ويَتَمَنَّى حتَّى إنَّ اللَّهَ لَيُذَكِّرُهُ مِن كَذا وكَذا، حتَّى إذا انْقَطَعَتْ به الأمانِيُّ، قالَ اللَّهُ تَعالَى: ذلكَ لكَ ومِثْلُهُ معهُ.

236 - قَدِمْنَا الحُدَيْبِيَةَ مع رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ وَنَحْنُ أَرْبَعَ عَشْرَةَ مِائَةً، وَعَلَيْهَا خَمْسُونَ شَاةً لا تُرْوِيهَا، قالَ: فَقَعَدَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ علَى جَبَا الرَّكِيَّةِ ، فَإِمَّا دَعَا وإمَّا بَصَقَ فِيهَا، قالَ: فَجَاشَتْ ، فَسَقَيْنَا وَاسْتَقَيْنَا، قالَ: ثُمَّ إنَّ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ دَعَانَا لِلْبَيْعَةِ في أَصْلِ الشَّجَرَةِ، قالَ: فَبَايَعْتُهُ أَوَّلَ النَّاسِ، ثُمَّ بَايَعَ، وَبَايَعَ، حتَّى إذَا كانَ في وَسَطٍ مِنَ النَّاسِ، قالَ: بَايِعْ يا سَلَمَةُ، قالَ: قُلتُ: قدْ بَايَعْتُكَ يا رَسولَ اللهِ في أَوَّلِ النَّاسِ، قالَ: وَأَيْضًا، قالَ: وَرَآنِي رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ عَزِلًا، يَعْنِي ليسَ معهُ سِلَاحٌ، قالَ: فأعْطَانِي رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ حَجَفَةً -أَوْ دَرَقَةً- ثُمَّ بَايَعَ، حتَّى إذَا كانَ في آخِرِ النَّاسِ، قالَ: أَلَا تُبَايِعُنِي يا سَلَمَةُ؟ قالَ: قُلتُ: قدْ بَايَعْتُكَ يا رَسولَ اللهِ، في أَوَّلِ النَّاسِ، وفي أَوْسَطِ النَّاسِ، قالَ: وَأَيْضًا، قالَ: فَبَايَعْتُهُ الثَّالِثَةَ، ثُمَّ قالَ لِي: يا سَلَمَةُ، أَيْنَ حَجَفَتُكَ -أَوْ دَرَقَتُكَ- الَّتي أَعْطَيْتُكَ؟ قالَ: قُلتُ: يا رَسولَ اللهِ، لَقِيَنِي عَمِّي عَامِرٌ عَزِلًا، فأعْطَيْتُهُ إيَّاهَا، قالَ: فَضَحِكَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، وَقالَ: إنَّكَ كَالَّذِي قالَ الأوَّلُ: اللَّهُمَّ أَبْغِنِي حَبِيبًا هو أَحَبُّ إلَيَّ مِن نَفْسِي، ثُمَّ إنَّ المُشْرِكِينَ رَاسَلُونَا الصُّلْحَ حتَّى مَشَى بَعْضُنَا في بَعْضٍ، وَاصْطَلَحْنَا. قالَ: وَكُنْتُ تَبِيعًا لِطَلْحَةَ بنِ عُبَيْدِ اللهِ أَسْقِي فَرَسَهُ، وَأَحُسُّهُ ، وَأَخْدِمُهُ، وَآكُلُ مِن طَعَامِهِ، وَتَرَكْتُ أَهْلِي وَمَالِي مُهَاجِرًا إلى اللهِ وَرَسولِهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، قالَ: فَلَمَّا اصْطَلَحْنَا نَحْنُ وَأَهْلُ مَكَّةَ، وَاخْتَلَطَ بَعْضُنَا ببَعْضٍ؛ أَتَيْتُ شَجَرَةً فَكَسَحْتُ شَوْكَهَا فَاضْطَجَعْتُ في أَصْلِهَا، قالَ: فأتَانِي أَرْبَعَةٌ مِنَ المُشْرِكِينَ مِن أَهْلِ مَكَّةَ، فَجَعَلُوا يَقَعُونَ في رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، فأبْغَضْتُهُمْ، فَتَحَوَّلْتُ إلى شَجَرَةٍ أُخْرَى، وَعَلَّقُوا سِلَاحَهُمْ وَاضْطَجَعُوا، فَبيْنَما هُمْ كَذلكَ إذْ نَادَى مُنَادٍ مِن أَسْفَلِ الوَادِي: يا لَلْمُهَاجِرِينَ، قُتِلَ ابنُ زُنَيْمٍ، قالَ: فَاخْتَرَطْتُ سَيْفِي، ثُمَّ شَدَدْتُ علَى أُولَئِكَ الأرْبَعَةِ وَهُمْ رُقُودٌ، فأخَذْتُ سِلَاحَهُمْ، فَجَعَلْتُهُ ضِغْثًا في يَدِي، قالَ: ثُمَّ قُلتُ: وَالَّذِي كَرَّمَ وَجْهَ مُحَمَّدٍ، لا يَرْفَعُ أَحَدٌ مِنكُم رَأْسَهُ إلَّا ضَرَبْتُ الَّذي فيه عَيْنَاهُ، قالَ: ثُمَّ جِئْتُ بهِمْ أَسُوقُهُمْ إلى رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، قالَ: وَجَاءَ عَمِّي عَامِرٌ برَجُلٍ مِنَ العَبَلَاتِ ، يُقَالُ له: مِكْرَزٌ يَقُودُهُ إلى رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ علَى فَرَسٍ، مُجَفَّفٍ في سَبْعِينَ مِنَ المُشْرِكِينَ، فَنَظَرَ إليهِم رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، فَقالَ: دَعُوهُمْ، يَكُنْ لهمْ بَدْءُ الفُجُورِ ، وَثِنَاهُ، فَعَفَا عنْهمْ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، وَأَنْزَلَ اللَّهُ: {وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُمْ بِبَطْنِ مَكَّةَ مِنْ بَعْدِ أَنْ أَظْفَرَكُمْ عَلَيْهِمْ} [الفتح: 24] الآيَةَ كُلَّهَا. قالَ: ثُمَّ خَرَجْنَا رَاجِعِينَ إلى المَدِينَةِ، فَنَزَلْنَا مَنْزِلًا بيْنَنَا وبيْنَ بَنِي لَحْيَانَ جَبَلٌ، وَهُمُ المُشْرِكُونَ، فَاسْتَغْفَرَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ لِمَن رَقِيَ هذا الجَبَلَ اللَّيْلَةَ، كَأنَّهُ طَلِيعَةٌ للنَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ وَأَصْحَابِهِ، قالَ سَلَمَةُ: فَرَقِيتُ تِلكَ اللَّيْلَةَ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا، ثُمَّ قَدِمْنَا المَدِينَةَ، فَبَعَثَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ بظَهْرِهِ مع رَبَاحٍ، غُلَامِ رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، وَأَنَا معهُ، وَخَرَجْتُ معهُ بفَرَسِ طَلْحَةَ، أُنَدِّيهِ مع الظَّهْرِ، فَلَمَّا أَصْبَحْنَا إذَا عبدُ الرَّحْمَنِ الفَزَارِيُّ قدْ أَغَارَ علَى ظَهْرِ رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، فَاسْتَاقَهُ أَجْمَعَ، وَقَتَلَ رَاعِيَهُ، قالَ: فَقُلتُ: يا رَبَاحُ، خُذْ هذا الفَرَسَ فأبْلِغْهُ طَلْحَةَ بنَ عُبَيْدِ اللهِ، وَأَخْبِرْ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ أنَّ المُشْرِكِينَ قدْ أَغَارُوا علَى سَرْحِهِ، قالَ: ثُمَّ قُمْتُ علَى أَكَمَةٍ ، فَاسْتَقْبَلْتُ المَدِينَةَ، فَنَادَيْتُ ثَلَاثًا: يا صَبَاحَاهْ، ثُمَّ خَرَجْتُ في آثَارِ القَوْمِ أَرْمِيهِمْ بالنَّبْلِ وَأَرْتَجِزُ، أَقُولُ: أَنَا ابنُ الأكْوَعِ... وَالْيَوْمُ يَوْمُ الرُّضَّعِ فَأَلْحَقُ رَجُلًا منهمْ فأصُكُّ سَهْمًا في رَحْلِهِ ، حتَّى خَلَصَ نَصْلُ السَّهْمِ إلى كَتِفِهِ، قالَ: قُلتُ: خُذْهَا. وَأَنَا ابنُ الأكْوَعِ... وَالْيَوْمُ يَوْمُ الرُّضَّعِ قالَ: فَوَاللَّهِ، ما زِلْتُ أَرْمِيهِمْ وَأَعْقِرُ بهِمْ، فَإِذَا رَجَعَ إلَيَّ فَارِسٌ أَتَيْتُ شَجَرَةً، فَجَلَسْتُ في أَصْلِهَا، ثُمَّ رَمَيْتُهُ فَعَقَرْتُ به، حتَّى إذَا تَضَايَقَ الجَبَلُ فَدَخَلُوا في تَضَايُقِهِ، عَلَوْتُ الجَبَلَ فَجَعَلْتُ أُرَدِّيهِمْ بالحِجَارَةِ، قالَ: فَما زِلْتُ كَذلكَ أَتْبَعُهُمْ حتَّى ما خَلَقَ اللَّهُ مِن بَعِيرٍ مِن ظَهْرِ رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ إلَّا خَلَّفْتُهُ وَرَاءَ ظَهْرِي، وَخَلَّوْا بَيْنِي وبيْنَهُ، ثُمَّ اتَّبَعْتُهُمْ أَرْمِيهِمْ حتَّى أَلْقَوْا أَكْثَرَ مِن ثَلَاثِينَ بُرْدَةً ، وَثَلَاثِينَ رُمْحًا؛ يَسْتَخِفُّونَ، وَلَا يَطْرَحُونَ شيئًا إلَّا جَعَلْتُ عليه آرَامًا مِنَ الحِجَارَةِ يَعْرِفُهَا رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ وَأَصْحَابُهُ، حتَّى أَتَوْا مُتَضَايِقًا مِن ثَنِيَّةٍ، فَإِذَا هُمْ قدْ أَتَاهُمْ فُلَانُ بنُ بَدْرٍ الفَزَارِيُّ، فَجَلَسُوا يَتَضَحَّوْنَ، يَعْنِي يَتَغَدَّوْنَ، وَجَلَسْتُ علَى رَأْسِ قَرْنٍ ، قالَ الفَزَارِيُّ: ما هذا الَّذي أَرَى؟ قالوا: لَقِينَا مِن هذا البَرْحَ ، وَاللَّهِ ما فَارَقَنَا مُنْذُ غَلَسٍ يَرْمِينَا حتَّى انْتَزَعَ كُلَّ شَيءٍ في أَيْدِينَا، قالَ: فَلْيَقُمْ إلَيْهِ نَفَرٌ مِنكُم أَرْبَعَةٌ، قالَ: فَصَعِدَ إلَيَّ منهمْ أَرْبَعَةٌ في الجَبَلِ، قالَ: فَلَمَّا أَمْكَنُونِي مِنَ الكَلَامِ، قالَ: قُلتُ: هلْ تَعْرِفُونِي؟ قالوا: لَا، وَمَن أَنْتَ؟ قالَ: قُلتُ: أَنَا سَلَمَةُ بنُ الأكْوَعِ، وَالَّذِي كَرَّمَ وَجْهَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، لا أَطْلُبُ رَجُلًا مِنكُم إلَّا أَدْرَكْتُهُ، وَلَا يَطْلُبُنِي رَجُلٌ مِنكُم فيُدْرِكَنِي، قالَ أَحَدُهُمْ: أَنَا أَظُنُّ. قالَ: فَرَجَعُوا، فَما بَرِحْتُ مَكَانِي حتَّى رَأَيْتُ فَوَارِسَ رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ يَتَخَلَّلُونَ الشَّجَرَ، قالَ: فَإِذَا أَوَّلُهُمُ الأخْرَمُ الأسَدِيُّ، علَى إثْرِهِ أَبُو قَتَادَةَ الأنْصَارِيُّ، وعلَى إثْرِهِ المِقْدَادُ بنُ الأسْوَدِ الكِنْدِيُّ، قالَ: فأخَذْتُ بعِنَانِ الأخْرَمِ، قالَ: فَوَلَّوْا مُدْبِرِينَ، قُلتُ: يا أَخْرَمُ، احْذَرْهُمْ؛ لا يَقْتَطِعُوكَ حتَّى يَلْحَقَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ وَأَصْحَابُهُ، قالَ: يا سَلَمَةُ، إنْ كُنْتَ تُؤْمِنُ باللَّهِ وَالْيَومِ الآخِرِ، وَتَعْلَمُ أنَّ الجَنَّةَ حَقٌّ، وَالنَّارَ حَقٌّ، فلا تَحُلْ بَيْنِي وبيْنَ الشَّهَادَةِ، قالَ: فَخَلَّيْتُهُ، فَالْتَقَى هو وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ ، قالَ: فَعَقَرَ بعَبْدِ الرَّحْمَنِ فَرَسَهُ، وَطَعَنَهُ عبدُ الرَّحْمَنِ فَقَتَلَهُ، وَتَحَوَّلَ علَى فَرَسِهِ، وَلَحِقَ أَبُو قَتَادَةَ فَارِسُ رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ بعَبْدِ الرَّحْمَنِ ، فَطَعَنَهُ فَقَتَلَهُ، فَوَالَّذِي كَرَّمَ وَجْهَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، لَتَبِعْتُهُمْ أَعْدُو علَى رِجْلَيَّ حتَّى ما أَرَى وَرَائِي مِن أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ وَلَا غُبَارِهِمْ شيئًا، حتَّى يَعْدِلُوا قَبْلَ غُرُوبِ الشَّمْسِ إلى شِعْبٍ فيه مَاءٌ يُقَالُ له: ذُو قَرَدٍ لِيَشْرَبُوا منه، وَهُمْ عِطَاشٌ، قالَ: فَنَظَرُوا إلَيَّ أَعْدُو وَرَاءَهُمْ، فَخَلَّيْتُهُمْ عنْه -يَعْنِي أَجْلَيْتُهُمْ عنْه- فَما ذَاقُوا منه قَطْرَةً. قالَ: وَيَخْرُجُونَ فَيَشْتَدُّونَ في ثَنِيَّةٍ، قالَ: فأعْدُو فألْحَقُ رَجُلًا منهمْ، فأصُكُّهُ بسَهْمٍ في نُغْضِ كَتِفِهِ، قالَ: قُلتُ: خُذْهَا وَأَنَا ابنُ الأكْوَعِ... وَالْيَوْمُ يَوْمُ الرُّضَّعِ قالَ: يا ثَكِلَتْهُ أُمُّهُ! أَكْوَعُهُ بُكْرَةَ؟! قالَ: قُلتُ: نَعَمْ يا عَدُوَّ نَفْسِهِ، أَكْوَعُكَ بُكْرَةَ، قالَ: وَأَرْدَوْا فَرَسَيْنِ علَى ثَنِيَّةٍ، قالَ: فَجِئْتُ بهِما أَسُوقُهُما إلى رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، قالَ: وَلَحِقَنِي عَامِرٌ بسَطِيحَةٍ فِيهَا مَذْقَةٌ مِن لَبَنٍ ، وَسَطِيحَةٍ فِيهَا مَاءٌ، فَتَوَضَّأْتُ وَشَرِبْتُ، ثُمَّ أَتَيْتُ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ وَهو علَى المَاءِ الذي حَلَّأْتُهُمْ عنْه ، فَإِذَا رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ قدْ أَخَذَ تِلكَ الإبِلَ وَكُلَّ شَيءٍ اسْتَنْقَذْتُهُ مِنَ المُشْرِكِينَ، وَكُلَّ رُمْحٍ وَبُرْدَةٍ، وإذَا بلَالٌ نَحَرَ نَاقَةً مِنَ الإبِلِ الَّذي اسْتَنْقَذْتُ مِنَ القَوْمِ، وإذَا هو يَشْوِي لِرَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ مِن كَبِدِهَا وَسَنَامِهَا، قالَ: قُلتُ: يا رَسولَ اللهِ، خَلِّنِي فأنْتَخِبُ مِنَ القَوْمِ مِائَةَ رَجُلٍ فأتَّبِعُ القَوْمَ، فلا يَبْقَى منهمْ مُخْبِرٌ إلَّا قَتَلْتُهُ، قالَ: فَضَحِكَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ حتَّى بَدَتْ نَوَاجِذُهُ في ضَوْءِ النَّارِ، فَقالَ: يا سَلَمَةُ، أَتُرَاكَ كُنْتَ فَاعِلًا؟ قُلتُ: نَعَمْ، وَالَّذِي أَكْرَمَكَ، فَقالَ: إنَّهُمُ الآنَ لَيُقْرَوْنَ في أَرْضِ غَطَفَانَ، قالَ: فَجَاءَ رَجُلٌ مِن غَطَفَانَ، فَقالَ: نَحَرَ لهمْ فُلَانٌ جَزُورًا، فَلَمَّا كَشَفُوا جِلْدَهَا رَأَوْا غُبَارًا، فَقالوا: أَتَاكُمُ القَوْمُ، فَخَرَجُوا هَارِبِينَ، فَلَمَّا أَصْبَحْنَا قالَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ: كانَ خَيْرَ فُرْسَانِنَا اليومَ أَبُو قَتَادَةَ، وَخَيْرَ رَجَّالَتِنَا سَلَمَةُ، قالَ: ثُمَّ أَعْطَانِي رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ سَهْمَيْنِ: سَهْمَ الفَارِسِ، وَسَهْمَ الرَّاجِلِ، فَجَمعهُما لي جَمِيعًا، ثُمَّ أَرْدَفَنِي رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ وَرَاءَهُ علَى العَضْبَاءِ رَاجِعِينَ إلى المَدِينَةِ. قالَ: فَبيْنَما نَحْنُ نَسِيرُ، قالَ: وَكانَ رَجُلٌ مِنَ الأنْصَارِ لا يُسْبَقُ شَدًّا، قالَ: فَجَعَلَ يقولُ: أَلَا مُسَابِقٌ إلى المَدِينَةِ؟ هلْ مِن مُسَابِقٍ؟ فَجَعَلَ يُعِيدُ ذلكَ، قالَ: فَلَمَّا سَمِعْتُ كَلَامَهُ، قُلتُ: أَمَا تُكْرِمُ كَرِيمًا، وَلَا تَهَابُ شَرِيفًا؟! قالَ: لَا، إلَّا أَنْ يَكونَ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، قالَ: قُلتُ: يا رَسولَ اللهِ، بأَبِي وَأُمِّي، ذَرْنِي فَلِأُسَابِقَ الرَّجُلَ، قالَ: إنْ شِئْتَ، قالَ: قُلتُ: اذْهَبْ إلَيْكَ، وَثَنَيْتُ رِجْلَيَّ، فَطَفَرْتُ فَعَدَوْتُ، قالَ: فَرَبَطْتُ عليه شَرَفًا أَوْ شَرَفَيْنِ، أَسْتَبْقِي نَفَسِي، ثُمَّ عَدَوْتُ في إثْرِهِ، فَرَبَطْتُ عليه شَرَفًا أَوْ شَرَفَيْنِ، ثُمَّ إنِّي رَفَعْتُ حتَّى أَلْحَقَهُ، قالَ: فأصُكُّهُ بيْنَ كَتِفَيْهِ، قالَ: قُلتُ: قدْ سُبِقْتَ وَاللَّهِ، قالَ: أَنَا أَظُنُّ، قالَ: فَسَبَقْتُهُ إلى المَدِينَةِ، قالَ: فَوَاللَّهِ، ما لَبِثْنَا إلَّا ثَلَاثَ لَيَالٍ حتَّى خَرَجْنَا إلى خَيْبَرَ مع رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، قالَ: فَجَعَلَ عَمِّي عَامِرٌ يَرْتَجِزُ بالقَوْمِ: تَاللَّهِ لَوْلَا اللَّهُ ما اهْتَدَيْنَا... وَلَا تَصَدَّقْنَا وَلَا صَلَّيْنَا وَنَحْنُ عن فَضْلِكَ ما اسْتَغْنَيْنَا... فَثَبِّتِ الأقْدَامَ إنْ لَاقَيْنَا وَأَنْزِلَنْ سَكِينَةً عَلَيْنَا فَقالَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ: مَن هذا؟ قالَ: أَنَا عَامِرٌ، قالَ: غَفَرَ لكَ رَبُّكَ، قالَ: وَما اسْتَغْفَرَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ لإِنْسَانٍ يَخُصُّهُ إلَّا اسْتُشْهِدَ، قالَ: فَنَادَى عُمَرُ بنُ الخَطَّابِ وَهو علَى جَمَلٍ له: يا نَبِيَّ اللهِ، لَوْلَا ما مَتَّعْتَنَا بعَامِرٍ، قالَ: فَلَمَّا قَدِمْنَا خَيْبَرَ، قالَ: خَرَجَ مَلِكُهُمْ مَرْحَبٌ يَخْطِرُ بسَيْفِهِ، ويقولُ: قَدْ عَلِمَتْ خَيْبَرُ أَنِّي مَرْحَبُ... شَاكِي السِّلَاحِ بَطَلٌ مُجَرَّبُ إِذَا الحُرُوبُ أَقْبَلَتْ تَلَهَّبُ قالَ: وَبَرَزَ له عَمِّي عَامِرٌ، فَقالَ: قَدْ عَلِمَتْ خَيْبَرُ أَنِّي عَامِرُ... شَاكِي السِّلَاحِ بَطَلٌ مُغَامِرُ قالَ: فَاخْتَلَفَا ضَرْبَتَيْنِ، فَوَقَعَ سَيْفُ مَرْحَبٍ في تُرْسِ عَامِرٍ، وَذَهَبَ عَامِرٌ يَسْفُلُ له، فَرَجَعَ سَيْفُهُ علَى نَفْسِهِ، فَقَطَعَ أَكْحَلَهُ ، فَكَانَتْ فِيهَا نَفْسُهُ. قالَ سَلَمَةُ: فَخَرَجْتُ، فَإِذَا نَفَرٌ مِن أَصْحَابِ النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ يقولونَ: بَطَلَ عَمَلُ عَامِرٍ؛ قَتَلَ نَفْسَهُ، قالَ: فأتَيْتُ النَّبيَّ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ وَأَنَا أَبْكِي، فَقُلتُ: يا رَسولَ اللهِ، بَطَلَ عَمَلُ عَامِرٍ! قالَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ: مَن قالَ ذلكَ؟ قالَ: قُلتُ: نَاسٌ مِن أَصْحَابِكَ، قالَ: كَذَبَ مَن قالَ ذلكَ، بَلْ له أَجْرُهُ مَرَّتَيْنِ، ثُمَّ أَرْسَلَنِي إلى عَلِيٍّ وَهو أَرْمَدُ، فَقالَ: لأُعْطِيَنَّ الرَّايَةَ رَجُلًا يُحِبُّ اللَّهَ وَرَسولَهُ، أَوْ يُحِبُّهُ اللَّهُ وَرَسولُهُ، قالَ: فأتَيْتُ عَلِيًّا، فَجِئْتُ به أَقُودُهُ وَهو أَرْمَدُ، حتَّى أَتَيْتُ به رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، فَبَسَقَ في عَيْنَيْهِ فَبَرَأَ وَأَعْطَاهُ الرَّايَةَ، وَخَرَجَ مَرْحَبٌ، فَقالَ: قَدْ عَلِمَتْ خَيْبَرُ أَنِّي مَرْحَبُ... شَاكِي السِّلَاحِ بَطَلٌ مُجَرَّبُ إِذَا الحُرُوبُ أَقْبَلَتْ تَلَهَّبُ فَقالَ عَلِيٌّ: أَنَا الذي سَمَّتْنِي أُمِّي حَيْدَرَهْ ... كَلَيْثِ غَابَاتٍ كَرِيهِ المَنْظَرَهْ أُوفيهِمُ بالصَّاعِ كَيْلَ السَّنْدَرَهْ قالَ: فَضَرَبَ رَأْسَ مَرْحَبٍ فَقَتَلَهُ، ثُمَّ كانَ الفَتْحُ علَى يَدَيْهِ.

237 - كُنْتُ قَائِمًا عِنْدَ رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ فَجَاءَ حِبْرٌ مِن أحْبَارِ اليَهُودِ فَقالَ: السَّلَامُ عَلَيْكَ يا مُحَمَّدُ فَدَفَعْتُهُ دَفْعَةً كَادَ يُصْرَعُ منها فَقالَ: لِمَ تَدْفَعُنِي؟ فَقُلتُ: ألَا تَقُولُ يا رَسولَ اللهِ، فَقالَ اليَهُودِيُّ: إنَّما نَدْعُوهُ باسْمِهِ الذي سَمَّاهُ به أهْلُهُ. فَقالَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ: إنَّ اسْمِي مُحَمَّدٌ الذي سَمَّانِي به أهْلِي، فَقالَ اليَهُودِيُّ: جِئْتُ أسْأَلُكَ، فَقالَ له رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ: أيَنْفَعُكَ شيءٌ إنْ حَدَّثْتُكَ؟ قالَ: أسْمَعُ بأُذُنَيَّ، فَنَكَتَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ بعُودٍ معهُ ، فَقالَ: سَلْ فَقالَ اليَهُودِيُّ: أيْنَ يَكونُ النَّاسُ يَومَ تُبَدَّلُ الأرْضُ غيرَ الأرْضِ والسَّمَوَاتُ؟ فَقالَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ: هُمْ في الظُّلْمَةِ دُونَ الجِسْرِ قالَ: فمَن أوَّلُ النَّاسِ إجَازَةً؟ قالَ: فُقَرَاءُ المُهَاجِرِينَ قالَ اليَهُودِيُّ: فَما تُحْفَتُهُمْ حِينَ يَدْخُلُونَ الجَنَّةَ؟ قالَ: زِيَادَةُ كَبِدِ النُّونِ، قالَ: فَما غِذَاؤُهُمْ علَى إثْرِهَا؟ قالَ: يُنْحَرُ لهمْ ثَوْرُ الجَنَّةِ الذي كانَ يَأْكُلُ مِن أطْرَافِهَا قالَ: فَما شَرَابُهُمْ عليه؟ قالَ: مِن عَيْنٍ فِيهَا تُسَمَّى سَلْسَبِيلًا قالَ: صَدَقْتَ. قالَ: وجِئْتُ أسْأَلُكَ عن شيءٍ لا يَعْلَمُهُ أحَدٌ مِن أهْلِ الأرْضِ إلَّا نَبِيٌّ، أوْ رَجُلٌ، أوْ رَجُلَانِ. قالَ: يَنْفَعُكَ إنْ حَدَّثْتُكَ؟ قالَ: أسْمَعُ بأُذُنَيَّ. قالَ: جِئْتُ أسْأَلُكَ عَنِ الوَلَدِ؟ قالَ: مَاءُ الرَّجُلِ أبْيَضُ، ومَاءُ المَرْأَةِ أصْفَرُ، فَإِذَا اجْتَمعا، فَعَلَا مَنِيُّ الرَّجُلِ مَنِيَّ المَرْأَةِ، أذْكَرَا بإذْنِ اللهِ، وإذَا عَلَا مَنِيُّ المَرْأَةِ مَنِيَّ الرَّجُلِ، آنَثَا بإذْنِ اللهِ . قالَ اليَهُودِيُّ: لقَدْ صَدَقْتَ، وإنَّكَ لَنَبِيٌّ، ثُمَّ انْصَرَفَ فَذَهَبَ. فَقالَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ: لقَدْ سَأَلَنِي هذا عَنِ الذي سَأَلَنِي عنْه، وما لي عِلْمٌ بشيءٍ منه، حتَّى أتَانِيَ اللَّهُ بهِ. وفي رواية: بمِثْلِهِ، غيرَ أنَّه قالَ: كُنْتُ قَاعِدًا عِنْدَ رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، وقالَ: زَائِدَةُ كَبِدِ النُّونِ، وقالَ: أذْكَرَ وآنَثَ، ولَمْ يَقُلْ: أذْكَرَا وآنَثَا.
خلاصة حكم المحدث : [صحيح]
الراوي : ثوبان مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم | المحدث : مسلم | المصدر : صحيح مسلم
الصفحة أو الرقم : 315
التصنيف الموضوعي: جنة - طعام أهل الجنة وشرابهم خلق - ماء الرجل وماء المرأة رقائق وزهد - فضل الفقر والفقراء قيامة - الصراط مناقب وفضائل - فضائل المهاجرين ومناقبهم
| أحاديث مشابهة | شرح الحديث

238 - عَنْ عَائِشَةَ، في قَوْلِهِ: {وَما يُتْلَى علَيْكُم في الكِتَابِ في يَتَامَى النِّسَاءِ اللَّاتي لا تُؤْتُونَهُنَّ ما كُتِبَ لهنَّ، وَتَرْغَبُونَ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ} قالَتْ: أُنْزِلَتْ في اليَتِيمَةِ، تَكُونُ عِنْدَ الرَّجُلِ فَتَشْرَكُهُ في مَالِهِ، فَيَرْغَبُ عَنْهَا أَنْ يَتَزَوَّجَهَا، وَيَكْرَهُ أَنْ يُزَوِّجَهَا غَيْرَهُ، فَيَشْرَكُهُ في مَالِهِ، فَيَعْضِلُهَا فلا يَتَزَوَّجُهَا وَلَا يُزَوِّجُهَا غَيْرَهُ.

239 - اتَّخَذَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ خَاتِمًا مِن وَرِقِ فَكانَ في يَدِهِ ثُمَّ كانَ في يَدِ أَبِي بَكْرٍ ثُمَّ كانَ في يَدِ عُمَرَ ثُمَّ كانَ في يَدِ عُثْمَانَ حتَّى وَقَعَ منه في بئْرِ أَرِيسٍ نَقْشُهُ مُحَمَّدٌ رَسولُ اللَّهِ. قالَ ابنُ نُمَيْرٍ: حتَّى وَقَعَ في بئْرٍ وَلَمْ يَقُلْ منه.

240 - ما أنتُمْ يَومَئذٍ في النَّاسِ إلَّا كالشَّعْرَةِ البَيْضاءِ في الثَّوْرِ الأسْوَدِ، أوْ كالشَّعْرَةِ السَّوْداءِ في الثَّوْرِ الأبْيَضِ- ولَمْ يَذْكُرا أوِ الرَّقْمَةِ في ذِراعِ الحِمارِ-.
 

1 - يَكونُ في آخِرِ الزَّمانِ خَلِيفَةٌ يَقْسِمُ المالَ ولا يَعُدُّهُ.

2 - يَكونُ في آخِرِ الزَّمانِ دَجَّالُونَ كَذَّابُونَ، يَأْتُونَكُمْ مِنَ الأحادِيثِ بما لَمْ تَسْمَعُوا أنتُمْ، ولا آباؤُكُمْ، فإيَّاكُمْ وإيَّاهُمْ، لا يُضِلُّونَكُمْ، ولا يَفْتِنُونَكُمْ.

3 - إِذَا حَدَّثْتُكُمْ عن رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ فَلأَنْ أَخِرَّ مِنَ السَّمَاءِ أَحَبُّ إلَيَّ مِن أَنْ أَقُولَ عليه ما لَمْ يَقُلْ، وإذَا حَدَّثْتُكُمْ فِيما بَيْنِي وبيْنَكُمْ فإنَّ الحَرْبَ خَدْعَةٌ سَمِعْتُ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ يقولُ: سَيَخْرُجُ في آخِرِ الزَّمَانِ قَوْمٌ أَحْدَاثُ الأسْنَانِ ، سُفَهَاءُ الأحْلَامِ يقولونَ مِن خَيْرِ قَوْلِ البَرِيَّةِ ، يَقْرَؤُونَ القُرْآنَ لا يُجَاوِزُ حَنَاجِرَهُمْ، يَمْرُقُونَ مِنَ الدِّينِ كما يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنَ الرَّمِيَّةِ ، فَإِذَا لَقِيتُمُوهُمْ فَاقْتُلُوهُمْ، فإنَّ في قَتْلِهِمْ أَجْرًا، لِمَن قَتَلَهُمْ عِنْدَ اللهِ يَومَ القِيَامَةِ. [وفي رواية]: وَليسَ في حَديثِهِما يَمْرُقُونَ مِنَ الدِّينِ كما يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنَ الرَّمِيَّةِ .
خلاصة حكم المحدث : [صحيح]
الراوي : علي بن أبي طالب | المحدث : مسلم | المصدر : صحيح مسلم
الصفحة أو الرقم : 1066 التخريج : أخرجه البخاري (3611)، ومسلم (1066).
التصنيف الموضوعي: جهاد - الحرب خدعة علم - الكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم مناقب وفضائل - علي بن أبي طالب حدود - قتل الخوارج وأهل البغي قرآن - أقوام يقرؤون القرآن لا يجاوز تراقيهم
| أحاديث مشابهة | شرح حديث مشابه

4 - كانَ النَّاسُ يَنْصَرِفُونَ في كُلِّ وَجْهٍ، فَقالَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ: لا يَنْفِرَنَّ أَحَدٌ حتَّى يَكونَ آخِرُ عَهْدِهِ بالبَيْتِ. قالَ زُهَيْرٌ: يَنْصَرِفُونَ كُلَّ وَجْهٍ، وَلَمْ يَقُلْ: فِي.
خلاصة حكم المحدث : [صحيح]
الراوي : عبدالله بن عباس | المحدث : مسلم | المصدر : صحيح مسلم
الصفحة أو الرقم : 1327 التخريج : أخرجه مسلم (1327)
التصنيف الموضوعي: حج - طواف الوداع اعتصام بالسنة - تعليم النبي السنن لأصحابه حج - فضل الطواف حج - مناسك الحج
| أحاديث مشابهة |أصول الحديث | شرح حديث مشابه

5 - أُمِرَ النَّاسُ أَنْ يَكونَ آخِرُ عَهْدِهِمْ بالبَيْتِ، إلَّا أنَّهُ خُفِّفَ عَنِ المَرْأَةِ الحَائِضِ.
خلاصة حكم المحدث : [صحيح]
الراوي : عبدالله بن عباس | المحدث : مسلم | المصدر : صحيح مسلم
الصفحة أو الرقم : 1328 التخريج : أخرجه البخاري (1755) باختلاف يسير
التصنيف الموضوعي: حج - حج المرأة الحائض حج - طواف الوداع حج - نفر الحائض إذا كانت قد أفاضت حج - التخفيف والتيسير في أمور الحج حج - مناسك الحج
| أحاديث مشابهة |أصول الحديث | شرح حديث مشابه

6 - كانَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ يُصَلِّي مِنَ اللَّيْلِ حتَّى يَكونَ آخِرَ صَلَاتِهِ الوِتْرُ.
خلاصة حكم المحدث : [صحيح]
الراوي : عائشة أم المؤمنين | المحدث : مسلم | المصدر : صحيح مسلم
الصفحة أو الرقم : 740 التخريج : أخرجه أحمد (26158)، وأبو عوانة في ((المستخرج)) (2363)، والبيهقي (4894) واللفظ لهم.
التصنيف الموضوعي: تراويح وتهجد وقيام ليل - صفة صلاة الليل تراويح وتهجد وقيام ليل - وقت صلاة الوتر تراويح وتهجد وقيام ليل - صلاة الوتر تراويح وتهجد وقيام ليل - قيام النبي صلى الله عليه وسلم
| أحاديث مشابهة |أصول الحديث | شرح الحديث

7 - إنِّي لأَعْرِفُ آخَرُ أهْلِ النَّارِ خُرُوجًا مِنَ النَّارِ، رَجُلٌ يَخْرُجُ مِنْها زَحْفًا، فيُقالُ له: انْطَلِقْ فادْخُلِ الجَنَّةَ، قالَ: فَيَذْهَبُ فَيَدْخُلُ الجَنَّةَ، فَيَجِدُ النَّاسَ قدْ أخَذُوا المَنازِلَ، فيُقالُ له: أتَذْكُرُ الزَّمانَ الذي كُنْتَ فِيهِ، فيَقولُ: نَعَمْ، فيُقالُ له: تَمَنَّ، فَيَتَمَنَّى، فيُقالُ له: لكَ الذي تَمَنَّيْتَ وعَشَرَةَ أضْعافِ الدُّنْيا، قالَ: فيَقولُ: أتَسْخَرُ بي وأَنْتَ المَلِكُ؟ قالَ: فَلقَدْ رَأَيْتُ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ ضَحِكَ حتَّى بَدَتْ نَواجِذُهُ .

8 - يَتَقارَبُ الزَّمانُ، ويُقْبَضُ العِلْمُ، وتَظْهَرُ الفِتَنُ، ويُلْقَى الشُّحُّ، ويَكْثُرُ الهَرْجُ قالوا: وما الهَرْجُ؟ قالَ: القَتْلُ. وفي رواية: يَتَقارَبُ الزَّمانُ، ويَنْقُصُ العِلْمُ.. وفي رواية: لَمْ يَذْكُرُوا: ويُلْقَى الشُّحُّ.
خلاصة حكم المحدث : [صحيح]
الراوي : أبو هريرة | المحدث : مسلم | المصدر : صحيح مسلم
الصفحة أو الرقم : 157 التخريج : أخرجه البخاري (6037)، ومسلم (157).
التصنيف الموضوعي: أشراط الساعة - تقارب الزمان أشراط الساعة - قلة العلم وانتشار الجهل أشراط الساعة - كثرة الهرج علم - قبض العلم وفشو الجهل فتن - ظهور الفتن رقائق وزهد - ذم الشح
| أحاديث مشابهة |أصول الحديث | شرح حديث مشابه

9 - سَتَكُونُ أُمَراءُ فَتَعْرِفُونَ وتُنْكِرُونَ، فمَن عَرَفَ بَرِئَ، ومَن أنْكَرَ سَلِمَ، ولَكِنْ مَن رَضِيَ وتابَعَ قالوا: أفَلا نُقاتِلُهُمْ؟ قالَ: لا، ما صَلَّوْا.

10 - سَأَلَ سَلَمَةُ بنُ يَزِيدَ الجُعْفِيُّ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، فَقالَ: يا نَبِيَّ اللهِ، أَرَأَيْتَ إنْ قَامَتْ عَلَيْنَا أُمَرَاءُ يَسْأَلُونَا حَقَّهُمْ وَيَمْنَعُونَا حَقَّنَا، فَما تَأْمُرُنَا؟ فأعْرَضَ عنْه، ثُمَّ سَأَلَهُ، فأعْرَضَ عنْه، ثُمَّ سَأَلَهُ في الثَّانِيَةِ، أَوْ في الثَّالِثَةِ، فَجَذَبَهُ الأشْعَثُ بنُ قَيْسٍ، وَقالَ: اسْمَعُوا وَأَطِيعُوا، فإنَّما عليهم ما حُمِّلُوا، وَعلَيْكُم ما حُمِّلْتُمْ.

11 - يُوشِكُ أَهْلُ العِرَاقِ أَنْ لا يُجْبَى إليهِم قَفِيزٌ وَلَا دِرْهَمٌ، قُلْنَا: مِن أَيْنَ ذَاكَ؟ قالَ: مِن قِبَلِ العَجَمِ، يَمْنَعُونَ ذَاكَ، ثُمَّ قالَ: يُوشِكُ أَهْلُ الشَّأْمِ أَنْ لا يُجْبَى إليهِم دِينَارٌ وَلَا مُدْيٌ، قُلْنَا: مِن أَيْنَ ذَاكَ؟ قالَ: مِن قِبَلِ الرُّومِ، ثُمَّ سَكَتَ هُنَيَّةً، ثُمَّ قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ: يَكونُ في آخِرِ أُمَّتي خَلِيفَةٌ يَحْثِي المَالَ حَثْيًا، لا يَعُدُّهُ عَدَدًا.

12 - عَنْ أَبِي ذَرٍّ، قالَ: قالَ لي رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ: يا أَبَا ذَرٍّ إنَّه سَيَكونُ بَعْدِي أُمَرَاءُ يُمِيتُونَ الصَّلَاةَ ، فَصَلِّ الصَّلَاةَ لِوَقْتِهَا، فإنْ صَلَّيْتَ لِوَقْتِهَا كَانَتْ لكَ نَافِلَةً، وإلَّا كُنْتَ قدْ أَحْرَزْتَ صَلَاتَكَ.

13 - لا تَزالُ طائِفَةٌ مِن أُمَّتي يُقاتِلُونَ علَى الحَقِّ ظاهِرِينَ إلى يَومِ القِيامَةِ، قالَ: فَيَنْزِلُ عِيسَى ابنُ مَرْيَمَ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، فيَقولُ أمِيرُهُمْ: تَعالَ صَلِّ لَنا، فيَقولُ: لا، إنَّ بَعْضَكُمْ علَى بَعْضٍ أُمَراءُ تَكْرِمَةَ اللهِ هذِه الأُمَّةَ.

14 - اخْتَلَفَ أَهْلُ الكُوفَةِ في هذِه الآيَةِ: {وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ} فَرَحَلْتُ إلى ابْنِ عَبَّاسٍ فَسَأَلْتُهُ عَنْهَا، فَقالَ: لقَدْ أُنْزِلَتْ آخِرَ ما أُنْزِلَ، ثُمَّ ما نَسَخَهَا شيءٌ. فِي حَديثِ ابْنِ جَعْفَرٍ: نَزَلَتْ في آخِرِ ما أُنْزِلَ. وفي حَديثِ النَّضْرِ: إنَّهَا لَمِنْ آخِرِ ما أُنْزِلَتْ.
خلاصة حكم المحدث : [صحيح]
الراوي : سعيد بن جبير | المحدث : مسلم | المصدر : صحيح مسلم
الصفحة أو الرقم : 3023 التخريج : أخرجه البخاري (4590)، ومسلم (3023) والنسائي (4000)، واللفظ لهم جميعا.
التصنيف الموضوعي: تفسير آيات - سورة النساء ديات وقصاص - قتل المؤمن علم - الخروج في طلب العلم قرآن - النسخ علم - سؤال العالم عما لا يعلم
| أحاديث مشابهة |أصول الحديث | شرح حديث مشابه

15 - عَنْ أَبِي ذَرٍّ، قالَ: قالَ لي رَسولُ اللهِ: كيفَ أَنْتَ إذَا كَانَتْ عَلَيْكَ أُمَرَاءُ يُؤَخِّرُونَ الصَّلَاةَ عن وَقْتِهَا أَوْ يُمِيتُونَ الصَّلَاةَ عن وَقْتِهَا؟ قالَ: قُلتُ: فَما تَأْمُرُنِي؟ قالَ: صَلِّ الصَّلَاةَ لِوَقْتِهَا، فإنْ أَدْرَكْتَهَا معهُمْ، فَصَلِّ، فإنَّهَا لكَ نَافِلَةٌ. وَلَمْ يَذْكُرْ خَلَفٌ: عن وَقْتِهَا.

16 -  كُنْتُ مع ابْنِ عَبَّاسٍ إذْ قالَ زَيْدُ بنُ ثَابِتٍ: تُفْتي أَنْ تَصْدُرَ الحَائِضُ قَبْلَ أَنْ يَكونَ آخِرُ عَهْدِهَا بالبَيْتِ؟ فَقالَ له ابنُ عَبَّاسٍ: إمَّا لَا، فَسَلْ فُلَانَةَ الأنْصَارِيَّةَ، هلْ أَمَرَهَا بذلكَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ؟ قالَ: فَرَجَعَ زَيْدُ بنُ ثَابِتٍ إلى ابْنِ عَبَّاسٍ يَضْحَكُ وَهو يقولُ: ما أَرَاكَ إلَّا قدْ صَدَقْتَ.
خلاصة حكم المحدث : [صحيح]
الراوي : عبدالله بن عباس | المحدث : مسلم | المصدر : صحيح مسلم
الصفحة أو الرقم : 1328 التخريج : أخرجه البخاري (1755) بمعناه
التصنيف الموضوعي: حج - حج المرأة الحائض حج - حج النساء حج - طواف الوداع حج - نفر الحائض إذا كانت قد أفاضت علم - حسن السؤال ونصح العالم
| أحاديث مشابهة |أصول الحديث | شرح الحديث

17 - إنِّي رَأَيْتُ كَأنَّ دِيكًا نَقَرَنِي ثَلَاثَ نَقَرَاتٍ، وإنِّي لا أُرَاهُ إلَّا حُضُورَ أجَلِي، وإنَّ أقْوَامًا يَأْمُرُونَنِي أنَّ أسْتَخْلِفَ، وإنَّ اللَّهَ لَمْ يَكُنْ لِيُضَيِّعَ دِينَهُ، ولَا خِلَافَتَهُ، ولَا الذي بَعَثَ به نَبِيَّهُ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، فإنْ عَجِلَ بي أمْرٌ، فَالْخِلَافَةُ شُورَى بيْنَ هَؤُلَاءِ السِّتَّةِ، الَّذِينَ تُوُفِّيَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ وهو عنْهمْ رَاضٍ، وإنِّي قدْ عَلِمْتُ أنَّ أقْوَامًا يَطْعَنُونَ في هذا الأمْرِ، أنَا ضَرَبْتُهُمْ بيَدِي هذِه علَى الإسْلَامِ، فإنْ فَعَلُوا ذلكَ فَأُولَئِكَ أعْدَاءُ اللهِ، الكَفَرَةُ الضُّلَّالُ، ثُمَّ إنِّي لا أدَعُ بَعْدِي شيئًا أهَمَّ عِندِي مِنَ الكَلَالَةِ ، ما رَاجَعْتُ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ في شيءٍ ما رَاجَعْتُهُ في الكَلَالَةِ ، وما أغْلَظَ لي في شيءٍ ما أغْلَظَ لي فِيهِ، حتَّى طَعَنَ بإصْبَعِهِ في صَدْرِي، فَقالَ: يا عُمَرُ ألَا تَكْفِيكَ آيَةُ الصَّيْفِ الَّتي في آخِرِ سُورَةِ النِّسَاءِ؟ وإنِّي إنْ أعِشْ أقْضِ فِيهَا بقَضِيَّةٍ، يَقْضِي بهَا مِن يَقْرَأُ القُرْآنَ ومَن لا يَقْرَأُ القُرْآنَ، ثُمَّ قالَ: اللَّهُمَّ إنِّي أُشْهِدُكَ علَى أُمَرَاءِ الأمْصَارِ، وإنِّي إنَّما بَعَثْتُهُمْ عليهم لِيَعْدِلُوا عليهم، ولِيُعَلِّمُوا النَّاسَ دِينَهُمْ، وسُنَّةَ نَبِيِّهِمْ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، ويَقْسِمُوا فيهم فَيْئَهُمْ، ويَرْفَعُوا إلَيَّ ما أشْكَلَ عليهم مِن أمْرِهِمْ، ثُمَّ إنَّكُمْ، أيُّها النَّاسُ تَأْكُلُونَ شَجَرَتَيْنِ لا أرَاهُما إلَّا خَبِيثَتَيْنِ، هذا البَصَلَ والثُّومَ لقَدْ رَأَيْتُ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، إذَا وجَدَ رِيحَهُما مِنَ الرَّجُلِ في المَسْجِدِ، أمَرَ به فَأُخْرِجَ إلى البَقِيعِ، فمَن أكَلَهُما فَلْيُمِتْهُما طَبْخًا.
خلاصة حكم المحدث : [صحيح]
الراوي : عمر بن الخطاب | المحدث : مسلم | المصدر : صحيح مسلم
الصفحة أو الرقم : 567 التخريج : من أفراد مسلم على البخاري
التصنيف الموضوعي: أطعمة - أكل الثوم والبصل والكراث إمامة وخلافة - الاستخلاف تفسير آيات - سورة النساء صلاة الجماعة والإمامة - آداب من حضر المساجد فرائض ومواريث - الكلالة
| أحاديث مشابهة |أصول الحديث | شرح الحديث

18 - سَأَلْتُ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، عن صَيْدِ المِعْرَاضِ ، فَقالَ: ما أَصَابَ بحَدِّهِ فَكُلْهُ، وَما أَصَابَ بعَرْضِهِ فَهو وَقِيذٌ ، وَسَأَلْتُهُ عن صَيْدِ الكَلْبِ، فَقالَ: ما أَمْسَكَ عَلَيْكَ وَلَمْ يَأْكُلْ منه فَكُلْهُ، فإنَّ ذَكَاتَهُ أَخْذُهُ، فإنْ وَجَدْتَ عِنْدَهُ كَلْبًا آخَرَ، فَخَشِيتَ أَنْ يَكونَ أَخَذَهُ معهُ وَقَدْ قَتَلَهُ، فلا تَأْكُلْ، إنَّما ذَكَرْتَ اسْمَ اللهِ علَى كَلْبِكَ، وَلَمْ تَذْكُرْهُ علَى غيرِهِ.
خلاصة حكم المحدث : [صحيح]
الراوي : عدي بن حاتم الطائي | المحدث : مسلم | المصدر : صحيح مسلم
الصفحة أو الرقم : 1929 التخريج : أخرجه البخاري (5475) وأبو داود (2854) باختلاف يسير والنسائي (4264) بنحوه.
التصنيف الموضوعي: أطعمة - ما يحرم من الأطعمة صيد - التسمية على الصيد صيد - صيد الكلب إذا وجد معه كلب آخر صيد - صيد الكلب المعلم وإذا أكل منه الكلب صيد - صيد المعراض
| أحاديث مشابهة |أصول الحديث | شرح حديث مشابه

19 - إذا اقْتَرَبَ الزَّمانُ لَمْ تَكَدْ رُؤْيا المُسْلِمِ تَكْذِبُ، وأَصْدَقُكُمْ رُؤْيا أصْدَقُكُمْ حَدِيثًا، ورُؤْيا المُسْلِمِ جُزْءٌ مِن خَمْسٍ وأَرْبَعِينَ جُزْءًا مِنَ النُّبُوَّةِ، والرُّؤْيا ثَلاثَةٌ: فَرُؤْيا الصَّالِحَةِ بُشْرَى مِنَ اللهِ، ورُؤْيا تَحْزِينٌ مِنَ الشَّيْطانِ، ورُؤْيا ممَّا يُحَدِّثُ المَرْءُ نَفْسَهُ، فإنْ رَأَى أحَدُكُمْ ما يَكْرَهُ فَلْيَقُمْ فَلْيُصَلِّ، ولا يُحَدِّثْ بها النَّاسَ قالَ: وأُحِبُّ القَيْدَ وأَكْرَهُ الغُلَّ والْقَيْدُ ثَباتٌ في الدِّينِ. فَلا أدْرِي هو في الحَديثِ أمْ قالَهُ ابنُ سِيرِينَ.
خلاصة حكم المحدث : [صحيح]
الراوي : أبو هريرة | المحدث : مسلم | المصدر : صحيح مسلم
الصفحة أو الرقم : 2263 التخريج : أخرجه البخاري (7017)، ومسلم (2263).
التصنيف الموضوعي: رؤيا - أقسام الرؤيا رؤيا - الحلم من الشيطان رؤيا - القيد في المنام رؤيا - رؤيا الصالحين رؤيا - من رأى ما يكره ماذا يصنع
| أحاديث مشابهة |أصول الحديث | شرح حديث مشابه

20 - أنَّ يُحَنَّسَ مَوْلَى الزُّبَيرِ كانَ جالِسًا عِندَ عَبدِ اللهِ بنِ عُمَرَ في الفِتْنةِ، فأَتَتْه مَولَاةٌ لهُ تُسَلِّمُ عليهِ، فقالَتْ:إنِّي أَرَدْتُ الخُرُوجَ يا أَبَا عبدِ الرَّحْمَنِ ؛ اشْتَدَّ عَلَيْنَا الزَّمَانُ، فَقالَ لَهَا عبدُ اللهِ: اقْعُدِي لَكَاعِ؛ فإنِّي سَمِعْتُ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ يقولُ: لا يَصْبِرُ علَى لَأْوَائِهَا وَشِدَّتِهَا أَحَدٌ، إلَّا كُنْتُ له شَهِيدًا أَوْ شَفِيعًا يَومَ القِيَامَةِ.
خلاصة حكم المحدث : [صحيح]
الراوي : عبدالله بن عمر | المحدث : مسلم | المصدر : صحيح مسلم
الصفحة أو الرقم : 1377 التخريج : من أفراد مسلم على البخاري
التصنيف الموضوعي: فضائل المدينة - الترغيب في المقام بالمدينة فضائل المدينة - فضل المدينة قيامة - الشفاعة فضائل المدينة - المدينة والصبر على لأوائها
| أحاديث مشابهة | شرح الحديث

21 - إنَّ الزَّمانَ قَدِ اسْتَدارَ كَهَيْئَتِهِ يَومَ خَلَقَ اللَّهُ السَّمَواتِ والأرْضَ، السَّنَةُ اثْنا عَشَرَ شَهْرًا، مِنْها أرْبَعَةٌ حُرُمٌ، ثَلاثَةٌ مُتَوالِياتٌ: ذُو القَعْدَةِ، وذُو الحِجَّةِ، والْمُحَرَّمُ، ورَجَبٌ شَهْرُ مُضَرَ الذي بيْنَ جُمادَى وشَعْبانَ، ثُمَّ قالَ: أيُّ شَهْرٍ هذا؟ قُلْنا: اللَّهُ ورَسولُهُ أعْلَمُ، قالَ: فَسَكَتَ حتَّى ظَنَنَّا أنَّه سَيُسَمِّيهِ بغيرِ اسْمِهِ، قالَ: أليسَ ذا الحِجَّةِ؟ قُلْنا: بَلَى، قالَ: فأيُّ بَلَدٍ هذا؟ قُلْنا: اللَّهُ ورَسولُهُ أعْلَمُ، قالَ: فَسَكَتَ حتَّى ظَنَنَّا أنَّه سَيُسَمِّيهِ بغيرِ اسْمِهِ، قالَ: أليسَ البَلْدَةَ؟ قُلْنا: بَلَى، قالَ: فأيُّ يَومٍ هذا؟ قُلْنا: اللَّهُ ورَسولُهُ أعْلَمُ، قالَ: فَسَكَتَ حتَّى ظَنَنَّا أنَّه سَيُسَمِّيهِ بغيرِ اسْمِهِ، قالَ: أليسَ يَومَ النَّحْرِ؟ قُلْنا: بَلَى يا رَسولَ اللهِ، قالَ: فإنَّ دِماءَكُمْ وأَمْوالَكُمْ، قالَ مُحَمَّدٌ: وأَحْسِبُهُ قالَ: وأَعْراضَكُمْ، حَرامٌ علَيْكُم، كَحُرْمَةِ يَومِكُمْ هذا، في بَلَدِكُمْ هذا، في شَهْرِكُمْ هذا، وسَتَلْقَوْنَ رَبَّكُمْ فَيَسْأَلُكُمْ عن أعْمالِكُمْ، فلا تَرْجِعُنَّ بَعْدِي كُفَّارًا، أوْ ضُلَّالًا، يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقابَ بَعْضٍ ، ألا لِيُبَلِّغِ الشَّاهِدُ الغائِبَ، فَلَعَلَّ بَعْضَ مَن يُبَلِّغُهُ يَكونُ أوْعَى له مِن بَعْضِ مَن سَمِعَهُ، ثُمَّ قالَ: ألا هلْ بَلَّغْتُ؟ قالَ ابنُ حَبِيبٍ في رِوايَتِهِ: ورَجَبُ مُضَرَ. وفي رِوايَةِ أبِي بَكْرٍ: فلا تَرْجِعُوا بَعْدِي.

22 - إنَّه يُسْتَعْمَلُ علَيْكُم أُمَراءُ، فَتَعْرِفُونَ وتُنْكِرُونَ، فمَن كَرِهَ فقَدْ بَرِئَ، ومَن أنْكَرَ فقَدْ سَلِمَ، ولَكِنْ مَن رَضِيَ وتابَعَ، قالوا: يا رَسولَ اللهِ، ألا نُقاتِلُهُمْ؟ قالَ: لا، ما صَلَّوْا. أَيْ مَن كَرِهَ بقَلْبِهِ وأَنْكَرَ بقَلْبِهِ. وفي رواية: بنَحْوِ ذلكَ، غيرَ أنَّه قالَ: فمَن أنْكَرَ فقَدْ بَرِئَ، ومَن كَرِهَ فقَدْ سَلِمَ. وفي رواية: فَذَكَرَ مِثْلَهُ، إلَّا قَوْلَهُ: ولَكِنْ مَن رَضِيَ وتابَعَ لَمْ يَذْكُرْهُ.

23 - قُلتُ لِعَبْدِ اللهِ بنِ الصَّامِتِ: نُصَلِّي يَومَ الجُمُعَةِ خَلْفَ أُمَرَاءَ فيُؤَخِّرُونَ الصَّلَاةَ، قالَ: فَضَرَبَ فَخِذِي ضَرْبَةً أَوْجَعَتْنِي، وَقالَ: سَأَلْتُ أَبَا ذَرٍّ، عن ذلكَ فَضَرَبَ فَخِذِي، وَقالَ: سَأَلْتُ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ عن ذلكَ، فَقالَ: صَلُّوا الصَّلَاةَ لِوَقْتِهَا، وَاجْعَلُوا صَلَاتَكُمْ معهُمْ نَافِلَةً. قالَ: وَقالَ عبدُ اللهِ: ذُكِرَ لي أنَّ نَبِيَّ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ ضَرَبَ فَخِذَ أَبِي ذَرٍّ.
خلاصة حكم المحدث : [صحيح]
الراوي : أبو ذر الغفاري | المحدث : مسلم | المصدر : صحيح مسلم
الصفحة أو الرقم : 648 التخريج : من أفراد مسلم على البخاري
التصنيف الموضوعي: صلاة - الصلاة على وقتها صلاة الجماعة والإمامة - من صلى في منزله ثم حضر الجماعة فتن - أمراء الجور صلاة الجماعة والإمامة - الإمام
| أحاديث مشابهة |أصول الحديث | شرح حديث مشابه

24 - سَيَكونُ في آخِرِ أُمَّتي أُناسٌ يُحَدِّثُونَكُمْ ما لَمْ تَسْمَعُوا أنتُمْ ولا آباؤُكُمْ، فإيَّاكُمْ وإيَّاهُمْ.


26 - يَا رَسولَ اللهِ، وَلَدَتِ امْرَأَتي غُلَامًا أَسْوَدَ، وَهو حِينَئِذٍ يُعَرِّضُ بأَنْ يَنْفِيَهُ. وَزَادَ في آخِرِ الحَديثِ، وَلَمْ يُرَخِّصْ له في الانْتِفَاءِ منه.
خلاصة حكم المحدث : [صحيح]
الراوي : أبو هريرة | المحدث : مسلم | المصدر : صحيح مسلم
الصفحة أو الرقم : 1500 التخريج : أخرجه البخاري (5305)، ومسلم (1500) واللفظ له
التصنيف الموضوعي: نكاح - دعوى النسب وإلحاق الولد نكاح - نفي النسب إحسان - الأخذ بالرخصة لعان وتلاعن - نفي الولد والتعريض فيه
| أحاديث مشابهة |أصول الحديث | شرح حديث مشابه

27 - عَنِ البَرَاءِ، قالَ: آخِرُ آيَةٍ أُنْزِلَتْ مِنَ القُرْآنِ: {يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ في الكَلَالَةِ}[النساء:176].

28 - لَمَّا أُنْزِلَتِ الآيَاتُ مِن آخِرِ سُورَةِ البَقَرَةِ في الرِّبَا ، قالَتْ: خَرَجَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ إلى المَسْجِدِ فَحَرَّمَ التِّجَارَةَ في الخَمْرِ.
خلاصة حكم المحدث : [صحيح]
الراوي : عائشة أم المؤمنين | المحدث : مسلم | المصدر : صحيح مسلم
الصفحة أو الرقم : 1580 التخريج : أخرجه البخاري (459)، ومسلم (1580).
التصنيف الموضوعي: أطعمة - تحريم الخمر تفسير آيات - سورة البقرة ربا - ذم الربا وآكله وموكله قرآن - نزول القرآن
| أحاديث مشابهة |أصول الحديث | شرح حديث مشابه

29 - إنَّ أَحَدَكُمْ يُجْمَعُ خَلْقُهُ في بَطْنِ أُمِّهِ أَرْبَعِينَ يَوْمًا، ثُمَّ يَكونُ في ذلكَ عَلَقَةً مِثْلَ ذلكَ، ثُمَّ يَكونُ في ذلكَ مُضْغَةً مِثْلَ ذلكَ، ثُمَّ يُرْسَلُ المَلَكُ فَيَنْفُخُ فيه الرُّوحَ، وَيُؤْمَرُ بِأَرْبَعِ كَلِمَاتٍ: بِكَتْبِ رِزْقِهِ، وَأَجَلِهِ ، وَعَمَلِهِ، وَشَقِيٌّ، أَوْ سَعِيدٌ، فَوَالَّذِي لا إِلَهَ غَيْرُهُ إنَّ أَحَدَكُمْ لَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ الجَنَّةِ حتَّى ما يَكونُ بيْنَهُ وبيْنَهَا إِلَّا ذِرَاعٌ، فَيَسْبِقُ عليه الكِتَابُ ، فَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ، فَيَدْخُلُهَا، وإنَّ أَحَدَكُمْ لَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ، حتَّى ما يَكونُ بيْنَهُ وبيْنَهَا إِلَّا ذِرَاعٌ، فَيَسْبِقُ عليه الكِتَابُ ، فَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ الجَنَّةِ، فَيَدْخُلُهَا.
خلاصة حكم المحدث : [صحيح]
الراوي : عبدالله بن مسعود | المحدث : مسلم | المصدر : صحيح مسلم
الصفحة أو الرقم : 2643 التخريج : أخرجه البخاري (3208) باختلاف يسير
التصنيف الموضوعي: قدر - الإيمان بالقدر قدر - العمل بالخواتيم قدر - خلق الإنسان وكتابة رزقه وأجله ... قدر - كل شيء بقدر ملائكة - أعمال الملائكة
| أحاديث مشابهة |أصول الحديث | شرح حديث مشابه

30 - أَخَذَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ بيَدِي فَقالَ: خَلَقَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ التُّرْبَةَ يَومَ السَّبْتِ، وَخَلَقَ فِيهَا الجِبَالَ يَومَ الأحَدِ، وَخَلَقَ الشَّجَرَ يَومَ الاثْنَيْنِ، وَخَلَقَ المَكْرُوهَ يَومَ الثُّلَاثَاءِ، وَخَلَقَ النُّورَ يَومَ الأرْبِعَاءِ، وَبَثَّ فِيهَا الدَّوَابَّ يَومَ الخَمِيسِ، وَخَلَقَ آدَمَ عليه السَّلَامُ بَعْدَ العَصْرِ مِن يَومِ الجُمُعَةِ، في آخِرِ الخَلْقِ، في آخِرِ سَاعَةٍ مِن سَاعَاتِ الجُمُعَةِ، فِيما بيْنَ العَصْرِ إلى اللَّيْلِ.
خلاصة حكم المحدث : [صحيح]
الراوي : أبو هريرة | المحدث : مسلم | المصدر : صحيح مسلم
الصفحة أو الرقم : 2789 التخريج : من أفراد مسلم على البخاري
التصنيف الموضوعي: أنبياء - آدم جمعة - فضل يوم الجمعة خلق - خلق آدم خلق - خلق السموات والأرض وما فيهما خلق - بدء الخلق وعجائبه
| شرح الحديث