المطلب الأوَّلُ: قراءةُ ما زاد على الفاتحةِ، وما يُسَنُّ قراءتُه في الصَّلاةِ
الفَرْعُ الأول: حُكمُ قراءةِ ما زاد على الفاتحةِتُسَنُّ قراءةُ سورةٍ مِن القرآنِ بعد سورةِ الفاتحةِ في ركعتَيِ الفجرِ، والرَّكعتينِ الأُوليَيْنِ مِن بقيَّةِ الصَّلواتِ المفروضةِ.
الأدلَّة:أوَّلًا: من الإجماعنقَل الإجماعَ على ذلك:
ابنُ سِيرينَ
، و
ابنُ قُدامةَ
،
والنَّوويُّ
، و
الشَّوكانيُّ
ثانيًا: مِن الآثارِعن أبي هُرَيرةَ رضيَ اللهُ عنه، قال:
((في كلِّ صلاةٍ قراءةٌ، فما أَسْمَعَنَا النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أَسْمَعْناكم، وما أخفى منَّا أَخْفَيْناه منكم، ومَن قرَأَ بأمِّ الكتابِ فقد أَجْزَأَتْ عنه، ومَن زادَ فهو أفضلُ ))
الفَرْعُ الثَّاني: ما تُسَنُّ قراءتُه في الصَّلواتِ الخَمسِالمسألة الأولى: ما تُسَنُّ قِراءتُه في الفجرِيُسَنُّ تطويلُ القِراءةِ في صلاةِ الفجرِ
، وذلك باتِّفاقِ المذاهبِ الفقهيَّةِ الأربعةِ؛ مِن الحنفيَّةِ
، والمالكيَّةِ
، والشافعيَّةِ
، والحنابلةِ
، وحُكِيَ الإجماعُ على ذلك
الأدلَّة:أوَّلًا: من السُّنَّة1- قال أبو بَرْزَةَ رضيَ اللهُ عنه:
((كان النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يقرَأُ في الفجرِ ما بين السِّتِّينَ إلى المائةِ آيةٍ ))
2- عن جابرِ بنِ سمُرةَ رضيَ اللهُ عنه، قال:
((كان رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يُصلِّي الصَّلواتِ كنحوٍ مِن صلاتِكم التي تُصلُّون اليومَ، ولكنَّه كان يُخفِّفُ، كانت صلاتُه أخفَّ من صلاتِكم، وكان يقرَأُ في الفجرِ الواقعةَ ونحوَها من السُّوَرِ ))
3- عن جابرِ بنِ سمُرةَ رضيَ اللهُ عنه:
((أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم كان يقرَأُ في الفجرِ بـ: ق وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ [ق: 1] ونحوِها، فكانت صلاتُه بعدُ إلى التَّخفيفِ ))
ثانيًا: أنَّ الصُّبحِ ركعتانِ فقط، وتُدرِكُ النَّاسَ أكثرُهم نيامٌ، فيمدُّ فيها حتَّى يدركَها المسبوقُ
ثالثًا: أنَّ قرآنَ الفجرِ مشهودٌ
رابعًا: أنَّ صلاةَ الفجرِ تكونُ عَقِيبَ النَّومِ، والنَّاسُ مستريحون
خامسًا: أنَّه لَمَّا نقَص عددُ ركعاتِ صلاةِ الفجرِ، جُعِلَ تطويلُها عِوَضًا عمَّا نقَصَتْه مِن العددِ
سادسًا: لأنَّ النَّاسَ لم يأخذوا بَعْدُ في استقبالِ المعاشِ، وأسبابِ الدُّنيا
سابعًا: أنَّ صلاةَ الفجرِ تكونُ في وقتٍ تواطَأَ فيه السمعُ واللِّسانُ والقلبُ؛ لفراغِه وعدمِ تمكُّنِ الاشتغالِ فيه، فَيفهمُ القُرآنَ ويتدبَّرُه
فائدة: حُكمُ القُنوتِ في صلاةِ الفجرِلا يُشرَعُ القُنوتُ في صلاةِ الفجرِ، وهذا مذهبُ الحنفيَّةِ
، والحنابلةِ
، وبه قال طائفةٌ مِن السَّلفِ
، واختارَه
ابنُ تيميَّةَ
، و
ابنُ القيِّمِ
، و
الشَّوكانيُّ
، و
ابنُ بازٍ
، و
ابنُ عُثَيمين
، وبه أفتت اللَّجنةُ الدَّائمةُ
الأدلَّة:أوَّلًا: من السُّنَّةعن أبي هُرَيرةَ رضيَ اللهُ عنه:
((أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم كان لا يقنُتُ في الفجرِ إلَّا إذا دعَا لقومٍ أو دعَا عليهم))
ثانيًا: لو كان سنَّةً راتبةً يفعَلُه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم كلَّ صُبحٍ، ويجهَرُ به، ويؤمِّنُ مَن خلفَه، كان سبيلُه أنْ يُنقَلَ كنَقْلِ جَهرِ القراءةِ ومخافتتِها، وعددِ الرَّكَعاتِ، فمِن الممتنعِ أنْ يفعَلَ ذلك ولا ينقُلَه عنه صغيرٌ ولا كبيرٌ
ثالثًا: من الآثار1- عن أبي مِجلٍز قال:
((صليتُ مع ابنِ عُمَرَ صلاةَ الصُّبحِ، فلم يقنُتْ، فقُلتُ له: لا أراك تقنُتُ، فقال: لا أحفَظُه عن أحدٍ مِن أصحابِنا))
2- عن أبي مالكٍ الأشجعيِّ، قال:
((قلتُ لأبي: يا أبتِ، إنَّك قد صلَّيتَ خلفَ رسولِ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وأبي بكرٍ، وعُمَرَ، وعثمانَ، وعليٍّ ها هنا بالكوفةِ نحوًا مِن خَمسِ سنينَ، أكانوا يقنُتونَ؟ قال: أيْ بُنيَّ، مُحدَثٌ ))
رابعًا: أنَّها صلاةٌ مفروضةٌ، فلم يُسَنَّ فيها القُنوتُ كبقيَّةِ الصَّلواتِ
خامسًا: أنَّ القُنوتَ دعاءٌ خاصٌّ في مكانٍ خاصٍّ في عبادةٍ خاصَّةٍ، وهذه الخصوصيَّاتُ الثَّلاثُ لا تُشرَعُ إلَّا بدليلٍ
المسألة الثانية: ما تُسَنُّ قراءتُه في الظُّهرِاختلَف العلماءُ فيما يُسَنُّ قراءتُه في صلاةِ الظُّهر، على قولينِ:
القولُ الأوَّلُ: تُسَنُّ القراءةُ في الظُّهرِ بأوساطِ المُفصَّلِ، وهذا مذهبُ الحنابلةِ
، وقولٌ عند الحنفيَّةِ
، واختارَه
ابنُ بازٍ
، و
ابنُ عُثَيمين
الأدلة من السُّنَّة:1- عن جابرِ بن سمُرةَ رضيَ اللهُ عنه، قال:
((كان النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يقرَأُ في الظُّهرِ والعصرِ بـ: وَالسَّمَاءِ وَالطَّارِقِ، وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْبُرُوجِ ونحوِها مِن السُّوَرِ))
2- عن جابرِ بنِ سَمُرةَ قال:
((كان النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يقرأُ في الظُّهرِ باللَّيلِ إذا يغشى، وفي العصرِ نحو ذلك. وفي الصُّبحِ أطول من ذلك ))
القول الثاني: تُسَنُّ القراءةُ في الظُّهرِ بطِوالِ المُفصَّلِ؛ وهذا مذهبُ الجمهور
: الحنفيَّةِ
، والمالكيَّةِ
والشافعيَّةِ
الدليل من السُّنَّة:عن أبي سعيدٍ الخُدْريِّ رضيَ اللهُ عنه، قال:
((حزَرْنا قيامَ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في الظُّهرِ والعصرِ، فحزَرْنا قيامَه في الرَّكعتينِ الأُوليَيْنِ مِن الظُّهرِ قدرَ ثلاثينَ آيةً؛ قدرَ الم تَنْزِيلُ السَّجدةِ، وحزَرْنا قيامَه في الأخيرتينِ على النِّصفِ مِن ذلك، وحزَرْنا قيامَه في الأُوليَيْنِ مِن العصرِ على قدرِ الأخيرتينِ مِن الظُّهرِ، وحزَرْنا قيامَه في الأخيرتينِ مِن العصرِ على النِّصفِ مِن ذلك ))
المسألة الثالثة: ما تُسَنُّ قراءتُه في العصرِتُسَنُّ القراءةُ في العصرِ بأوساطِ المُفصَّلِ، وهذا مذهبُ الجمهورِ؛ الحنفيَّةِ
، والشافعيَّةِ
، والحنابلةِ
الأدلَّة مِن السنَّةِ1- عن جابرِ بنِ سمُرةَ رضيَ اللهُ عنه، قال:
((كان النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يقرَأُ في الظُّهرِ باللَّيلِ إذا يغشى، وفي العصرِ نحوَ ذلك، وفي الصُّبحِ أطولَ مِن ذلك ))
2- عن جابرِ بنِ سمُرةَ رضيَ اللهُ عنه، قال:
((كان رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يقرَأُ في الظُّهرِ والعصرِ: والسَّماءِ ذاتِ البُروجِ، والسَّماءِ والطَّارقِ وشِبهِهما ))
المسألة الرابعة: ما تُسَنُّ قراءتُه في المغرِبِتُسَنُّ القراءةُ في المغرِبِ بقِصارِ المُفصَّلِ
، وهذا باتِّفاقِ المذاهبِ الفقهيَّةِ الأربعةِ: الحنفيَّةِ
، والمالكيَّةِ
، والشافعيَّةِ
، والحنابلةِ
الأدلَّة:أوَّلًا: من السُّنَّةعن
سُلَيمانَ بنِ يَسارٍ، عن أبي هُرَيرةَ رضيَ اللهُ عنه، قال:
((ما صلَّيْتُ وراءَ أحدٍ أشبهَ صلاةً برسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم مِن فلانٍ، قال سُلَيمانُ: كان يُطيلُ الرَّكعتينِ الأُوليَيْنِ مِن الظُّهرِ، ويُخفِّفُ الأخيرتينِ، ويخفِّفُ العصرَ، ويقرَأُ في المغرِبِ بقصارِ المُفصَّلِ، ويقرَأُ في العِشاءِ بوسَطِ المُفصَّلِ، ويقرَأُ في الصُّبحِ بطِوالِ المُفصَّلِ ))
ثانيًا: مِن الآثارِعن عبدِ اللهِ الصنابحي: (أنَّه صلَّى وراءَ
أبي بكرٍ الصِّدِّيقِ رضيَ اللهُ عنه المغرِبَ يقرَأُ في الرَّكعتينِ الأُوليَيْنِ بأمِّ القُرآنِ وسورةٍ مِن قِصارِ المُفصَّلِ، ثمَّ قام في الرَّكعةِ الثَّالثةِ، فدنَوْتُ حتَّى أن كادَ تمَسُّ ثيابي بثيابِه، فسمِعْتُه قرأَ بأمِّ القُرآنِ وهذه الآيةِ:
رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ [آل عمران: 8] )
ثالثًا: أنَّ وقتَ المغرِبِ ضيِّقٌ؛ فحسُنَ فيه القِصارُ
المسألة الخامسة: ما تُسَنُّ قراءتُه في العِشاءِتُسَنُّ القراءةُ في العِشاءِ بأوساطِ المُفصَّلِ، وذلك باتِّفاقِ المذاهبِ الفقهيَّةِ الأربعةِ: الحنفيَّةِ
، والمالكيَّةِ
، والشافعيَّةِ
، والحنابلةِ
الدليل مِن السُّنَّةِ:عن
سُلَيمانَ بن يسارٍ، عن أبي هُرَيرةَ رضيَ اللهُ عنه، قال:
((ما صلَّيْتُ وراءَ أحدٍ أشبَهَ صلاةً برسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم مِن فلانٍ، قال سليمانُ: كان يُطيلُ الرَّكعتينِ الأُوليَيْنِ من الظُّهرِ، ويخفِّفُ الأخيرتينِ، ويُخفِّفُ العصرَ، ويقرَأُ في المغرِبِ بقِصارِ المُفصَّلِ، ويقرَأُ في العِشاءِ بوسَطِ المُفصَّلِ، ويقرَأُ في الصُّبحِ بطِوالِ المُفصَّلِ ))