الموسوعة الفقهية

المَطلَب الخامس: المواضعُ التي يَسقُطُ فيها وجوبُ استقبالِ القِبلةِ


الفَرْعُ الأَوَّلُ: مَن عَجَزَ عن مَعرفةِ مَوضعِها
مَن تَحرَّى القِبلةَ ولم يتيقَّنْ بشيءٍ، فإنَّه يُصلِّي إلى أيِّ جِهةٍ شاء، وهذا مذهبُ المالكيَّة على المعتمَد [1476] ((الشرح الكبير)) للدردير (1/227)، وينظر: ((شرح مختصر خليل)) للخرشي (1/259). ، والحنابلة [1477] ((الإنصاف)) للمرداوي (2/15)، ((كشاف القناع)) للبهوتي (1/307). ، وقولٌ للحنفيَّة [1478] قال ابنُ عابدين: (عن فتاوى العتابي: تحرَّى فلم يقعْ تحرِّيه على شيء، قيل: يؤخِّر، وقيل: يُصلِّي إلى أربع جهات، وقيل: يُخيَّر) ((حاشية ابن عابدين)) (1/270). ، واختارَه ابنُ تيميَّة قال ابنُ تيميَّة: (ولو اشتبهت عليهم القبلةُ اجتهدوا في الاستدلال عليها، فلو عَمِيت الدلائلُ صلَّوا كيفما أمكنَهم، كما قد رُوي أنَّهم فعلوا ذلك على عهد رسول الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم) ((مجموع الفتاوى)) (28/389).
الأدلَّة:
أوَّلًا: من الكِتاب
1- قال اللهُ تعالى: لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا [البقرة: 286]
2- وقال تعالى: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ [التغابن: 16]
ثانيًا: القياسُ على مسألةِ فاقدِ الطَّهورينِ - الماء والتراب - فإنَّه يُصلِّي على حسَبِ حالِه ولا يُعيدُ؛ لأنَّه منتهى طاقتِه ((كشاف القناع)) للبهوتي (1/307).
الفَرْعُ الثَّاني: مَن عجَزَ عن استقبالِ القِبلةِ
مَن عجَزَ عن استقبالِ القبلةِ، فإنَّه يُصلِّي على حسبِ حالِه، وهذا باتِّفاقِ المذاهبِ الفقهيَّة الأربعة: الحنفيَّة [1481] ((مجمع الأنهر)) لشيخي زاده (1/84)، ((فتح القدير)) للكمال ابن الهمام (1/270). ، والمالكيَّة [1482] ((التاج والإكليل)) للمواق (1/507)، ((الشرح الكبير)) للدردير (1/224). ، والشافعيَّة [1483] ((المجموع)) للنووي (3/243)، ((مغني المحتاج)) للشربيني (1/304). ، والحنابلة [1484] ((الإنصاف)) للمرداوي (2/5)، ((كشاف القناع)) للنووي (1/302).
الأدلة من الكتاب:
1- قال الله تعالى: لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا [البقرة: 286]
2- وقال تعالى: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ [التغابن: 16]
الفَرْعُ الثَّالِثُ: الصَّلاةُ في شِدَّةِ الخوفِ
تجوزُ الصَّلاةُ في شِدَّةِ الخوفِ إلى غيرِ جِهةِ القبلةِ إذا اضطرَّ إلى تَرْكها، ويُصلِّي حيث أمْكَنَه.
الأدلَّة:
أوَّلًا: من الكِتاب
قال الله تعالى: فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالًا أَوْ رُكْبَانًا [البقرة: 239]
ثانيًا: عن ابنِ عُمرَ رضى الله عنهما، قال: (فإنْ كانَ خوفٌ هو أشدُّ مِن ذلك صَلَّوا رجالًا قيامًا على أقدامهم، أو رُكبانًا مستقبلي القبلةِ أو غيرَ مستقبليها). قال نافعٌ: لا أرَى ابنَ عُمرَ ذَكَر ذلِك إلَّا عن رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم [1485] رواه البخاري (4535).
ثالثًا: من الإجماع
نقَل الإجماعَ على ذلِك: ابنُ عبدِ البرِّ [1486] وقال ابنُ عبد البَرِّ: (أجمَعوا على أنَّه لا يجوز لأحدٍ، صحيحٍ ولا مريضٍ أن يصلِّي إلى غير القبلة وهو عالمٌ بذلك في الفريضة، إلَّا في الخوف الشَّديد خاصَّةً) ((التمهيد)) (17/75). ، وابنُ بطَّالٍ [1487] وقال ابنُ بطَّال: (أجمَع العلماءُ أنَّه لا يجوز أن يُصلِّيَ أحدٌ فريضةً على الدابَّة من غير عُذر، وأنَّه لا يجوز له ترْكُ القِبلة، إلَّا في شدَّة الخوف، وفي النافلة في السَّفر على الدابَّة) ((شرح صحيح البخاري)) (3/90). وينظر: ((فتح الباري)) لابن حجر (2/575). ، والنوويُّ [1488] وقال النوويُّ: (وفيه دليلٌ على أنَّ المكتوبة لا تجوزُ إلى غير القِبلة، ولا على الدابَّة، وهذا مُجمَع عليه إلَّا في شدَّة الخوف) ((شرح النووي على مسلم)) (5/211).
رابعًا: أنَّه شرْطٌ اضطُرَّ إلى ترْكِه، فصلَّى مع ترْكه كالمريضِ إذا عجَزَ عن القيامِ [1489] ((المجموع)) للنووي (3/230).
خامسًا: أنَّه قد تَحقَّق العُذر، فأشبه حالةَ الاشتباهِ [1490] ((الهداية)) للمرغيناني (1/47).

انظر أيضا: