الموسوعة الفقهية

المَبحَثُ الرَّابِعُ: هلِ الحَوالةُ بَيْعٌ أم عَقْدُ إرْفاقٍ؟


الحَوالةُ عَقْدُ إرْفاقٍ، وليستْ عَقْدَ بَيْعٍ [13] وثَمَرةُ الخِلافِ بَيْنَ القَوْلَينِ: على القَوْلِ بأنَّ الحَوالةَ بَيْعٌ: يَدخُلُ في الحَوالةِ خِيارُ المَجلِسِ، ويَصِحُّ فيها اشْتِراطُ الرَّهْنِ والضَّمانِ. وعلى القَوْلِ بأنَّ الحَوالةَ عَقْدُ إرْفاقٍ: لا يَدخُلُ فيها خِيارُ المَجلِسِ، ولا يَصِحُّ فيها اشْتِراطُ الرَّهْنِ والضَّمانِ. يُنظَرُ: ((الحاوي الكبير)) للماوردي (6/420)، ((المغني)) لابن قُدامةَ (4/390). ، وهو مَذهَبُ الحَنَفِيَّةِ [14] ((العناية)) للبابرتي (10/509). ، واخْتِيارُ أَشهَبَ، وقَوْلُ أَكثَرِ المالِكِيَّةِ [15] المالِكيَّةُ لهم قَوْلانِ لأَشهَبَ ولابنِ القاسِمِ؛ فابنُ القاسِمِ يَرى أن الحَوالةَ كالبَيْعِ، وأَشهَبُ يَرى أنَّ الحَوالةَ ليسَتْ كالبَيْعِ، وهي عَقْدُ إرْفاقٍ، واخْتارَ أَكثَرُ المالِكيَّةِ قَوْلَ أَشهَبَ بأنَّها عَقْدُ إرْفاقٍ وليسَتْ كالبَيْعِ. ((حاشية الدسوقي على الشرح الكبير)) (3/328)، ((منح الجليل)) لعليش (6/195). ويُنظَرُ: ((التبصرة)) للخمي (10/4676)، ((شرح التلقين)) للمازري (3-1/29)، ((عقد الجواهر الثمينة)) لابن شاس (2/811)، ((جواهر الدرر)) لشمس الدَّيْن التتائي (6/ 102). والحَنابِلةِ [16] ((الإنصاف)) للمرداوي (5/166)، ((كشاف القناع)) للبهوتي (3/383). ، وهو وَجْهٌ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ [17] ((روضة الطالبين)) للنووي (4/228). ويُنظَرُ: ((الحاوي الكبير)) للماوردي (6/420). ، وهو اخْتِيارُ ابنِ عُثَيْمينَ [18] علَّقَ ابنُ عُثَيْمينَ على قَوْلِه: (بابُ الحَوالةِ، وهي نَقْلُ الدَّيْنِ مِن ذِمَّةِ المُحيلِ إلى ذِمَّةِ المُحالِ عليه، وهي عَقْدُ إرْفاقٍ مُنْفرِدٌ بنَفْسِه، ليسَتْ بَيْعًا بدَليلِ جَوازِها في الدَّيْنِ بالدَّيْنِ، وجَوازِ التَّفرُّقِ قَبْلَ القَبْضِ، واخْتِصاصِها بالجِنْسِ الواحِدِ، واسمٌ خاصٌّ فلا يَدخُلُها خِيارٌ؛ لأنَّها ليسَتْ بَيْعًا ولا في مَعْناه؛ لكَوْنِها لم تُبْنَ على المُغابَنةِ) قالَ: (ومِن أجْلِ هذا جازَ القَرْضُ؛ لأنَّه عَقْدُ إرْفاقٍ، فيَجوزُ مَثَلًا أن أُقرِضَك عَشَرةَ دَراهِمِ، وتُعطِيَني عِوَضَها بَعْدِ شَهْرٍ أو شَهْرَينِ أو سَنَةٍ أو سَنتَينِ، معَ أنَّني لو بِعْتُ عليك دَراهِمَ بدَراهِمَ لم يَجُزْ إلَّا بشَرْطِ القَبْضِ في المَجلِسِ؛ ولِهذا إذا كانَ القَرْضُ يَجُرُّ نَفْعًا إلى المُقرِضِ صارَ مُحرَّمًا؛ لأنَّه قُصِدَ فيه المُعاوَضةُ والمُغابَنةُ). ((التعليق على الكافي)) (5/575). .
وذلك للآتي:
أوَّلًا: لأنَّها لو كانَتْ بَيْعًا لكانَتْ بَيْعَ دَيْنٍ بدَيْنٍ، ولَمَا جازَ التَّفرُّقُ قَبْلَ القَبْضِ؛ لأنَّها بَيْعُ مالِ الرِّبا بجِنْسِه [19] ((كشاف القناع)) للبهوتي (3/383). .
ثانِيًا: لأنَّها ليسَتْ في مَعْنى البَيْعِ؛ لعَدَمِ العَيْنِ فيها، ولَفْظُها يُشعِرُ بالتَّحوُّلِ [20] ((كشاف القناع)) للبهوتي (3/383). .
ثالِثًا: لأنَّها لا تَتَعلَّقُ بها أحْكامُ البُيوعِ، فهي خارِجةٌ عنه [21] ((الحاوي الكبير)) للماوردي (6/420). .

انظر أيضا: