الموسوعة الفقهية

المَطْلَبُ الأوَّلُ: بَيْعُ حَبَلِ الحَبَلةِ


الفَرْعُ الأوَّلُ: معنى بَيْعِ حَبَلِ الحَبَلةِ
اختلف العُلَماءُ في معنى بَيْعِ حَبَلِ الحَبَلةِ حَبَلُ الحَبَلةِ لُغةً: ولَدُ الجَنينِ الَّذي في بطنِ النَّاقةِ، جَعَلَ الأُولَى حَبَلةً؛ لِأنَّها أنثَى، فإذا نُتِجَتِ الحَبَلةُ فوَلَدُها حَبلٌ، ويُقالُ: حَبَلُ الحَبَلةِ لِلإبلِ وغَيرِها. ينظر: ((تهذيب اللغة)) للأزهري (5/53)، ((الصحاح)) للجوهري (4/1665). على قَولَينِ:
فقيلَ: بَيعُ حَبَلِ الحَبَلةِ هو بَيعُ الشَّيءِ بثَمَنٍ مُؤَجَّلٍ إلى أن تَلِدَ النَّاقةُ ويَلِدَ ولَدُها ينظر: ((التاج والإكليل)) للموَّاق (4/363)، ((فتح العزيز)) للرَّافعي (8/192)، ((المجموع)) للنووي (9/341)، ((الاستذكار)) لابن عبد البر (6/ 421). ، وقيلَ: هو بَيعُ نِتاجِ النِّتاجِ، بأن يَبيعَ ولَدَ ما تَلِدُه النَّاقةُ أوِ الدَّابَّةُ ((تبيين الحقائق)) للزَّيلعي (4/46)، ((البناية)) للعيني (8/148)، ((التاج والإكليل)) للمواق (4/363)، ((حاشية العدوي على كفاية الطالب الرباني)) (2/169)، ((كشاف القناع)) للبهوتي (3/166).
قال ابنُ عَبدِ البَرِّ: (والتَّأويلاتُ جَميعًا مُجتَمَعٌ عليها، لا خِلافَ -والحَمدُ للهِ- بَينَ عُلَماءِ المُسْلِمينَ فيه) [1094] ((الاستذكار)) لابن عبد البر (6/ 422).
الفَرْعُ الثَّاني: حُكْمُ بَيْعِ حَبَلِ الحَبَلةِ
بَيعُ حَبَلِ الحَبَلةِ مِنَ البُيوعِ المُحَرَّمةِ الَّتي لا تَصِحُّ.
الأدِلَّةُ:
أوَّلًا: مِنَ السُّنَّةِ
عن عَبدِ اللهِ بنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عنهُما: أنَّ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ((نَهى عن بَيعِ حَبَلِ الحَبَلةِ )) أخرجه البخاري (2143) واللَّفظُ له، ومسلم (1514).
ثانيًا: مِنَ الإجماعِ
نَقَل الإجْماعَ على تحريمِه: ابنُ عَبدِ البَرِّ قال ابنُ عَبدِ البَرِّ -بعدَ أن ذكَرَ مَعنَى حَبَلِ الحَبَلةِ عِندَ مالِكٍ والشَّافِعيِّ-: (ولا خِلافَ بينَ العُلَماءِ أنَّ البَيعَ إلَى مِثلِ هَذا مِنَ الأجَلِ لا يَجوزُ، وقَد جَعَلَ اللهُ الأهِلَّةَ مواقيتَ لِلنَّاسِ، ونَهَى رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم عَنِ البَيعِ إلَى مِثلِ هَذا مِنَ الأجَلِ، وأجمَعَ المُسْلِمونَ على ذلك، وكَفَى بِهَذا عِلمًا) ((الاستذكار)) (13/313). ، وابنُ رُشدٍ قال ابنُ رُشدٍ -بعدَ أن ذَكَرَ جُملةً مِنَ البُيوعِ المُحَرَّمةِ، ومِنها حَبَلُ الحَبَلةِ-: (فهذه كُلُّها بيوعٌ جاهليَّةٌ مُتَّفَقٌ على تَحريمِها) ((بداية المجتهد)) (3/168). ، ونَقَل الإجْماعَ على بُطلانِه: ابنُ المُنذِرِ قال ابنُ المنذِرِ: (أجمعوا على فَسادِ بَيعِ حَبَلِ الحَبَلةِ) ((الإجماع)) (ص: 103). وقال -بعدَ أنَّ ذَكَرَ الأقوالَ في مَعنَى حَبَلِ الحَبلةِ-: (والبَيعُ في هَذا باطِلٌ، لا أعلَمُهم يَختَلِفونَ فيه) ((الإشراف)) (6/17). والنَّوَويُّ قال النَّوَويُّ -بعدَ أن ذَكَرَ مَعنيَينِ لِحَبَلِ الحَبَلةِ-: (وعلى التَّقديرَينِ البَيعُ باطِلٌ بِالإجماعِ) ((المجموع)) (9/341).
ثالِثًا: إنْ قُلْنا إنَّه بَيعُ الشَّيءِ بثَمَنٍ مُؤَجَّلٍ إلى أن تَلِدَ النَّاقةُ فلِأنَّه حينَئِذٍ بيعٌ بثَمَنٍ إلى أجلٍ مَجهولٍ، والأجَلُ يَأخُذُ قِسطًا مِنَ الثَّمَنِ ((شرح صحيح مسلم)) للنووي (10/158).
رابعًا: إن قُلْنا إنَّهُ بَيعُ نِتاجِ النِّتاجِ، بأن يَبيعَ ولَدَ ما تَلِدُه النَّاقةُ، فلِأنَّه حينَئِذٍ بيعُ مَعدومٍ ومَجهولٍ، وغَيرِ مَملوكٍ للبائِعِ وغَيرِ مَقدورٍ على تَسليمِه ((شرح صحيح مسلم)) للنووي (10/158).

انظر أيضا: