الموسوعة الفقهية

المَطْلَبُ الثَّالثُ: بَيْعُ عَسْبِ الفَحْلِ


الفَرْعُ الأوَّلُ: تَعْريفُ عَسْبِ الفَحْلِ لُغةً واصطِلاحًا
العَسْبُ لُغةً: الكِراءُ الَّذي يُؤخَذُ في ضِرابِ الفَحْلِ للأُنثى، يُقالُ مِنهُ: عَسَبْتُ الرَّجُلَ أعسِبُه عَسْبًا: إذا أعطيتَه الكِراءَ على ذلك، وقيلَ: العَسْبُ هو الضِّرابُ نَفسُه
والفَحلُ: هو الذَّكَرُ مِنَ الحَيَوانِ، وجَمعُه فُحولٌ وفُحولةٌ وفِحالٌ
عَسْبُ الفَحلِ اصطِلاحًا: ضِرابُه، أي: طُروقُ الفَحلِ للأُنثى
الفَرْعُ الثَّاني: حُكْمُ بَيْعِ عَسْبِ الفَحْلِ
يَحرُمُ بَيْعُ عَسْبِ الفَحْلِ، ولا يَصِحُّ ، وهو مَذْهَبُ الجُمهورِ : الحَنَفيَّةِ والشَّافِعيَّةِ ، والحَنابِلةِ
الأدِلَّةُ:
أوَّلًا: مِنَ السُّنَّةِ
1 - عنِ ابنِ عُمرَ رَضِيَ الله عنهُما قال: ((نَهى النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم عن عَسْبِ الفَحْلِ ))
2 – عن أبيِ الزُّبيرِ أنَّهُ سَمِعَ جابِرَ بنَ عَبدِ اللهِ يَقولُ: ((نَهى رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم عن بَيعِ ضِرابِ الجَمَلِ، وعن بَيعِ الماءِ، والأرضِ لتُحرَثَ، فعن ذلك نَهى النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وس لَّم))
وَجْه الدَّلالةِ مِنَ الحَديثَينِ:
أنَّه نهى عن عَسْبِ الفَحْلِ وعن بَيْعِ ضِرابِ الجَمَلِ، والأصلُ في النَّهْيِ أنَّه للتحريمِ
ثانيًا: أنَّه غيرُ مَقدورٍ على تسليمِه؛ لأنَّ ذلك متعَلِّقٌ باختيارِ الفَحْلِ وشَهْوَتِه
ثالثًا: لأنَّ المقصودَ هو الماءُ، وهو ممَّا لا يَجوزُ إفرادُه بالعَقْدِ، وهو مجهولٌ ، ولأنَّ المقصودَ هو الماءُ الذي يُخلَقُ منه الوَلَدُ، فلم يَجُزْ أخْذُ عِوَضِه، كالدَّمِ
رابعًا: لأنَّه غيرُ مُتقَوَّمٍ ولا معلومٍ

انظر أيضا:

  1. (1) ((تهذيب اللغة)) للأزهري (2/68).
  2. (2) ((المصباح المنير)) للفيومي (2/463)، ((القاموس المحيط)) (1041).
  3. (3) ((الإنصاف)) للمرداوي (4/217) ((مغني المحتاج)) للشربيني (2/30) ((نيل الأوطار)) للشوكاني (5/174).
  4. (4) قال ابنُ قُدامةَ: (فإنِ احتاجَ إنسانٌ إلَى ذلك ولَم يَجِدْ مَن يَطرُقُ لَه، جاز له أن يَبذُلَ الكِراءَ، ولَيسَ لِلمُطرقِ أخذُه. قال عَطاءٌ: لا يَأخُذُ عليه شَيئًا، ولا بأسَ أن يُعطيَه إذا لَم يَجِد مَن يَطرُقُ لَه، ولِأنَّ ذلك بذلُ مالٍ لِتَحصيلِ مَنفَعةٍ مُباحةٍ تَدعو الحاجةُ إلَيها، فجازَ، كشِراءِ الأسيرِ، ورِشوةِ الظَّالِمِ ليَدفَعَ ظُلْمَه. وإن أطرَقَ إنسانٌ فَحْلَه بِغَيرِ إجارةٍ ولا شَرطٍ، فأهْدِيَت لَه هَدِيَّةٌ، أو أكرِمَ بِكَرامةٍ لِذلك، فلا بأسَ بِه؛ لِأنَّه فَعَل مَعروفًا، فجازَت مَجازاتُه عليه، كما لو أهدى هَدِيَّةً) ((المغني)) (5/ 407). وقال أيضًا: (فعلى هَذا إذا أعطَى أُجرةً لِعَسْبِ الفَحلِ، فهوَ حَرامٌ على الآخِذِ لِما ذَكَرْناه. ولا يَحرُمُ على المُعطي؛ لِأنَّه بذلَ مالَه لِتَحصيلِ مُباحٍ يَحتاجُ إلَيه، ولا يَمتَنِعُ هَذا كما في كَسْبِ الحَجَّامِ، فإنَّه خَبيثٌ، وقَد أعطَى النَّبيُّ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم- الَّذي حَجَمَه... والصَّحابةُ أباحوا شِراءَ المَصاحِفِ، وكَرِهوا بَيْعَها. وإنَّ أعطَى صاحِبَ الفَحلِ هَديَّةً، أو أكرَمَه مِن غَيرِ إجارةٍ، جاز. وبِه قال الشَّافِعيُّ) ((المغني)) (4/ 159).
  5. (5) لَكِن إذا انفَصَلَ ماءُ الفَحلِ مِنَ الحَيَوانِ ووُضِعَ في أنابيبَ، وهوَ ما يُسَمَّى: (التَّلقيحَ الصِّناعيَّ لِلحَيَواناتِ) فيَجوزُ بيعُه؛ لِأنَّه لَيسَ فيه غَرَرٌ ولا جَهالةٌ، ومَقدورٌ على تَسليمِه. قال ابنُ جبرين: (وأمَّا بيعُ الحَيَواناتِ المَنَويَّةِ على أهلِ الخُيولِ فقَد يَجوزُ ذلك إذا كانَ نافِعًا ومُؤَثِّرًا، وكانَ القَصدُ تَكثيرَ نَسلِ الخُيولِ الأصيلةِ، ولَكِن يَنبَغي أن تَكونَ القيمةُ مُعتادةً دونَ التَّشَدُّدِ في رَفعِ قيمةِ تِلكَ الحَيَواناتِ المَنَويَّةِ؛ لِأنَّها رَخيصةٌ على أهلِها، ولَيسَ عليهم نَقصٌ في ذَهابِها) ((الموقع الرسمي للشيخ عبد الله بن جبرين)). وجاء في فتَوى الهَيئةِ العامَّةِ لِلشُّؤونِ الإسلاميَّةِ بِالإماراتِ: (لا حَرجَ في بَيعِ اللِّقاحِ نَفسِه مُنفَصِلًا عَنِ الجَمَلِ بِشَرطِ أن يَتِمَّ ذلك عَن طَريقِ إشرافِ طَبيبٍ بيطريٍّ، وأمَّا اللِّقاحُ المَنهيُّ عَن بيعِه فهوَ إعطاءُ العِوَضِ بِشَرطِ أن يُلقِحَ الجَمَلُ النَّاقةَ بِالفِعلِ؛ لِأنَّ ذلك أمرٌ مَجهولٌ) ((الموقع الرسمي للهيئة العامة للشؤون الإسلامية والأوقاف - رقم الفتوى 96936)). ((التاج والإكليل)) للموَّاق (4/364)، ((منح الجليل)) لعُلَيش (5/37).
  6. (6) عند المالِكيَّةِ: يجوزُ إذا استأجره زمَنًا مُعَيَّنًا أو مراتٍ مُعَيَّنةً. ((التاج والإكليل)) للموَّاق (4/364)، ((منح الجليل)) لعُلَيش (5/37).
  7. (7) ((شرح مختصر الطحاوي)) للجصَّاص (3/97).
  8. (8) ((فتح العزيز)) للرَّافعي (8/190)، ((روضة الطالبين)) للنَّوَوي (3/398).
  9. (9) ((المبدع)) لبرهان الدين ابن مفلح (3/367)، ((كشاف القناع)) للبهوتي (3/166).
  10. (10) أخرجه البخاري (2284).
  11. (11) أخرجه مسلم (1565).
  12. (12) ((فتاوى اللجنة الدائمة)) (15/74).
  13. (13) ((المغني)) لابن قدامة (4/159)، ((نيل الأوطار)) للشوكاني (5/174).
  14. (14) ((المغني)) لابن قدامة (4/159).
  15. (15) ينظر: ((الكافي)) لابن قدامة (2/170).
  16. (16) ينظر: ((المغني)) لابن قدامة (4/159)، ((نيل الأوطار)) للشوكاني (5/174).
  17. (17) تُرابُ الصَّوَّاغينَ أوِ الصَّاغةِ: هوَ التُّرابُ الَّذي فيه ذَرَّاتُ الذَّهَبِ والفِضَّةِ ينظر: ((البناية)) للعيني (8/42) ((البحر الرائق)) لابن نجيم (5/329)