الموسوعة الفقهية

الفَرعُ الثَّاني: ما يُشتَرَطُ وما لا يُشتَرَطُ في الشُّهودِ في النكاح


المَسألةُ الأولى: البُلوغُ
يُشتَرَطُ البُلوغُ في الشُّهودِ، وهذا باتِّفاقِ المَذاهِبِ الفِقهيَّةِ الأربَعةِ: الحَنَفيَّةِ ، والمالِكيَّةِ ، والشَّافِعيَّةِ ، والحَنابِلةِ ؛ وذلك لأنَّ الصَّبيَّ ليس من أهلِ الشَّهادةِ
المَسألةُ الثَّانيةُ: العَقلُ
يُشتَرَطُ العَقلُ في الشُّهودِ، وهذا باتِّفاقِ المَذاهِبِ الفِقهيَّةِ الأربَعةِ: الحَنَفيَّةِ ، والمالِكيَّةِ ، والشَّافِعيَّةِ ، والحَنابِلةِ ؛ وذلك لأنَّ المجنونَ ليس مِن أهلِ الشَّهادةِ
المَسألةُ الثَّالثةُ: الإسلامُ
1- إذا كان الزَّوجانِ مُسلِمَينِ:
يُشتَرَطُ في الشُّهودِ الإسلامُ إذا كان الزَّوجانِ مُسلِمَينِ، وهذا باتِّفاقِ المَذاهِبِ الفِقهيَّةِ الأربَعةِ: الحَنَفيَّةِ ، والمالِكيَّةِ ، والشَّافِعيَّةِ ، والحَنابِلةِ
الأدِلَّةُ:
أوَّلًا: مِنَ الكِتابِ
أ- قال تعالى: وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ [الطلاق: 2]
وجهُ الدَّلالةِ:
أنَّ الكافِرَ ليس مِنَّا، ولو قُبِلَ شَهادةُ غيرِ المُسلِمين لم يكُنْ لِقَولِه تعالى: مِنْكُمْ فائِدةٌ
ب- قال تعالى: وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا  [النساء: 141]
ثانيًا: أنَّ الكافِرَ ليس مِن أهلِ الوِلايةِ على المُسلِمِ
ثالثًا: أنَّ شَهادةَ الكافِرِ حُجَّةٌ في حَقِّ الكافِرِ، وليست بحُجَّةٍ في حَقِّ المُسلِمِ، فكانت شهادتُه في حَقِّه مُلحَقةً بالعَدَمِ
رابعًا: لأنَّ الكافِرَ غيرُ مأمونٍ
2- إذا كان الزَّوجُ مُسلِمًا والمَرأةُ كِتابيَّةً:
يُشتَرَطُ الإسلامُ في الشُّهودِ إذا كان الزَّوجُ مُسلِمًا والمرأةُ كتابيَّةً، وهذا مَذهَبُ الشَّافِعيَّةِ ، والحَنابِلةِ ، وهو قَولُ مُحمَّدٍ وزُفَرَ مِن الحَنَفيَّةِ
الأدِلَّةُ:
أوَّلًا: مِنَ الكِتابِ
1- قال تعالى: وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ [الطلاق: 2]
2- قال تعالى: وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ [التوبة: 71]
ثانيًا: أنَّ الكافِرَ ليس مِن أهلِ الوِلايةِ على المُسلِمِ
ثالثًا: أنَّ شَهادةَ الكافِرِ حُجَّةٌ في حَقِّ الكافِرِ، وليست بحُجَّةٍ في حَقِّ المُسلِمِ، فكانت شهادتُه في حَقِّه مُلحَقةً بالعَدَمِ
المَسألةُ الرَّابِعةُ: العَدالةُ
لا يُشتَرَطُ في شُهودِ عَقدِ النِّكاحِ العَدالةُ ، وهذا مَذهَبُ الحَنَفيَّةِ ، وقولُ بعضِ المالكيَّةِ ، وروايةٌ عن الإمامِ أحمَدَ ؛ وذلك لأنَّ الفاسِقَ مِن أهلِ الوِلايةِ على نَفسِه؛ لأنَّ له أن يزوِّجَ نَفسَه وعَبْدَه وأَمَتَه ويُقرَّ بما يتعَلَّقُ بنَفسِه مِن القَتلِ وغَيرِه، وكُلُّ مَن هو من أهلِ الوِلايةِ فهو مِن أهلِ الشَّهادةِ؛ لأنَّ الشَّهادةَ مِن بابِ الوِلايةِ
المَسألةُ الخامسة: السَّمْعُ
يُشتَرَطُ في الشُّهودِ السَّمْعُ في عَقدِ النِّكاحِ، فلا شَهادةَ لأصَمَّ، وهذا باتِّفاقِ المَذاهِبِ الفِقهيَّةِ الأربَعةِ: الحَنَفيَّةِ ، والمالِكيَّةِ ، والشَّافِعيَّةِ ، والحَنابِلةِ ؛ وذلك لأنَّ الأصَمَّ لا يَسمَعُ العَقدَ فيَشهَدَ به
المَسألةُ السَّادِسةُ: النُّطقُ
لا يُشتَرَطُ النُّطقُ في الشَّاهِدَينِ، فيَنعَقِدُ من الأخرَسِ، وهذا مذهَبُ الحَنَفيَّةِ ، والمالِكيَّةِ ، وهو وَجهٌ عندَ الشَّافِعيَّةِ ؛ وذلك لأنَّ إشارتَه إذا كانت مَفهومةً تقومُ مَقامَ عِبارةِ غَيرِه
المَسألةُ السَّابِعةُ: إذا كانَ الشُّهودُ مِن أُصولِ أو فُروعِ الزَّوجِ أو الزَّوجةِ أو الوليِّ
اختلف العُلَماءُ في حُكمِ الشُّهودِ مِن أُصولِ أو فُروعِ الزَّوجِ أو الزَّوجةِ أو الوليِّ في إثباتِ عَقدِ النِّكاحِ؛ على قولَينِ:القول الأول: يُشتَرَطُ في إثباتِ عَقدِ النِّكاحِ ألَّا يكونَ الشُّهودُ مِن أُصولِ أو فُروعِ الزَّوجِ أو الزَّوجةِ أو الوليِّ، وهذا مَذهَبُ الجُمهورِ: الحَنَفيَّةِ ، والمالِكيَّةِ ، والحَنابِلةِ ، وهو وجهٌ عند الشَّافِعيَّةِ ؛ وذلك لأنَّ في شَهادةِ أحَدِهم تُهمةَ مَيلِ كُلِّ واحدٍ منهما إلى صاحِبِه القول الثاني: يَصِحُّ في شُهودِ عَقدِ النِّكاحِ أن يكونَا مِن أُصولِ أو فُروعِ الزَّوجِ أو الزَّوجةِ، على ألَّا يكونَ منهم وليٌّ، وهو الصَّحيحُ عند الشَّافِعيَّةِ ، وروايةٌ عن الإمامِ أحمَدَ ، وهو اختيارُ ابنِ عثيمين ؛ وذلك لأنَّ شَهادةَ الأُصولِ والفُروعِ مَمنوعةٌ حيث كانت شَهادةً للإنسانِ؛ خَشيةَ التُّهمةِ، أمَّا حيثُ تكونُ الشَّهادةُ عليه وله -كما هو الحالُ في عَقدِ النِّكاحِ- فلا تُمنَعُ

انظر أيضا:

  1. (1)      ((الفتاوى الهندية)) (1/267).
  2. (2)      ((الكافي)) لابن عبد البر (2/892)، ((مختصر خليل)) (ص: 222).
  3. (3)      ((روضة الطالبين)) للنووي (7/45).
  4. (4)      ((كشاف القناع)) للبهوتي (5/66)، ((مطالب أولي النهى)) للرحيباني (5/81).
  5. (5)      ((كشاف القناع)) للبهوتي (5/66).
  6. (6)      ((الفتاوى الهندية)) (1/267).
  7. (7)      ((مختصر خليل)) (ص: 222).
  8. (8)      ((روضة الطالبين)) للنووي (7/45).
  9. (9)      ((كشاف القناع)) للبهوتي (5/66)، ((مطالب أولي النهى)) للرحيباني (5/81).
  10. (10)      ((كشاف القناع)) للبهوتي (5/66).
  11. (11)      ((الفتاوى الهندية)) (1/267).
  12. (12)      ((الكافي)) لابن عبد البر (2/892)، ((مختصر خليل)) (ص: 222).
  13. (13)      ((روضة الطالبين)) للنووي (7/45).
  14. (14)      ((كشاف القناع)) للبهوتي (5/65)، ((مطالب أولي النهى)) للرحيباني (5/82).
  15. (15)      ((كشاف القناع)) للبهوتي (6/417).
  16. (16)      ((بدائع الصنائع)) للكاساني (2/253).          
  17. (17)      ((بدائع الصنائع)) للكاساني (2/253).
  18. (18)      ((كشاف القناع)) للبهوتي (6/417).
  19. (19)      ((العزيز شرح الوجيز)) للرافعي (7/517). ويُنظر: ((كفاية الأخيار)) للحصني (ص: 358).
  20. (20)      ((كشاف القناع)) للبهوتي (5/66)، ((مطالب أولي النهى)) للرحيباني (5/82).
  21. (21)      ((بدائع الصنائع)) للكاساني (2/253).          
  22. (22)      ((بدائع الصنائع)) للكاساني (2/253).          
  23. (23)      ((بدائع الصنائع)) للكاساني (2/253).
  24. (24)      ذهب ابنُ تيميَّةَ وابنُ عثيمين إلى اشتراطِ العدالةِ ظاهِرًا، وعدَمِ اشتراطِها باطِنًا، قال ابنُ تيميَّةَ: (العدالةُ المُشتَرَطةُ في شاهِدَي النِّكاحِ إنَّما هي أن يكونَا مَستورَينِ غيرَ ظاهِرَيِ الفِسقِ، وإذا كانا في الباطِنِ فاسِقَينِ وذلك غيرُ ظاهرٍ، بل ظاهِرُهما السترُ؛ انعقَدَ النِّكاحُ بهما، في أصَحِّ قَولَيِ العُلَماءِ). ((الفتاوى الكبرى)) (3/99). وقال ابنُ عثيمين: (لا تُشتَرَطُ العدالةُ ظاهِرًا وباطِنًا في جميعِ المواضِعِ، يعني: أنَّ في بَعضِها تُشتَرَطُ العَدالةُ ظاهِرًا فقط، كوِلايةِ النِّكاحِ، والشَّهادةِ به). ((الشرح الممتع)) (15/433). وابن تيميَّةَ وابن عُثيمين لا يريانِ أصلًا اشتراطَ الشُّهودِ إذا وُجِدَ إعلانٌ للنِّكاحِ. يُنظر: ((مجموع الفتاوى)) لابن تيمية (32/128)، ((الشرح الممتع)) لابن عثيمين (12/95).
  25. (25)      ((مختصر القدوري)) (ص: 145)، ((الفتاوى الهندية)) (1/267).          
  26. (26)      يُنظر: ((شرح الزرقاني على مختصر خليل)) (3/291)، ((الشرح الكبير)) للدردير (2/216)، ((منح الجليل)) لعليش (3/258).
  27. (27)      ((الشرح الكبير على متن المقنع)) لأبي الفرج شمس الدين ابن قدامة (7/426-427).
  28. (28)      ((العناية شرح الهداية)) للبابرتي (3/201).   
  29. (29)      ((الفتاوى الهندية)) (1/268).
  30. (30)      ((شرح الزرقاني على مختصر خليل)) (7/294)، ((منح الجليل)) لعليش (8/398).
  31. (31)      ((روضة الطالبين)) للنووي (7/45)، ((مغني المحتاج)) للشربيني (3/144).
  32. (32)      ((الإقناع)) للحجاوي (3/178)، ((كشاف القناع)) للبهوتي (5/66).
  33. (33)      ((كشاف القناع)) للبهوتي (5/66).
  34. (34)      ((البحر الرائق)) لابن نجيم (3/95) ((الفتاوى الهندية)) (1/268).
  35. (35)      ((شرح الزرقاني على مختصر خليل)) (7/294)، ((الشرح الكبير للدردير وحاشية الدسوقي)) (4/168).
  36. (36)      ((البيان في مذهب الإمام الشافعي)) للعمراني (9/224)، ((بحر المذهب)) للروياني (14/139).
  37. (37)      ((المهذب في فقه الإمام الشافعي)) للشيرازي (3/436).
  38. (38)      الحَنَفيَّة يفَرِّقون بين انعقادِ العَقدِ وإظهارِه، ويشترطونه في الثَّاني دونَ الأول. ((المبسوط)) للسرخسي (5/57)، ((البناية شرح الهداية)) للعيني (3/24) و(5/14)، ((حاشية ابن عابدين)) (3/23).
  39. (39)      ((الشرح الكبير)) للدردير (4/168)، ((منح الجليل)) لعليش (8/398).
  40. (40)      ((الإقناع)) للحجاوي (3/178)، ((كشاف القناع)) للبهوتي (5/66).
  41. (41)      ((تحفة المحتاج)) لابن حجر الهيتمي (7/228)، ((مغني المحتاج)) للشربيني (3/144).
  42. (42)      ((المبسوط)) للسرخسي (5/57).
  43. (43)      ((تحفة المحتاج)) لابن حجر الهيتمي (7/228)، ((مغني المحتاج)) للشربيني (3/144).
  44. (44)      ((الإنصاف)) للمرداوي (8/105).
  45. (45)      قال ابن عثيمين: (يصِحُّ أن يكونَ الشَّاهدان أو أحدُهما من الأصولِ أو من الفروع، وهذا القَولُ هو الصَّحيحُ بلا شَكٍّ؛ لأنَّ شَهادةَ الأُصولِ والفُروعِ مَمنوعةٌ حيث كانت شَهادةً للإنسانِ؛ خَشيةَ التُّهمةِ، أمَّا حيثُ تكونُ الشَّهادةُ عليه وله -كما هو الحالُ في عَقدِ النِّكاحِ- فلا تُمنَعُ... فالنِّكاحُ في الحقيقةِ ليس حقًّا للزوج أو للزوجة، ولا حقًّا عليه، بل هو له وعليه؛ لأنَّه يوجِبُ حقوقًا للعاقِدِ وحقوقًا عليه، فالصوابُ إذَن أنَّه يَصِحُّ العقدُ، وهو روايةٌ عن أحمد رحمه الله، واختارها كثيرٌ مِن الأصحابِ). ((الشرح الممتع)) (12/99).
  46. (46)      ((الشرح الممتع)) لابن عثيمين (12/99).