الموسوعة الفقهية

الفَرعُ الأوَّلُ: حُكمُ النِّكاحِ بدون شُهودِ


لا يَصِحُّ عَقدُ النِّكاحِ بدونِ شُهودٍ، وهو مَذهَبُ الجُمهورِ : الحَنَفيَّةِ ، والشَّافِعيَّةِ ، والحَنابِلةِ ، وهو قَولُ طائفةٍ مِن السَّلَفِ ؛ لأنَّ النِّكاحَ عَقدٌ يتعلَّقُ به حَقُّ غيرِ المُتعاقِدَينِ، وهو الولَدُ، فاشتُرِطَت الشَّهادةُ فيه؛ لئلَّا يَجحَدَ أبوه فيَضيعَ نَسَبُه، بخلافِ غَيرِه مِن العُقودِ
مسألةٌ: توثيقُ النِّكاحِ في المَحكَمةِ
إذا استوفى عَقدُ النِّكاحِ أركانَه وشُروطَه إلَّا أنَّه لم يُسَجَّلْ ويُوثَّقْ بالمَحكَمةِ : فهو زواجٌ شَرعيٌّ صَحيحٌ، ويجِبُ توثيقُه إذا كان في ذلك حِفظٌ لحُقوقِ الزَّوجينِ، وبه أفتَتِ اللَّجنةُ الدَّائِمةُ ؛ وهو قرارُ مَجمَعِ البُحوثِ الإسلاميَّةِ بالقاهرةِ ، والمجلسِِ الأوروبي للإفتاءِ والبُحوثِ ؛ وذلك لكَونِ التَّوثيقِ ليس برُكنٍ ولا شَرطٍ لصِحَّةِ العَقدِ، وإنَّما هو لحِفظِ الحُقوقِ وتحقُّقِ المصالحِ الشَّرعيَّةِ

انظر أيضا:

  1. (1)      الحَنَفيَّةُ والحَنابِلةُ يرون أنَّه شرطٌ، والشَّافِعيَّةُ يَرَون أنه ركنٌ، والمالِكيَّة يوجبونَه عند الدُّخولِ.
  2. (2)      المالِكيَّة يرون وجوبَ الإشهادِ، فإن لم يحصُلِ الإشهادُ عند العقدِ يكون واجبًا عند البناءِ، وإن بنى بها فُسِخَ النِّكاحُ بطلقةٍ مِن قِبَلِ الحاكِمِ؛ سَدًّا لذريعةِ الفَسادِ. يُنظر: ((الشرح الكبير للدردير وحاشية الدسوقي)) (2/216)، ((شرح الزرقاني على مختصر خليل)) (3/291).
  3. (3)      ((مختصر اختلاف العلماء)) للطحاوي (2/251)، ((الفتاوى الهندية)) (1/267).
  4. (4)      ((روضة الطالبين)) للنووي (7/45)، ((مغني المحتاج)) للشربيني (3/144).
  5. (5)      ((الإقناع)) للحجاوي (3/178)، ((كشاف القناع)) للبهوتي (5/65).
  6. (6)      قال الترمذي: (العمَلُ على هذا عند أهلِ العِلمِ مِن أصحابِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ومَن بعدَهم من التابعين وغَيرِهم، قالوا: لا نِكاحَ إلَّا بشهودٍ، لم يختَلِفوا في ذلك مَن مضى منهم إلَّا قومًا من المتأخِّرين من أهلِ العِلمِ). ((سنن الترمذي)) (3/404).
  7. (7)      ((كشاف القناع)) للبهوتي (5/65).
  8. (8)      وهذه صورةٌ مِن صُوَرِ الزَّواجِ العُرفيِّ.
  9. (9)      جاء في فتاوى اللجنة الدائمة: (إذا تمَّ القَبولُ والإيجابُ مع بقيَّةِ شُروطِ النِّكاحِ وانتفاءِ موانِعِه: صَحَّ، وإذا كان تقييدُه قانونًا يتوقَّفُ عليه ما للطرفينِ مِن المصالحِ الشَّرعيَّةِ الحاضِرةِ والمُستَقبَلةِ للنِّكاحِ: وجبَ ذلك). ((فتاوى اللجنة الدائمة - المجموعة الأولى)) (18/87).
  10. (10)      جاء في قرارات مجمع البحوث الإسلامية بالقاهرة: (مما كثر الحديثُ عنه في هذه الأيَّامِ: ما يسمَّى بالزَّواجِ العُرفي، أو بالزَّواجِ غيرِ الموثَّق أمام المأذونِ الشَّرعي، أو أمامَ الجهاتِ الرسمية التي خصَّصَتْها الدولةُ لهذا الغرض، وهذا الزواجُ -حتى لو كان مشتملًا على الأركانِ والشُّروطِ الشَّرعية لعقد الزواجِ- فإنه يكفي للتحذيرِ منه وللبعدِ عنه عدمُ توثيقِه؛ لأنَّ هذا التوثيقَ وضعَتْه الدولةُ لصيانة حقوقِ الزوجيةِ، وهو أمرٌ تدعو إليه شريعةُ الإسلام؛ فقد وصف الله تعالى عقدَ الزواجِ بأنَّه ميثاقٌ غليظٌ؛ حيث قال: وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا [النساء: 21] ، أي: أنَّ النِّساءَ أخَذْنَ عهدًا موثَّقًا على الرجال عند الزواج بهنَّ أن يعاشِروهنَّ بالمعروفِ... ففي عدم توثيقِ عقد الزواجِ أمام المأذونِ الشرعيِّ أو الجهاتِ الرسميةِ المخصَّصة لهذا الغَرَضِ: أضرارٌ كثيرة معظمُها يعودُ على المرأةِ؛ إذ تتحمَّلُ هي أخطرَ أوزارِه، وأفدَحَ نتائِجِه في عِرضِها وسُمعتِها، وتُوصَدُ دونها أبوابُ القضاءِ عند الإنكارِ الذي يحدُثُ دائمًا، فلا تُسمَع دعواها، ولا تحظى بأيِّ حقوق، ويَضيعُ ولَدُها، فلا اعترافَ بنَسَبِه، ولا نفقةَ له، ولا رعايةَ لشؤونه من والِدِه أو من عشيرةِ والدتِهـ). ((مجمع البحوث الإسلامية بالقاهرة)) (قرار رقم 218) نقلًا عن كتاب ((وثائق النوازل)) لمحمد الجيزاني (3/1276).
  11. (11)      جاء في قرارات المجلس الأوروبي للإفتاء والبحوث: (اطَّلَع المجلِسُ على موضوع «الزواج العرفي»، وبعد الدراسة والمناقشة قرَّر ما يلي: أولًا: المقصودُ بالزَّواجِ العرفي: هو الزَّواجُ الشرعيُّ الذي اكتملت فيه الأركانُ والشُّروطُ إلَّا أنه لم يوثَّقْ لدى سُلطةٍ رَسميةٍ.         ثانيًا: يوصي المجلِسُ بعدم الاكتفاء به أو بالعقدِ المدني، بل يُجمَعُ بينهما؛ لأنَّ الاكتفاءَ بالعقدِ العرفي قد يؤدي إلى ضياعِ حُقوقِ أحد الطرفَينِ؛ لعدم التوثيقِ، كما أنَّ العقدَ المدنيَّ يتضَمَّنُ إخلالًا ببعضِ الأركانِ والشروطِ الشرعيةِ، ولِما له من آثارٍ تخالِفُ ظاهِرَ الشَّرعِ). ((الموقع الرسمي للمجلس الأوروبي للإفتاء والبحوث)).
  12. (12)      ((فتاوى اللجنة الدائمة - المجموعة الأولى)) (18/87).