المبحث الثالث: خروج المني
المطلب الأول: حكمُ من استمنى فى نهارِ رَمضانَمَنِ استَمْنى
في نهارِ رَمضانَ، فقد فسَدَ صَومُه، وعليه القَضاءُ، وهذا باتِّفاقِ المَذاهِبِ الفِقهيَّةِ الأربَعةِ: الحنفيَّة
، والمالكيَّة
، والشَّافعيَّة
، والحَنابِلة
الأدِلَّة: أوَّلًا: مِن السُّنَّةِعن أبي هريرة رَضِيَ اللهُ عنه، عن النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال:
((يقولُ الله عزَّ وجَلَّ: الصَّومُ لي وأنا أجزي به؛ يدَعُ شَهوتَه وأكْلَه وشُربَه مِن أجلي ))
وجه الدلالة:أنَّ الاستمناءَ مِن الشَّهوةِ التي لا يكونُ الصَّومُ إلا باجتنابِها
ثالثًا: لا كفَّارةَ فيه؛ لأنَّ النَّصَّ إنما ورد في الجِماعِ، والاستمناءُ ليس مِثلَه
المطلب الثاني: حُكمُ من باشَرَ أو قبَّلَ أو لمَسَ فأنزَلَالفرع الأول: القضاءُ على من باشَرَ أو قبَّلَ أو لمَسَ فأنزَلَمَن أنزَلَ المنيَّ بمباشرَةٍ دون الفرْجِ، أو بتقبيلٍ أو لَمْسٍ؛ فإنه يُفطِرُ بذلك، وعليه القَضاءُ باتِّفاقِ المَذاهِبِ الفِقهيَّةِ الأربَعةِ: الحَنَفيَّة
، والمالكيَّة
، والشَّافِعيَّة
، والحَنابِلة
، وحُكِيَ الإجماعُ على ذلك
وذلك للآتي:أوَّلًا: لِمُشابهةِ الإمناءِ للجِماعِ؛ لأنَّه إنزالٌ مُباشرةً
ثانيًا: لأنَّ خُروجَ المنيِّ تتِمُّ به الشَّهوةُ، وفي الحديثِ:
((يترُكُ طعامَه وشَرابَه وشَهْوتَه مِن أجلي ))
الفرع الثاني: هل على من أنزَلَ بمباشرةٍ أو تقبيلٍ ونحوِهما كفَّارةٌ؟ من أنزَلَ بمباشرةٍ، أو تقبيلٍ ونحو ذلكِ- بلا جِماعٍ- فلا كفَّارةَ عليه، وهو مَذهَبُ الجُمهورِ: الحنفيَّة
، والشَّافعيَّة
، والحَنابِلة
؛ وذلك لأنَّ النص إنَّما ورد في الجِماع فقط، وما سواه ليس في معناه؛ لأنَّ الجِماعَ أغلَظُ
المطلب الثالث: حُكمُ من كرَّرَ النَّظَرَ حتى أنزَلَمَن كرَّر النَّظَر فأنزَلَ وهو صائِمٌ، هل يُفطِرُ أم لا؟ اختلف العُلَماءُ فيه على قولين:
القول الأول: مَن كرَّرَ النَّظَرَ حتى أنزَلَ؛ فإنَّه يُفطِرُ؛ وهو مذهبُ المالكيَّة
، والحَنابِلَة
، وهو قول طائفةٍ مِن السَّلف
، واختاره
ابنُ عُثيمين
، وبه أفتَتِ اللَّجنةُ الدَّائِمةُ
وذلك للآتي:أوَّلًا: لأنَّ تَكرارِ النَّظَرِ فيه استدعاءَ المنيِّ، فيكونُ حُكمُه حُكمَ الاستِمناءِ
ثانيًا: أنَّه إنزالٌ بفعلٍ يُتَلذَّذُ به، ويُمكِنُ التحَرُّزُ منه، فأفسَدَ الصَّومَ، كالإنزالِ باللَّمسِ
ثالثًا: لا كفَّارةَ فيه؛ لأن النصَّ إنما ورد في الجِماعِ، وتَكرارُ النَّظرِ ليس مِثلَه
القول الثاني: من كرَّر النَّظرَ حتى أنزل، فإنَّه لا يُفطِر، وهو مذهَبُ الحَنَفيَّة
، والشَّافِعيَّة
، وقولُ طائفةٍ مِن السَّلَفِ
وذلك للآتي:أوَّلًا: لأنَّه إنزالٌ من غير مُبَاشَرةٍ، فأشبَهَ الاحتلامَ
ثانيًا: لأنَّه لم يُوجَدْ في النَّظَرِ صُورةُ الجِماعِ ولا معناه
المطلب الرابع: حكمُ من أنزَلَ بتفكيرٍ مُجَرَّدٍ عن العَمَلِمَن أنزَلَ بتفكيرٍ مجرَّدٍ عن العملِ؛ فلا يُفطِرُ، سواءٌ كان تفكيرًا مُستدامًا أو غيرَ مُستدامٍ، وهو مذهَبُ الجُمهورِ: الحَنَفيَّة
، والشَّافِعيَّة
، والحَنابِلة
، وحُكي الإجماعُ على عدمِ فَسادِ صَومِ مَن فكَّرَ فأنزَلَ
الأدِلَّة:أوَّلًا: مِن السُّنَّةِعن أبي هُريرةَ رَضِيَ اللهُ عنه أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال:
((إنَّ اللهَ تجاوَزَ لأمَّتي عما وَسْوَسَتْ أو حَدَّثَت به أنفُسَها، ما لم تَعمَلْ به أو تَكَلَّمْ ))
وجه الدلالة:أنَّ الفِكرَ مِن حَديثِ النَّفسِ، فيكونُ مِن المعفوِّ عنه
ثانيًا: لأنَّه لا نصَّ في الفِطْرِ به، ولا إجماعَ، ولا يُمكِنُ قياسُه على المباشَرةِ، ولا تَكرارِ النَّظَرِ؛ لأنَّه دُونَهما في استدعاءِ الشَّهوةِ، وإفضائِه إلى الإنزالِ
ثالثًا: لأنَّه إنزالٌ مِن غَيرِ مُباشرةٍ، فأشبَهَ الاحتلامَ
المطلب الخامس: حُكمُ من نام فاحتَلَم في نهارِ رَمَضانَمَن نام فاحتلَمَ في نهار رَمَضانَ فصومُه صحيحٌ.
الأدِلَّة:أوَّلًا: من الإجماعنقل الإجماعَ على ذلك:
الماوَرديُّ
، و
ابنُ حَزمٍ
، و
ابنُ عبدِ البَرِّ
، و
ابنُ رُشد
،
والنَّووي
، و
ابنُ تيمية
، و
ابنُ حَجَر
ثانيًا: لأنَّه مغلوبٌ ولا اختيارَ له، أشبَهَ مَن طارت ذُبابةٌ فوقَعَت في حَلْقِه دونَ اختِيارِه
المطلب السادس: حكمُ خُروجِ المَذْيِ من الصَّائِم خروجُ المَذْيِ من الصَّائِم لا ينقُضُ صَومَه، وهو مذهَبُ الحَنَفيَّة
، والشَّافِعيَّة
، وهي إحدى الرِّوايتَينِ عن
أحمد
، واختاره ابنُ المُنذِر
و
الصَّنعاني
؛ و
ابنُ عُثيمين
،
وذلك للآتي:أوَّلًا: لأنَّه خارِجٌ لا يُوجِبُ الغُسلَ، فأشبَهَ البَولَ
ثانيًا: لِعَدمِ وُرودِ النَّصِّ على كَونِه مُفطِرًا، والأصلُ صِحَّةُ الصومِ
ثالثًا: لأنَّه دونَ المنيِّ، ويُخالِفُه في أمورٍ كثيرةٍ، فلا يُمكِنُ أن يلحَقَ به