المبحث الأول: تناوُلُ الطَّعامِ والشَّرابِ
المطلب الأول: تناولُ الطَّعامِ والشَّرابِ عَمْدًا الفرع الأول: حُكمُ تناوُلِ الطَّعامِ والشَّرابِ للصَّائِمِمَن أكلَ أو شَرِبَ ممَّا يُتغَذَّى به متعمِّدًا، وهو ذاكرٌ لصَومِه؛ فإنَّ صَومَه يَبطُلُ.
الأدِلَّة:أوَّلًا: من الكتابقوله تعالى:
وَكُلُواْ وَاشْرَبُواْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّواْ الصِّيَامَ إِلَى الَّيْلِ [البقرة: 187] وجه الدلالةأنَّ الله أباح الأكلَ والشُّربَ إلى طُلوعِ الفَجرِ، ثم أمَرَ بالإمساكِ عنهما إلى اللَّيلِ
ثانيًا: مِن السُّنَّةِما جاء عن أبي هريرةَ رَضِيَ اللهُ عنه أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال فيما يرويه عن ربِّه:
((يترُكُ طَعامَه وشَرابَه وشَهْوتَه مِن أجلي ))
ثالثًا: من الإجماعنقَلَ الإجماعَ على ذلك
ابنُ حَزمٍ
، و
ابنُ قُدامةَ
الفرع الثاني: ما يترتَّبُ على الإفطارِ عَمدًا بطعامٍ أو شرابٍ1- القَضاءُيلزَمُ مَن أفطَرَ متعمِّدًا بتناوُلِ الطَّعامِ أو الشَّرابِ؛ القضاءُ، وعلى هذا عامَّةُ أهلِ العِلمِ
،أمَّا الكفَّارةُ، فلا تَجِبُ عليه، وهو مذهَبُ الشَّافِعيَّة
، والحَنابِلة
، ورجَّحه ابنُ المُنذِر
، واختاره
ابنُ عُثيمين
وذلك للآتي:أما القضاءُ فقياسًا على المريضِ والمُسافِرِ اللَّذينِ أوجَبَ اللهُ عليهما القضاءَ مع وجودِ العُذرِ؛ فلَأنْ يَجِبَ مع عدَمِ العُذرِ أَوْلى
دليلُ عدمِ وُجوبِ الكفَّارة:1- عدمُ ورودِ نَصٍّ مِن الكتابِ أو السنَّةِ، يوجِبُ ذلك، والأصلُ بَراءةُ الذِّمَّة
2- عدمُ صِحَّةِ القياسِ على الجِماع في نهارِ رَمضانَ؛ فقد ورد النصُّ في الجِماع، وما سِواه ليس في مَعناه؛ لأنَّ الجِماع أغلَظُ
2- الإمساكُيلزَمُ مَن أفطَرَ بالأكلِ والشُّربِ متعمِّدًا؛ الإمساكُ بقيَّةَ يومِه، وهذا باتِّفاقِ المَذاهِبِ الفِقهيَّةِ الأربَعةِ: الحَنَفيَّة
، والمالكيَّة
، والشَّافِعيَّة
، والحَنابِلة
، واختاره
ابنُ حزمٍ
؛ وذلك لأنَّه أفطَرَ بدونِ عُذرٍ، فلَزِمَه إمساكُ بقيَّةِ النَّهارِ، وفِطرُهُ عَمْدًا لم يُسقِطْ عنه ما وجَبَ عليه من إتمامِ الإمساكِ
المطلب الثاني: تناوُلُ الطَّعامِ والشَّرابِ نِسيانًامَن أكَلَ أو شَرِبَ ناسيًا؛ فلا شَيءَ عليه، ويُتِمُّ صَومَه، وهذا مَذهَبُ الجُمهورِ: الحَنَفيَّة
، والشَّافِعيَّة
، والحَنابِلة
الأدِلَّة:أوَّلًا: من الكتابعنِ
ابنِ عبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عنهما قال:
((... فأنزَلَ الله تعالى لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا [البقرة: 286] قال- أي الله سبحانه وتعالى-: قد فَعَلْتُ ))
ثانيًا: مِن السُّنَّةِعن أبي هُريرة رَضِيَ اللهُ عنه أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال:
((من نَسِيَ وهو صائِمٌ، فأكلَ أو شَرِبَ- فلْيُتِمَّ صَومَه؛ فإنَّما أطعَمَه اللهُ وسقاه ))
المطلب الثالث: ما يَدخُل الجوفَ من غيرِ قَصْدٍما يَدخُل جوفَ الصَّائِم بلا اختيارٍ منه، كغُبارِ الطَّريق، لا يُفطِّره في الجُملة.
الدَّليل من الإجماعِ:نقَل الإجماعَ على ذلك: ابنُ المُنذر
، و
ابنُ حزم
، و
ابنُ قُدامة
،
والنوويُّ
، والخَرشيُّ
المطلب الرابع: حُكم ابتلاعُ الصَّائِم رِيقَهابتلاعُ الرِّيقِ لا يُفطِّر، ما دام لم يفارقِ الفمَ، ولم يَجمعْه.
الدَّليل من الإجماعِ:نقَل الإجماعَ على ذلك:
ابنُ حزم
،
والنوويُّ
، وابنُ مُفلح
المطلب الخامس: حُكمُ من ابتلَعَ ما بين أسنانِه وهو صائِمٌ الفرع الأول: ابتلاعُ الصَّائِم ما بين أسنانِه مِمَّا لا يمكِنُ لَفْظُهمَن ابتلَعَ ما بين أسنانِه وهو صائِمٌ، وكان يسيرًا لا يمكِنُ لفظُه، مِمَّا يجري مع الرِّيقِ؛ فصومُه صحيحٌ.
الأدِلَّة:أوَّلًا: من الإجماعنقل الإجماعَ على ذلك: ابنُ المُنذِر
ثانيًا: لأنَّه لا يُمكِنُ التحرُّزُ منه، فأشبَهَ الرِّيقَ
الفرع الثاني: ابتلاعُ الصَّائِم ما بين أسنانِه مِمَّا يُمكِنُ لَفظُهمَن ابتَلَعَ ما بين أسنانِه وهو صائِمٌ، وكان يُمكِنُه لَفظُه؛ فإنَّه يُفطِرُ، وهو مذهبُ الشَّافِعيَّة
، والحَنابِلة
، وقولٌ للمالكيَّة
؛ وذلك لأنَّه بلَع طعامًا يُمكِنُه لفظُه باختيارِه، ذاكرًا لِصَومِه، فأفطَرَ به، كما لو ابتدأَ الأكْلَ
المطلب السادس:: حُكمُ ابتلاعِ الصَّائِم ما لا يؤكَلُ في العادةإذا ابتلعَ الصَّائِم ما لا يُؤكَلُ في العادة كدرهمٍ أو حصاةٍ أو حشيشٍ أو حديدٍ أو خيطٍ أو غير ذلك؛ أفطَرَ، وهذا باتِّفاقِ المَذاهِبِ الفِقهيَّةِ الأربَعةِ: الحَنَفيَّة
، والمالكيَّة
، والشَّافِعيَّة
، والحَنابِلة
وهو مَذهَبُ جماهيرِ العُلَماءِ مِنَ السَّلَفِ والخَلفِ
الأدِلَّة:أولًا: من الآثارقولُ
ابنِ عبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عنهما: الفِطرُ ممَّا دخل، وليس ممَّا خرَجَ
ثانيًا: لأنَّه في حكمِ الأكلِ؛ فإنه يقال: أكَلَ حَصاةً
ثالثًا: لأنَّه ابتلع ما يُمكنه الاحترازُ منه ممَّا لا حاجةَ به إليه، فأشبَهَ ما إذا قَلَع ما بين أسنانِه وابْتلَعَه
المَطلب السَّابع: حُكمُ بَلعِ البَلغَمِ أو النُّخامةِ أثناءَ الصَّومِالفرع الأوَّل: حُكمُ بَلعِ البَلغَمِ أو النُّخامةِ أثناءَ الصَّومِ إذا لم تَصِلْ إلى الفَمِابتِلاعُ البَلغَمِ
أو النُّخامةِ
إذا لم تَصِلْ إلى الفَمِ: لا يُفطِرُ، وذلك باتِّفاقِ المذاهِبِ الفِقهيَّةِ الأربَعةِ: الحَنَفيَّةِ
، والمالِكيَّةِ
، والشَّافِعيَّةِ
، والحنابِلةِ
.
الفرع الثَّاني: حُكمُ بَلعِ البَلغَمِ أو النُّخامةِ أثناءَ الصَّومِ إذا وصَلَت إلى الفَمِ اختَلَف الفُقَهاءُ في حُكمِ بَلعِ البَلغَمِ أو النُّخامةِ أثناءَ الصَّومِ إذا وصَلَت إلى الفَمِ، على قولَينِ:
القَولُ الأوَّلُ: ابتلاعُ البَلغَمِ أو النُّخامةِ أثناءَ الصَّومِ إذا وصَلَت إلى الفَمِ: لا يُفطِرُ به الصَّائِمُ، وهو مَذهَبُ الحَنَفيَّةِ
، والمالِكيَّةِ في المعتَمَدِ
، وهو وَجهٌ عندَ الشَّافِعيَّةِ
، وروايةٌ عِندَ الحنابِلةِ
، واختيارُ ابنِ عُثَيمين
.
وذلك للآتي:أوَّلًا: قياسُ البَلغَمِ على الرِّيقِ في عَدَمِ التَّفطيرِ بالابتلاعِ، بجامِعِ كَونِهما أمرًا معتادًا في الفَمِ غَيرَ واصِلٍ مِنَ الخارِجِ
.
ثانيًا: أنَّ البَلغَمَ أمرٌ يَشُقُّ التَّحرُّزُ منه، فلا يُفطِرُ الصَّائِمُ بابتِلاعِه
.
ثالثًا: أنَّ النُّخامةَ لم تخرُجْ من الفَمِ، ولا يُعَدُّ بَلعُها أكلًا ولا شُربًا، فلا يُفطِرُ الصَّائِمُ ببَلعِها
.
القَولُ الثَّاني: ابتِلاعُ البَلغَمِ أو النُّخامةِ أثناءَ الصَّومِ إذا وصَلَت إلى الفَمِ: يُفطِرُ به الصَّائِمُ، وهو مَذهَبُ الشَّافعيَّةِ
، والحنابِلةِ
، وقولٌ عِندَ المالِكيَّةِ
، واختيارُ ابنِ بازٍ
.
وذلك للآتي:أوَّلًا: قياسُ البَلغَمِ على الدَّمِ في الفِطرِ بابتلاعِه، بجامِعِ إمكانِ التَّحرُّزِ منهما
.
ثانيًا: قياسُ البَلغَمِ على القَيءِ في الفِطرِ بابتلاعِه، بجامِعِ كَونِهما حصَلَا من غيرِ الفَمِ
.
المطلب الثامن: حُكمُ شُربِ الدُّخَانِ أثناءَ الصَّومِشُرْبُ الدُّخَانِ المعروفِ (التَّبْغ) أثناء الصَّومِ؛ يُفسِدُ الصِّيامَ، وهذا باتِّفاقِ المَذاهِبِ الفِقهيَّةِ الأربَعةِ: الحنفيَّة
، والمالكيَّة
، والشَّافعيَّة
، والحَنابِلة
؛ وذلك لأنَّ الدُّخَانَ له جِرمٌ ينفُذُ إلى الجَوف،ِ فهو جسمٌ يدخُلُ إلى الجَوفِ، فيكونُ مُفطِّرًا كالماء؛ ولأنَّه يسمَّى شُربًا عُرفًا، وصاحِبُه يتعَمَّدُ إدخالَه في جَوفِه مِن مَنفَذِ الأكلِ والشُّربِ، فيكونُ مُفطِرًا
المطلب التاسع: من أفطر ظانًّا أنَّ الشمسَ قد غرَبت الفرع الأول: الإمساكُ في حَقِّ مَن أفطَرَ ظانًّا أنَّ الشَّمسَ قد غرَبَتْ إذا أفطَرَ الصَّائِم في صومٍ واجبٍ؛ ظانًا أنَّ الشَّمسَ قد غَرَبَتْ، ثم تبيَّنَ له أنَّها لم تغرُبْ؛ فإنَّه يلزَمُه الإمساكُ، وهذا باتِّفاقِ المَذاهِبِ الفِقهيَّةِ الأربَعةِ: الحنفيَّة
، والمالكيَّة
، والشَّافعيَّة
، والحَنابِلة
، وحُكي فيه الإجماعُ
، وذلك قضاءً لحقِّ الوقتِ بالقَدْرِ المُمكِن، أو نفيًا للتُّهمةِ
الفرع الثاني: من أفطَرَ ظانًّا أنَّ الشَّمسَ قد غرَبتْ هل يلزَمُه قضاءٌ أو لا؟اختلف أهلُ العِلمِ في وجوبِ القَضاءِ على مَن أفطَرَ ظانًّا أنَّ الشَّمسَ قد غرَبت على قولينِ:
القول الأوّل: من أفطر ظانًّا أنَّ الشَّمسَ قد غرَبت، يلزَمُه القضاءُ، وهذا باتِّفاقِ المَذاهِبِ الفِقهيَّةِ الأربَعةِ: الحنفيَّة
، والمالكيَّة
، والشَّافعيَّة
، والحَنابِلة
الدَّليل من الكتاب:عموم قوله تعالى:
ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى الَّليْلِ [البقرة: 187] وجه الدلالة:أنَّ الصَّائِم مأمورٌ بإتمامِ صَومِه إلى اللَّيلِ، والصَّائِم في هذه المسألة قد أكَل في النَّهارِ
القول الثاني: من أفطر ظانًّا أنَّ الشمسَ قد غرَبت، فلا قضاءَ عليه، وهو قولُ طائفةٍ من السَّلف
، واختاره
ابن تيميَّة، و
ابن القيِّم، و
ابن عُثيمين
الأدِلَّة:أوَّلًا: من الكتابعمومُ قوله تعالى:
رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا البقرة: 286.
وجه الدلالة:أنَّ هذا مِن الخطأِ الذي قد عفا اللهُ عنه؛ ولا قضاءَ على من أفطر مُخطِئًا
ثانيًا: مِن السُّنَّةِعن
أسماءَ بنتِ أبي بكرٍ رَضِيَ اللهُ عنهما، قالت:
((أفطَرْنا على عهدِ رَسولِ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في يومِ غَيمٍ، ثم طلَعتِ الشَّمسُ ))
وجه الدلالة:أنه لم يُنقَلْ أنَّ الصحابةَ أُمِرُوا بالقضاءِ، ولو كان واجبًا لنُقِلَ
المطلب العاشر: أكَلَ شاكًّا في غروبِ الشَّمسِمن أكل شاكًّا في غروبِ الشَّمسِ ولم يتبَيَّنْ له بعد ذلك هل غربَتْ أم لا، أو تبيَّنَ أنَّها لم تغرُبْ؛ فإنَّه يأثَمُ، ويجِبُ عليه القضاءُ في الحالتينِ، وهذا باتِّفاقِ المذاهبِ الأربعةِ: الحنفيَّة
، والمالكيَّة
، والشَّافعيَّة
، والحَنابِلة
الأدِلَّة:أوَّلًا: من الكتابقوله تعالى:
ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ [البقرة: 187] وجه الدلالة:أنَّه لا بُدَّ أن يُتِمَّ الصَّائِم صَومَه إلى اللَّيلِ، أي: إلى غروبِ الشَّمسِ
ثانيًا: مِن السُّنَّةِعن عمرَ بنِ الخطَّابِ رَضِيَ اللهُ عنه أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال:
((إذا أقبَلَ اللَّيلُ مِن هاهنا، وأدبَرَ النَّهارُ مِن هاهنا، وغرَبَتِ الشَّمسُ؛ فقد أفطَرَ الصَّائِم ))
وجه الدلالة:أنه لم تغرُبِ الشَّمسُ، والأصلُ بقاءُ النَّهارِ حتى يُتيَقَّنَ، أو يَغلِبَ على الظَّنِّ غروبُ الشَّمسِ، فمن أكلَ وهو شاكٌّ، فقد تجاوَزَ حَدَّه، وفعَلَ ما لم يُؤذَنْ له فيه.
المطلب الحادي عشر: مَن تسحَّر بعد طُلوعِ الفَجرِ خطأًمن تسحَّرَ معتقدًا أنَّه ليلٌ، فتبيَّنَ له أنَّ الفَجرَ قد دخَلَ وقتُه؛ فقد اختلَفَ أهْلُ العِلمِ في وجوبِ القضاءِ عليه، على قولين:
القول الأول: صَومُه صَحيحٌ، ولا قضاءَ عليه، وهو قَولُ طائفةٍ مِن السَّلَفِ
: واختاره
ابنُ تيميَّةَ
، و
ابنُ عُثيمين
الأدِلَّة:أوَّلًا: من الكتاب1- قَولُ الله سبحانه وتعالى:
فَالآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ [البقرة: 187] وجه الدلالة:أنَّ الأصلَ بقاءُ اللَّيلِ حتى يتبيَّنَ دخولُ الفَجرِ, وضِدُّ التبيُّنِ: الشَّكُّ والظَّنُّ، ومن القواعِدِ الفِقهيَّةِ المُقرَّرةِ أنَّ اليقينَ لا يزولُ بالشَّكِّ، فما دُمنا لم نتبيَّن الفَجرَ، فلنا أن نأكُلَ ونَشرَبَ
2- قولُه تعالى:
رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِيْنَا أَوْ أَخْطَأْنَا [البقرة: 286] وجه الدلالة:أنَّ مَن أكَلَ أو شَرِبَ جاهلًا بدُخولِ وَقتِ الفَجرِ؛ فهو مُخطِئٌ، والخطأُ معفوٌّ عنه.
ثانيًا: مِن السُّنَّةِحديثُ
أسماءَ بنتِ أبي بكرٍ رَضِيَ اللهُ عنهما، حيث قالت:
((أفطَرْنا على عهدِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يومَ غَيمٍ، ثمَّ طلعَتِ الشَّمسُ ))
وجه الدَّلالة:أنَّه لم يُنقَل أنَّهم أُمِرُوا بالقَضاءِ، وإذا كان هذا في آخِرِ النَّهارِ، فأوَّلُه مِن بابِ أَوْلى؛ لأنَّ أَوَّلَه مأذونٌ له بالأكلِ والشُّربِ فيه، حتى يتبيَّنَ له الفَجرُ
القول الثاني: عليه القَضاءُ، وهذا باتِّفاقِ المَذاهِبِ الفِقهيَّةِ الأربَعةِ: الحَنَفيَّة
، والمالكيَّة
، والشَّافِعيَّة
، والحَنابِلة
الدَّليل:قولُ الله سبحانه وتعالى:
فَالآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ [البقرة: 187] وجه الدلالة:تبيُّنُ طلوعِ الفَجرِ قد حصلَ في هذه الحالةِ، فلَزِمَه القضاءُ