الموسوعة الفقهية

المبحث الأول: تناوُلُ الطَّعامِ والشَّرابِ


المطلب الأول: تناولُ الطَّعامِ والشَّرابِ عَمْدًا
الفرع الأول: حُكمُ تناوُلِ الطَّعامِ والشَّرابِ للصَّائِمِ
مَن أكلَ أو شَرِبَ ممَّا يُتغَذَّى به متعمِّدًا، وهو ذاكرٌ لصَومِه؛ فإنَّ صَومَه يَبطُلُ.
الأدِلَّة:
أوَّلًا: من الكتاب
قوله تعالى: وَكُلُواْ وَاشْرَبُواْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّواْ الصِّيَامَ إِلَى الَّيْلِ [البقرة: 187]
وجه الدلالة
أنَّ الله أباح الأكلَ والشُّربَ إلى طُلوعِ الفَجرِ، ثم أمَرَ بالإمساكِ عنهما إلى اللَّيلِ
ثانيًا: مِن السُّنَّةِ
ما جاء عن أبي هريرةَ رَضِيَ اللهُ عنه أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال فيما يرويه عن ربِّه: ((يترُكُ طَعامَه وشَرابَه وشَهْوتَه مِن أجلي ))
ثالثًا: من الإجماع
نقَلَ الإجماعَ على ذلك ابنُ حَزمٍ ، وابنُ قُدامةَ
الفرع الثاني: ما يترتَّبُ على الإفطارِ عَمدًا بطعامٍ أو شرابٍ
1- القَضاءُ
يلزَمُ مَن أفطَرَ متعمِّدًا بتناوُلِ الطَّعامِ أو الشَّرابِ؛ القضاءُ، وعلى هذا عامَّةُ أهلِ العِلمِ ،أمَّا الكفَّارةُ، فلا تَجِبُ عليه، وهو مذهَبُ الشَّافِعيَّة ، والحَنابِلة ، ورجَّحه ابنُ المُنذِر ، واختاره ابنُ عُثيمين
وذلك للآتي:
أما القضاءُ فقياسًا على المريضِ والمُسافِرِ اللَّذينِ أوجَبَ اللهُ عليهما القضاءَ مع وجودِ العُذرِ؛ فلَأنْ يَجِبَ مع عدَمِ العُذرِ أَوْلى
دليلُ عدمِ وُجوبِ الكفَّارة:
1- عدمُ ورودِ نَصٍّ مِن الكتابِ أو السنَّةِ، يوجِبُ ذلك، والأصلُ بَراءةُ الذِّمَّة
2- عدمُ صِحَّةِ القياسِ على الجِماع في نهارِ رَمضانَ؛ فقد ورد النصُّ في الجِماع، وما سِواه ليس في مَعناه؛ لأنَّ الجِماع أغلَظُ
2- الإمساكُ
يلزَمُ مَن أفطَرَ بالأكلِ والشُّربِ متعمِّدًا؛ الإمساكُ بقيَّةَ يومِه، وهذا باتِّفاقِ المَذاهِبِ الفِقهيَّةِ الأربَعةِ: الحَنَفيَّة ، والمالكيَّة ، والشَّافِعيَّة ، والحَنابِلة ، واختاره ابنُ حزمٍ ؛ وذلك لأنَّه أفطَرَ بدونِ عُذرٍ، فلَزِمَه إمساكُ بقيَّةِ النَّهارِ، وفِطرُهُ عَمْدًا لم يُسقِطْ عنه ما وجَبَ عليه من إتمامِ الإمساكِ
المطلب الثاني: تناوُلُ الطَّعامِ والشَّرابِ نِسيانًا
مَن أكَلَ أو شَرِبَ ناسيًا؛ فلا شَيءَ عليه، ويُتِمُّ صَومَه، وهذا مَذهَبُ الجُمهورِ: الحَنَفيَّة ، والشَّافِعيَّة ، والحَنابِلة
الأدِلَّة:
أوَّلًا: من الكتاب
عنِ ابنِ عبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عنهما قال: ((... فأنزَلَ الله تعالى لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا [البقرة: 286] قال- أي الله سبحانه وتعالى-: قد فَعَلْتُ ))
ثانيًا: مِن السُّنَّةِ
عن أبي هُريرة رَضِيَ اللهُ عنه أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((من نَسِيَ وهو صائِمٌ، فأكلَ أو شَرِبَ- فلْيُتِمَّ صَومَه؛ فإنَّما أطعَمَه اللهُ وسقاه ))
المطلب الثالث: ما يَدخُل الجوفَ من غيرِ قَصْدٍ
ما يَدخُل جوفَ الصَّائِم بلا اختيارٍ منه، كغُبارِ الطَّريق، لا يُفطِّره في الجُملة.
الدَّليل من الإجماعِ:
نقَل الإجماعَ على ذلك: ابنُ المُنذر ، وابنُ حزم ، وابنُ قُدامة ، والنوويُّ ، والخَرشيُّ
المطلب الرابع: حُكم ابتلاعُ الصَّائِم رِيقَه
ابتلاعُ الرِّيقِ لا يُفطِّر، ما دام لم يفارقِ الفمَ، ولم يَجمعْه.
الدَّليل من الإجماعِ:
نقَل الإجماعَ على ذلك: ابنُ حزم ، والنوويُّ ، وابنُ مُفلح
المطلب الخامس: حُكمُ من ابتلَعَ ما بين أسنانِه وهو صائِمٌ
الفرع الأول: ابتلاعُ الصَّائِم ما بين أسنانِه مِمَّا لا يمكِنُ لَفْظُه
مَن ابتلَعَ ما بين أسنانِه وهو صائِمٌ، وكان يسيرًا لا يمكِنُ لفظُه، مِمَّا يجري مع الرِّيقِ؛ فصومُه صحيحٌ.
الأدِلَّة:
أوَّلًا: من الإجماع
نقل الإجماعَ على ذلك: ابنُ المُنذِر
ثانيًا: لأنَّه لا يُمكِنُ التحرُّزُ منه، فأشبَهَ الرِّيقَ
الفرع الثاني: ابتلاعُ الصَّائِم ما بين أسنانِه مِمَّا يُمكِنُ لَفظُه
مَن ابتَلَعَ ما بين أسنانِه وهو صائِمٌ، وكان يُمكِنُه لَفظُه؛ فإنَّه يُفطِرُ، وهو مذهبُ الشَّافِعيَّة ، والحَنابِلة ، وقولٌ للمالكيَّة ؛ وذلك لأنَّه بلَع طعامًا يُمكِنُه لفظُه باختيارِه، ذاكرًا لِصَومِه، فأفطَرَ به، كما لو ابتدأَ الأكْلَ
المطلب السادس:: حُكمُ ابتلاعِ الصَّائِم ما لا يؤكَلُ في العادة
إذا ابتلعَ الصَّائِم ما لا يُؤكَلُ في العادة كدرهمٍ أو حصاةٍ أو حشيشٍ أو حديدٍ أو خيطٍ أو غير ذلك؛ أفطَرَ، وهذا باتِّفاقِ المَذاهِبِ الفِقهيَّةِ الأربَعةِ: الحَنَفيَّة ، والمالكيَّة ، والشَّافِعيَّة ، والحَنابِلة وهو مَذهَبُ جماهيرِ العُلَماءِ مِنَ السَّلَفِ والخَلفِ
الأدِلَّة:
أولًا: من الآثار
قولُ ابنِ عبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عنهما: الفِطرُ ممَّا دخل، وليس ممَّا خرَجَ
ثانيًا: لأنَّه في حكمِ الأكلِ؛ فإنه يقال: أكَلَ حَصاةً
ثالثًا: لأنَّه ابتلع ما يُمكنه الاحترازُ منه ممَّا لا حاجةَ به إليه، فأشبَهَ ما إذا قَلَع ما بين أسنانِه وابْتلَعَه
المَطلب السَّابع: حُكمُ بَلعِ البَلغَمِ أو النُّخامةِ أثناءَ الصَّومِ
الفرع الأوَّل: حُكمُ بَلعِ البَلغَمِ أو النُّخامةِ أثناءَ الصَّومِ إذا لم تَصِلْ إلى الفَمِ
ابتِلاعُ البَلغَمِ أو النُّخامةِ إذا لم تَصِلْ إلى الفَمِ: لا يُفطِرُ، وذلك باتِّفاقِ المذاهِبِ الفِقهيَّةِ الأربَعةِ: الحَنَفيَّةِ ، والمالِكيَّةِ ، والشَّافِعيَّةِ ، والحنابِلةِ .
الفرع الثَّاني: حُكمُ بَلعِ البَلغَمِ أو النُّخامةِ أثناءَ الصَّومِ إذا وصَلَت إلى الفَمِ
اختَلَف الفُقَهاءُ في حُكمِ بَلعِ البَلغَمِ أو النُّخامةِ أثناءَ الصَّومِ إذا وصَلَت إلى الفَمِ، على قولَينِ:
القَولُ الأوَّلُ: ابتلاعُ البَلغَمِ أو النُّخامةِ أثناءَ الصَّومِ إذا وصَلَت إلى الفَمِ: لا يُفطِرُ به الصَّائِمُ، وهو مَذهَبُ الحَنَفيَّةِ ، والمالِكيَّةِ في المعتَمَدِ ، وهو وَجهٌ عندَ الشَّافِعيَّةِ ، وروايةٌ عِندَ الحنابِلةِ ، واختيارُ ابنِ عُثَيمين .
وذلك للآتي:
أوَّلًا: قياسُ البَلغَمِ على الرِّيقِ في عَدَمِ التَّفطيرِ بالابتلاعِ، بجامِعِ كَونِهما أمرًا معتادًا في الفَمِ غَيرَ واصِلٍ مِنَ الخارِجِ .
ثانيًا: أنَّ البَلغَمَ أمرٌ يَشُقُّ التَّحرُّزُ منه، فلا يُفطِرُ الصَّائِمُ بابتِلاعِه .
ثالثًا: أنَّ النُّخامةَ لم تخرُجْ من الفَمِ، ولا يُعَدُّ بَلعُها أكلًا ولا شُربًا، فلا يُفطِرُ الصَّائِمُ ببَلعِها .
القَولُ الثَّاني: ابتِلاعُ البَلغَمِ أو النُّخامةِ أثناءَ الصَّومِ إذا وصَلَت إلى الفَمِ: يُفطِرُ به الصَّائِمُ، وهو مَذهَبُ الشَّافعيَّةِ ، والحنابِلةِ ، وقولٌ عِندَ المالِكيَّةِ ، واختيارُ ابنِ بازٍ .
وذلك للآتي:
أوَّلًا: قياسُ البَلغَمِ على الدَّمِ في الفِطرِ بابتلاعِه، بجامِعِ إمكانِ التَّحرُّزِ منهما .
ثانيًا: قياسُ البَلغَمِ على القَيءِ في الفِطرِ بابتلاعِه، بجامِعِ كَونِهما حصَلَا من غيرِ الفَمِ .
المطلب الثامن: حُكمُ شُربِ الدُّخَانِ أثناءَ الصَّومِ
شُرْبُ الدُّخَانِ المعروفِ (التَّبْغ) أثناء الصَّومِ؛ يُفسِدُ الصِّيامَ، وهذا باتِّفاقِ المَذاهِبِ الفِقهيَّةِ الأربَعةِ: الحنفيَّة ، والمالكيَّة ، والشَّافعيَّة ، والحَنابِلة ؛ وذلك لأنَّ الدُّخَانَ له جِرمٌ ينفُذُ إلى الجَوف،ِ فهو جسمٌ يدخُلُ إلى الجَوفِ، فيكونُ مُفطِّرًا كالماء؛ ولأنَّه يسمَّى شُربًا عُرفًا، وصاحِبُه يتعَمَّدُ إدخالَه في جَوفِه مِن مَنفَذِ الأكلِ والشُّربِ، فيكونُ مُفطِرًا
المطلب التاسع: من أفطر ظانًّا أنَّ الشمسَ قد غرَبت
الفرع الأول: الإمساكُ في حَقِّ مَن أفطَرَ ظانًّا أنَّ الشَّمسَ قد غرَبَتْ
إذا أفطَرَ الصَّائِم في صومٍ واجبٍ؛ ظانًا أنَّ الشَّمسَ قد غَرَبَتْ، ثم تبيَّنَ له أنَّها لم تغرُبْ؛ فإنَّه يلزَمُه الإمساكُ، وهذا باتِّفاقِ المَذاهِبِ الفِقهيَّةِ الأربَعةِ: الحنفيَّة ، والمالكيَّة ، والشَّافعيَّة ، والحَنابِلة ، وحُكي فيه الإجماعُ ، وذلك قضاءً لحقِّ الوقتِ بالقَدْرِ المُمكِن، أو نفيًا للتُّهمةِ
الفرع الثاني: من أفطَرَ ظانًّا أنَّ الشَّمسَ قد غرَبتْ هل يلزَمُه قضاءٌ أو لا؟
اختلف أهلُ العِلمِ في وجوبِ القَضاءِ على مَن أفطَرَ ظانًّا أنَّ الشَّمسَ قد غرَبت على قولينِ:
القول الأوّل: من أفطر ظانًّا أنَّ الشَّمسَ قد غرَبت، يلزَمُه القضاءُ، وهذا باتِّفاقِ المَذاهِبِ الفِقهيَّةِ الأربَعةِ: الحنفيَّة ، والمالكيَّة ، والشَّافعيَّة ، والحَنابِلة
الدَّليل من الكتاب:
عموم قوله تعالى: ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى الَّليْلِ [البقرة: 187]
وجه الدلالة:
أنَّ الصَّائِم مأمورٌ بإتمامِ صَومِه إلى اللَّيلِ، والصَّائِم في هذه المسألة قد أكَل في النَّهارِ
القول الثاني: من أفطر ظانًّا أنَّ الشمسَ قد غرَبت، فلا قضاءَ عليه، وهو قولُ طائفةٍ من السَّلف ، واختاره ابن تيميَّة، وابن القيِّم، وابن عُثيمين
الأدِلَّة:
أوَّلًا: من الكتاب
عمومُ قوله تعالى: رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا البقرة: 286.
وجه الدلالة:
أنَّ هذا مِن الخطأِ الذي قد عفا اللهُ عنه؛ ولا قضاءَ على من أفطر مُخطِئًا
ثانيًا: مِن السُّنَّةِ
عن أسماءَ بنتِ أبي بكرٍ رَضِيَ اللهُ عنهما، قالت: ((أفطَرْنا على عهدِ رَسولِ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في يومِ غَيمٍ، ثم طلَعتِ الشَّمسُ ))
وجه الدلالة:
أنه لم يُنقَلْ أنَّ الصحابةَ أُمِرُوا بالقضاءِ، ولو كان واجبًا لنُقِلَ
المطلب العاشر: أكَلَ شاكًّا في غروبِ الشَّمسِ
من أكل شاكًّا في غروبِ الشَّمسِ ولم يتبَيَّنْ له بعد ذلك هل غربَتْ أم لا، أو تبيَّنَ أنَّها لم تغرُبْ؛ فإنَّه يأثَمُ، ويجِبُ عليه القضاءُ في الحالتينِ، وهذا باتِّفاقِ المذاهبِ الأربعةِ: الحنفيَّة ، والمالكيَّة ، والشَّافعيَّة ، والحَنابِلة
الأدِلَّة:
أوَّلًا: من الكتاب
قوله تعالى: ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ [البقرة: 187]
وجه الدلالة:
أنَّه لا بُدَّ أن يُتِمَّ الصَّائِم صَومَه إلى اللَّيلِ، أي: إلى غروبِ الشَّمسِ
ثانيًا: مِن السُّنَّةِ
عن عمرَ بنِ الخطَّابِ رَضِيَ اللهُ عنه أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((إذا أقبَلَ اللَّيلُ مِن هاهنا، وأدبَرَ النَّهارُ مِن هاهنا، وغرَبَتِ الشَّمسُ؛ فقد أفطَرَ الصَّائِم ))
وجه الدلالة:
أنه لم تغرُبِ الشَّمسُ، والأصلُ بقاءُ النَّهارِ حتى يُتيَقَّنَ، أو يَغلِبَ على الظَّنِّ غروبُ الشَّمسِ، فمن أكلَ وهو شاكٌّ، فقد تجاوَزَ حَدَّه، وفعَلَ ما لم يُؤذَنْ له فيه.
المطلب الحادي عشر: مَن تسحَّر بعد طُلوعِ الفَجرِ خطأً
من تسحَّرَ معتقدًا أنَّه ليلٌ، فتبيَّنَ له أنَّ الفَجرَ قد دخَلَ وقتُه؛ فقد اختلَفَ أهْلُ العِلمِ في وجوبِ القضاءِ عليه، على قولين:
القول الأول: صَومُه صَحيحٌ، ولا قضاءَ عليه، وهو قَولُ طائفةٍ مِن السَّلَفِ : واختاره ابنُ تيميَّةَ ، وابنُ عُثيمين
الأدِلَّة:
أوَّلًا: من الكتاب
1- قَولُ الله سبحانه وتعالى: فَالآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ [البقرة: 187]
وجه الدلالة:
أنَّ الأصلَ بقاءُ اللَّيلِ حتى يتبيَّنَ دخولُ الفَجرِ, وضِدُّ التبيُّنِ: الشَّكُّ والظَّنُّ، ومن القواعِدِ الفِقهيَّةِ المُقرَّرةِ أنَّ اليقينَ لا يزولُ بالشَّكِّ، فما دُمنا لم نتبيَّن الفَجرَ، فلنا أن نأكُلَ ونَشرَبَ
2- قولُه تعالى: رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِيْنَا أَوْ أَخْطَأْنَا [البقرة: 286]
وجه الدلالة:
أنَّ مَن أكَلَ أو شَرِبَ جاهلًا بدُخولِ وَقتِ الفَجرِ؛ فهو مُخطِئٌ، والخطأُ معفوٌّ عنه.
ثانيًا: مِن السُّنَّةِ
حديثُ أسماءَ بنتِ أبي بكرٍ رَضِيَ اللهُ عنهما، حيث قالت: ((أفطَرْنا على عهدِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يومَ غَيمٍ، ثمَّ طلعَتِ الشَّمسُ ))
وجه الدَّلالة:
أنَّه لم يُنقَل أنَّهم أُمِرُوا بالقَضاءِ، وإذا كان هذا في آخِرِ النَّهارِ، فأوَّلُه مِن بابِ أَوْلى؛ لأنَّ أَوَّلَه مأذونٌ له بالأكلِ والشُّربِ فيه، حتى يتبيَّنَ له الفَجرُ
القول الثاني: عليه القَضاءُ، وهذا باتِّفاقِ المَذاهِبِ الفِقهيَّةِ الأربَعةِ: الحَنَفيَّة ، والمالكيَّة ، والشَّافِعيَّة ، والحَنابِلة
الدَّليل:
قولُ الله سبحانه وتعالى: فَالآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ [البقرة: 187]
وجه الدلالة:
تبيُّنُ طلوعِ الفَجرِ قد حصلَ في هذه الحالةِ، فلَزِمَه القضاءُ

انظر أيضا:

  1. (1) ((المغني)) لابن قدامة (3/119)، ((شرح الزركشي على مختصر الخرقي)) (2/570).
  2. (2) رواه البخاري (1894) واللفظ له، ومسلم (1151).
  3. (3) قال ابنُ حزم: (واتَّفقوا على أنَّ الأكلَ لِمَا يُغذي مِن الطعام ممَّا يُستأنَفُ إدخالُه في الفَمِ، والشُّربَ والوَطءَ؛ حرامٌ مِن حينِ طُلوعِ الشَّمسِ إلى غُروبِها) ((مراتب الإجماع)) لابن حزم (ص 39)، ولم يتعقَّبه ابن تيمية في ((نقد مراتب الإجماع)).
  4. (4) قال ابنُ قدامة: (وأجمَعَ العُلَماءُ على الفِطرِ بالأكلِ والشُّربِ بما يُتغَذَّى بهـ) ((المغني)) (3/119).
  5. (5) ((المجموع)) للنووي (6/329).
  6. (6) ((المجموع)) للنووي (6/329)، وينظر: ((الأم)) للشافعي (2/96)، ((الإشراف)) لابن المنذر (3/128).
  7. (7) ((كشاف القناع)) للبهوتي (2/ 309)، وينظر: ((المغني)) لابن قدامة (3/130).
  8. (8) قال ابنُ المنذر: (واختلفوا فيما يجِبُ على من أكل أو شَرِبَ في نهار رمضان عامدًا. فقال سعيد بن جُبَير والنخعي وابن سيرين وحماد بن أبي سليمان والشَّافعي وأحمد: عليه القضاءُ وليس عليه الكفَّارةُ......قال أبو بكر- أي ابن المنذر-: بالقَولِ الأوَّلِ أقولُ). ((الإشراف)) (3/128).
  9. (9) ((مجموع الفتاوى)) لابن تيمية (25/261)، ((الشرح الممتع)) لابن عُثيمين (6/411).
  10. (10) (( المجموع)) للنووي (6/328).
  11. (11) (( الشرح الممتع)) لابن عُثيمين (6/411).
  12. (12) (( تحفة المحتاج)) للهيتمي (3/447).
  13. (13) ((حاشية ابن عابدين)) (2/408)، وينظر: ((فتح القدير)) للكمال ابن الهمام (2/363).
  14. (14) ((الشرح الكبير)) للدردير (1/525)، وينظر: ((الذخيرة)) للقرافي (2/523).
  15. (15) ((المجموع)) للنووي (6/339).
  16. (16) ((كشاف القناع)) للبهوتي (2/309)، وينظر: ((المغني)) لابن قدامة (3/145).
  17. (17) قال ابنُ حزم: (من تعمَّدَ الفِطرَ عاصيًا، فهو مُفتَرَضٌ عليه- بلا خلافٍ- صَومُ ذلك اليومِ, ومُحَرَّمٌ عليه فيه كلُّ ما يَحرُمُ على الصَّائِم، ولم يأت نصٌّ ولا إجماعٌ بإباحةِ الفِطرِ له إذا عصى بتعمُّدِ الفِطرِ, فهو باقٍ على ما كان حرامًا عليه, وهو مُتزَيِّدٌ من المعصيةِ متى ما تزَيَّدَ فِطرًا, ولا صَومَ له مع ذلك. ورُوِّينا عن عمرِو بنِ دينار نحو هذا. وعن الحسن وعطاء: أنَّ له أن يُفطِرَ) ((المحلى)) (6/243).
  18. (18) (( أسنى المطالب)) لزكريا الأنصاري (1/423).
  19. (19) ((المبسوط)) للسرخسي (3/61), وينظر: ((فتح القدير)) للكمال ابن الهمام (2/327).
  20. (20) ((المجموع)) للنووي (6/335)، وينظر: ((الأم)) للشافعي (7/70). قال النووي: (وبه قال الحسن البصري ومجاهد وأبو حنيفة وإسحاق وأبو ثور وداود وابن المنذر) ((المجموع)) (6/335)
  21. (21) ((الإنصاف)) للمرداوي (3/215)، وينظر: ((المغني)) لابن قدامة (3/131). قال ابنُ القيم: (قاعدةُ الشَّريعة أنَّ مَن فعَلَ محظورًا ناسيًا فلا إثمَ عليه، كما دلَّ عليه قولُه تعالى: رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا وثبت عن النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أنَّ الله سبحانَه استجابَ هذا الدُّعاءَ، وقال: (قد فعلْتُ) وإذا ثبت أنَّه غيرُ آثمٍ، فلم يَفعَلْ في صَومِه محرَّمًا، فلم يَبطُلْ صَومُه، وهذا محضُ القياسِ؛ فإنَّ العبادةَ إنَّما تبطُلُ بفِعلِ مَحظورٍ أو تَرْكِ مأمورٍ) ((إعلام الموقعين)) (2/54).
  22. (22) رواه مسلم (126).
  23. (23) رواه البخاري (1933)، ومسلم (1155)، قال النووي: (فيه دلالةٌ لمذهبِ الأكثرينَ؛ أنَّ الصَّائِم إذا أكل أو شَرِبَ أو جامع ناسيًا، لا يُفطِرُ) ((شرح النووي على مسلم)) (8/35).
  24. (24) قال ابنُ المُنذر: (وقد رُوِّينا عن عباس والحسَنِ البصري، أنَّهما قالَا في الصَّائِم يدخُل الذُّبابُ حَلقَه: لا شيءَ عليه، وبه قال مالكٌ، والشَّافعيُّ، وأحمدُ، وأبو ثور، وأصحاب الرأي، ولا يُحفَظ عن غيرهم خِلافُهم). ((الإشراف)) (3/131).
  25. (25) قال ابنُ حزم: (وقد رُوِّينا من طريق وكيع، عن أبي مالك، عن ابن أبي نَجيح، عن مجاهد، عن ابن عبَّاس في الذُّباب يدخُل حَلقَ الصَّائِم، قال: لا يُفطِّر. وعن وكيع، عن الرَّبيع، عن الحسن في الذُّباب يدخُل حَلْق الصَّائِم، قال: لا يُفطِّر. وعن الشَّعبيِّ مثلُه. وما نعلم لابن عبَّاس في هذا مخالِفًا من الصَّحابة رَضِيَ اللهُ عنهم، إلَّا تلك الرِّواية الضعيفة عنهـ). ((المحلى)) (4/350).
  26. (26) قال ابنُ قُدامة: (المفسِدُ للصومِ من هذا كلِّه ما كان عن عَمْد وقصدٍ، فأمَّا ما حصَل منه عن غير قصْد، كالغُبارِ الذي يدخُل حَلقَه من الطريق، ونخْلِ الدَّقيق، والذُّبابةِ التي تدخل حَلقَه، أو يُرشُّ عليه الماءُ فيدخُل مسامِعَه، أو أنفَه أو حَلقَه، أو يُلقى في ماء فيصِل إلى جوفه، أو يَسبِق إلى حلْقه من ماء المضمضة، أو يُصبُّ في حلقِه أو أنفِه شيءٌ كُرهًا، أو تُداوى مأمومتُه أو جائفتُه بغير اختيارِه، أو يُحجم كُرهًا، أو تُقبِّله امرأةٌ بغير اختيارِه فيُنزِل، أو ما أشبَهَ هذا- فلا يَفسُد صومُه، لا نَعلم فيه خلافًا). ((المغني)) (3/130).
  27. (27) قال النووي: (اتَّفق أصحابنا على أنَّه لو طارت ذُبابة، فدخلت جوفَه، أو وصَل إليه غُبار الطريقِ، أو غربلةُ الدَّقيق، بغير تعمُّد- لم يُفطِر). ((المجموع)) (6/327).
  28. (28) قال الخرشي: (وغُبار طريق (ش) يعني: أنَّ غبارَ الطريقِ إذا دخَل في حلْقِ الصَّائِم، فلا قضاءَ عليه فيه؛ للمشقَّة، ولا خِلافَ في ذلك). ((شرح مختصر خليل)) (2/258). ووقَع خِلاف في دخول الذُّبابة إلى حَلْق الصَّائِم؛ قال برهان الدين ابنُ مُفلح: ("وإن طار إلى حَلْقه ذباب" لم يُفطر، خلافًا للحسن بن صالح). ((المبدع)) (2/430). وقال ابنُ حجر: (ونقَل ابن المُنذر الاتِّفاقَ على أنَّ مَن دخل في حلقه الذُّبابُ وهو صائم، أنْ لا شيءَ عليه، لكن نقَل غيرُه عن أشهبَ أنَّه قال: أَحَبُّ إليَّ أن يقضِيَ، حكاه ابنُ التين). ((فتح الباري)) (4/155).
  29. (29) قال ابنُ حزم: (واتَّفقوا على أنَّ الرِّيقَ ما لم يُفارِق الفمَ لا يُفطِّر). ((مراتب الإجماع)) (ص: 40).
  30. (30) قال النوويُّ: (ابتلاعُ الرِّيق لا يُفطِّر بالإجماع، إذا كان على العادةِ؛ لأنَّه يَعسُر الاحترازُ منهـ). ((المجموع)) (6/317).
  31. (31) قال برهان الدين ابنُ مُفلح: ("يُكره للصائم أن يجمع رِيقَه فيبلعَه"؛ لأنَّه اختُلف في الفطر به، وأقل أحواله أن يكون مكروهًا، وظاهرُه ولو قصدًا، وبأنَّه إذا ابتلعه من غير جمْع أنَّه لا يُكره، بغير خلاف؛ لأنَّه لا يمكن التحرُّز منه كغُبار الطريق). ((المبدع)) (2/442).
  32. (32) قال ابنُ المُنذر: (أجمع أهلُ العِلم على أنْ لا شيءَ على الصَّائِم فيما يَزدرِدُه ممَّا يَجري مع الرِّيق، ممَّا بين أسنانه، ممَّا لا يقدِر على الامتناع منهـ). ((الإشراف)) (3/134 – 135).
  33. (33) ((المغني)) لابن قدامة (3/126).
  34. (34) ((المجموع)) للنووي (6/323).
  35. (35) ((كشاف القناع)) للبهوتي (2/321)، وينظر: ((المغني)) لابن قدامة (3/126).
  36. (36) ((القوانين الفقهية)) لابن جزي (ص 80).
  37. (37) ((المجموع)) للنووي (6/317).
  38. (38) ((الهداية)) للمرغيناني (1/124)، وينظر: ((بدائع الصنائع)) للكاساني (2/93).
  39. (39) ((منح الجليل)) لعليش (2/136)، وينظر: ((شرح مختصر خليل)) للخرشي (2/249)
  40. (40) ((المجموع)) للنووي (6/317).
  41. (41) ((شرح منتهى الإرادات)) للبهوتي (1/481).
  42. (42) ((المجموع)) للنووي (6/317).
  43. (43) رواه ابن أبي شيبة في ((مصنفهـ)) (9411)، وأورده البخاري في صحيحه (باب الحجامة والقيء للصائم) معلقًا بصيغة الجزم بلفظ: (الصوم مما دخل)، ووصله البيهقي في ((السنن الكبرى)) (579). وقال البيهقي في ((الخلافيات)) (2/357): ثابت، وقال النووي في ((المجموع)) (6/317): إسناده حسن أو صحيح، وقال الألباني في ((إرواء الغليل)) (4/79): إسناده صحيح رجاله ثقات رجال الشيخين.
  44. (44) (( بدائع الصنائع)) للكساني (2/93).
  45. (45) ((المجموع)) للنووي (6/315).
  46. (46) (( البَلغَمُ: خَلطٌ من أخلاطِ الجَسَدِ، وهو النُّخامةُ ونحوُه من البُصاقِ الثَّخينِ المُنعَقِدِ. يُنظر: ((النظم المستعذب)) لابن بطال الركبي (1/174)، ((لسان العرب)) لابن منظور (12/56).
  47. (47) (( النُّخامةُ والنُّخاعةُ: ما يُخرِجُه الإنسانُ مِن حَلقِه أو خَيشومِه من مَخرَجِ الخاءِ المُعجَمةِ. يُنظر: ((المصباح المنير)) للفيومي (2/596).
  48. (48) (( اتَّفَق أبو حنيفةَ وصاحباه على عدَمِ الفِطرِ بابتِلاعِ النُّخامةِ النَّازِلةِ مِنَ الرَّأسِ، واختلفوا في البَلغَمِ الصَّاعدِ من الجَوفِ؛ فيرى أبو حنيفةَ ومحمَّدُ بنُ الحَسَنِ عَدَمَ الفِطرِ بابتلاعِه، ويرى أبو يوسُفَ أنَّه يُفطِرُ به إذا كان مِلءَ الفَمِ، وقَولُ أبي يوسُفَ وَصَفه الكَمالُ ابنُ الهُمامِ أنَّه أحسَنُ. ((فتح القدير)) للكمال ابن الهمام (2/335)، ((البحر الرائق)) لابن نجيم (2/296)، ((حاشية ابن عابدين)) (2/415).
  49. (49) (( المعتَمَدُ عندَ المالِكيَّةِ: أنَّ البَلغَمَ أو النُّخامةَ لا تُفطِرُ مُطلَقًا، ولو وصَلَت إلى طَرَفِ اللِّسانِ. ((الشرح الكبير)) للدردير (1/525)، ((منح الجليل)) لعليش (2/133).
  50. (50) (( ((فتح العزيز بشرح الوجيز)) للرافعي (3/199)، ((روضة الطالبين)) للنووي (2/360).
  51. (51) (( ((الإقناع)) للحجاوي (1/314)، ((شرح منتهى الإرادات)) للبهوتي (1/481).
  52. (52) اتَّفَق أبو حنيفةَ وصاحباه على عدَمِ الفِطرِ بابتِلاعِ النُّخامةِ النَّازِلةِ مِنَ الرَّأسِ، واختلفوا في البَلغَمِ الصَّاعدِ من الجَوفِ؛ فيرى أبو حنيفةَ ومحمَّدُ بنُ الحَسَنِ عَدَمَ الفِطرِ بابتلاعِه، ويرى أبو يوسُفَ أنَّه يُفطِرُ به إذا كان مِلءَ الفَمِ، وقَولُ أبي يوسُفَ وَصَفه الكَمالُ ابنُ الهُمامِ أنَّه أحسَنُ. ((فتح القدير)) للكمال ابن الهمام (2/335)، ((البحر الرائق)) لابن نجيم (2/296)، ((حاشية ابن عابدين)) (2/415).
  53. (53) (( ((منح الجليل)) لعليش (2/133).
  54. (54) (( ((البيان)) للعمراني (3/505).
  55. (55) (( ((الإنصاف)) للمرداوي (3/325-326).
  56. (56) (( قال ابنُ عُثَيمين: (وفي المسألةِ قَولٌ آخَرُ في المذهَبِ: أنَّها لا تُفطِرُ أيضًا ولو وصَلَت إلى الفَمِ وابتَلَعها، وهذا القَولُ أرجَحُ؛ لأنَّها لم تَخرُجْ من الفَمِ، ولا يُعَدُّ بَلعُها أكلًا ولا شُربًا، فلو ابتَلَعها بعدَ أن وصَلَت إلى فَمِه فإنَّه لا يُفطِرُ بها، لكن نقولُ قبلَ أن يفعَلَ هذا: لا تفعَلْ وتجنَّبْ هذا الأمرَ، ما دامَ أنَّ المسألةَ بهذا الشَّكلِ، وليست النُّخامةُ كبَلعِ الرِّيقِ، بل هي جِرمٌ غيرُ مُعتادٍ وُجودُه في الفَمِ، بخلافِ الرِّيقِ؛ فالخِلافُ بالتَّفطيرِ بها أقوى مِنَ الخِلافِ بالتَّفطيرِ بجَمعِ الرِّيقِ، والأمرُ واضِحٌ، ولكِنْ كما قُلْنا أوَّلًا: إنَّ ابتلاعَ النُّخامةِ محرَّمٌ؛ لِما فيها من الاستِقذارِ والضَّرَرِ). ((الشرح الممتع)) (6/424). وقال أيضًا: (البَلغَمُ أو النُّخامةُ إذا لم تَصِلْ إلى الفَمِ فإنَّها لا تُفطِرُ، قولًا واحدًا في المذهَبِ، فإن وصَلَت إلى الفَمِ ثمَّ ابتلَعَها ففيه قولانِ لأهلِ العِلمِ: منهم من قال: إنَّها تُفطِرُ؛ إلحاقًا لها بالأكلِ والشُّربِ. ومنهم من قال: لا تُفطِرُ؛ إلحاقًا لها بالرِّيقِ؛ فإنَّ الرِّيقَ لا يَبطُلُ به الصَّومُ، حتى لو جَمَع ريقَه وبَلَعه فإنَّ صَومَه لا يَفسُدُ. وإذا اختَلَف العلماءُ فالمرجِعُ الكِتابُ والسُّنَّةُ، وإذا شكَكْنا في هذا الأمرِ: هل يُفسِدُ العِبادةَ أو لا يُفسِدُها؟ فالأصلُ عَدَمُ الإفسادِ، وبناءً على ذلك يكونُ بَلعُ النُّخامةِ لا يُفطِرُ). ((مجموع فتاوى ورسائل العثيمين)) (19/355).
  57. (57) (( يُنظر: ((المغني)) لابن قدامة (3/123).
  58. (58) (( يُنظر: ((الشرح الكبير)) للدردير (1/525).
  59. (59) (( يُنظر: ((الشرح الممتع)) لابن عثيمين (6/424).
  60. (60) (( الشَّافِعيَّةُ لهم تفصيلٌ: إن لم تحصُلْ في حَدِّ الظَّاهِرِ من الفَمِ لا يُفطِرُ، وإن حصَلَت فيه بانصبابِها من الدِّماغِ في الثُّقبةِ النَّافِذةِ منه إلى أقصى الفَمِ فَوقَ الحُلقومِ، نُظِر: إن لم يَقدِرْ على صَرفِها ومَجِّها حتى نزَلَت إلى الجَوفِ لا يُفطِرُ، وإن رَدَّها إلى فَضاءِ الفَمِ أو ارتدَّت إليه ثمَّ ابتَلَعَها أفطَرَ. ((فتح العزيز بشرح الوجيز)) للرافعي (3/199)، ((روضة الطالبين)) للنووي (2/360).
  61. (61) (( ((الإقناع)) للحجاوي (1/314)، ((شرح منتهى الإرادات)) للبهوتي (1/481).
  62. (62) (( ((الشرح الكبير)) للدردير (1/525).
  63. (63) (( قال ابنُ بازٍ: (إنَّ الرِّيقَ لا بأسَ به، كونُه يَبلَعُ ريقَه هذا لا حَرَجَ فيه، الرِّيقُ المعتادُ، أمَّا النُّخامةُ من الصَّدرِ أو من الرَّأسِ فهذه لا تُبلَعُ، متى وصلَت إلى فَمِه فإنَّ الواجِبَ أنَّه يَقذِفُها ولا يبتَلِعُها، فإن تعَمَّد ابتلاعَها أفطَرَ بذلك على الصَّحيحِ، وقضى ذلك اليومَ). ((فتاوى نور على الدرب)) (16/296-297). وقال أيضًا: (أمَّا النُّخامةُ -وهي ما يخرُجُ من الصَّدرِ أو من الأنفِ، ويقالُ لها: النُّخاعةُ، وهي البَلغَمُ الغليظُ الذي يحصُلُ للإنسانِ تارةً من الصَّدرِ، وتارةً من الرَّأسِ- هذه يجِبُ على الرَّجُلِ والمرأةِ بَصقُه وإخراجُه وعَدَمُ ابتلاعِهـ). ((مجموع فتاوى ابن باز)) (15/313).
  64. (64) (( يُنظر: ((المغني)) لابن قدامة (3/123).
  65. (65) (( يُنظر: ((المغني)) لابن قدامة (3/123).
  66. (66) ((حاشية ابن عابدين)) (2/395).
  67. (67) ((الشرح الكبير)) للدردير (1/525).
  68. (68) ((حواشي الشرواني والعبادي على تحفة المحتاج)) (3/400).
  69. (69) ((كشاف القناع)) للبهوتي (2/320-321).
  70. (70) (( مجموع فتاوى ورسائل العُثيمين)) (19/223).
  71. (71) ((العناية شرح الهداية)) للبابرتي (2/372)، وينظر: ((فتح القدير)) للكمال ابن الهمام (2/372).
  72. (72) ((منح الجليل)) لعليش (2/134)، وينظر: ((القوانين الفقهية)) لابن جزي (1/133).
  73. (73) ((تحفة المحتاج)) للهيتمي (3/433).
  74. (74) ((كشاف القناع)) للبهوتي (2/309)، وينظر: ((المغني)) لابن قدامة (3/145).
  75. (75) قال ابنُ قدامة: ( وكلُّ من أفطَرَ والصَّومُ لازمٌ له؛ كالمُفطِر بغيرِ عُذرٍ، والمُفطِرِ يظُنُّ أنَّ الفَجرَ لم يطلُعْ وقد كان طلَعَ، أو يظنُّ أنَّ الشَّمسَ قد غابت ولم تَغِبْ، أو النَّاسي لنيَّةِ الصَّومِ، ونحوِهم- يلزَمُهم الإمساكُ. لا نعلم بينهم فيه اختلافًا. إلا أنَّه يخرج على قولِ عطاءٍ في المعذورِ في الفِطرِ: إباحةُ فِطرِ بَقيَّةِ يَومِه، قياسًا على قولِه فيما إذا قامَتِ البيِّنةُ بالرُّؤية. وهو قول شاذٌّ، لم يعرِّجْ عليه أهلُ العِلمِ) ((المغني)) (3/ 145).
  76. (76) ((العناية شرح الهداية)) للبابرتي (2/372).
  77. (77) ((الهداية)) للمرغيناني (1/129)، وينظر: ((فتح القدير)) للكمال ابن الهمام (2/372).
  78. (78) ((حاشية الدسوقي على الشرح الكبير)) (2/453).
  79. (79) ((المجموع)) للنووي (6/307).
  80. (80) ((كشاف القناع)) للبهوتي (2/309)، وينظر: ((المغني)) لابن قدامة (3/148).
  81. (81) ((المجموع)) للنووي (6/310).
  82. (82) ((التمهيد)) لابن عبد البر (21/98).
  83. (83) ((مجموع الفتاوى)) لابن تيمية (20/572 - 573)، ((تهذيب سنن أبي داود)) لابن القيم (6/212)، ((الشرح الممتع)) لابن عُثيمين (6/396).
  84. (84) ((تهذيب سنن أبي داود)) لابن القيم (6/212).
  85. (85) رواه البخاري (1959).
  86. (86) (( الشرح الممتع)) لابن عُثيمين (6/398).
  87. (87) ((الهداية)) للمرغيناني (1/129)، وينظر: ((بدائع الصنائع)) للكاساني (2/106).
  88. (88) ((حاشية الدسوقي)) (1/526).
  89. (89) ((نهاية المحتاج)) للرملي (3/158).
  90. (90) ((الإنصاف)) للمرداوي (3/310).
  91. (91) (( الشرح الممتع)) لابن عُثيمين (6/396).
  92. (92) رواه البخاري (1954)، ومسلم (1100).
  93. (93) قال ابنُ قدامة: (وحكي عن عروة, ومجاهد والحسن, وإسحاق: لا قضاءَ عليهم) ((المغني)) (3/147).
  94. (94) قال ابنُ تيمية: (وإن شكَّ: هل طلعَ الفَجرُ؟ أو لم يطلُعْ؟ فله أن يأكُلَ ويشرَبَ حتى يتبيَّنَ الطُّلوعَ. ولو عَلِمَ بعد ذلك أنَّه أكَلَ بعد طلوعِ الفَجرِ، ففي وجوبِ القَضاءِ نِزاعٌ. والأظهَرُ أنَّه لا قضاءَ عليه، وهو الثَّابِتُ عن عمر، وقال به طائفةٌ مِن السَّلَفِ والخَلَف). ((مجموع الفتاوى)) (25/216).
  95. (95) ((الشرح الممتع)) لابن عُثيمين (6/394 - 395، 398)، ((مجموع فتاوى ورسائل ابن عُثيمين)) (19/292 - 294).
  96. (96) ((الشرح الممتع)) لابن عُثيمين (6/394).
  97. (97) رواه البخاري (1959).
  98. (98) ((الشرح الممتع)) لابن عُثيمين (6/333 - 394).
  99. (99) ((الهداية)) للمرغيناني (1/129)، ((تبيين الحقائق)) للزيلعي (1/322).
  100. (100) ((الشرح الكبير للدردير وحاشية الدسوقي)) (1/526)، وينظر: ((المدونة الكبرى)) لسحنون (1/266)، ((الفواكه الدواني)) للنفراوي (2/704).
  101. (101) قال النووي: (ولو أكل ظانًّا غروبَ الشَّمسِ فبانت طالعةً أو ظانًّا أنَّ الفَجرَ لم يطلُع فبان طالعًا- صار مُفطِرًا. هذا هو الصَّحيحُ الذى نصَّ عليه الشَّافعي، وقطع به المصنِّفُ والجمهور) ((المجموع)) (6/313).
  102. (102) ((الإنصاف)) للمرداوي (3/310) قال أبو داود: قلت لأحمد: (إذا تسحَّرَ وهو يرى أنَّ عليه ليلًا وقد أصبح؟ قال: يقضي) ((مسائل الإمام أحمد لأبي داود السجستاني)) (ص 93).
  103. (103) قال البابرتي: (أمَّا فساد صومِه، فلانتفاءِ رُكنِه بغَلطٍ يُمكِنُ الاحترازُ عنه في الجملةِ، بخلاف النِّسيانِ. وأمَّا إمساكُ البقيَّةِ فلِقَضاءِ حَقِّ الوَقتِ بالقَدْرِ المُمكِن..، آنفًا أو لِنَفيِ التُّهمة؛ فإنَّه إذا أكل ولا عُذرَ به، اتَّهَمه الناسُ بالفِسقِ، والتحرُّزُ عن مواضِعِ التُّهَم واجبٌ. وأما القضاءُ، فلأنَّه حقٌّ مَضمونٌ بالمِثلِ شَرعًا، فإذا فوَّته قضاه، كالمريض والمسافر. وأما عدمُ الكفَّارة، فلأنَّ الجنايةَ قاصرةٌ؛ لِعَدمِ القَصدِ) ((العناية شرح الهداية)) (2/372)، ويُنظر: ((الهداية)) للمرغيناني (1/129).