الموسوعة الفقهية

المبحث الرابع: الجهادُ في سبيلِ الله


يجوزُ الفِطرُ للمجاهِدِ في سبيلِ اللهِ، إذا دعت الحاجة إليه، وذلك باتفاق المذاهب الفقهية الأربعة: الحَنَفيَّة ((البحر الرائق)) لابن نجيم (2/303)، ((حاشية ابن عابدين)) (2/421). ، والمالكيَّة ((القوانين الفقهية)) لابن جزي (ص: 81)، ((منَاهِجُ التَّحصِيلِ ونتائج لطائف التَّأْوِيل في شَرحِ المدَوَّنة وحَلِّ مُشكِلاتها)) للرجراجي (2/80). المالكيَّةُ لم ينصُّوا على جوازِ الفِطرِ للمُجاهِدِ مُطلقًا، وإنما نَصُّوا على السَّفَرِ للغَزوِ، قالوا: (وإن كان السَّفرُ لِغَزوٍ وقَرُبَ من لقاءِ العَدُوِّ، فالفِطرُ أفضَلُ؛ للقُوَّةِ) ((القوانين الفقهية)) لابن جزي (ص: 81).   ، والشافعية ((نهاية المحتاج مع حاشية الشبراملسي)) (3/186) وينظر: ((حاشية الجمل على شرح المنهج)) (2/333). ، والحنابلة ((الإنصاف)) للمرداوي (3/203)، ((كشاف القناع)) للبهوتي (2/310).
الدَّليل منَ السُّنَّة:
عن أبي سعيدٍ رَضِيَ اللهُ عنه قال: ((سافَرْنا مع رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم إلى مكَّةَ ونحن صِيامٌ، قال فنَزَلْنا منزلًا، فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: إنَّكم قد دَنَوتُم مِن عَدُوِّكم، والفِطرُ أقوى لكم، فكانت رخصةً، فمِنَّا من صامَ ومِنَّا من أفطَرَ، ثم نَزَلْنا منزلًا آخَرَ، فقال: إنَّكم مُصَبِّحو عَدُوِّكم والفِطرُ أقوى لكم، فأفطِرُوا، فكانت عَزمةً، فأفطَرْنَا، ثم لقَد رأيتُنا نصومُ بعد ذلك مع رَسولِ اللهِ صَلَّى الله عليه وآلِه وسَلَّمَ في السَّفَرِ وفي الحديث دليلٌ على أنَّ الفِطرَ لِمَن كان قريبًا من العَدُوِّ أَوْلى؛ لِمَظِنَّةِ مُلاقاةِ العَدُوِّ ووصولِهم إليه؛ ولهذا كان الإفطارُ أولى ولم يتحَتَّم. وأمَّا إذا كان لقاءُ العَدُوِّ متحقِّقًا، فالإفطارُ عزيمةٌ؛ لأنَّ الصَّائِم يُضعِفُ عن منازلةِ الأعداءِ وقتالِهم. ينظر: ((نيل الأوطار)) للشوكاني (4/268). )) رواه مسلم (1120).

انظر أيضا: