المطلب العاشِر: سُنَن صلاةِ الجِنازة
الفرع الأوَّل: رفْعُ اليَدينِ مع التَّكبيرِالمسألة الأولى: رفْعُ اليَدينِ معَ التكبيرةِ الأُولىيُشرَعُ للمصلِّي على الجِنازة أن يرفعَ يديه في أوَّلِ تكبيرةٍ يُكبِّرُها.
الدَّليل من الإجماع:نقَل الإجماعَ على ذلك: ابنُ المنذرِ
، و
ابنُ قُدامةَ
المسألة الثانية: رفْعُ اليدينِ مع التَّكبيراتِ سِوى تكبيرةِ الإحراميُسنُّ للمصلِّي على الجِنازة أنْ يَرفعَ يديه في كلِّ تكبيرةٍ، وهو مذهبُ الشافعيَّة
، والحَنابِلَة
، وقولُ بعضِ الحَنفيَّة
وقولٌ للمالكيَّة
، وقال به بعضُ السَّلفِ
، وهو قولُ
داودَ الظاهريِّ
، واختارَه ابنُ المنذر
، و
ابنُ باز
، و
ابنُ عُثَيمين
الأدلَّة:أولًا: من الآثار1- عن نافعٍ، عن
ابنِ عُمرَ رَضِيَ اللَّهُ عنهما، أنَّه: (كان يرفعُ يَديهِ في كلِّ تكبيرةٍ على الجِنازة)
2- عنِ
ابنِ عبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عنهما: (أنَّه كان يرفعُ يَديهِ في تكبيراتِ الجِنازة)
ثانيًا: لأنَّها تكبيرةٌ حالَ الاستقرارِ؛ أشبهتِ الأُولى
الفرع الثَّاني: الجهرُ والإسرارُ في صلاةِ الجِنازة المسألة الأولى: القراءةُ إذا كانتْ صلاةُ الجِنازة نهارًايُسرُّ بالقِراءةِ في صَلاةِ الجِنازةِ نَهارًا.
الأدلَّة:أولًا: من السُّنَّةعن أبي أُمامةَ رَضِيَ اللَّهُ عنه، أنَّه قال:
((السُّنَّةُ في الصَّلاةِ على الجِنازة أن يقرأَ في التكبيرةِ الأُولى بأمِّ القرآنِ مخافَتَةً، ثم يُكبِّرُ ثلاثًا، والتَّسليمُ عند الآخِرةِ ))
ثانيًا: من الإجماعنقَل الإجماعَ على ذلك:
ابنُ قُدامة
، و
العينيُّ
المسألة الثانية: القِراءةُ إذا كانتْ صلاةُ الجِنازة ليلًايُسرُّ بالقراءةِ في صلاةِ الجنازةِ ولو كانتِ الصَّلاةُ ليلًا، وهو الأصحُّ عند الشافعيَّة
، والحَنابِلَة
الأدلَّة:أولًا: من السُّنَّةعن أبي أُمامةَ رَضِيَ اللَّهُ عنه، أنَّه قال:
((السُّنَّةُ في الصَّلاةِ على الجِنازة أن يقرأَ في التكبيرةِ الأُولى بأمِّ القرآن مخافَتَةً، ثم يُكبِّرَ ثلاثًا، والتَّسليمُ عند الآخِرةِ ))
وَجهُ الدَّلالةِ: أنَّه لم يُفرِّق في المخافَتَة بينَ ليلٍ ونَهار.
ثانيًا: لأنَّها لا تُقاسُ على المكتوبةِ؛ لأنَّها مؤقَّتةٌ، والجِنازة غيرُ مؤقَّتة، فأشبهتْ تحيَّةَ المسجدِ ونحوَها
المسألة الثالثة: الجهرُ بالتَّكبيراتِيَجهرُ الإمامُ بالتَّكبيراتِ في صلاةِ الجِنازة؛ نصَّ على ذلك الحَنفيَّة
، والشافعيَّة
، والحَنابِلَة
؛ وذلك لأنَّ الإمامَ يُسمِعُ مَن يَليه؛ لأنَّهم يَقتدُونَ به، فيُكبِّرونَ بتكبيرِه، ويُسلِّمونَ بسلامِه
المسألة الرابعة: الجهرُ بالتَّسليمِيَجهرُ الإمامُ بالتَّسليمِ، ويُخافِتُ بها المأمومُ، وهو مذهبُ الجُمهورِ: المالِكيَّة
، والشافعيَّة
والحَنابِلَة
؛ وذلك لأنَّ الإمامَ يُسمِعُ مَن يليه؛ لأنَّهم يقتدون به، فيُسلِّمون بسلامِه، بخلافِ مَن خَلْفَه إنَّما يُسلِّمُ ليتحلَّلَ من صلاتِه، فيُسلِّم في نفسِه
، وقياسًا على غيرِها من الصَّلوات
المسألة الخامسة: الإسرارُ بالصَّلاةِ على النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم والدُّعاءِيُسرُّ بالصَّلاةِ على النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم والدُّعاءِ، وهذا باتِّفاقِ المذاهبِ الفقهيَّة الأربعة: الحَنفيَّة
، والمالِكيَّة
، والشافعيَّة
، والحَنابِلَة
، وحُكِيَ الإجماعُ على ذلك
الأدلَّة:أولًا: من السُّنَّةعن أبي أُمامةَ بنِ سَهلٍ، أنَّه أخبَرَه رجلٌ من أصحابِ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم: أنَّ
((السُّنَّة في الصَّلاةِ على الجِنازة أن يُكبِّرَ الإمامُ، ثم يقرأَ بفاتحةِ الكتابِ- بعدَ التكبيرة الأولى- سِرًّا في نفْسِه، ثم يُصلِّيَ على النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم، ويُخلِصَ الدُّعاءَ للميِّت، ثم يُسلِّمَ سِرًّا فِي نَفْسِهِ ))
وَجهُ الدَّلالةِ:أنَّ السُّنَّةَ قراءةُ الفاتحةَ سرًّا، فمِن بابِ أولى الصلاةُ على النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم، والدُّعاء؛ لأنَّ الأصلَ في الدعاء أن يكونَ سِرًّا.
ثانيًا: لأنَّه أوقعُ في النَّفْسِ من الجهرِ، ولأنَّه مُحتوٍ على ثناءٍ وصلاةٍ على محمَّدٍ صلَّى الله عليه وسلَّم، والإسرارُ بذلِك أفضلُ
الفرع الثالث: الصفوفُ على صلاةِ الجِنازةيُستحبُّ أن تُجعلَ الصفوفُ على الجِنازة ثلاثةَ صُفوفٍ، وهذا باتِّفاقِ المذاهبِ الفِقهيَّةِ الأربعة: الحَنفيَّة
، والمالِكيَّة
، والشَّافعيَّة
، والحَنابِلَة
الأدلَّة: أوَّلًا: من السُّنَّة1- عن مَرْثدِ بنِ عبدِ اللهِ اليَزنيِّ، قال: كان مالكُ بنُ هُبَيرةَ إذا صلَّى على جِنازة، فتقالَّ الناسُ عليها، جزَّأهم ثلاثةَ أجزاءٍ، ثم قال: قال رسولُ اللهِ صلَّى الله عليه وسلَّم:
((مَن صلَّى عليه ثلاثةُ صفوفٍ، فقَدْ أَوْجَبَ))
2- عن
جابرِ بنِ عبدِ اللهِ، رَضِيَ اللَّهُ عنهما، قال: قال النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم:
((قد تُوفِّي اليومَ رجلٌ صالحٌ من الحَبَش؛ فهَلُمَّ فصلُّوا عليه، قال فصَفَفْنا فصلَّى النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم عليه ونحن صفوف، قال أبو الزبير عن جابرٍ: كنتُ في الصفِّ الثَّاني ))
وَجهُ الدَّلالةِ:في الحديثِ دَلالةٌ على أنَّ للصفوفِ تأثيرًا على الجِنازة، ولو كان الجمعُ كثيرًا؛ لأنَّ الظَّاهِرَ أنَّ الذين خرَجوا معه صلَّى الله عليه وسلَّم كانوا عددًا كثيرًا، وكان المصلَّى فضاءً، ولا يَضيقُ بهم لو صفُّوا فيه صفًّا واحدًا، ومع ذلك فقد صفَّهم
ثانيًا: من الآثارعن شراحيلَ الكنديِّ رَضِيَ اللهُ عنه- وكان من الصَّحابةِ- أنَّه صلَّى على جِنازة، فجَعَلهم ثلاثةَ صفوفٍ