الموسوعة الفقهية

المطلب الثَّاني: مكانُ الجِنازة وموقفُ الإمامِ منها


الفرع الأوَّل: مكانُ الجِنازة وحُكمُ الصَّلاةِ قُدَّامَها
يُشترَطُ أنْ يكونَ الميِّتُ بين يدَيِ الإمامِ، وتبطُلُ صلاةُ مَن تَقدَّم عليه، وهو مذهبُ الجمهورِ: الحَنفيَّة ، والشافعيَّة ، والحَنابِلَة
الأدلَّة:
أولًا: من السُّنَّة
عن أبي غالبٍ، قال: ((رأيتُ أنسَ بنَ مالكٍ صلَّى على جِنازة رجُلٍ، فقامَ حِيالَ رأسِه، فجيءَ بجِنازة أخرى؛ بامرأةٍ، فقالوا: يا أبا حمزةَ، صلِّ عليها، فقام حيالَ وسَطِ السَّريرِ، فقال له العلاءُ بنُ زياد: يا أبا حمزةَ، هكذا رأيتَ رسولَ اللهِ صلَّى الله عليه وسلَّم قامَ مِن الجِنازةِ مَقامَك مِن الرَّجُلِ، وقامَ مِن المرأةِ مقامَك من المرأةِ؟ قال: نعَمْ ))
وفي رواية: ((فقال العلاءُ بن زياد: يا أبا حمزةَ، هكذا كانَ يفعَلُ رسولُ اللهِ صلَّى الله عليه وسلَّم؛ يُصلِّي على الجِنازة كصلاتِك، يُكبِّر عليها أربعًا، ويقومُ عند رأس الرَّجُلِ وعجيزةِ المرأة؟ قال: نعم ))  
وَجهُ الدَّلالةِ:
أنَّ النبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم صلَّى خلفَ الجِنازة، ولم يتقدَّمْ عليها، وقد قال صلَّى الله عليه وسلَّم: ((صلُّوا كما رأيتُموني أُصلِّي ))
ثانيًا: لأنَّ الميِّتَ كالإمامِ، فلو تَقدَّمَ المصلِّي على الإمامِ من غيرِ عُذرٍ فسَدتْ صلاتُه؛ فكذا لو تَقدَّمَ على الميِّتِ، فسدتْ صلاتُه
ثالثًا: اتِّباعًا لِمَا جرَى عليه الأوَّلون
الفرع الثَّاني: موقفُ الإمامِ من الجِنازة
المسألة الأولى: موقِف الإمامِ من جِنازة الرَّجُلِ
يقِفُ الإمامُ عندَ رأسِ الرجُل، وهو الصَّحيحُ عند الشافعيَّة ، وروايةٌ عن أبي حَنيفة ، وهو قولُ أبي يوسف من أصحابِه ، واختارَه ابنُ المنذرِ ، وابنُ حزمٍ ، والقرطبيُّ ، والشوكانيُّ ، وابنُ باز ، وابنُ عُثَيمين
الدَّليلُ مِنَ السُّنَّة:
عن نافعٍ أبي غالبٍ، قال: ((كنتُ في سِكَّةِ المِرْبَد ، فمرَّت جِنازة معها ناسٌ كثير، قالوا: جِنازة عبدِ الله بن عُمير، فتبِعْتُها فإذا أنا برجلٍ عليه كساءٌ رقيقٌ على بُرَيذينَتِه ، وعلى رأسِه خِرقةٌ تَقِيه من الشَّمس، فقلتُ: مَن هذا الدِّهقانُ ؟ قالوا: هذا أنسُ بنُ مالك، فلمَّا وُضِعَتِ الجِنازة قام أنسٌ فصلَّى عليها، وأنا خلفَه لا يحولُ بيني وبينه شيءٌ، فقام عندَ رأسِه فكبَّر أربعَ تكبيراتٍ، لم يُطِلْ ولم يُسرِعْ، ثم ذهب يقعُد، فقالوا: يا أبا حمزةَ، المرأةُ الأنصاريَّةُ، فقرَّبُوها وعليها نعشٌ أخضرُ، فقام عندَ عجيزتِها فصلَّى عليها نحوَ صلاتِه على الرجُلِ، ثم جَلَسَ، فقال العلاءُ بن زياد: يا أبا حمزة، هكذا كانَ يفعَلُ رسولُ اللهِ صلَّى الله عليه وسلَّم؛ يُصلِّي على الجِنازة كصلاتِك، يُكبِّر عليها أربعًا، ويقومُ عند رأس الرَّجُلِ وعجيزةِ المرأة؟ قال: نعم ))
المسألة الثانية: موقِفُ الإمامِ من جِنازة المرأةِ
يقِفُ الإمامُ عند وسَطِ المرأة، وهو مذهبُ الشافعيَّة ، والحَنابِلَة ، وروايةٌ عن أبي حَنيفة ، وهو قولُ أبي يُوسَف ، وروايةٌ عن مالك ، واختاره الطَّحاويُّ ، وابنُ المنذر ، وابنُ حزمٍ ، والقرطبيُّ ، والصنعانيُّ ، والشوكانيُّ ، وابنُ باز ، وابنُ عُثَيمين
الأدلَّة:
أولًا: من السُّنَّة
1- عن نافعٍ أبي غالبٍ، قال: ((كنتُ في سِكَّةِ المِرْبَد، فمرَّت جِنازة معها ناسٌ كثير، قالوا: جِنازة عبدِ الله بن عُمير، فتبعتُها فإذا أنا برجلٍ عليه كساءٌ رقيقٌ على بُرَيذينَتِه، وعلى رأسِه خِرقةٌ تَقِيه من الشَّمس، فقلتُ: مَن هذا الدِّهقانُ؟ قالوا: هذا أنسُ بن مالك، فلمَّا وُضِعتِ الجِنازة قام أنسٌ فصلَّى عليها، وأنا خلفَه لا يحولُ بيني وبينه شيءٌ، فقام عندَ رأسه فكبَّر أربعَ تكبيراتٍ، لم يُطِلْ ولم يُسرِعْ، ثم ذهب يقعُد، فقالوا: يا أبا حمزةَ، المرأةُ الأنصاريَّةُ، فقرَّبوها وعليها نعشٌ أخضرُ، فقام عندَ عَجيزتِها فصلَّى عليها نحوَ صلاتِه على الرجُلِ، ثم جلس، فقال العلاءُ بن زيادٍ: يا أبا حمزةَ، هكذا كانَ يفعَلُ رسولُ اللهِ صلَّى الله عليه وسلَّم؛ يُصلِّي على الجِنازة كصلاتِك، يُكبِّرُ عليها أربعًا، ويقومُ عند رأس الرَّجُلِ وعجيزةِ المرأة؟ قال: نعم ))
2- عن سَمُرةَ رَضِيَ اللَّهُ عنه، قال: ((صليتُ وراءَ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم على امرأةٍ ماتتْ في نفاسِها، فقام عليها وسَطَها ))
ثانيًا: لأنَّه أبلغُ في صِيانتِها عن الباقِينَ

انظر أيضا:

  1. (1) ((المبسوط)) للسرخسي (1/76). ((حاشية الطحطاوي)) (ص: 383). ويُنظر: ((الدر المختار)) للحصكفي (2/208).
  2. (2) ((المجموع)) للنووي (5/228)، ((مغني المحتاج)) للشربيني (1/360).
  3. (3) ((الإنصاف)) للمرداوي (2/363، 368)، ((كشاف القناع)) للبهوتي (2/117)، ((الإقناع)) للحجاوي (1/226)، وفيه: (وجميع ما يُشترط لمكتوبة مع حضور الميِّت بين يديه قبل الدَّفن، إلَّا الوقت، فلا تصحُّ على جِنازَةٍ محمولة؛ لأنَّها كإمام). وينظر: ((شرح منتهى الإرادات)) للبهوتي (1/363).
  4. (4) أخرجه أبو داود (3194)، والترمذي (1034)، وابن ماجه (1494) واللفظ له. حسَّنه الترمذي، وصحَّحه الألباني في ((صحيح سنن ابن ماجهـ)) (1223). 
  5. (5) أخرجه أبو داود (3194) واللفظ له، والترمذي (1034)، وابن ماجه (1494) مختصرا، والبيهقي (7173).  احتجَّ به ابن حزم في ((المحلى)) (5/123)، وصحَّحه ابن الملقن في ((البدر المنير)) (5/256)، والألباني في ((صحيح سنن أبي داود)) (3194)، والوادعي في ((الصحيح المسند)) (129). 
  6. (6) أخرجه البخاري (631).
  7. (7) ((مغني المحتاج)) للخطيب الشربيني (1/360). ويُنظر: ((المحيط البرهاني)) لابن مازة (1/425).
  8. (8) ((مغني المحتاج)) للشربيني (1/360).
  9. (9) ((المجموع)) للنووي (5/225)، ((مغني المحتاج)) للخطيب الشربيني (1/348).
  10. (10) ((فتح القدير)) للكمال ابن الهمام (2/126).
  11. (11) ((مجمع الأنهر)) لشيخي زاده (1/270).
  12. (12) ((الإقناع)) لابن المنذر (1/161).
  13. (13) ((المحلى)) لابن حزم (3/382).
  14. (14) ((تفسير القرطبي)) (8/222).
  15. (15) ((الدراري المضية)) للشوكاني (1/136).
  16. (16) ((مجموع فتاوى ابن باز)) (13/139).
  17. (17) ((مجموع فتاوى ورسائل العثيمين)) (17/127).
  18. (18) قوله: (سِكَّةِ المِرْبَد): السِّكَّة: هي الطريق الْمُصْطفَّة مِن النَّخل. والمِرْبَد: الموضع الذي تُحبس فيه الإبل والغنم، وبه سُمِّي مربد المدينة والبصرة. ينظر: ((معجم البلدان)) لياقوت (5/91)، ((شرح أبي داود)) للعيني (6/134).
  19. (19) بُرَيذِينَتِه: تصغير بِرْذَون، والبِرذون: هو التُّركيُّ من الخيلِ. ((المصباح المنير)) للفيومي (1/41)، ((عون المعبود)) للعظيم آبادي (7/312)، (8/250).
  20. (20) الدِّهْقان- بكسر الدال وضمِّها-: لفظ مُعرَّب، ويُطلق على رئيسِ القريةِ، وعلى مُقدَّمِ أصحابِ الثَّراءِ والمالِ وأصحابِ الزِّراعةِ، وعلى التاجِر، وعلى مَن له مالٌ وعَقار. ((النهاية)) لابن الأثير (2/145)، ((المصباح المنير)) للفيومي (1/201).
  21. (21) أخرجه أبو داود (3194) واللفظ له، والترمذي (1034)، وابن ماجه (1494) مختصرًا، والبيهقي (7173).  صحَّحه ابن الملقِّن في ((البدر المنير)) (5/256)، والألباني في ((صحيح سنن أبي داود)) (3194)، والوادعي في ((الصحيح المسند)) (129). 
  22. (22) ((المجموع)) للنووي (5/225)، ((مغني المحتاج)) للخطيب الشربيني (1/348).
  23. (23) ((كشاف القناع)) للبهوتي (2/112). ويُنظر: ((المغني)) لابن قدامة (2/386).
  24. (24) ((فتح القدير)) للكمال ابن الهمام (2/126).
  25. (25) ((مجمع الأنهر)) لشيخي زاده (1/270).
  26. (26) ((حاشية العدوي على شرح مختصر خليل)) للخرشي (2/128).
  27. (27) ((شرح معاني الآثار)) للطحاوي (1/491).
  28. (28) ((الإقناع)) لابن المنذر (1/161).
  29. (29) ((المحلى)) لابن حزم (3/382).
  30. (30) ((المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم)) للقرطبي (2/616).
  31. (31) ((سبل السلام)) للصنعاني (2/102).
  32. (32) ((الدراري المضية)) للشوكاني (1/136).
  33. (33) ((مجموع فتاوى ابن باز)) (13/139).
  34. (34) ((مجموع فتاوى ورسائل العثيمين)) (17/129).
  35. (35) أخرجه أبو داود (3194) واللفظ له، والترمذي (1034)، وابن ماجه (1494) مختصرًا، والبيهقي (7173).  صحَّحه ابن الملقِّن في ((البدر المنير)) (5/256)، والألباني في ((صحيح سنن أبي داود)) (3194)، والوادعي في ((الصحيح المسند)) (129). 
  36. (36) أخرجه البخاري (1332) واللفظ له، ومسلم (964).
  37. (37) ((المجموع)) للنووي (5/225).