الموسوعة الفقهية

المَبحَثُ الثَّاني: قَتلُ مَن شارَكَ في القِتالِ مِنَ النِّساءِ والصِّبيانِ والشُّيوخِ


يُقتَلُ مَن شارَكَ في القِتالِ مِنَ النِّساءِ والصِّبيانِ والشُّيوخِ، باتِّفاقِ المَذاهِبِ الفِقهيَّةِ الأربَعةِ: الحَنَفيَّةِ [488] ((مختصر القدوري)) (ص: 232)، ((تبيين الحقائق)) للزيلعي (3/ 245). ، والمالِكيَّةِ [489] ((مواهب الجليل)) للحطاب (4/ 543)، ((الشرح الكبير)) للدردير (2/ 176). ، والشَّافِعيَّةِ [490] ((العزيز شرح الوجيز)) للرافعي (11/ 390، 392)، ((روضة الطالبين)) للنووي (10/ 243). ، والحَنابِلةِ [491] ((المبدع)) لبرهان الدين ابن مفلح (3/ 294)، ((شرح منتهى الإرادات)) للبهوتي (1/ 624). ، وحُكِيَ الإجماعُ على ذلك [492] قال ابنُ بَطَّالٍ: (اتَّفَقَ الجُمهورُ على أنَّ النِّساءَ والصِّبيانَ إذا قاتَلوا قُتِلوا). ((شرح صحيح البخاري)) (5/ 170).  وقال ابنُ عَبدِ البَرِّ: (لَم يَختَلِفِ العُلَماءُ فيمَن قاتَلَ مِنَ النِّساءِ والشُّيوخِ أنَّه مُباحٌ قَتلُه، ومَن قدَرَ على القِتالِ مِنَ الصِّبيانِ وقاتَلَ قُتِلَ). ((الاستذكار)) (5/30). وقال: (أجمَعوا أنَّ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قَتَلَ دُرَيدَ بنَ الصِّمَّةِ يَومَ حُنَينٍ؛ لأنَّه كانَ ذا رَأيٍ ومَكيدةٍ في الحَربِ، فمَن كانَ هَكَذا مِنَ الشُّيوخِ قُتِلَ عِندَ الجَميعِ). ((التمهيد)) (16/ 142).  وقال القاضي عياضٌ: (أجمَعَ العُلَماءُ على الأخذِ بهذا الحَديثِ في تَركِ قَتلِ النِّساءِ والصِّبيانِ إذا لم يُقاتِلوا. واختَلَفوا إذا قاتَلوا؛ فجُمهورُ العُلَماءِ كافَّةً -مَن يُحفَظُ عَنه العِلمُ مِنهُم- أنَّهم إذا قاتَلوا يُقتَلونَ). ((إكمال المعلم)) (6/ 48). وقال ابنُ رُشدٍ الحَفيدُ: (لا خِلافَ بَينَهم في أنَّه لا يَجوزُ قَتلُ صِبيانِهم ولا قَتلُ نِسائِهم، ما لم تُقاتِلِ المَرأةُ والصَّبيُّ، فإذا قاتَلَتِ المَرأةُ استُبيحَ دَمُها). ((بداية المجتهد)) (2/ 146).  وقال ابنُ قُدامةَ: (ومَن قاتَلَ مِن هَؤُلاءِ أوِ النِّساءِ أوِ المَشايِخِ أوِ الرُّهبانِ في المَعرَكةِ قُتِلَ) لا نَعلَمُ فيه خِلافًا). ((المغني)) (9/ 313).  وقال شمس الدين ابن قدامة: (ومَن قاتَلَ مِمَّن ذَكَرنا جَميعِهم جازَ قَتلُه، لا نَعلَمُ فيه خِلافًا). ((الشرح الكبير)) (10/ 400).  وقال ابنُ تيميَّةَ: (ولا تُقتَلُ نِساؤُهم إلَّا أن يُقاتِلنَ بقَولٍ أو عَمَلٍ، باتِّفاقِ العُلَماءِ). ((مجموع الفتاوى)) (28/ 414).  وقال الحَطَّابُ: (فإن قاتَلنَ وباشَرنَ السِّلاحَ فلا خِلافَ في جَوازِ قَتلِهنَّ في حينِ القَتلِ في المُسايَفةِ؛ لوُجودِ المَعنى المُبيحِ لقَتلِهنَّ). ((مواهب الجليل)) (4/ 543).  وقال ابنُ عابِدينَ: (وكَذا المَرأةُ إذا قاتَلَت... ولا خِلافَ في هذا لأحَدٍ). ((حاشية ابن عابدين)) (4/ 132). وخالف المالِكيَّةُ في قَولٍ لَهم وقالوا: لا تُقتَلُ مُطلَقًا: قال بَهرامُ: (وفي كِتابِ ابنِ سحنونَ: لا تُقتَلُ مُطلَقًا؛ لعُمومِ النَّهيِ، فقد رويَ أنَّه عليه السَّلامُ نَهى عَن قَتلِ النِّساءِ والصِّبيانِ، وهو ظاهِرُ قَولِه في المُدَوَّنةِ: لا تُقتَلُ النِّساءُ ولا الصِّبيانُ، وذَهَبَ ابنُ حَبيبٍ إلى أنَّها تُقتَلُ إلَّا أن يَرى الإمامُ أن يَستَحييَها). ((تحبير المختصر)) (2/ 453،454). .
الأدِلَّةُ:
أوَّلًا: مِنَ السُّنَّةِ
عَن رَباحِ بنِ رَبيعٍ رضي الله عنه، قال: ((كُنَّا مَعَ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في غَزوةٍ، فرَأى النَّاسَ مُجتَمِعينَ على شَيءٍ، فبَعَثَ رَجُلًا، فقال: انظُرْ عَلامَ اجتَمَعَ هؤلاء؟ فجاءَ فقال: على امرَأةٍ قَتيلٍ. فقال: ما كانَت هذه لتُقاتِلَ! قال: وعَلى المُقدِّمةِ خالِدُ بنُ الوليدِ، فبَعَثَ رَجُلًا، فقال: قُلْ لخالِدٍ: لا تَقتُلَنَّ امرَأةً ولا عَسيفًا)) [493] أخرجه أبو داود (2669) واللفظ له، وابن ماجه بعد حديث (2842)، وأحمد (15992). صَحَّحه ابنُ حبان في ((صحيحهـ)) (4789)، وابن الملقن على شرط البخاري ومسلم في ((البدر المنير)) (9/81)، وصَحَّحه لغيره شعيب الأرناؤوط في تخريج ((مسند أحمد)) (15992)، وقال الألباني في ((صحيح سنن أبي داود)) (2669): حسنٌ صحيحٌ. .
وَجهُ الدَّلالةِ:
نَهى عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ عَن قَتلِ النِّساءِ، وعَلَّلَ ذلك بأنَّهنَّ لا يُقاتِلنَ، ومَفهومُه لَو قاتَلنَ وتَحَقَّقَ فيهنَّ الوصفُ جازَ قَتلُهنَّ [494] يُنظر: ((معالم السنن)) للخطابي (2/ 280)، ((المسالك)) لابن العربي (5/ 31)، ((فتح الباري)) لابن حجر (6/ 148). .
ثانيًا: أنَّ المَعنى المُبيحَ لقَتلِ الرِّجالِ وُجِدَ مِنَ النِّساءِ والصِّبيانِ والشُّيوخِ ونَحوِهم إذا قاتَلوا، فجازَ قَتلُهم [495] يُنظر: ((المسالك)) لابن العربي (5/ 32)، ((إكمال المعلم)) للقاضي عياض (6/ 47). .

انظر أيضا: