الموسوعة الفقهية

المَطلَبُ الأوَّلُ: التَّكليفُ


يُشتَرَطُ لإقامةِ حَدِّ الشُّربِ أن يَكونَ شارِبُها عاقِلًا بالِغًا.
الأدِلَّة:ِ
أوَّلًا: مِنَ السُّنَّةِ
عن عَليِّ بنِ أبي طالِبٍ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: لَقد عَلِمتُ أنَّ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((رُفِع القَلَمُ عن ثَلاثةٍ: عنِ الصَّبيِّ حتَّى يَبلُغَ، وعنِ النَّائِمِ حتَّى يَستَيقِظَ، وعنِ المَعتوهِ حتَّى يَبرَأَ)) [1112] أخرجه أبو داود (4402) واللفظ له، وأحمد (1328) بنحوه. صَحَّحه ابنُ حزم في ((المحلى)) (9/206)، والنووي في ((المجموع)) (6/253)، والسخاوي في ((الأجوبة المرضية)) (2/767)، والألباني في ((صحيح سنن أبي داود)) (4402)، وشعيب الأرناؤوط في تخريج ((سنن أبي داود)) (4402). .
وفي لَفظٍ: ((رُفِع القَلَمُ عن ثَلاثةٍ: عنِ النَّائِمِ حتَّى يَستَيقِظَ، وعنِ الصَّبيِّ حتَّى يَشِبَّ، وعنِ المَعتوهِ حتَّى يَعقِلَ)) [1113] أخرجه الترمذي (1423) واللفظ له، وأحمد (956) على الشَّكِّ: (المَعتوهِ أوِ المَجنونِ حتَّى يَعقِلَ). صَحَّحه الألبانيُّ في ((صحيح سنن الترمذي)) (1423)، وصَحَّحه لغيره شعيب الأرناؤوط في تخريج ((مسند أحمد)) (956)، وحَسَّنه البخاري كما في ((العلل الكبير)) للترمذي (226). .
ثانيًا: مِنَ الإجماعِ
نَقَل الإجماعَ على اشتِراطِ التَّكليفِ (العَقلِ والبُلوغِ): ابنُ قُدامةَ [1114] قال ابنُ قُدامةَ: (أمَّا البُلوغُ والعَقلُ فلا خِلافَ في اعتِبارِهما في وُجوبِ الحَدِّ، وصِحَّةِ الإقرارِ). ((المغني)) (9/ 66). ، وشَمسُ الدِّينِ ابنُ قُدامةَ [1115] قال شَمسُ الدِّينِ ابنُ قُدامةَ: (أمَّا البُلوغُ والعَقلُ فلا خِلافَ في اعتِبارِهما في وُجوبِ الحَدِّ). ((الشرح الكبير)) (10/ 119). ، وبُرهانُ الدِّينِ ابنُ مُفلِحٍ [1116] قال بُرهانُ الدِّينِ ابنُ مُفلِحٍ: (لا يَجِبُ الحَدُّ إلَّا على بالِغٍ عاقِلٍ، ولا خِلافَ في اعتِبارِهما). ((المبدع)) (9/ 43). .
ونَقَل الإجماعَ على اشتِراطِ العَقلِ: ابنُ حَزمٍ [1117] قال ابنُ حَزمٍ: (ولا يُقامُ عليه -أي المَجنونِ- في حالِ عَقلِه كُلُّ حَدٍّ كان مِنه في حالِ جُنونِه، بلا خِلافٍ مِنَ الأُمَّةِ). ((المحلى)) (11/250). ، وابنُ عَبدِ البَرِّ [1118] قال ابنُ عَبدِ البَرِّ: (وهذا إجماعٌ أنَّ المَجنونَ المَعتوهَ لا حَدَّ عليه، والقَلَمُ عنه مَرفوعٌ). ((التمهيد)) (23/ 120). ، والقاضي عِياضٌ [1119] قال القاضي عياضٌ: (أنَّ إقرارَ المَجنونِ في حالِ جُنونِه لا يَلزَمُ، وأنَّ الحُدودَ عنه حينَئِذٍ ساقِطةٌ، وهو مِمَّا أجمَعَ عليه العُلَماءُ). ((إكمال المعلم)) (5/ 510). ، والنَّوويُّ [1120] قال النَّوويُّ: (إقرارُ المَجنونِ باطِلٌ، وأنَّ الحُدودَ لا تَجِبُ عليه، وهذا كُلُّه مُجمَعٌ عليهـ). ((شرح النووي)) (11/ 193). .
ونَقَل الإجماعَ على اشتِراطِ البُلوغِ: ابنُ بَطَّالٍ [1121] قال ابنُ بَطَّالٍ: (أجمَعَ العُلَماءُ على أنَّ الاحتِلامَ في الرِّجالِ والحَيضَ في النِّساءِ هو البُلوغُ الذى تَلزَمُ به العِباداتُ والحُدودُ والاستِئذانُ وغَيرُهـ). ((شرح صحيح البخاري)) (8/49). ، وابنُ حَجَرٍ [1122] قال ابنُ حَجَرٍ: (أجمَعَ العُلَماءُ على أنَّ الاحتِلامَ في الرِّجالِ والنِّساءِ يَلزَمُ به العِباداتُ والحُدودُ وسائِرُ الأحكامِ). ((فتح الباري)) (5/ 277). .
ثالِثًا: أنَّ الحَدَّ عُقوبةٌ مَحضةٌ فتَستَدعي جِنايةً مَحضةً، وفِعلُ الصَّبيِّ والمَجنونِ لا يوصَفُ بالجِنايةِ؛ فلا يَجِبُ به الحَدُّ [1123] يُنظر: ((بدائع الصنائع)) للكاساني (7/40).  .
رابِعًا: أنَّه إذا سَقَطَ عنه التَّكليفُ في العِباداتِ والإثمُ في المَعاصي، فالحَدُّ المَبنيُّ على الدَّرءِ بالشُّبُهاتِ أَولى بالإسقاطِ [1124] يُنظر: ((الشرح الكبير)) لشمس الدين ابن قدامة (10/ 119). .

انظر أيضا: