الموسوعة الفقهية

المَسألةُ الخامِسةُ: اشتِراطُ التَّفصيلِ للشَّهادةِ على الزِّنا


يُشتَرَطُ لإقامةِ حَدِّ الزِّنا بالبَيِّنةِ: التَّفصيلُ للشَّهادةِ على الزِّنا [470] وذلك بأن يَصِفَ الشُّهودُ كَيفيَّةَ الزِّنا، فيَقولونَ: رَأيناه مُغَيِّبًا ذَكَرَه في فَرجِها، أو غَيَّب حَشَفتَه في فَرجِها كالمِيلِ في المُكحُلةِ، كما يُبَيِّنُ الشُّهودُ كَيفيَّتَهما مِنِ اضطِجاعٍ أو جُلوسٍ أو قيامٍ، أو هو فوقَها أو تَحتَها، وتَعيينُ المَرأةِ، ونَحوُ ذلك. وقد أجمَعَ العُلماءُ على اشتِراطِ وصفِ الشُّهودِ حَقيقةَ الزِّنا برُؤيةِ ذَكَرِه في قُبُلِها، قال ابنُ حَزمٍ: (لا يَختَلِفُ اثنانِ مِنَ الأُمَّةِ في أنَّ شَهادَتَهمُ التي يُكَلَّفونَها هيَ أن يَشهَدوا بأنَّهم رَأوا فَرجَه في فَرجِها والِجًا خارِجًا، والإجماعُ قد صَحَّ بأنَّ ما عدا هذه الشَّهادةَ ليست شَهادةً بزِنًا، ولا يَبرَأُ بها القاذِفُ مِنَ الحَدِّ). ((المحلى)) (12/ 227).  واختَلَفوا في مَسائِلَ أُخرى غَيرِ ذلك مِنَ الأوصافِ، كالمَكانِ، أوِ الزَّمانِ، أو تَحديدِ عَينِ الزَّاني أوِ الزَّانيةِ. ، وذلك باتِّفاقِ المَذاهِبِ الفِقهيَّةِ الأربَعةِ: الحَنَفيَّةِ [471] ((تبيين الحقائق)) للزيلعي (3/ 165)، ((العناية شرح الهداية)) للبابرتي (5/ 215). ، والمالِكيَّةِ [472] ((التاج والإكليل)) للمواق (8/ 206)، ((منح الجليل)) لعليش (8/ 445). ، والشَّافِعيَّةِ [473] ((مغني المحتاج)) للشربيني (4/ 149)، ((نهاية المحتاج)) للرملي (7/ 429). ، والحَنابِلةِ [474] ((الإنصاف)) للمرداوي (10/ 191)، ((مطالب أولي النهى)) للرحيباني (6/ 600). .
الأدِلَّة:ِ
أوَّلًا: مِنَ السُّنَّةِ
عن ابنِ عبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عنهما، قال: ((لمَّا أتى ماعِزُ بنُ مالِكٍ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال له: لعَلَّك قَبَّلتَ أو غَمَزتَ أو نَظَرتَ! قال: لا يا رَسولَ اللهِ. قال: أنِكْتَها؟ لا يَكنِي. قال: فعِندَ ذلك أمَرَ برَجمِه )) [475] أخرجه البخاري (6824). .
وَجهُ الدَّلالةِ:
أنَّ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم سَأل ماعِزًا إلى أن قال كَلِمةَ (نِكْتَ)؛ لكَونِه صَريحًا في البابِ، والباقي كِنايةٌ [476] يُنظر: ((تبيين الحقائق)) للزيلعي (3/ 165). .
ثانيًا: مِنَ الآثارِ
عن عبدِ اللهِ بنِ مَسعودٍ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: (ادرَؤوا القَتلَ والجَلدَ عنِ المُسلمينَ ما استَطَعتُم) [477] أخرجه ابن أبي شيبة (29090) واللفظ له، وابن المنذر في ((الأوسط)) (12/521). ذكر ثبوتَه ابنُ المنذِرِ. .
وفي لفظٍ: عن ابنِ مَسعودٍ، قال: (ادرَؤوا الحَدَّ بالشُّبهةِ) [478] أخرجه مسدَّد كما في ((موافقة الخبر الخبر)) لابن حجر (1/443). حسَّن إسنادَه ابنُ حجر في ((موافقة الخبر الخبر)) (1/443). .
وَجهُ الدَّلالةِ:
فيه دَليلٌ أنَّ دَرْءَ الحَدِّ بالشُّبُهاتِ مَندوبٌ إليه [479] يُنظر: ((تبيين الحقائق)) للزيلعي (3/ 165)، ((العناية شرح الهداية)) للبابرتي (5/ 215). .
ثالثًا: لأنَّ كَلامَهم مُحتَمِلٌ، والاحتياطُ فيه واجِبٌ؛ فيَجِبُ عليه الاستِفسارُ ليَزولَ الاحتِمالُ [480] يُنظر: ((تبيين الحقائق)) للزيلعي (3/ 165)، ((مطالب أولي النهى)) للرحيباني (6/ 600). .
رابعًا: لأنَّ التَّفصيلَ فيه احتِرازٌ عنِ الغَلَطِ في الماهيَّةِ والكَيفيَّةِ والمَكانِ والزَّمانِ، واحتِرازٌ في المَفعولِ به، وقد تَكونُ هناكَ شُبهةٌ أو تَقادُمُ زَمانٍ [481] يُنظر: ((العناية شرح الهداية)) للبابرتي (5/ 215)، ((مغني المحتاج)) للشربيني (4/ 149).  .

انظر أيضا: