الموسوعة الفقهية

المَبحَثُ الأوَّلُ: حُكمُ التَّعريفِ بالمُلتَقَطِ


يَجِبُ تَعريفُ اللُّقَطةِ سَواءٌ قُصِدَ تَمَلُّكُها أو حِفظُها لمالِكِها، باتِّفاقِ المذاهِبِ الفِقهيَّةِ الأربَعةِ: الحَنَفيَّةِ ، والمالِكيَّةِ ، والشَّافِعيَّةِ -في المعتَمَدِ- ، والحنابِلةِ .
الأدِلَّةُ:
أوَّلًا: مِنَ السُّنَّةِ
عن زَيدِ بنِ خالدٍ الجُهَنيِّ رَضيَ اللهُ عنه: أنَّ رَجُلًا سَأل رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم عَنِ اللُّقَطةِ، فقال: ((عَرِّفْها سَنةً، ثُمَّ اعرِفْ وِكاءَها وعِفاصَها، ثُمَّ استَنفِقْ بها، فإن جاءَ رَبُّها فأدِّها إليه. فقال: يا رَسولَ اللهِ، فضالَّةُ الغَنَمِ؟ قال: خُذْها؛ فإنَّما هي لك أو لأخيك أو للذِّئبِ. فقال: يا رَسولَ اللهِ، فضالَّةُ الإبِلِ؟ قال فغَضِبَ رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم حتَّى احمَرَّت وجْنَتاه -أوِ احمَرَّ وَجهُه- ثُمَّ قال: ما لك ولها؟ مَعَها حِذاؤُها وسِقاؤُها، حتَّى يَلقاها رَبُّها)) .
وَجهُ الدَّلالةِ:
أمرُه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بالتَّعريفِ، والأمرُ للوُجوبِ .
ثانيًا: لئَلَّا يَكونَ كِتمانًا مُفوِّتًا للحَقِّ على صاحِبِه .
ثالثًا: أنَّ رَدَّها لمَوضِعِها حَرامٌ؛ لكَونِه وسيلةً لضَياعِها، وكذلك عَدَمُ تَعريفِها قياسًا عليه؛ فيَجِبُ التَّعريفُ .
رابعًا: لو لم يَجِبِ التَّعريفُ لما جازَ الالتِقاطُ؛ لأنَّ بَقاءَها في مَوضِعِها أقرَبُ لوِجدانِها، وحِفظُ المالِ واجِبٌ بحَسبِ الإمكانِ .

انظر أيضا:

  1. (1) قال النَّوويُّ: (وأمَّا تَعريفُ سَنةٍ فقَد أجمَعَ المُسلِمونَ على وُجوبِه إذا كانتِ اللُّقَطةُ ليست تافِهةً ولا في مَعنى التَّافِهةِ، ولم يُرِدْ حِفظَها على صاحِبِها بَل أرادَ تَمَلُّكَها، ولا بُدَّ مِن تَعريفِها سَنةً بالإجماعِ). ((شرح النووي على مسلم)) (12/22).
  2. (2) ((مجمع الأنهر)) لشيخي زاده (1/705)، ((حاشية ابن عابدين)) (4/275).
  3. (3) ((منح الجليل)) لعليش (8/231)، ويُنظر: ((الذخيرة)) للقرافي (9/108).
  4. (4) عِندَ الشَّافِعيَّةِ: يَجِبُ تَعريفُها إذا قَصَدَ التَّمَلُّك قَولًا واحِدًا، أمَّا إذا قَصَدَ الحِفظَ ففي وُجوبِه وَجهانِ، أصَحُّهما عِندَ بَعضِ الشَّافِعيَّةِ -كالغَزاليِّ والنَّوويِّ- وُجوبُه، وهو المُعتَمَدُ في المَذهَبِ. ((روضة الطالبين)) للنووي (5/407- 409)، ((نهاية المحتاج)) للرملي (5/438)، ((حاشية قليوبي)) (3/121).
  5. (5) ((كشاف القناع)) للبهوتي (4/215)، ((شرح منتهى الإرادات)) للبهوتي (2/380).
  6. (6) أخرجه البخاري (2428)، ومسلم (1722) واللفظ له.
  7. (7) يُنظر: ((الذخيرة)) للقرافي (9/108)، ((المبدع)) لبرهان الدين ابن مفلح (5/124).
  8. (8) يُنظر: ((روضة الطالبين)) للنووي (5/407- 409).
  9. (9) يُنظر: ((الذخيرة)) للقرافي (9/108).
  10. (10) يُنظر: ((الذخيرة)) للقرافي (9/108).