الرِّضَا
صفةٌ مِن صِفاتِ اللهِ عزَّ وجلَّ الفِعليَّةِ الثَّابتةِ بالكِتابِ والسُّنَّةِ.
الدَّليلُ مِن الكِتابِ: 1- قولُه تعالى:
وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللهُ عنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ [التوبة: 100] .
2- قولُه سُبحانَه:
لَقَدْ رَضِيَ اللهُ عنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ [الفتح: 18] .
الدَّليلُ من السُّنَّةِ: 1- حديثُ
عائشةَ رَضِيَ اللهُ عنها مرفوعًا:
((اللَّهمَّ أعُوذُ برِضَاكَ مِن سَخَطِكَ، وبمُعافاتِكَ مِن عقوبتِكَ... ))
.
2- حديثُ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه مرفوعًا:
((إنَّ اللهَ يَرْضَى لكم ثلاثًا، ويكرَهُ لكم ثلاثًا... ))
.
قال عبدُ الواحِدِ بنُ عبدِ العزيزِ التميميُّ الحَنبليُّ ضِمنَ ذِكْرِه لجُملةِ اعتقادِ
أحمدَ بنِ حَنبَلٍ: (وذهب
أحمَدُ بنُ حَنبَلٍ رَضِيَ اللهُ عنه إلى أنَّ اللهَ عزَّ وجَلَّ يَغضَبُ ويَرضى، وأنَّ له غَضَبًا ورِضًا)
.
وقال الدَّارمي: (عارَضَ المعارِضُ أيضًا أشياءَ مِن صِفاتِ اللهِ تعالى التي هي مذكورةٌ في كتابِ اللهِ، ونازعَ في الآياتِ التي ذُكِرَت فيها ليغالِطَ النَّاسَ في تفسيرِها؛ فذكَرَ منها: الحُبَّ والبُغضَ، والغَضَبَ والرِّضا، والفَرَحَ والكُرهَ، والعَجَبَ والسَّخَطَ، والإرادةَ والمشيئةَ؛ ليُدخِلَ عليها من الأغلوطاتِ ما أدخل على غيرِها ممَّا حكَيناه عنهـ) إلى أن قال: (وقال تعالى:
رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ [المائدة: 119، والتوبة: 100، والمجادلة: 22]،
وَلَكِنْ كَرِهَ اللَّهُ انْبِعَاثَهُمْ فَثَبَّطَهُمْ [التوبة: 46] ، فهذا النَّاطِقُ من كتابِ اللهِ يُستغنى فيه بظاهِرِ التنزيلِ عن التفسيرِ، وتعرِفُه العامَّةُ والخاصَّةُ، غيرُ هؤلاء الملْحِدين في آياتِ اللهِ الذين غالَطوا فيها الضُّعَفاءَ)
.
وقال ابنُ أبي زيدٍ القيروانيُّ: (ممَّا أجمعت عليه الأئِمَّةُ مِن أُمورِ الدِّيانةِ، ومن السُّنَنِ التي خلافُها بِدعةٌ وضلالةٌ... أنَّه يرضى عن الطَّائعين ويحِبُّ التَّوَّابين، ويَسخَطُ على من كَفَر به ويغضَبُ فلا يقومُ شيءٌ لغَضَبِه... وكُلُّ ما قَدَّمْنا ذِكْرَه فهو قَولُ أهلِ السُّنَّةِ وأئمَّةِ النَّاسِ في الفِقهِ والحديثِ على ما بَيَّنَّاه، وكُلُّه قولُ
مالِكٍ؛ فمنه منصوصٌ مِن قَولِه، ومنه معلومٌ مِن مَذهَبِهـ)
.
وقال أبو نصرٍ السِّجزي بعد أن ذَكَر جملةً من أحاديثِ الصِّفاتِ: (ومن ذلك الغَضَبُ، والرِّضا، وغيرُ ذلك، وقد نطق القرآنُ بأكثَرِها، وعند أهلِ الأثَرِ أنَّها صِفاتُ ذاتِه، لا يُفَسَّرُ منها إلَّا ما فَسَّره النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أو الصَّحابيُّ، بل نُمِرُّ هذه الأحاديثَ على ما جاءت، بعد قَبولِها والإيمانِ بها والاعتِقادِ بما فيها، بلا كيفيَّةٍ)
.
وقال أبو إسماعيلَ الصَّابونيُّ: (وكذلك يَقولُونَ «أي: بالإثباتِ» في جميعِ الصِّفاتِ الَّتي نزَل بذِكرِها القُرآنُ، وورَدَتْ بها الأخبارُ الصِّحاحُ؛ مِن: السَّمعِ، والبصَرِ، والعينِ... والرِّضا، والسَّخَطِ، والحياةِ...)
.
وقال
عبد الغني المقدسيُّ: (فمِن صِفاتِ اللهِ تعالى التي وَصَف بها نَفْسَه، ونَطَق بها كِتابُه، وأخبَرَ بها نَبيُّه... )، ثمَّ عَدَّد كثيرًا من الصِّفاتِ الثَّابتةِ إلى أن قال: (والرِّضا، وسائِرُ ما صَحَّ عن اللهِ ورَسولِه، وإن نَبَتْ عنها أسماعُ بعضِ الجاهِلينَ، واستوحَشَت منها نفوسُ المعَطِّلين)
.
وقد استشهَدَ
ابنُ تيميَّةَ
ببعضِ ما مضى على إثباتِ صفةِ الرِّضا للهِ تعالى، على ما يَليقُ به.
وقال
ابنُ القيِّمِ: (إنَّ ما وصَفَ اللهُ سُبحانَه به نَفْسَه مِن المحبَّةِ والرِّضا والفَرَحِ والغضَبِ والبُغْضِ والسَّخَطِ: مِن أعظَمِ صِفاتِ الكمالِ)
.
وقال ابنُ أَبي العِزِّ: (مذهبُ السَّلَفِ وسائرِ الأئمَّةِ إثباتُ صِفةِ الغَضبِ والرِّضا، والعَداوةِ والوَلايةِ، والحُبِّ والبُغضِ، ونحوِ ذلك من الصِّفاتِ التي ورَدَ بها الكِتابُ والسُّنَّةُ)
.
وقال
الشوكانيُّ: (الرِّضا منه سُبحانَه هو أرفَعُ درَجاتِ النَّعيمِ وأعلى مَنازِلِ الكرامةِ)
.
وقال
الشنقيطيُّ: (الرِّضا صِفةٌ مِن صِفاتِ اللهِ جَلَّ وعلا أثبَتَ لنَفْسِه الاتِّصافَ بها إذا امتُثِلَت أوامِرُه واجتُنِبَت نواهيهـ)
.