الموسوعة العقدية

المَطْلَبُ السَّابعُ: أعلى أهلِ الجَنَّةِ مَنزِلةً

أعلى أهلِ الجَنَّةِ مَنزِلةً هو نَبيُّنا مُحَمَّدٌ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم.
عَن عَبدِ اللهِ بنِ عَمرٍو رَضِيَ اللهُ عَنهما أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((إذا سَمِعتُمُ المُؤَذِّنَ فقُولُوا مِثلَ ما يَقُولُ، ثُمَّ صَلُّوا عليَّ؛ فإنَّه مَن صَلَّى علَيَّ صَلاةً صَلَّى اللهُ عليه بها عَشْرًا، ثُمَّ سَلُوا اللهَ لي الوسيلةَ؛ فإنَّها مَنزِلةٌ في الجَنَّةِ لا تَنبَغي إلَّا لِعَبدٍ مِن عِبادِ اللهِ، وأرجُو أن أكُونَ أنا هو ، فمَن سَألَ لي الوسيلةَ حَلَّت لَه الشَّفاعةُ )) .
قال ابنُ القيِّمِ: (لَمَّا كانَ رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أعظَمَ الخَلقِ عَبُوديَّةً لِرَبِّه وأعلَمَهم به وأشدَّهمْ لَه خَشيةً وأعظَمَهم لَه مَحَبَّةً؛ كانَت مَنزِلَتُه أقرَبَ المَنازِلِ إلى اللهِ، وهي أعلى دَرَجةٍ في الجَنَّةِ، وأمَرَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أمَّتَه أن يَسألُوها لَه لينالُوا بهذا الدُّعاءِ زُلْفى مِنَ الله وزيادةَ الإيمانِ. وأيضًا فإنَّ اللهَ سُبحانَه قَدَّرَها لَه بأسبابٍ؛ مِنها دُعاءُ أمَّتِه لَه بها بما نالُوه على يَدِه مِنَ الإيمانِ والهُدى، صَلَواتُ اللهِ وسَلامُه عليهـ) .
وقال ابنُ عُثيمين: (إنَّه عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ أعلى الخَلقِ مَنزِلةً في الجَنَّةِ، كَما قال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ((اسألُوا اللهَ لي الوسيلةَ؛ فإنَّها مَنزِلةٌ في الجَنةِ لا تَنبَغي إلَّا لِعَبدٍ مِن عِبادِ اللهِ، وأرجُو أن أكُونَ أنا هو )). ولا شَكَّ أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم مَأواهُ جَنَّةُ الفِرْدَوسِ، وجَنَّةُ الفِردَوس هي أعلى دَرَجاتِ الجَنَّةِ، وسَقْفُها الَّذي فوقَها عَرشُ الرَّبِّ جَلَّ جَلالُه، والنَّبيُّ عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ في أعلى الدَّرَجاتِ مِنها) .
وعَنِ المُغيرةِ بن شُعبةَ رَضِيَ اللهُ عَنه أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((سَأل مُوسى رَبَّه، ما أدنى أهلِ الجَنَّةِ مَنزِلةً، قال: هو رَجُلٌ يَجيءُ بَعدَ ما أُدخِلَ أهلُ الجَنَّةِ الجَنَّةَ، فيُقالُ لَه: ادخُلِ الجَنَّةَ، فيَقُولُ: أيْ رَبِّ، كيفَ وقَد نَزَلَ النَّاسُ مَنازِلَهم، وأخَذُوا أَخَذاتِهم؟! فيُقالُ لَه: أترَضى أن يَكُونَ لَكَ مِثلُ مُلْكِ مَلِكٍ مِن مُلُوكِ الدُّنيا؟ فيَقُولُ: رَضيتُ رَبِّ، فيَقُولُ: لَكَ ذَلِكَ، ومِثلُه ومِثلُه ومِثلُه ومِثلُه، فقال في الخامِسةِ: رَضيتُ رَبِّ، فيَقُولُ: هذا لَكَ وعَشَرةُ أمثالِه، ولَكَ ما اشتَهت نَفسُكَ، ولَذَّتْ عينُكَ، فيَقُولُ: رَضيتُ رَبِّ، قال: رَبِّ، فأعلاهم مَنزِلةً؟ قال: أُولَئِكَ الَّذينَ أرَدتُ، غَرَستُ كَرامَتَهم بيدي، وخَتَمْتُ عليها، فلَم تَرَ عينٌ، ولَم تَسمَعْ أُذُنٌ، ولَم يَخطُرْ على قَلبِ بَشَرٍ، قال: ومِصداقُه في كِتابِ اللهِ عَزَّ وجَلَّ: فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قَرَّةِ أَعْيُنٍ [السجدة: 17] الآية)) .
قال النَّوويُّ: (في آخِرِ الكَلامِ حَذفٌ اختُصِرَ لِلعِلمِ به، تَقديرُه: ولَم يَخطُرْ على قَلب بَشَرٍ ما أكرَمتُهم به وأعدَدْتُه لَهم) .
وقال ابنُ علَّان: ( ((فأُولَئِكَ الَّذينَ أرَدتُ، غَرَسْتُ كَرامَتَهم بيدي))... مِن غيرِ تَوسُّطِ مَلِكٍ ولا غيرِه؛ زيادةً في كَرامَتِهم) .

انظر أيضا:

  1. (1) أخرجه مسلم (384).
  2. (2)   يُنظر: ((حادي الأرواح)) (ص: 82).
  3. (3) يُنظر: ((شرح رياض الصالحين)) (1/ 202).
  4. (4) أخرجه مسلم (189).
  5. (5) يُنظر: ((شرح مسلم)) (3/ 46).
  6. (6) يُنظر: ((دليل الفالحين)) (8/ 734).