الموسوعة العقدية

المَطْلَب الرَّابعُ: أهلُ الجَنَّةِ يَرثُونَ نَصيبَ أهلِ النَّارِ في الجَنَّةِ

قال اللهُ تعالى في شَأنِ المُؤمِنينَ المُفلِحينَ بَعدَ ذِكرِ أعمالِهم الَّتي تُدخِلُهمُ الجَنَّةَ: أُوْلَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ [المؤمنون: 10-11] .
قال ابنُ جَريرٍ: (يَقُولُ تعالى ذِكرُه: هَؤُلاءِ الَّذينَ هذه صِفَتُهم في الدُّنيا، همُ الوارثُون يَومَ القيامةِ مَنازِلَ أهلِ النَّارِ مِنَ الجَنةِ. وبنَحوِ الَّذي قُلنا في ذَلِكَ رُوِيَ الخَبَرُ عَن رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، وتَأوَّلَه أهلُ التَّأويلِ) .
وقال القُرطُبيُّ: (أُولَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ أي: مَن عَمِلَ بما ذُكِرَ في هذه الآياتِ فهمُ الوارثُونَ، أي: يَرِثُونَ مَنازِلَ أهلِ النَّارِ مِنَ الجَنَّةِ) .
عَن أبي هُرَيرةَ رَضِيَ اللهُ عَنه قال: قال رَسُولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((ما مِنكم مِن أحَدٍ إلَّا ولَه مَنزِلانِ: مَنزِلٌ في الجَنةِ، ومَنزِلٌ في النَّارِ، فإذا مات فدَخلَ النَّارَ ورِثَ أهلُ الجَنَّةِ مَنزِلَه، فذَلِكَ قَولُه: أُولَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ [المؤمنون: 10] )) .
قال ابنُ كَثيرٍ: (فالمُؤمِنونَ يَرثُونَ مَنازِلَ الكُفَّارِ؛ لِأنَّهم كُلَّهم خُلِقُوا لِعِبادةِ اللهِ وَحْدَه لا شَريكَ لَه، فلَما قامَ هَؤُلاءِ المُؤمِنونَ بما وجَبَ عليهم مِنَ العِبادةِ، وتَركَ أُولَئِكَ ما أُمِرُوا به مِمَّا خُلِقُوا لَه، أحرَزَ هَؤُلاءِ نَصيبَ أُولَئِكَ لَو كانُوا أطاعُوا رَبَّهم عَزَّ وجَلَّ...
وهذه الآيةُ كَقَولِه تعالى: تِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي نُورِثُ مِنْ عِبَادِنَا مَنْ كَانَ تَقِيًّا [مريم: 63] وكقَولِه: وَتِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ [الزخرف: 72] ) .

انظر أيضا:

  1. (1) يُنظر: ((تفسير ابن جرير)) (17/ 15).
  2. (2) يُنظر: ((تفسير القرطبي)) (12/ 108).
  3. (3) أخرجه ابن ماجه (4341)، والبيهقي في ((شعب الإيمان)) (377) واللَّفظُ لهما، والبزار (9152) مختصرًا من حديث أبي هُرَيرةَ رَضِيَ اللهُ عنه. صحَّحه الألباني في ((صحيح سنن ابن ماجهـ)) (4341)، والوادعي على شرط الشيخين في ((الصحيح المسند مما ليس في الصحيحين)) (1338)، وصحَّح إسنادَه القرطبي المفسِّر في ((التذكرة)) (435)، والبوصيري على شرط الشيخين في ((مصباح الزجاجة)) (4/266)، وابن حجر في ((فتح الباري)) (11/451).
  4. (4) يُنظر: ((تفسير ابن كثير)) (5/464).