الموسوعة العقدية

المَطْلَب السَّادِسُ: مِقدارُ ما يَدخُلُ الجَنَّةَ مِن هذه الأُمَّةِ

عن عَبدِ اللهِ بنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنهما أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((عُرِضَت عليَّ الأمَمُ، فأخذَ النَّبيُّ يَمُرُّ مَعَه الأمَّةُ، والنبيُّ يَمُرُّ مَعَه النَّفرُ، والنَّبيُّ يَمُرُّ مَعَه العشَرةُ، والنَّبيُّ يَمُرُّ مَعَه الخَمسةُ، والنَّبيُّ يَمُرُّ وحدَه، فنَظَرتُ فإذا سَوادٌ كَثيرٌ، قُلتُ: يا جِبريلُ هَؤُلاءِ أمَّتي؟ قال: لا، ولَكِنِ انظُر إلى الأفُقِ، فنَظَرتُ فإذا سَوادٌ كَثيرٌ، قال: هَؤُلاءِ أمَّتُكَ، وهَؤُلاءِ سَبعُونَ ألفًا قُدَّامَهم لا حِسابَ عليهم ولا عَذابَ )) [4694] أخرجه البخاري (6541). .
وفي رِوايةٍ: ((فإذا سَوادٌ يَملَأُ الأفُقَ، ثُمَّ قيلَ لي: انظُر هاهنا وهاهنا في آفاقِ السَّماءِ)) [4695] أخرجه البخاري (5705). .
وعَن عَبدِ اللهِ بنِ مَسعُودٍ رَضِيَ اللهُ عَنه قال: كُنَّا مَعَ رَسولِ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في قُبَّةٍ نَحوًا مِن أربَعينَ رَجُلًا، فقال: ((أترْضَونَ أن تَكُونُوا رُبُعَ أهلِ الجَنةِ؟ قال: قُلنا: نَعَم، فقال: أترْضَونَ أن تَكُونُوا ثُلُثَ أهلِ الجَنَّةِ؟ فقُلنا: نَعَم، فقال: والَّذي نَفسي بيَدِه، إنِّي لِأرجُو أن تَكُونُوا نِصفَ أهلِ الجَنَّةِ، وذاكَ أنَّ الجَنةَ لا يَدخُلُها إلَّا نَفسٌ مُسلِمةٌ، وما أنتَم في أهلِ الشِّركِ إلَّا كالشَّعرةِ البيضاءِ في جِلدِ الثَّورِ الأسوَدِ، أو كالشَّعرةِ السَّوداءِ في جِلدِ الثَّورِ الأحمَرِ )) [4696] أخرجه البخاري (6528)، ومسلم (221) واللَّفظُ له. .
وقَد ورَدَ في بَعضِ الأحاديثِ أنَّ هذه الأُمَّةَ تَبلُغُ ثُلُثَي أهلِ الجَنَّةِ.
عَن بُريدةَ بنِ الحصيبِ الأسلَميِّ رَضِيَ اللهُ عَنه أنَّ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((أهلُ الجَنَّةَ عِشرُونَ ومِائةُ صَفٍّ، ثَمانُونَ مِنها مِن هذه الأُمَّةِ، وأربَعُونَ مِن سائِرِ الأُممِ )) [4697] أخرجه الترمذي (2546) واللَّفظُ له، وابن ماجه (4289)، وأحمد (23061). صحَّحه ابن حبان في ((صحيحه)) (7460)، والحاكم على شرط مسلم في ((المستدرك)) (273)، والألباني في ((صحيح سنن الترمذي)) (2546)، وحسَّنه الوادعي في ((الصحيح المسند مما ليس في الصحيحين)) (156)، وصحَّح إسنادَه شعيب الأرناؤوط في تخريج ((مسند أحمد)) (23061)، وقال ابن القيم في ((حادي الأرواح)) (113): إسناده على شرط الصحيح. .
قال ابنُ القيِّمِ: (هذه الأحاديثُ قَد تَعَدَّدت طُرُقُها، واختَلَفَت مَخارِجُها، وصَحَ سَنَدُ بَعضِها، ولا تَنافيَ بينَها وبينَ حَديثِ الشَّطرِ؛ لِأنَّه رَجا أولًا أن يَكُونُوا شَطرَ أهلِ الجَنَّةِ فأعطاه اللهُ سُبحانَه رَجاءَه، وزادَ عليه سُدسًا آخَرَ) [4698] يُنظر: ((حادي الأرواح)) (ص: 124). .
وقال مُحَمَّد خَليل هرَّاس: (لا تَنافيَ بينَ هذا الحَديثِ وبينَ ما سَبَقَ مِن كَونِهم ثُلُثَي أهلِ الجَنَّةِ؛ لِأنَّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم رَجا أوَّلًا أن يَكُونُوا شَطرَ أهلِ الجَنَّةِ، فأعطاه الله سُبحانَه رَجاءَه وزادَ عليه سُدسًا آخَرَ، وفَضلُ اللهِ واسِعٌ، وهو سُبحانَه وتعالى ذُو الجُودِ والإحسانِ) [4699] يُنظر: ((شرح القصيدة النونية)) (2/ 345). .

انظر أيضا: