الموسوعة العقدية

الفَرعُ الأولُ: كَثرةُ أشجارِ الجَنَّةِ وثِمارُها

في الجَنةِ مِن أنواعِ الثِّمارِ كُلُّ ما تَشتَهيه النُّفُوسُ وتَلَذُّه العُيُونُ.
قال اللهُ عَزَّ وجَلَّ: يُطَافُ عَلَيْهِم بِصِحَافٍ مِنْ ذَهَبٍ وَأَكْوَابٍ وَفِيهَا مَا تَشْتَهِيهِ الْأَنفُسُ وَتَلَذُّ الْأَعْيُنُ وَأَنتُمْ فِيهَا خَالِدُونَ [الزخرف: 71] .
وأشجارُ الجَنَّةِ كَثيرةٌ طيبةٌ مُتَنَوِّعةٌ، ومِن ذَلِكَ: أشجارُ العِنَبِ والنَّخيلِ والرُّمَّانِ والسِّدرِ والطَّلحِ.
قال اللهُ تعالى: إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ مَفَازًا * حَدَائِقَ وَأَعْنَابًا * وَكَوَاعِبَ أَتْرَابًا [النبأ: 31-33] .
قال ابنُ جَريرٍ: (الحَدائِقُ: تَرجَمةٌ وبيان عَنِ المَفازِ، وجازَ أن يُتَرجَمَ بها عَنه؛ لِأنَّ المَفازَ مَصدَرٌ مِن قَولِ القائِلِ: فازَ فلانٌ بهذا الشَّيءِ: إذا طَلَبَه فظَفِرَ به، فكَأنَّه قيلَ: إنَّ لِلمُتَّقينَ ظَفَرًا بما طَلَبُوا مِن حَدائِقَ وأعنابٍ، والحَدائِقُ: جَمعُ حَديقةٍ، وهي البَساتينُ مِنَ النَّخلِ والأعنابِ والأشجارِ المَحوطِ عليها الحيطانُ المُحْدِقةُ بها، لِإحداقِ الحيطانِ بها تُسَمَّى الحَديقةَ، فإنْ لَم تَكُنِ الحيطانُ بها مُحْدِقةً لَم يُقَلْ لَها حَديقةٌ، وإحداقُها بها: اشتِمالُها عليها. وقَولُه: وأعنابًا يَعني: وكُرُومَ أعنابٍ، واستَغنى بذِكرِ الأعناب عَن ذِكرِ الكُرُومِ) [4520] يُنظر: ((تفسير ابن جرير)) (24/ 38). .
وقال السَّعْديُّ: (حَدَائِقَ وهي البساتينُ الجامِعةُ لِأصنافِ الأشجارِ الزَّاهيةِ، في الثِّمارِ الَّتي تَتَفَجَّرُ بينَ خِلالِها الأنهارُ، وخَصَّ الأعنابَ لِشَرفِها وكَثرَتِها في تِلكَ الحَدائِقِ) [4521] يُنظر: ((تفسير السعدي)) (ص: 907). .
وقال اللهُ سُبحانَه: فِيهِمَا فَاكِهَةٌ وَنَخْلٌ وَرُمَّانٌ [الرحمن: 68].
قال ابنُ الجَوزي: (إنَّما أعادَ ذِكرَ النَّخلِ والرُّمَّانِ -وقَد دَخلا في الفاكِهةِ- لِبيانِ فضلِهما كَما ذَكَرنا في قَولِه: وَمَلَائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكَالَ هذا قَولُ جُمهورِ المُفَسِّرينَ واللُّغَويِّينَ) [4522] يُنظر: ((تفسير ابن الجوزي)) (4/ 215). .
وقال البيضاويُّ: (فِيهِمَا فَاكِهَةٌ وَنَخْلٌ وَرُمَّانٌ عَطفَهما على الفاكِهةِ بيانًا لِفَضلِهما، فإنَّ ثَمَرةَ النَّخلِ فاكِهةٌ وغِذاءٌ وثَمَرةَ الرُّمَّانِ فاكِهةٌ ودَواءٌ) [4523] يُنظر: ((تفسير البيضاوي)) (5/ 175). .
وقال السَّعْديُّ: (فِيهِمَا فَاكِهَةٌ مِن جَميعِ أصنافِ الفَواكِه، وأخَصُّها النَّخلُ والرُّمَّانُ، اللَّذانِ فيهما مِنَ المَنافِعِ ما فيهما) [4524] يُنظر: ((تفسير السعدي)) (ص: 831). .
وقال اللهُ عَزَّ وجَلَّ: وَأَصْحَابُ الْيَمِينِ مَا أَصْحَابُ الْيَمِينِ * فِي سِدْرٍ مَخْضُودٍ * وَطَلْحٍ مَنْضُودٍ * وَظِلٍّ مَمْدُودٍ * وَمَاءٍ مَسْكُوبٍ * وَفَاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ [الواقعة: 27-32] .
قال السَّمعانيُّ: (قَولُه: في سِدْرٍ مَخْضُودٍ أي: قَد قُطِعَ شَوكُه ونُزِعٌ. والسِّدرُ: شَجَرُ النَّبقِ، قال السُّدِّيُّ: ثَمَرُه أحلى مِنَ العَسَلِ. وقيلَ: مَخضُودٌ، أي: مُوقَرٌ حِمْلًا) [4525] يُنظر: ((تفسير السمعاني)) (5/ 347). .
وقال ابنُ الجَوزي: (في الطَّلحِ قَولانِ: أحَدُهما: أنَّه المَوزُ... والثَّاني: أنَّه شَجَرٌ عِظامٌ كِبارُ الشَّوكِ...
فإنَّ قيلَ: ما الفائِدةُ في الطَّلحِ؟ فالجَوابُ أنَّ لَه نُورًا وريحًا طيِّبةً، فقَد وعَدَهم ما يَعرِفُونَ ويَميلُونَ إليه، وإن لَم يَقَعِ التَّساوي بينَه وبينَ ما في الدُّنيا... فأمَّا المَنضُودُ، فقال ابنُ قُتيبةَ: هو الَّذي قَد نُضدَ بالحِملِ أو بالورَقِ والحِملِ مِن أولِه إلى آخِرِه، فليسَ لَه ساقٌ بارِزةٌ، وقال مَسرُوقٌ: شَجَرُ الجَنَّةِ نضد مِن أسفَلِها إلى أعلاها) [4526] يُنظر: ((تفسير ابن الجوزي)) (4/ 223). .
وقال السَّعْديُّ: (فِي سِدْرٍ مَخْضُودٍ أي: مَقطُوعٍ ما فيه مِنَ الشَّوكِ والأغصانِ الرَّديئةِ المُضِرَّةِ، مَجعُولٌ مَكانَ ذَلِكَ الثَّمَرُ الطَّيِّبُ، ولِلسِّدرِ مِنَ الخَواصِّ: الظِّلُّ الظَّليلُ، وراحةُ الجِسمِ فيه. وَطَلْحٍ مَنضُودٍ، والطَّلحُ مَعرُوفٌ، وهو شَجَرٌ كِبارٌ يَكُونُ بالباديةِ، تُنضَدُ أغصانُه مِنَ الثَّمَرِ اللَّذيذِ الشَّهيِّ) [4527] يُنظر: ((تفسير السعدي)) (ص: 833). .
قال ابنُ كَثيرٍ: (سَبَقَ فيما أورَدناه مِنَ الأحاديثِ أنَّ تُربةَ الجَنةِ مِسكٌ وزَعفَرانٌ، وأنَّ ما في الجَنَّةِ شَجَرةٌ إلَّا ساقُها مِن ذَهَبٍ، فإذا كانَتِ التُّربةُ بهذه المَثابةِ، والأُصُولُ الثَّابتةُ فيها مِنَ الذَّهَبِ، فما الظَّنُّ بما يَتَولَّدُ بينَهما مِنَ الثِّمارِ الرَّائِقةِ النَّضيجةِ الأنيقةِ؟...
وإذا كانَ السِّدرُ الَّذي في الدُّنيا وهو لا يُثمِرُ إلَّا ثَمَرةً ضَعيفةً، وهو النَّبقُ، وفيه شَوكٌ كَثيرٌ، والطَّلحُ الَّذي لا يُرادُ مِنه في الدُّنيا إلَّا الظِّلُّ؛ يَكُونانِ في الجَنةِ في غايةِ كَثرةِ الثِّمارِ وحُسْنِها، حَتَّى إنَّ الثَّمَرةَ الواحِدةَ مِنها تَتَفَتَّقُ عَن سَبعينَ نَوعًا مِنَ الطُّعُومِ والألوانِ، الَّتي لا يُشبِهُ بَعضُها بَعضًا، فما الظَّنُّ بثِمارِ الأشجارِ الَّتي تَكُونُ في الدُّنيا حَسَنةَ الثِّمارِ طيبةَ الرَّائِحةِ سَهلةَ التَّناوُلِ، كالتُّفَّاحِ والمُشمُشِ والدَّراقِنِ [4528] قال ابن منظور: (الدَّراقن: الخوخ الشَّامي) ((لسان العرب)) (2/ 1363). ، والنَّخلِ، والعِنَب، وغيرِ ذَلِكَ؟! بَل ما الظَّنُّ بأنواعِ الرَّياحينِ والأزاهيرِ؟! وبالجُملةِ: فيها ما لا عينٌ رَأت، ولا أُذُنٌ سَمِعَتْ، ولا خَطرَ على قَلبِ بَشَرٍ، نَسألُ اللهَ تعالى مِن فضلِه) [4529] يُنظر: ((البداية والنهاية)) (20/ 314). .
وهذا الَّذي ذَكَرَه القُرآنُ مِن أشجارِ الجِنانِ شيءٌ قَليلٌ مِمَّا تَحويه تِلكَ الجِنانُ.
قال اللهُ تعالى: فِيهِمَا مِنْ كُلِّ فَاكِهَةٍ زَوْجَانِ [الرحمن: 52].
ولِكَثرَتِها فإنَّ أهلَها يَدعُونَ مِنها بما يُريدُونَ.
قال اللهُ سُبحانَه: مُتَّكِئِينَ فِيهَا يَدْعُونَ فِيهَا بِفَاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ وَشَرَابٍ [ص: 51] .
ويتخيَّرون منها ما يشتَهون.
قال اللهُ تعالى: وَفَاكِهَةٍ مِمَّا يَتَخَيَّرُونَ [الواقعة:20] .
وقال اللهُ عَزَّ وجَلَّ: إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي ظِلَالٍ وَعُيُونٍ * وَفَوَاكِهَ مِمَّا يَشْتَهُونَ [المرسَلات:41-42] .
وأشجارُ الجَنَّةِ دائِمةُ العَطاءِ، فهي ليسَت كَأشجارِ الدُّنيا تُعطي في وقتٍ دُونَ وقتٍ، وفَصلٍ دُونَ فصلٍ، بَل هي دائِمةُ الإثمارِ والظِّلالِ.
قال اللهُ تعالى: مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ أُكُلُهَا دَائِمٌ وِظِلُّهَا تِلْكَ عُقْبَى الَّذِينَ اتَّقَوْا وَعُقْبَى الْكَافِرِينَ النَّارُ [الرعد: 35] .
وقال اللهُ سُبحانَه: وَفَاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ لَا مَقْطُوعَةٍ وَلا مَمْنُوعَةٍ [الواقعة: 32-33] .
قال ابنُ كَثيرٍ: (أي: لا تَنقَطِعُ أبَدًا في زَمَنٍ مِنَ الأزمانِ، بَل هي مَوجُودةٌ في كُلِّ أوانٍ وزمانٍ، كَما قال تعالى: أُكُلُهَا دَائِمٌ وظِلُّها. أي: لا يَسقُطُ ورَقُ أشجارِها، أي: ليسَت كالدُّنيا الَّتي تَأتي ثِمارُها في بَعضِ الأزمانِ دُونَ بَعضٍ، ويَسقُطُ أوراقُ أشجارِها في بَعضِ الفُصُولِ، وتَفقِدُ ثِمارَها في وقتٍ آخَرَ، وتَكتَسي أشجارُها الأوراقَ في وقتٍ وتَعْرى في آخَرَ، بَلِ الثَّمَرُ والظِّلُّ دائِمٌ مُستَمِرٌّ، سَهلُ التَّناوُلِ، قَريبُ المُجتَنى، كَما قال: وَلَا مَمنُوعَةٍ، أي: لا تَمتَنِعُ مِمَّن أرادَها كيفَ شاء، وليسَ دُونَها حِجابٌ ولا مانِعٌ، بَل مَن أرادَها فهي مَوجُودةٌ سَهلةٌ قَريبةٌ، حَتَّى ولَو كانَتِ الثَّمَرةُ في أعلى الشَّجَرةِ فأرادَها المُؤمِنُ، تَدَلَّت إليه حَتَّى يَأخُذَها، واقتَرَبَت مِنه، وتَذَلَّلتْ لَديه) [4530] يُنظر: ((البداية والنهاية)) (20/ 313). .
وقال اللهُ عَزَّ وجَلَّ: كُلَّمَا رُزِقُوا مِنْهَا مِن ثَمَرَةٍ رِزْقًا قَالُوا هَذَا الَّذِي رُزِقْنَا مِن قَبْلُ وَأُتُوا بِهِ مُتَشَابِهًا وَلَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُّطَهَّرَةٌ وَهُمْ فِيهَا خَالِدُونَ [البقرة: 25] .
أي: كلَّما أُعطوا أيَّ ثمرةٍ من أشجارِ الجَنَّة، ظنُّوا أنَّها نَفسُ الثَّمرةِ التي أُعطوها سابقًا في الدُّنيا؛ لمشابهتِها إيَّاها في المنظَرِ، أو أنَّها التي أُعطوها في وقتٍ سابقٍ في الجنَّةِ، وإنَّما أُعطُوا الذي رُزِقوا من ثمارِ الجنَّةِ متشابهًا في اللَّون والمنظَر، لكنَّ الطَّعمَ مُختَلِفٌ [4531] يُنظر: ((التفسير المحرر - الفاتحة والبقرة)) (ص: 110). .
قال السَّعْديُّ: (قَولُه: وَأُتُوا بِهِ مُتَشَابِهًا قيلَ: مُتَشابهًا في الِاسمِ، مُختَلِفَ الطُّعُومِ، وقيلَ: مُتَشابهًا في اللَّونِ، مُختَلِفًا في الِاسمِ، وقيلَ: يُشبِهُ بَعضُه بَعضًا في الحُسنِ واللَّذَّةِ والفُكاهةِ، ولَعَلَّ هذا الصَّحيحُ) [4532] يُنظر: ((تفسير السعدي)) (ص: 46). .
وقال ابنُ عاشُور: (أيْ مِنْ قَبْلِ هذه المَرَّةِ، فيَقتَضي أنَّ ذَلِكَ ديدَنُ صِفاتِ ثَمَراتِهم؛ أن تَأتيَهم في صُوَرِ ما قَدِّمَ إليهم في المَرَّةِ السَّابقةِ. وهذا إمَّا أن يَكُونَ حِكايةً لِصِفةِ ثِمارِ الجَنَّةِ وليسَ فيه قَصدُ امتِنانٍ خاصٍّ، فيَكُونُ المَعنى أنَّ ثِمارَ الجَنَّةِ مُتَّحِدةُ الصُّورةِ مُختَلِفةُ الطُّعُومِ. ووَجهُ ذَلِكَ -واللهُ أعلَمُ- أنَّ اختِلافَ الأشكالِ في الدُّنيا نَشَأ مِنِ اختِلافِ الأمزِجةِ والتَّراكيبِ، فأمَّا مَوجُوداتُ الآخِرةِ فإنَّها عَناصِرُ الأشياءِ فلا يَعتَوِرُها الشَّكلُ، وإنَّما يَجيءُ في شَكلٍ واحِدٍ، وهو الشَّكلُ العُنصُريُّ. ويُحتَمَلُ أنَّ في ذَلِكَ تَعجيبًا لَهم، والشَّيءُ العَجيبُ لَذيذُ الوقعِ عِندَ النُّفُوسِ؛ ولِذَلِكَ يَرغَبُ النَّاسُ في مُشاهَدةِ العَجائِب والنَّوادِرِ. وهذا الِاحتِمالُ هو الأظهَرُ مِنَ السِّياقِ. ويُحتَمَلُ أنَّ كُلَّما لِعُمُومٍ غيرِ الزَّمَنِ الأوَّلِ، فهو عامٌّ مُرادٌ به الخُصُوصُ بالقَرينةِ، ومَعنى مِنْ قَبلُ في المَرَّةِ الأُولى مِن دُخُولِ الجَنةِ. ومِنَ المُفَسِّرينَ مَن حَملَ قَولَه مِنْ قَبْلُ على تَقديرِ: مِن قَبلِ دُخُولِ الجَنةِ، أيْ: هذا الَّذي رُزِقْناه في الدُّنيا، ووجَّهَه في الكَشَّافِ بأنَّ الإنسانَ بالمَألُوفِ آنَسُ، وهو بَعيدٌ؛ لِاقتِضائِه أن يَكُونَ عُمُومُ كُلَّما مُرادًا به خُصُوصُ الإتيانِ به في المَرَّةِ الأُولى في الجَنةِ، ولِأنَّه يَقتَضي اختِلافَ الطَّعمِ واختِلافَ الأشكالِ، وهذا أضعَفُ في التَّعَجُّبِ) [4533] يُنظر: ((تفسير ابن عاشور)) (1/ 356). .
وقال ابنُ عُثيمين: (قَولُه تعالى: كُلَّمَا رُزِقُوا أي: أُعطُوا مِنْهَا أي: مِنَ الجَنَّاتِ مِنْ ثَمَرَةٍ أي: مِن أيِّ ثَمَرةٍ قَالُوا هَذَا الَّذِي رُزِقْنَا مِنْ قَبْلُ لِأنَّه يُشبِهُ ما سَبَقَه في حَجْمِه ولَونِه ومَلمَسِه وغيرِ ذَلِكَ مِن صِفاتِه فيَظنُونَ أنَّه هو الأوَّلُ، ولَكِنَّه يَختَلِفُ عَنه في الطَّعمِ والمَذاقِ اختِلافًا عَظيمًا؛ ولِهذا قال تعالى: وَأُتُوا بِهِ مُتَشَابِهًا وما أجمَلَ وألذَّ لِلإنسانِ إذا رَأى هذه الفاكِهةَ يَراها وكَأنَّها شيءٌ واحِدٌ، فإذا ذاقَها وإذا الطَّعمُ يَختَلِفُ اختِلافًا عَظيمًا! تَجِدُه يَجِدُ في نَفسِه حَرَكةً لِهذا الفاكِهةِ ولَذَّةً وتَعجُّبًا، كيفَ يَكُونُ هذا الِاختِلافُ المُتَبايِنُ العَظيمُ والشَّكلُ واحِدٌ؟! ولِهذا لَو قُدِّمَ لَكَ فاكِهةٌ ألوانُها سَواءٌ، وأحجامُها سَواءٌ، ومَلمَسُها سَواءٌ، ثُمَّ إذا ذُقْتَها وإذا هذه حُلوٌ خالِصٌ، وهذه مَزٌّ، أي: حُلوٌ مَقرُونٌ بالحُمُوضةِ. وهذه حامِضةٌ؛ تَجِدُ لِذةً أكثَرَ مِمَّا لَو كانَت على حَدٍّ سَواءٍ، أو كانَت مُختَلِفةً) [4534] يُنظر: ((تفسير ابن عثيمين - الفاتحة والبقرة)) (1/ 91). .

انظر أيضا: