الموسوعة العقدية

الفَرعُ الثَّالِثُ: كيفَ يُكَثِّرُ المُؤمِنُ حَظَّه مِن أشجارِ الجَنَّةِ؟

عَن أبي هُرَيرةَ رَضِيَ اللهُ عَنه أنَّ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم مَرَّ به وهو يَغرِسُ غَرسًا، فقال: ((يا أبا هُرَيرةَ ما الَّذي تَغرِسُ؟)) قُلتُ: غِراسًا لي. قال: ((ألَا أدُلُّكَ على غِراسٍ خيرٍ لَكَ مِن هذا؟))، قال: بلى يا رَسولُ اللهِ. قال: ((قُلْ: سُبحانَ اللهِ، والحَمدُ لِلَّهِ، ولا إلَهَ إلَّا اللهُ، واللَّهُ أكبَرُ؛ يُغرَسْ لَكَ بكُلِّ واحِدةٍ شَجَرةٌ في الجَنَّةِ )) [4542] أخرجه ابن ماجه (3807) واللَّفظُ له، والحاكم (1887). صحَّحه الألباني في ((صحيح سنن ابن ماجه)) (3807)، وصحَّح إسنادَه الحاكم، وحسَّنه المنذري في ((الترغيب والترهيب)) (2/349)، والبوصيري في ((مصباح الزجاجة)) (2/263). .
قال المُناويُّ: (قَد أفادَ بهذا الحَديثِ فضلَ هذه الكَلِماتِ، وذِكرُ التَّحميدِ بَعدَ التَّسبيحِ مِن قَبيلِ التَّرَقِّي؛ فقَدِ اتَّفَقَتِ الأخبارُ على أنَّه يَملَأُ الميزانَ، فهو أفضَلُ مِنَ التَّسبيحِ؛ وذَلِكَ لِأنَّ في التَّحميدِ إثباتَ سائِرِ صِفاتِ الكَمالِ، والتَّسبيحُ تَنزيهٌ عَن سِماتِ النَّقصِ، والإثباتُ أكمَلُ مِنَ السَّلْبِ، وهذه الكَلِماتُ هي الباقياتُ الصَّالِحاتُ عِندَ جَمعٍ جَمٍّ) [4543] يُنظر: ((فيض القدير)) (3/ 108). .
وعَن جابرٍ رَضِيَ اللهُ عَنه أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((مَن قال: سُبحانَ اللهِ وبحَمدِه، غُرِسَت لَه نَخلةٌ في الجَنَّةِ )) [4544] أخرجه ابن حبان (826) باختلاف يسير، والطبراني في ((المعجم الصغير)) (287)، وابن عساكر في ((تاريخ دمشق)) (60/323) واللَّفظُ لهما. صحَّحه ابن حبان، والألباني في ((شرح الطحاوية)) (423)، وحسَّنه ابن حجر في ((نتائج الأفكار)) (1/104). .
وفي رِوايةٍ: ((مَن قال: سُبحانَ اللهِ العَظيمِ وبحَمدِه، غُرِسَت لَه نَخلةٌ في الجَنَّةِ )) [4545] أخرجها الترمذي (3463) واللَّفظُ له، والنسائي في ((السنن الكبرى)) (10663). صحَّحها الترمذي، والحاكم على شرط مسلم في ((المستدرك)) (1847)، والألباني في ((صحيح سنن الترمذي)) (3463). .
قال علي القاري: (قيلَ: الواوُ زائِدةٌ، أي: تَسبيحًا مَقرُونًا بحَمدِه ((غُرِسَت)) أي: بكُلِّ مَرَّةٍ ((لَه نَخلةٌ)) عَظيمةٌ ((في الجَنَّةِ)) أيِ: المُعَدَّةِ لِقائِلِها، خُصَّت لِكَثرةِ مَنفَعَتِها وطِيبِ ثَمَرَتِها؛ ولِذَلِكَ ضَربَ اللهُ تعالى مَثَلَ المُؤمِن وإيمانِه بها وثَمَرَتِها في قَولِه تعالى: أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبُ اللَّهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً [إبراهيم: 24] ، وهي كَلِمةُ التَّوحيدِ كَشَجَرةٍ طَيِّبَةٍ وهي النَّخلةُ) [4546] يُنظر: ((مرقاة المفاتيح)) (4/ 1598). .

انظر أيضا: