موسوعة الآداب الشرعية

ثالثا: استِعمالُ القَولِ الحَسَنِ والرِّفقِ واللِّينِ

يَنبَغي الرِّفقُ واللِّينُ واستِعمالُ القَولِ الحَسَنِ دونَ التَّشنيعِ والتَّقبيحِ أوِ الغِلظةِ والمُخاشَنةِ [2480] يُنظر: ((الجدل على طريقة الفقهاء)) لابن عقيل الحنبلي (ص: 2)، ((أصول الجدل والمناظرة)) لحمد العثمان (ص: 529، 556)، ((مناهج الجدل في القرآن الكريم)) للألمعي (ص: 446). أما إذا كان المناظرُ ظالمًا باغيًا فلا بأسَ مِن مخاشنتِه وإغلاظِ القولِ معه، ولا تُعَدُّ هذه إساءةً. يُنظر: ((أصول الجدل والمناظرة)) لحمد العثمان (ص: 530). . وأنْ يحذرَ مِن رَفعِ الصَّوتِ جَهرًا زائِدًا عَن مِقدارِ الحاجةِ؛ فإنَّه يورِثُ الحِدَّةَ والضَّجَرَ [2481] ((الكافية في الجدل)) لإمام الحرمين الجويني (ص: 529). .
الدَّليلُ على ذلك:
1- قال تعالى: وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ [النحل: 125] .
2- قال تعالى: وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ فالظَّالِمونَ لا يُجادَلون بالتي هي أحسَنُ، بخِلافِ مَن طلَبَ العِلمَ والدِّينَ، ولم يَظهَرْ منه ظُلمٌ، سواءٌ كان قَصْدُه الاستِرشادَ، أو كان يَظُنُّ أنَّه على حقٍّ يَقصِدُ نَصرَ ما يَظُنُّه حَقًّا. ومَن كان قَصدُه العِنادَ، ويَعلمُ أنَّه على باطلٍ ويُجادِلُ عليه؛ فهذا لم يُؤمَرْ بمُجادَلتِه بالتي هي أحسَنُ، لكنْ قد نُجادِلُه بطُرُقٍ أخرى نُبَيِّنُ فيها عِنادَه وظُلمَه وجَهلَه؛ جزاءً له بموجِبِ عمَلِه [2482] يُنظر: ((الجواب الصحيح)) لابن تيمية (1/219). .
فوائِدُ:
1- قال الخَطيبُ البَغداديُّ: (ولا يَرفعُ صَوتَه في كَلامِه عاليًا، فيَشُقَّ حَلقَه ويُحميَ صَدرَه ويُقَطِّعَه، وذلك مِن دَواعي الغَضَبِ... ولا يُخفي صَوتَه إخفاءً لا يَسمَعُه الحاضِرونَ، فلا يُفيدَ شَيئًا، بَل يَكونُ مُقتَصِدًا بَينَ ذلك) [2483] ((الفقيه والمتفقهـ)) (2/ 54). .
2- عَن عَبدِ اللهِ بنِ أحمَدَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ قُدامةَ: أنَّه كان لا يُناظِرُ أحَدًا إلَّا وهو يَتَبَسَّمُ، حَتَّى قال بَعضُ النَّاسِ: هذا الشَّيخُ يَقتُلُ خَصمَه بالتَّبَسُّمِ [2484] ((ذيل طبقات الحنابلة)) لابن رجب (3/ 288). .
3- قال عَبدُ اللهِ بنُ المُعتَزِّ: "إذا تَمَّ العَقلُ نَقَصَ الكَلامُ، وإن بَدَرَت مِن خَصمِه في جِدالِه كَلمةٌ كَرِهَها أغضى عليها ولَم يُجازِه بمِثلِها، فإنَّ اللَّهَ تَعالى يَقولُ: ادفَعْ بالَّتي هيَ أحسَنُ السَّيِّئةَ [المؤمنون: 96] وقال تعالى: وإذا خاطَبَهمُ الجاهِلُونَ قالُوا سَلامًا [الفرقان: 63] ) [2485] ((الفقيه والمتفقهـ)) للخطيب البغدادي (2/ 52). .
3- قال الجُوَينيُّ: (وكُنْ مَعَ خَصمِكَ مُستَبشِرًا مُبتَسِمًا غَيرَ عَبوسٍ؛ فتَكونَ أنتَ وخَصمُكَ عِندَ ذلك مِن دَواعي الغَضَبِ والضَّجَرِ أبعَدَ) [2486] ((الكافية في الجدل)) (ص: 532). .

انظر أيضا: