موسوعة الآداب الشرعية

سادِسَ عَشَرَ: ضَبطُ النَّفسِ

مِن أدَب الحِوارِ ضَبطُ النَّفسِ، والهدوءُ، والحَذَرُ مِنَ الغَضَب وما يَتَرَتَّبُ عليه مِنَ الانفِعال ورَفعِ الصَّوتِ والصِّياحِ [2425]  ((الحوار آدابه وتطبيقاته في التربية الإسلامية)) لخالد المغامسي (ص: 161)، ((أخطاء في أدب المحادثة والمجالسة)) للحمد (ص: 69)، ((الحوار أصوله المنهجية وآدابه السلوكية)) لأحمد الصويان (ص: 102)، ((قواعد ومنطلقات في أصول الحوار)) لعبد الله الرحيلي (ص: 20)، ((فقه التعامل مع المخالف)) للطريقي (ص: 90). .
الدَّليلُ على ذلك مِنَ الكتابِ والسُّنَّةِ:
أ- من الكتابِ
قال لُقمانُ لابنِه: وَاغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ إِنَّ أَنْكَرَ الْأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ [لقمان: 19] .
أي: واخفِضْ من صوتِك، فاجعَلْه قَصدًا إذا تكَلَّمْتَ، ولا تتكَلَّفْ رَفعَه؛ فإنَّ الجهرَ بأكثَرَ من الحاجةِ يؤذي السَّامِعَ، وجملةُ: إِنَّ أَنْكَرَ الْأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ تعليلٌ للأمرِ بالغَضِّ من الصَّوتِ، فغايةُ مَن رَفَع صوتَه أنَّه يُشبَّهُ بالحميرِ في عُلُوِّه ورفعِه، ومع هذا هو بغيضٌ إلى اللَّهِ تعالى [2426] يُنظر: ((جامع البيان)) لابن جرير الطبري (18/ 563)، ((تفسير القرآن العظيم)) لابن كثير (6/ 339)، ((فتح القدير)) للشوكاني (4/276). .
ب- مِنَ السُّنَّةِ
عن أبي هُرَيرةَ رَضيَ اللهُ عنه، ((أنَّ رَجُلًا قال للنَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: أوصِني، قال: لا تَغضَبْ، فرَدَّدَ مِرارًا، قال: لا تَغضَبْ )) [2427] رواه البخاري (6116). .
والمُرادُ: لا تَعمَلْ بمُقتَضى الغَضَبِ إذا حَصَل لك، بَل جاهِدْ نَفسَك على تَركِ تَنفيذِه والعَمَلِ بما يأمُرُ به، وذلك على أحَدِ الاحتمالاتِ للحديثِ [2428] ((جامع العلوم والحكم)) لابن رجب (1/364). .
2- عن أبي هُرَيرةَ رَضيَ اللهُ عنه أنَّ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((ليس الشَّديدُ بالصُّرَعةِ، إنَّما الشَّديدُ الذي يملِكُ نَفسَه عِندَ الغَضَبِ )) [2429] رواه البخاري (6114)، ومسلم (2609). .
فائدةٌ:
قال الخَطيبُ البَغداديُّ: (وإن أفحَشَ الخَصمُ في جَوابِه وأحالَ في حِجاجِه، فيَنبَغي أن لا يَحتَدَّ عليه، ليَحذَر مِنَ الصِّياحِ في وَجهِه والاستِخفافِ به؛ فإنَّ ذلك مِن أخلاقِ السُّفهاءِ ومَن لا يَتَأدَّبُ بآدابِ العُلَماءِ) [2430] ((الفقيه والمتفقهـ)) (2/ 68). .
إنَّ (الحِوارَ العِلميَّ بحاجةٍ قُصوى إلى ضَبطِ النَّفسِ والهَيمَنةِ على الانفِعالاتِ، فإذا غَضِبَ المُتَحاوِرُ الآخَرُ أوِ انفعَلَ انفِعالًا مِن دونِ مُبَرِّرٍ فما على المُتَحاوِرِ إلَّا أن يوقِف حِوارَه إلى وقتٍ آخَرَ حَيثُ تَبرُدُ الأعصابُ، وتَهدَأُ الخَواطِرُ، وتَزولُ الانفِعالاتُ) [2431] ((أخلاقيات الحوار)) للشيخلي (ص: 45). .

انظر أيضا: