موسوعة الآداب الشرعية

ثانيًا: التَّجَرُّدُ في طَلَب الحَقِّ

مِن آدابِ الحِوارِ: التَّجَرُّدُ في طَلَبِ الحَقِّ [2394] يُنظر: ((الحوار أصوله المنهجية وآدابه السلوكية)) لأحمد الصويان (ص: 77)، ((أدب الحوار في الإسلام)) لطنطاوي (ص: 28). .
والتَّجَرُّدُ في طَلَبِ الحَقِّ يَقتَضي أُمورًا، مِنها:
أ- أن يَدخُلَ المَرءُ ساحةَ الحِوارِ باحِثًا عَنِ الحَقِّ، حَتَّى لَو كان عِندَ خَصمِه، ولا يَتَرَدَّدَ أبَدًا في أن يَتَراجَعَ عَن رَأيِه إذا تَبَيَّنَ له صِحَّةُ رَأيِ غَيرِه:
ويَنبَغي أن يَكونَ المُحاوِرُ كما قال أبو حامِدٍ الغَزاليُّ: (كَناشِدِ ضالَّةٍ لا يُفرِّقُ بَينَ أن تَظهَرَ الضَّالَّةُ على يَدِه أو على يَدِ مَن يُعاوِنُه، ويَرى رَفيقَه مُعينًا لا خَصمًا، ويَشكُرُه إذا عَرَّفه الخَطَأ أو أظهَرَ له الحَقَّ)  [2395] ((إحياء علوم الدين)) (1/ 44). .
ب- أن يَذكُرَ ما له وما عليه مِنَ الحُجَجِ والأدِلَّةِ والبَراهينِ:
فامتيازُ المَنهَجِ الإسلاميِّ يَظهَرُ جَليًّا مُشرِقًا بهذا التَّوازُنِ الشَّامِل والعَدلِ الكامِلِ، فلا يَجوزُ أن يُحجَبَ شَيءٌ مِنَ الحَقيقةِ، أو يُدفَنَ شَيءٌ مِنَ الأدِلَّةِ التي تَدعَمُ قَولَ المُخالفِ. فهذه صِفةٌ ذَميمةٌ تَدُلُّ على حُبِّ الذَّاتِ وقِلَّةِ الإنصافِ والورَعِ. ونَزاهةُ المُحاوِرِ ومَوضوعيَّتُه مِحورٌ أساسٌ مِن مَحاوِرِ المَنهَجِ العِلميِّ. وهيَ التي يُعَبَّرُ عَنها بالمُصطَلَحِ الحَديثِ بالأمانةِ العِلميَّةِ.
وقد ذَمَّ اللهُ -سُبحانَه وتَعالى- اليَهودَ، فقال: يا أهلَ الكِتَابِ لمَ تَلْبِسُونَ الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وتَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ [آل عمران: 71] ، وقال تَعالى: وَلَا تَلْبِسُوا الْحَقَّ بِالبَاطِلِ وَتَكْتُمُوا الحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ [البقرة: ٤٢].

انظر أيضا: