موسوعة الآداب الشرعية

تَمهيدٌ في مَعنى الحِوارِ وأهَمِّيَّتِه وفوائِدِه والفَرقِ بَينَه وبَينَ الجَدَلِ والمُناظَرةِ

الحِوارُ: هو مُراجَعةُ المَنطِقِ والكَلامِ في المُخاطَبةِ [2384] ((الحوار أصوله المنهجية وآدابه السلوكية)) لأحمد الصويان (ص: 16). .
أو هو حَديثٌ بَينَ طَرَفينِ أو أكثَرَ حَولَ قَضيَّةٍ مُعَيَّنةٍ، الهَدَفُ مِنها الوُصولُ إلى الحَقيقةِ بَعيدًا عَنِ الخُصومةِ والتَّعَصُّب، بَل بطَريقةٍ عِلميَّةٍ إقناعيَّةٍ، ولا يُشتَرَطُ فيه الحُصولُ على نَتائِجَ فوريَّةٍ [2385] ((الحوار آدابه وتطبيقاته في التربية الإسلامية)) لخالد المغامسي (ص: 22). .
وللحِوارِ فوائِدُ كَثيرةٌ؛ مِنها: إظهارُ الحَقائِقِ المُدَعَّمةِ بالدَّليلِ، فهو مِن أحسَنِ الوسائِلِ لتَبليغِ الحَقِّ ونُصرَتِه ودَفعِ الباطِلِ، ومِن فوائِدِه أيضًا: التَّفاهمُ وتَقريبُ وِجهاتِ النَّظَرِ، والتَّعاوُنُ، وتَصحيحُ المَفاهيمِ، وحَلُّ النِّزاعاتِ والخِلافاتِ إلى غَيرِ ذلك [2386] ((فقه الحوار مع المخالف)) لرقية العلواني (ص: 160، 167، 178، 182)، ((الحوار أصوله المنهجية وآدابه السلوكية)) لأحمد الصويان (ص: 28). .
ومِنَ المَفاهيمِ المُتَقارِبةِ مَعَ الحِوارِ: الجِدالُ والمُناظَرةُ، والفرقُ بَينَ هذه المَفاهيمِ الثَّلاثةِ:
أنَّ الجِدالَ: هو المُفاوضةُ على سَبيلِ المُنازَعةِ والمُغالَبةِ لإلزامِ الخَصمِ.
وأمَّا المُناظَرةُ فهيَ: تَرَدُّدُ الكَلامِ بَينَ شَخصَينِ يَقصِدُ كُلُّ واحِدٍ مِنهما تَصحيحَ قَولِه وإبطالَ قَولِ صاحِبِه، مَعَ رَغبةِ كُلٍّ مِنهما في ظُهورِ الحَقِّ.
وعَلى ذلك فالحِوارُ لَفظٌ عامٌّ يَشمَلُ صورًا عَديدةً، مِنها: المُناظَرةُ، والمُجادَلةُ [2387] يُنظر: ((الحوار أصوله المنهجية وآدابه السلوكية)) لأحمد الصويان (ص: 17). .
ويَتَّفِقُ الحِوارُ والجِدالُ في أنَّ فيهما مُراجَعةً في الكَلامِ، وأنَّهما حَولَ مَوضوعٍ مُعَيَّنٍ، غَيرَ أنَّ الجِدالَ فيه خُصومةٌ ويَتَّسِمُ بطابعِ الغَلَبةِ والشِّدَّةِ؛ لذا جاءَ الأمرُ في القُرآنِ بالجِدالِ بالَّتي هيَ أحسَنُ.
أمَّا الحِوارُ فلا يُشتَرَطُ فيه وُجودُ خُصومةٍ، فهو يَتَّسِمُ باللِّينِ والهدوءِ [2388] ينظر: ((الحوار آدابه وتطبيقاته في التربية الإسلامية)) لخالد المغامسي (ص: 34، 35)، ((فقه الحوار مع المخالف)) لرقية العلواني (ص: 30)، ((معجم الفروق الدلالية)) لمحمد داود (ص: 181). .
أمَّا الفرقُ بَينَ الحِوارِ والمُناظَرةِ، فهو أنَّ الحِوارَ لا يَقومُ على وُجودِ التَّضادِّ بَينَ الطَّرَفينِ المُتَحاوِرَينِ أو وُجودِ خُصومةٍ بَينَهما، أمَّا المُناظَرةُ فتَقومُ على وُجودِ التَّضادِّ بَينَ المُتَناظِرينِ للاستِدلالِ على إثباتِ أمرٍ يَتَخاصَمانِ فيه نَفيًا أو إيجابًا، ومَعَ ذلك فلا تَخلو المُناظَرةُ مِن حِوارٍ، وليستِ المُحاورةُ مُناظَرةً [2389] ((الحوار آدابه وتطبيقاته في التربية الإسلامية)) لخالد المغامسي (ص: 34، 35)، ويُنظر أيضًا: ((أصول الحوار)) (ص: 9). .
وفيما يلي نذكُرُ أهَمَّ آدابِ الحِوارِ:

انظر أيضا: