موسوعة التفسير

سورةُ الحَديدِ
مقدمة السورة

أسماء السورة:

سُمِّيَت هذه السُّورةُ بسُورةِ (الحديدِ) [1] سُمِّيَت سورةَ الحديدِ؛ لِقَولِه تعالى فيها: وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ [الحديد: 25] . يُنظر: ((بصائر ذوي التمييز)) للفيروزابادي (1/453)، ((تفسير ابن عاشور)) (27/353). قال ابنُ عاشور: (وهذا اللَّفظُ وإنْ ذُكِر فِي سورةِ الكَهفِ [96] في قَولِه تعالى: آَتُونِي زُبَرَ الْحَدِيدِ وهي سابقةٌ في النُّزولِ على سورةِ الحديدِ على المختارِ، فلم تُسَمَّ به؛ لأنَّها سُمِّيَت باسمِ الكَهفِ؛ للاعتناءِ بقصَّةِ أهل ِالكَهفِ، ولأنَّ الحديدَ الَّذي ذُكِرَ هنا مرادٌ به حديدُ السِّلاحِ؛ مِن سُيوفٍ ودُروعٍ وخُوَذٍ، تنويهًا به؛ إذ هو أثَرٌ من آثارِ حِكمةِ الله في خَلْقِ مادَّتِه، وإلهامِ النَّاسِ صُنْعَه لتحصُلَ به منافِعُ لتأييدِ الدِّينِ، ودِفاعِ المعتدِينَ، كما قال تعالى: فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ [الحديد: 25] ). ((تفسير ابن عاشور)) (27/353). .

بيان المكي والمدني:

سورةُ الحديدِ مَدَنيَّةٌ [2] وقيل: السُّورةُ مَكِّيَّةٌ. يُنظر: ((تفسير ابن جرير)) (22/384)، ((تفسير الماوردي)) (5/468)، ((الوسيط)) للواحدي (4/244)، ((تفسير الرازي)) (29/441). ، وحُكِيَ عن بعضِ المفسِّرينَ الإجماعُ على ذلك [3] ممَّن نقل الإجماعَ على ذلك: النَّقَّاشُ -كما حكاه عنه ابنُ عطيَّةَ-، والقرطبيُّ، وابنُ تيميَّةَ، والبِقاعي. يُنظر: ((تفسير ابن عطية)) (5/231)، ((تفسير القرطبي)) (17/235)،((الإيمان)) لابن تيمية (ص: 182)، ((مصاعد النظر)) للبقاعي (3/57). ونسَب ابنُ الفَرَسِ وابنُ عاشور هذا القولَ للجمهورِ. يُنظر: ((أحكام القرآن)) لابن الفرس (3/520)، ((تفسير ابن عاشور)) (27/253). واستظهر ابن عاشور أنَّ صدرَ هذه السُّورةِ مكِّيٌّ، وأنَّ ذلك يَنتهي إلى قوله تعالى: وَإِنَّ اللَّهَ بِكُمْ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ [الحديد: 9] ، وأنَّ ما بعدَ ذلك بعضُه نزَل بالمدينةِ كما تقتضيه معانيه، مِثلُ حكايةِ أقوالِ المنافِقِين، وبعضُه نزَل بمكَّةَ، مِثلُ آيةِ: أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آَمَنُوا [الحديد: 16] الآيةَ. قال: (ويُشبِهُ أن يكونَ آخرُ السُّورةِ [إلى] قوله: إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ [الحديد: 25] نزَل بالمدينةِ، أُلْحِق بهذه السُّورةِ بتوقيفٍ مِن النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم في خِلالِها أو في آخِرِها. قلتُ: وفيها آيةُ: لَا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ [الحديد: 10] الآيةَ، وسواءٌ كان المرادُ بالفتحِ في تلك الآيةِ فتْحَ مكَّةَ أو فتْحَ الحُدَيْبِيَةِ، فإنَّه أُطلِق عليه اسمُ الفتحِ، وبه سُمِّيَتْ «سورةُ الفتحِ»، فهي متعيِّنةٌ لأن تكونَ مدَنيَّةً، فلا يَنبغي الاختِلافُ في أنَّ مُعظَمَ السُّورةِ مدَنيٌّ). ((تفسير ابن عاشور)) (27/354). .

مقاصد السورة:

مِن أهَمِّ مقاصِدِ السُّورةِ:
1- الحَديثُ عن مَظاهِرِ قُدرةِ اللهِ تعالى، وعن صِفاتِه الجليلةِ [4] يُنظر: ((التفسير الوسيط)) لطنطاوي (14/195). .
2- دعوةُ المؤمِنينَ إلى التَّمَسُّكِ بتعاليمِ دينِهم [5] يُنظر: ((التفسير الوسيط)) لطنطاوي (14/195). .

موضوعات السورة:

مِن أهمِّ الموضوعاتِ الَّتي اشتَمَلَتْ عليها السُّورةُ:
1- افتتاحُ السُّورةِ ببَيانِ تَسبيحِ جميعِ ما في السَّمَواتِ وما في الأرضِ للهِ، والثَّناءُ عليه سُبحانَه بذِكرِ بَعضِ أسمائِه الحُسْنى وصِفاتِه.
2- ذِكرُ بَعضِ مظاهِرِ قُدرةِ اللهِ تعالى، وسَعةِ مُلْكِه، وشُمولِ عِلْمِه.
3- حَضُّ المؤمنينَ على الثَّباتِ على إيمانِهم، وعلى الإنفاقِ في سَبيلِ اللهِ.
4- بيانُ حُسنِ عاقِبةِ المؤمِنينَ والمؤمناتِ يومَ القيامةِ، وسُوءِ عاقِبةِ المنافِقينَ، وما يجري بيْن الفريقَينِ مِن محاوراتٍ.
5- حثُّ المؤمنينَ على الخُشوعِ لله وخَشْيتِه، وتحذيرُ المسلِمينَ مِن الوُقوعِ في أسبابِ قَساوةِ القُلوبِ الَّتي وَقَع فيها أهلُ الكِتابِ.
6- ذِكرُ ثوابِ المتصَدِّقينَ الَّذين أقرَضوا اللهَ قَرضًا حَسَنًا.
7- بيانُ مَصيرِ الحياةِ الدُّنيا، والدَّعوةُ إلى إيثارِ الآجِلةِ على العاجِلةِ، والباقيةِ على الفانيةِ.
8- تقريرُ أنَّ كُلَّ شَيءٍ بقَضاءِ اللهِ وقَدَرِه.
9- بيانُ وَحدةِ الرِّسالاتِ السَّماويَّةِ، والتَّنويهُ بحِكمةِ إرسالِ الرُّسُلِ والكُتُبِ.