موسوعة التفسير

سورةُ الزُّخرُفِ
الآيات (33-35)

ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰁ ﰂ ﰃ ﰄ ﰅ ﰆ ﰇ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ

غريب الكلمات:

وَمَعَارِجَ: أي: مَراقيَ وسَلالِمَ، وأصلُ (عرج): يدُلُّ على سُمُوٍّ وارتقاءٍ [376] يُنظر: ((غريب القرآن)) لابن قتيبة (ص: 397)، ((تفسير ابن جرير)) (20/590)، ((غريب القرآن)) للسجستاني (ص: 424)، ((مقاييس اللغة)) لابن فارس (4/302)، ((تذكرة الأريب)) لابن الجوزي (ص: 345)، ((تفسير ابن كثير)) (7/226)، ((التبيان)) لابن الهائم (ص: 373)، ((الكليات)) للكفوي (ص: 876). .
يَظْهَرُونَ: أي: يَعْلُونَ ويَصعَدونَ، وأصلُ (ظهر): يدُلُّ على قُوَّةٍ وبُروزٍ [377] يُنظر: ((تفسير ابن جرير)) (20/590)، ((غريب القرآن)) للسجستاني (ص: 424)، ((مقاييس اللغة)) لابن فارس (3/471)، ((تذكرة الأريب)) لابن الجوزي (ص: 345)، ((التبيان)) لابن الهائم (ص: 373). .
وَزُخْرُفًا: أي: ذَهَبًا، أو: الزُّخرفُ: الزِّينةُ، قيل: أصلُ معنى الزُّخرفِ: الذَّهبُ، ولَمَّا كان حَسنًا في الأعيُنِ قيل لكلِّ زينةٍ: زخرفةٌ، ثم جعلوا كلَّ مُزيَّنٍ: مزخْرفًا، وقيل: أصلُ الزُّخرفِ: الزِّينةُ المُزَوَّقةُ، ومنه قيل للذَّهبِ: زُخرفٌ؛ لِكَونِ كمالِ الزِّينةِ بالذَّهبِ [378] يُنظر: ((غريب القرآن)) لابن قتيبة (ص: 397)، ((غريب القرآن)) للسجستاني (ص: 255)، ((المفردات)) للراغب (ص: 379)، ((تفسير ابن كثير)) (7/226)، ((التبيان)) لابن الهائم (ص: 373)، ((تفسير الألوسي)) (4/ 251) و (13/ 80). .
مَتَاعُ: المتاعُ: المنفعةُ، وكلُّ ما حَصَل التَّمتُّعُ والانتِفاعُ به على وجهٍ ما، والمتاعُ والمتعةُ: ما يُنتفَعُ به انتفاعًا قليلًا غيرَ باقٍ، بل يَنقضي عن قَريبٍ، وأصلُ (متع): يدُلُّ على مَنفعةٍ، وامتدادِ مُدَّةٍ في خَيرٍ [379] يُنظر: ((غريب القرآن)) لابن قتيبة (ص: 46)، ((غريب القرآن)) للسجستاني (ص: 409)، ((مقاييس اللغة)) لابن فارس (5/293)، ((المفردات)) للراغب (ص: 757)، ((التبيان)) لابن الهائم (ص: 69)، ((الكليات)) للكفوي (ص: 804). .

مشكل الإعراب:

قَولُه تعالى: وَزُخْرُفًا وَإِنْ كُلُّ ذَلِكَ لَمَّا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا
قَولُه: وَزُخْرُفًا في نَصبِه أوجُهٌ؛ أحَدُها: أنَّه مَفعولٌ به لفِعلٍ مَحذوفٍ، أي: وجعَلْنا لهم زُخرُفًا، ويكونُ مِن قَبيلِ عَطفِ الجُمَلِ. الثَّاني: أن يكونَ مَنصوبًا عَطفًا على سُقُفًا مِن قَبيلِ عَطفِ المُفرداتِ. الثَّالِثُ: أن يكونَ مَنصوبًا عَطفًا على محلِّ مِنْ فَضَّةٍ، كأنَّه قيل: سُقُفًا مِن فِضَّةٍ وزُخرُفٍ، يعنى: بَعضُها مِن فِضَّةٍ وبَعضُها مِن ذَهَبٍ، فنصب عَطفًا على المحَلِّ. وقيلَ: هو منصوبٌ على نَزعِ الخافِضِ عَطفًا على مِنْ فَضَّةٍ، أي: مِن فِضَّةٍ ومِن زُخرُفٍ -أي: ذَهَبٍ.
قَولُه: وَإِنْ كُلُّ ذَلِكَ لَمَّا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَإِنْ الواوُ: حرفُ استِئنافٍ. إنْ: نافيةٌ. كُلُّ مُبتدأٌ مَرفوعٌ. ذَلِكَ مُضافٌ إليه في محَلِّ جَرٍّ. لَمَّا حرفُ حَصرٍ بمعنى «إلَّا». مَتَاعُ خَبَرُ المبتدأِ كُلُّ. والجُملةُ الاسميَّةُ كلُّها مُستأنَفةٌ لا محَلَّ لها [380] يُنظر: ((إعراب القرآن)) للنحاس (4/72)، ((تفسير الزمخشري)) (2/315)، ((الدر المصون)) للسمين الحلبي (9/586)، ((الجدول في إعراب القرآن)) لمحمود صافي (25/84). .

المعنى الإجمالي :

يقولُ تعالى محقِّرًا الدُّنيا، مبيِّنًا هوانَها عليه: ولولا أن يَصيرَ النَّاسُ كُلُّهم كُفَّارًا إذا رأَوا ما أُوتِيَه الكُفَّارُ مِن سَعةٍ في الأرزاقِ، لَجَعَل اللهُ لأولئك الكُفَّارِ لِبُيوتِهم سُقُفًا مِن فِضَّةٍ، ومَصاعِدَ يَصعَدونَ ويَرتَفِعونَ بها، ولجَعَل لِبُيوتِهم أبوابًا، وأسِرَّةً يتَّكِئُونَ عليها، وجعَلْنا معَ ذلك لهم ذَهَبًا، وما كُلُّ ذلك إلَّا مَتاعٌ وعَرَضٌ زائِلٌ، ونَعيمُ الآخِرةِ عندَ رَبِّك -يا محمَّدُ- للمُتَّقينَ.

تفسير الآيات:

وَلَوْلَا أَنْ يَكُونَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً لَجَعَلْنَا لِمَنْ يَكْفُرُ بِالرَّحْمَنِ لِبُيُوتِهِمْ سُقُفًا مِنْ فَضَّةٍ وَمَعَارِجَ عَلَيْهَا يَظْهَرُونَ (33).
مُناسَبةُ الآيةِ لِما قَبْلَها:
لَمَّا تَقَرَّر أنَّ مِن خُلُقِهم تَعظيمَ المالِ وأهلِ الثَّراءِ، وحِسبانَهم ذلك أصلَ الفَضائِلِ، ولم يَهتَمُّوا بزَكاءِ النُّفوسِ، وكان اللهُ قد أبطَلَ جَعْلَهم المالَ سَبَبَ الفَضلِ بإبطَالَينِ؛ بقَولِه: أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَةَ رَبِّكَ [الزخرف: 32] ، وقَولِه: وَرَحْمَةُ رَبِّكَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ [الزخرف: 32] ؛ أعقَبَ ذلك بتَعريفِهم أنَّ المالَ والغِنى لا حَظَّ لهما عِندَ اللهِ تعالى؛ فإنَّ اللهَ أعطى كلَّ شَيءٍ خَلْقَه، وجعَلَ للأشياءِ حَقائقَها ومَقاديرَها، فكثيرًا ما يكونُ المالُ للكافرينَ ومَن لا خَلاقَ لهم مِن الخَيرِ؛ فتعيَّنَ أنَّ المالَ قِسمةٌ مِن اللهِ على النَّاسِ، جعَلَ له أسبابًا نظَمَها في سِلكِ النُّظُمِ الاجتماعيَّةِ، وجعَلَ لها آثارًا مُناسِبةً لها، وشتَّانَ بَيْنَها وبَينَ مَواهبِ النُّفوسِ الزَّكيَّةِ، والسَّرائرِ الطَّيِّبةِ، ويَحصُلُ مِن هذا التَّحقيرِ للدُّنيا وللمالِ إبطالٌ ثالِثٌ لِمَا أَسَّسوا عليه قَولَهم: لَوْلَا نُزِّلَ هَذَا الْقُرْءانُ عَلَى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ [381] يُنظر: ((تفسير ابن عاشور)) (25/203). ويُنظر أيضًا: ((تفسير الرازي)) (27/631). [الزخرف: 31] .
وأيضًا لَمَّا بَيَّن اللهُ حَقارةَ الدُّنيا، وعَظَّم شأنَ الآخرةِ، في قَولِه: وَرَحْمَةُ رَبِّكَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ [الزخرف: 32] ؛ أتْبَعَ ذلك ببَيانِ شِدَّةِ حَقارتِها، وأنَّه جعَلَها مُشتَرِكةً بيْنَ المُؤمِنينَ والكافِرينَ، وجَعَل ما في الآخِرةِ مِن النَّعيمِ خاصًّا بالمؤمِنينَ دونَ الكافِرينَ، وبَيَّن حِكمَتَه في اشتِراكِ المؤمِنِ مع الكافِرِ في نَعيمِ الدُّنيا، بقَولِه: وَلَوْلَا أَنْ يَكُونَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً، أي: لولا كراهَتُنا لِكَونِ جميعِ النَّاسِ أمَّةً واحِدةً مُتَّفِقةً على الكُفرِ لَأَعطَيْنا زَخارِفَ الدُّنيا كُلَّها للكُفَّارِ [382] يُنظر: ((أضواء البيان)) للشنقيطي (7/116). .
وَلَوْلَا أَنْ يَكُونَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً لَجَعَلْنَا لِمَنْ يَكْفُرُ بِالرَّحْمَنِ لِبُيُوتِهِمْ سُقُفًا مِنْ فَضَّةٍ.
أي: ولولا كراهَتُنا أن يَرغَبَ النَّاسُ في الكُفرِ إذا رأَوْا ما أُوتِيَه الكُفَّارُ مِن سَعةٍ وقُدرةٍ، فيَصيروا كُلُّهم كُفَّارًا؛ لَجَعَل اللهُ للَّذين يَكفُرونَ به بُيُوتًا ذاتَ سُقُفٍ مِن فِضَّةٍ [383] يُنظر: ((تفسير ابن جرير)) (20/587، 588)، ((تفسير الزمخشري)) (4/249)، ((تفسير ابن عطية)) (5/53، 54)، ((تفسير البيضاوي)) (5/90)، ((تفسير ابن كثير)) (7/226)، ((نظم الدرر)) للبقاعي (17/424، 425)، ((أضواء البيان)) للشنقيطي (7/116، 118). قال ابن جرير: (السُّقوف جمْعُ سَقْفٍ، ثمَّ تُجمعُ السُّقوفُ سُقُفًا). ((تفسير ابن جرير)) (20/ 589). وقال ابن عطية: (معنى الآيةِ: أنَّ اللهَ تعالى أبقَى على عَبيدِه، وأنعَمَ بمُراعاةِ بَقاءِ الخَيرِ والإيمانِ، وشاء حِفْظَه على طائِفةٍ منهم بقيَّةَ الدَّهرِ). ((تفسير ابن عطية)) (5/53). .
وَمَعَارِجَ عَلَيْهَا يَظْهَرُونَ.
أي: ومَصاعِدَ ومَراقيَ يَرتَفِعونَ بها [384] يُنظر: ((تفسير ابن جرير)) (20/590)، ((تفسير القرطبي)) (16/85)، ((تفسير ابن كثير)) (7/226)، ((تفسير السعدي)) (ص: 765)، ((أضواء البيان)) للشنقيطي (7/118). قال الرازي: (هي المصاعِدُ إلى المساكِنِ العاليةِ، كالدَّرَجِ والسَّلالمِ، عليها يَظهَرونَ). ((تفسير الرازي)) (27/631). قيل: هذه المعارِجُ مِن فِضَّةٍ أيضًا كما أنَّ السُّقُفَ مِن فِضَّةٍ. وممَّن قال بهذا: السمعاني، والزمخشري، وابنُ كثير، والبِقاعي، والسعدي. يُنظر: ((تفسير السمعاني)) (5/101)، ((تفسير الزمخشري)) (4/249)، ((تفسير ابن كثير)) (7/226)، ((نظم الدرر)) للبقاعي (17/425)، ((تفسير السعدي)) (ص: 765). وممَّن قال بهذا القولِ مِن السَّلفِ: ابنُ عبَّاسٍ، وابنُ زَيدٍ. يُنظر: ((تفسير ابن جرير)) (20/590). قال الشنقيطي: (قَولُه: يَظْهَرُونَ أي: يَصعَدونَ ويَرتَفِعونَ حتَّى يَصيروا على ظُهورِ البُيوتِ). ((أضواء البيان)) (7/118). .
وَلِبُيُوتِهِمْ أَبْوَابًا وَسُرُرًا عَلَيْهَا يَتَّكِئُونَ (34).
وَلِبُيُوتِهِمْ أَبْوَابًا.
أي: ولَجَعَل لِبُيوتِهم أبوابًا [385] يُنظر: ((تفسير ابن جرير)) (20/592)، ((تفسير ابن عثيمين- سورة الزخرف)) (ص: 140). قيل: الأبوابُ مِن فِضَّةٍ أيضًا. وممَّن قال بهذا: ابنُ جرير، والزَّجَّاجُ، وابنُ أبي زَمَنين، والواحدي، والسمعاني، والزمخشري، وابن كثير. يُنظر: ((تفسير ابن جرير)) (20/592)، ((معاني القرآن وإعرابه)) للزجاج (4/411)، ((تفسير ابن أبي زمنين)) (4/184)، ((الوسيط)) للواحدي (4/71)، ((تفسير السمعاني)) (5/101)، ((تفسير الزمخشري)) (4/249). ((تفسير ابن كثير)) (7/226). وممَّن قال بهذا القولِ مِن السَّلفِ: ابنُ زَيدٍ. يُنظر: ((تفسير ابن جرير)) (20/592). وقال ابن عثيمين: (هذا ليس بُمتعيِّنٍ، بل نقولُ: أبوابًا فَخمةً ليست كالمعتادِ، سواءٌ مِن فِضَّةٍ، أو مِن حديدٍ، أو مِن خَشَبٍ...). ((تفسير ابن عثيمين- سورة الزخرف)) (ص: 140). .
وَسُرُرًا عَلَيْهَا يَتَّكِئُونَ.
أي: ولَجَعَل لهم أسِرَّةً يتَّكِئُونَ عليها [386] يُنظر: ((تفسير ابن جرير)) (20/592)، ((نظم الدرر)) للبقاعي (17/425، 426)، ((تفسير ابن عثيمين- سورة الزخرف)) (ص: 141). قيل: السُّرُرُ مِن فِضَّةٍ أيضًا. وممَّن قال بهذا: ابنُ جرير، والزجاج، وابن أبي زمنين، والواحدي، والسمعاني، والزمخشري، وابن كثير. يُنظر: ((تفسير ابن جرير)) (20/592)، ((معاني القرآن وإعرابه)) للزجاج (4/411)، ((تفسير ابن أبي زمنين)) (4/184)، ((الوسيط)) للواحدي (4/71)، ((تفسير السمعاني)) (5/101)، ((تفسير الزمخشري)) (4/249)، ((تفسير ابن كثير)) (7/226). وممَّن قال بهذا القولِ مِن السَّلفِ: ابنُ عبَّاسٍ، وابنُ زَيدٍ. يُنظر: ((تفسير ابن جرير)) (20/592). قال أبو حيَّان: (هذه الأسماءُ مَعاطيفُ على قَولِه: سُقُفًا مِنْ فَضَّةٍ، فلا يتعَيَّنُ أن تُوصَفَ المعاطيفُ بكَونِها مِن فِضَّةٍ. وقال الزمخشري: سقوفًا ومَصاعِدَ وأبوابًا وسُرُرًا كُلُّها مِن فِضَّةٍ. انتهى، كأنَّه يرى اشتراكَ المعاطيفَ في وَصفِ ما عُطِفَت عليه). ((تفسير أبي حيان)) (9/371). ويُنظر: ((تفسير الزمخشري)) (4/249). وقال البِقاعي: (ودلَّ على هدوءِ بالِهم، وصفاءِ أوقاتِهم وأحوالِهم بقولِه: عَلَيْهَا يَتَّكِئُونَ). ((نظم الدرر)) (17/425، 426). وقال ابن عاشور: (وفائدةُ وصْفِها بجُملةِ عَلَيْهَا يَتَّكِئُونَ الإشارةُ إلى أنَّهم يُعطَونَ هذه البَهرجةَ مع استِعمالِها في دَعَةِ العَيشِ، والخُلُوِّ عن التَّعبِ). ((تفسير ابن عاشور)) (25/206). .
وَزُخْرُفًا وَإِنْ كُلُّ ذَلِكَ لَمَّا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةُ عِنْدَ رَبِّكَ لِلْمُتَّقِينَ (35).
وَزُخْرُفًا.
أي: وذَهَبًا [387] يُنظر: ((معاني القرآن وإعرابه)) للزجاج (4/411)، ((تفسير الماوردي)) (5/225)، ((تفسير ابن عطية)) (5/54). قال الماوردي: (وَزُخْرُفًا فيه ثلاثةُ أقاويلَ؛ أحَدُها: أنَّه الذَّهَبُ. قاله ابنُ عبَّاسٍ... الثَّاني: الفُرُشُ ومتاعُ البَيتِ. قاله ابنُ زَيدٍ. الثَّالثُ: أنَّه النُّقوشُ. قاله الحَسَنُ). ((تفسير الماوردي)) (5/225). ويُنظر: ((تفسير ابن عطية)) (5/54). وقال الزَّجَّاجُ: (جاء في التَّفسيرِ أنَّه هاهنا الذَّهَبُ، إلَّا زيدَ بنَ أسلَمَ فإنَّه قال: هو مَتاعُ البَيتِ. والزُّخرُفُ في اللُّغةِ: الزِّينةُ وكَمالُ الشَّيءِ فيها، ودليلُ ذلك قَولُه تعالى: حَتَّى إِذَا أَخَذَتِ الْأَرْضُ زُخْرُفَهَا [يونس: 24] ، أي: كَمالَها وتَمامَها). ((معاني القرآن وإعرابه)) (4/411). وممَّن قال بأنَّ المرادَ بالزُّخرُفِ: الذَّهَبُ: ابنُ جرير، والثعلبي، والواحدي، والبغوي، والقرطبي، وأبو حيان، وابن كثير، وابن عثيمين. يُنظر: ((تفسير ابن جرير)) (20/592)، ((تفسير الثعلبي)) (8/333)، ((الوسيط)) للواحدي (4/71)، ((تفسير البغوي)) (4/159)، ((تفسير القرطبي)) (16/87)، ((تفسير أبي حيان)) (9/372)، ((تفسير ابن كثير)) (7/226)، ((تفسير ابن عثيمين- سورة الزخرف)) (ص: 142). قال الواحدي: (وَزُخْرُفًا كلُّهم قالوا: إنَّه الذَّهبُ. والمعنى: ونجعلُ لهم معَ ذلك ذهبًا وغِنًى). ((الوسيط)) (4/71). وممَّن اختار أنَّ المرادَ بالزُّخرفِ: الزِّينةُ: الزمخشري، والنسفي. يُنظر: ((تفسير الزمخشري)) (4/ 249)، ((تفسير النسفي)) (3/272). وقال القاسمي: (زخرفًا: أي: زينةً مِن ذهَبٍ وجواهرَ فوقَ الفضَّةِ). ((تفسير القاسمي)) (8/ 388). وممَّن جمَع بيْن المعنيَينِ السَّابِقَينِ، فقال: المرادُ بـقولِه: وَزُخْرُفًا: أي: ذهبًا وزينةً عامَّةً كاملةً: البِقاعي، والشربيني، وجوَّز ابنُ عاشور استعمالَه في هذَين المعنيَينِ استعمالَ المشترَكِ. يُنظر: ((نظم الدرر)) للبقاعي (17/426)، ((تفسير الشربيني)) (3/562)، ((تفسير ابن عاشور)) (25/206). وقال ابن جرير: (في نَصبِ الزُّخرُفِ وَجهانِ: أحَدُهما: أن يكونَ معناه: لَجَعَلْنا لِمَن يَكفُرُ بالرَّحمنِ لِبُيوتِهم سُقُفًا مِن فِضَّةٍ ومِن زُخرُفٍ، فلمَّا لم يُكرِّرْ عليه «مِنْ» نُصِبَ على إعمالِ الفِعلِ فيه ذلك، والمعنى فيه فكأنَّه قيل: وزُخرُفًا يُجعَلُ ذلك لهم منه. والوجهُ الثاني: أن يكونَ مَعطوفًا على السُّرُرِ، فيَكونَ معناه: لَجَعَلْنا لهم هذه الأشياءَ مِن فِضَّةٍ، وجعَلْنا لهم مع ذلك ذَهَبًا يكونُ لهم غِنًى يَستغنُونَ بها). ((تفسير ابن جرير)) (20/593، 594). ممَّن ذهب إلى الوجهِ الأوَّل، وأنَّ المعنى: لجعَلْنا هذا كلَّه مِن فضَّةٍ وذهبٍ: السمرقندي، وهو ظاهرُ اختيارِ السمعاني. يُنظر: ((تفسير السمرقندي)) (3/257)، ((تفسير السمعاني)) (5/ 101). وممَّن ذهب إلى الوجهِ الثَّاني: ابنُ جرير، والثعلبي، والبغوي، وابن الجوزي، والقرطبي. يُنظر: ((تفسير ابن جرير)) (20/592)، ((تفسير الثعلبي)) (8/333)، ((تفسير البغوي)) (4/159)، ((تفسير ابن الجوزي)) (4/77)، ((تفسير القرطبي)) (16/87). ؛ فلولا يَعتَقِدُ النَّاسُ أنَّهم يَنالُونَ ذلك بالكُفرِ، فيَكفُرونَ جَميعًا؛ رغبةً منهم في الدُّنيا، لَجعَلَه اللهُ تعالى للكافِرينَ به [388] يُنظر: ((معاني القرآن)) للزجاج (4/411)، ((الوسيط)) للواحدي (4/71، 72)، ((تفسير ابن عاشور)) (25/204، 205). قال الواحدي: (معنى الآيةِ: لولا أن تميلَ الدُّنيا بالنَّاسِ فيَصيرَ الخَلقُ كُفَّارًا، لَأعطى اللهُ الكافِرَ في الدُّنيا غايةَ ما يَتمنَّى فيها؛ لِقِلَّتِها عندَه، ولكِنَّه عزَّ وجَلَّ لم يفعَلْ ذلك؛ لعِلْمِه بأنَّ الغالِبَ على الخَلقِ حُبُّ العاجِلةِ). ((الوسيط)) (4/71، 72). .
وَإِنْ كُلُّ ذَلِكَ لَمَّا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا.
أي: وما كُلُّ تلك الأشياءِ المذكورةِ إلَّا عَرَضٌ دُنيويٌّ زائِلٌ لا يَبقَى [389] يُنظر: ((تفسير ابن جرير)) (20/594)، ((تفسير السمعاني)) (5/101)، ((تفسير السعدي)) (ص: 765)، ((تفسير ابن عاشور)) (25/207)، ((أضواء البيان)) للشنقيطي (7/119). قال ابنُ عثيمين: (لأنَّ الدُّنيا مهما طالتْ بالإنسانِ فلا بُدَّ مِن الزَّوالِ؛ إمَّا أن تَزولَ الدُّنيا عنه، وإمَّا أن يَزولَ هو عن الدُّنيا). ((تفسير ابن عثيمين- سورة الزخرف)) (ص: 144). .
كما قال تعالى: زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالْأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الْمَآَبِ [آل عمران: 14] .
وقال سُبحانَه: وَمَا أُوتِيتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَمَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَزِينَتُهَا وَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقَى أَفَلَا تَعْقِلُونَ [القصص: 60] .
وعن أبي هُرَيرةَ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: قال رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((الدُّنيا سِجنُ المؤمِنِ، وجَنَّةُ الكافِرِ )) [390] رواه مسلم (2956). .
وَالْآَخِرَةُ عِنْدَ رَبِّكَ لِلْمُتَّقِينَ.
أي: وأمَّا نَعيمُ الآخِرةِ عندَ رَبِّك -يا محمَّدُ- فهو خاصٌّ بالَّذين امتَثَلوا ما أمرَ اللهُ به مِن التَّوحيدِ والطَّاعاتِ، واجتَنَبوا ما نهَى عنه مِنَ الشِّركِ والسَّيِّئاتِ [391] يُنظر: ((تفسير ابن جرير)) (20/594)، ((تفسير القرطبي)) (16/88)، ((تفسير ابن كثير)) (7/227)، ((تفسير السعدي)) (ص: 765)، ((أضواء البيان)) للشنقيطي (7/116، 117). .

الفوائد التربوية:

1- قَولُ الله تعالى: وَلَوْلَا أَنْ يَكُونَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً لَجَعَلْنَا لِمَنْ يَكْفُرُ بِالرَّحْمَنِ لِبُيُوتِهِمْ سُقُفًا مِنْ فَضَّةٍ وَمَعَارِجَ عَلَيْهَا يَظْهَرُونَ * وَلِبُيُوتِهِمْ أَبْوَابًا وَسُرُرًا عَلَيْهَا يَتَّكِئُونَ * وَزُخْرُفًا وَإِنْ كُلُّ ذَلِكَ لَمَّا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةُ عِنْدَ رَبِّكَ لِلْمُتَّقِينَ فيه أنَّ الدُّنيا لا تُساوي عِندَ الله تعالى شَيئًا، وأنَّه لولا لُطفُه ورحمتُه بعِبادِه الَّتي لا يُقَدِّمُ عليها شيئًا، لَوَسَّع الدُّنيا على الَّذين كَفَروا توسيعًا عَظيمًا [392] يُنظر: ((تفسير السعدي)) (ص: 765). ، فالآيةُ تضَمَّنَت تَهوينَ أمرِ الدُّنيا [393] يُنظر: ((باهر البرهان)) لبيان الحق الغزنوي (3/1293). ، ويَتَفَرَّعُ على هذه الفائدةِ: أنْ لا يَتعلَّقَ الإنسانُ بها؛ وأن لا يَهتمَّ بها؛ فليس له مِن الدُّنيا إلَّا ما أكَل فأفْنَى، أو لَبِسَ فأبْلَى، أو تصدَّق فأمضَى [394] يُنظر: ((تفسير ابن عثيمين- سورة الزخرف)) (ص: 145). . ودلَّت الآيةُ على أنَّ كُلَّ هذه المذكوراتِ مَتاعُ الحياةِ الدُّنيا، مُنغَّصةٌ مُكَدَّرةٌ فانيةٌ، وأنَّ الآخِرةَ عندَ اللهِ تعالى خَيرٌ للمُتَّقينَ لِرَبِّهم بامتِثالِ أوامِرِه واجتِنابِ نواهيه؛ لأنَّ نَعيمَها تامٌّ كامِلٌ مِن كُلِّ وَجهٍ، وفي الجنَّةِ ما تَشتَهيه الأنفُسُ وتَلَذُّ الأعيُنُ، وهم فيها خالِدونَ؛ فما أشَدَّ الفَرقَ بيْنَ الدَّارَينِ [395] يُنظر: ((تفسير السعدي)) (ص: 765). !
2- قَولُ الله تعالى: وَالْآَخِرَةُ عِنْدَ رَبِّكَ لِلْمُتَّقِينَ فيه تحريضٌ على التَّقْوى [396] يُنظر: ((تفسير أبي حيان)) (9/372). ؛ وذلك لأنَّ ذِكْرَ الجزاءِ والثَّوابِ يَستثيرُ النَّفْسَ حتَّى يَصِلَ الإنسانُ إلى الوصفِ الَّذي يَحصُلُ به على الثَّوابِ [397] يُنظر: ((تفسير ابن عثيمين- سورة الزخرف)) (ص: 146). .

الفوائد العلمية واللطائف:

1- قَولُ الله تعالى: وَلَوْلَا أَنْ يَكُونَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً لَجَعَلْنَا لِمَنْ يَكْفُرُ بِالرَّحْمَنِ لِبُيُوتِهِمْ سُقُفًا مِنْ فَضَّةٍ وَمَعَارِجَ عَلَيْهَا يَظْهَرُونَ ...، فيه سؤالٌ: لَمَّا بيَّن تعالى أنَّه لو فتَح على الكافرِ أبوابَ النِّعَمِ، لَصار ذلك سببًا لاجتِماعِ النَّاسِ على الكفرِ، فلِمَ لَمْ يَفعلْ ذلك بالمسلمينَ؛ حتَّى يصيرَ ذلك سببًا لاجتِماعِ النَّاسِ على الإسلامِ؟
الجوابُ: لأنَّ النَّاسَ -على هذا التَّقديرِ- كانوا يَجتمِعون على الإسلامِ لِطَلبِ الدُّنيا، وهذا الإيمانُ إيمانُ المنافقينَ [398] يُنظر: ((تفسير الرازي)) (27/632). .
2- قَولُ الله تعالى: وَلَوْلَا أَنْ يَكُونَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً لَجَعَلْنَا لِمَنْ يَكْفُرُ بِالرَّحْمَنِ لِبُيُوتِهِمْ سُقُفًا مِنْ فَضَّةٍ وَمَعَارِجَ عَلَيْهَا يَظْهَرُونَ فيه دَليلٌ على أنَّه تعالى يمنَعُ العِبادَ بَعضَ أُمورِ الدُّنيا مَنعًا عامًّا أو خاصًّا؛ لِمَصالحِهم [399] يُنظر: ((تفسير السعدي)) (ص: 765). ، ففي إغناءِ البَعضِ وإحواجِ البَعضِ مَصلحةُ العالَمِ، وإلَّا لَبَسَط على الكافِرِ الرِّزقَ [400] يُنظر: ((باهر البرهان)) لبيان الحق الغزنوي (3/1293). .
3- قَولُ الله تعالى: وَلَوْلَا أَنْ يَكُونَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً لَجَعَلْنَا لِمَنْ يَكْفُرُ بِالرَّحْمَنِ لِبُيُوتِهِمْ سُقُفًا مِنْ فَضَّةٍ وَمَعَارِجَ عَلَيْهَا يَظْهَرُونَ يدُلُّ على أنَّ اللهَ تعالى منَعَ أسبابَ تَعميمِ الكُفرِ في الأرضِ؛ لُطفًا منه بالإيمانِ وأهلِه، وإن كان لم يمنَعْ وُقوعَ كُفرٍ جُزئيٍّ قَليلٍ أو كثيرٍ؛ حِفظًا منه تعالى لِناموسِ تَرتيبِ المُسَبَّباتِ على أسبابِها [401] يُنظر: ((تفسير ابن عاشور)) (25/205). .
4- قال الله تعالى: وَإِنْ كُلُّ ذَلِكَ لَمَّا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا سَمَّاه مَتاعًا؛ لأنَّ الإنسانَ يَستَمتِعُ به قليلًا، ثمَّ يَنقَضي في الحالِ، وأمَّا الآخِرةُ فهي باقيةٌ دائِمةٌ [402] يُنظر: ((تفسير الرازي)) (27/631). .

بلاغة الآيات:

1- قولُه تعالَى: وَلَوْلَا أَنْ يَكُونَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً لَجَعَلْنَا لِمَنْ يَكْفُرُ بِالرَّحْمَنِ لِبُيُوتِهِمْ سُقُفًا مِنْ فَضَّةٍ وَمَعَارِجَ عَلَيْهَا يَظْهَرُونَ استِئنافٌ مُبَيِّنٌ لحَقارةِ مَتاعِ الدُّنيا، ودَناءَةِ قَدْرِه عندَ اللهِ عزَّ وجلَّ [403] يُنظر: ((تفسير أبي السعود)) (8/46). . وقيل: هذه الجُملةُ عَطفٌ على جُملةِ وَرَحْمَةُ رَبِّكَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ [404] يُنظر: ((تفسير ابن عاشور)) (25/203). [الزخرف: 32] .
- قوله: لَجَعَلْنَا لِمَنْ يَكْفُرُ بِالرَّحْمَنِ لِبُيُوتِهِمْ سُقُفًا مِنْ فَضَّةٍ وَمَعَارِجَ عَلَيْهَا يَظْهَرُونَ اللَّامُ في قَولِه: لِبُيُوتِهِمْ مِثلُ اللَّامِ في قَولِه: لِمَنْ يَكْفُرُ بِالرَّحْمَنِ، أي: لَجَعَلْنا لبُيوتِ مَن يَكفُرُ بالرَّحمنِ؛ فيَكونُ قَولُه: لِبُيُوتِهِمْ بدَلَ اشتِمالٍ مِمَّن يَكفُرُ بالرَّحمنِ، وإنَّما صَرَّح بتَكريرِ العامِلِ للتَّوكيدِ، ونُكتةُ هذا الإبدالِ تَعليقُ المَجرورِ ابتِداءً بفِعلِ الجَعلِ، ثمَّ الاهتِمامُ بذِكْرِ مَن يَكفُرُ بالرَّحمَنِ في هذا المَقامِ المَقصودِ منه قَرْنُه مع مَظاهِرِ الغِنَى في قَرَنِ التَّحقيرِ، ثمَّ يَذكُرُ ما يَعِزُّ وُجودُ أمثالِه مِن الفِضَّةِ والذَّهَبِ. وإذ قد كان الخَبرُ كُلُّه مُستَغرَبًا، كان حَقيقًا بأنْ يُنظَمَ في أُسلوبِ الإجمالِ ثمَّ التَّفصيلِ [405] يُنظر: ((تفسير ابن عاشور)) (25/205). .
2- قولُه تعالَى: وَلِبُيُوتِهِمْ أَبْوَابًا وَسُرُرًا عَلَيْهَا يَتَّكِئُونَ * وَزُخْرُفًا وَإِنْ كُلُّ ذَلِكَ لَمَّا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةُ عِنْدَ رَبِّكَ لِلْمُتَّقِينَ المُرادُ أنَّ المَعارِجَ والأبوابَ والسُّرُرَ مِن فِضَّةٍ -على قولٍ في التَّفسيرِ-، فحُذِفَ الوَصْفُ مِن المَعطوفاتِ؛ لِدَلالةِ ما وُصِف المَعطوفُ عليه [406] يُنظر: ((تفسير ابن عاشور)) (25/206). .
- وتكَرَّرَ لَفظُ البُيوتِ في قولِه: وَلِبُيُوتِهِمْ؛ لزِيادةِ التَّقريرِ [407] يُنظر: ((تفسير أبي السعود)) (8/45)، ((إعراب القرآن)) لدرويش (9/84). .
- قولُه: وَسُرُرًا عَلَيْهَا يَتَّكِئُونَ هو كنايةٌ عن كَثرةِ الإرفاهِ [408] يُنظر: ((تفسير ابن عثيمين- سورة الزخرف)) (ص: 141). .
- قولُه: وَزُخْرُفًا الزُّخرُفُ: الزِّينةُ، فيَكونُ هنا عَطفًا على سُقُفًا؛ جَمعًا لعَديدِ المَحاسِنِ، ويُطلَقُ على الذَّهَبِ؛ لأنَّ الذَّهَبَ يُتَزَيَّنُ به؛ فيَكونُ وَزُخْرُفًا عَطفًا على سُقُفًا بتأويلِ: لَجَعَلْنا لهم ذَهَبًا، أي: لَكانَت سُقُفُهم ومَعارِجُهُم وأبوابُهُم مِن فِضَّةٍ وذَهَبٍ مُنَوَّعةً؛ لأنَّ ذلك أَبْهَجُ في تَلوينِها، وابتُدِئَ بالفِضَّةِ؛ لأنَّها أكثَرُ في التَّحلياتِ، وأجمَلُ في اللَّونِ، وأُخِّرَ الذَّهَبُ؛ لأنَّه أندَرُ في الحُلِيِّ، ولأنَّ لَفظَه أسعَدُ بالوَقفِ؛ لِكَونِ آخِرِه تَنوينًا يَنقَلِبُ في الوَقفِ أَلِفًا، فيُناسِبُ امتِدادَ الصَّوتِ، وهو أفصَحُ في الوَقفِ. ويجوزُ أنْ يكونَ لَفظُ (زُخْرُفًا) مُستعمَلًا في مَعْنيَيه -الزِّينةِ والذَّهبِ- استِعمالَ المشترَكِ، فلا يَرِدُ سُؤالٌ عن تَخصيصِ السُّقُفِ والمَعارِجِ بالفِضَّةِ [409] يُنظر: ((تفسير ابن عاشور)) (25/206). .
- قَولُه: وَإِنْ كُلُّ ذَلِكَ لَمَّا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةُ عِنْدَ رَبِّكَ لِلْمُتَّقِينَ تَذييلٌ، أي: كلُّ ما ذُكِر مِن السُّقُفِ والمَعارِجِ، والأبوابِ والسُّرُرِ مِن الفِضَّةِ والذَّهَبِ؛ مَتاعُ الدُّنيا لا يَعودُ على مَن أُعطِيَه بالسَّعادةِ الأبَدِيَّةِ، وأمَّا السَّعادةُ الأبَديَّةُ فقد ادَّخَرها اللهُ للمُتَّقينَ، وليستْ كمِثلِ البهارِجِ والزِّينةِ الزَّائدةِ الَّتي تُصادِفُ مُختلِفَ النُّفوسِ، وتَكثُرُ لأهلِ النُّفوسِ الضَّئيلةِ الخسيسةِ [410] يُنظر: ((تفسير ابن عاشور)) (25/207). .