موسوعة القواعد الفقهية

الفَرعُ الرَّابِعُ: لا يُشتَرَطُ في التَّابِعِ ما يُشتَرَطُ في المَتبوعِ


أوَّلًا: صيغةُ القاعِدةِ.
استُعمِلَتِ القاعِدةُ بهذه الصِّيغةِ المَذكورةِ: "لا يُشتَرَطُ في التَّابِعِ ما يُشتَرَطُ في المَتبوعِ" [1450] يُنظر: ((مجموع الفتاوى)) لابن تيمية (24/207). . وصيغةِ: "التَّبَعُ يَقومُ بشَرطِ الأصلِ" [1451] يُنظر: ((الهداية)) للمرغيناني (4/339)، ((الجوهرة النيرة)) للحداد (1/371)، ((مجمع الأنهر)) لشيخي زاده (2/500)، ((حاشية ابن عابدين)) (6/277)، ((اللباب)) للميداني (2/231). . و"التَّبَعُ لا يُفرَدُ بالشَّرطِ" [1452] يُنظر: ((بدائع الصنائع)) للكاساني (2/14). . و"ما ثَبَتَ تَبَعًا لا يُراعى فيه شَرائِطُ الأصلِ" [1453] يُنظر: ((درر الحكام)) لملا خسرو (1/408). .
ثانيًا: المَعنى الإجماليُّ للقاعِدةِ.
تُفيدُ القاعِدةُ أنَّ الشَّرعَ يَتَسامَحُ في الشَّيءِ الذي يَثبُتُ تَبَعًا لغَيرِه ما لا يَتَسامَحُ فيما لو كان هو المَقصودَ أصلًا، فقد يَتَسامَحُ في بَعضِ الشُّروطِ فلا يَشتَرِطُ في التَّابِعِ تَوافُرَ ما يَشتَرِطُ في المَقصودِ الأصليِّ، وإن كانت صورَتُهما واحِدةً؛ وذلك للحاجةِ إليه، فالشَّيءُ إذا ثَبَتَ في ضِمنِ غَيرِه لا يَجِبُ أن تَتَوفَّرَ شُروطُه، بَل يُكتَفى بتَوفُّرِ شُروطِ المُتَضَمِّنِ له فقَط [1454] يُنظر: ((شرح القواعد الفقهية)) لأحمد الزرقا (ص: 69)، ((القواعد والضوابط الفقهية المتضمنة للتيسير)) لعبد الرحمن آل عبد اللطيف (2/597). .
وهذه القاعِدةُ مُتَفرِّعةٌ مِنَ القاعِدةِ الأُمِّ (يُغتَفرُ في التَّابِعِ ما لا يُغتَفرُ في المَتبوعِ)، ووَجهُ تَفرُّعِها عنها أنَّ التَّابِعَ يُتَسامَحُ فيه، فلا يُشتَرَطُ فيه ما يُشتَرَطُ في المَتبوعِ؛ لأنَّه يُغتَفرُ فيه ما لا يُغتَفرُ في المَتبوعِ.
ثالِثًا: أدِلَّةُ القاعِدةِ.
يُستَدَلُّ لهذه القاعِدةِ بالقاعِدةِ الأُمِّ: (يُغتَفرُ في التَّابِعِ ما لا يُغتَفرُ في المَتبوعِ).
رابِعًا: أمثِلةٌ للقاعِدةِ.
مِنَ الأمثِلةِ على هذه القاعِدةِ:
1- لا يَجوزُ بَيعُ الثَّمَرةِ قَبلَ بُدُوِّ صَلاحِها، وبَيعُها مَعَ أصلِها جائِزٌ، كَما أنَّ بيعَ الحَملِ في البَطنِ وحدَه لا يَجوزُ، ولَو بيعَتِ الدَّابَّةُ وهيَ حامِلٌ جازَ ويَكونُ له أثَرٌ في الثَّمَنِ؛ لأنَّه لا يُشتَرَطُ في التَّابِعِ ما يُشتَرَطُ في المَتبوعِ، كَما أنَّ الأصلَ أنَّه لا يَجوزُ بَيعُ الثَّمَرِ المُؤَبَّرِ قَبلَ أن يَبدوَ صَلاحُه، ولَكِن إذا باعَ شَخصٌ نَخلًا مُؤَبَّرًا، واشتَرَطَ المُبتاعُ أن يَشتَريَ الثَّمَرَ الذي على الشَّجَرِ، فيَجوزُ؛ لأنَّه تَبَعٌ للشَّجَرِ، وهو غَيرُ مَقصودٍ لذاتِه [1455] يُنظر: ((القواعد الفقهية)) لمحمد الزحيلي (1/469)، ((المعاملات المالية)) للدبيان (2/434). .
2- إذا وَلَدَتِ المُعتَدَّةُ ولَدًا في العِدَّةِ مِن وفاةٍ، فصَدَّقَها الورَثةُ في الوِلادةِ، ولَم يَشهَدْ على الوِلادةِ أحَدٌ، فهو ابنُه اتِّفاقًا، وهذا في حَقِّ الإرثِ ظاهِرٌ؛ لأنَّه خالِصُ حَقِّهم، فيُقبَلُ فيه تَصديقُهم. أمَّا في حَقِّ النَّسَبِ هَل يَثبُتُ في حَقِّ غَيرِهم مِمَّن لم يُصَدِّقْ؟ إذا كانوا مِن أهلِ الشَّهادةِ بأن صَدَّقَها رَجُلانِ، أو رَجُلٌ وامرَأتانِ مِنَ الورَثةِ، يَثبُتُ؛ لقيامِ الحُجَّةِ؛ ولِهذا قيلَ: يُشتَرَطُ لفظُ الشَّهادةِ، وقيلَ: لا يُشتَرَطُ؛ لأنَّ الثُّبوتَ في حَقِّ غَيرِهم تَبَعٌ للثُّبوتِ في حَقِّهم بإقرارِهم، وما ثَبَتَ تَبَعًا لا يُراعى فيه شَرائِطُ الأصلِ، وعلى هذا فلَو لم يَكونوا مِن أهلِ الشَّهادةِ لا يَثبُتُ النَّسَبُ إلَّا في حَقِّ المُقرِّينَ مِنهم [1456] يُنظر: ((الهداية)) للمرغيناني (2/281)، ((درر الحكام)) لملا خسرو (1/408)، ((حاشية ابن عابدين)) (3/546). .

انظر أيضا: