الفَرعُ الثَّالِثُ: الأصلُ أنَّه قد يَثبُتُ الشَّيءُ تَبَعًا وحُكمًا وإن كان يَبطُلُ قَصدًا
أوَّلًا: صيغةُ القاعِدةِ.استُعمِلَتِ القاعِدةُ بهذه الصِّيغةِ المَذكورةِ: "الأصلُ أنَّه قد يَثبُتُ الشَّيءُ تَبَعًا وحُكمًا وإن كان يَبطُلُ قَصدًا"
[1439] يُنظر: ((أصول الكرخي)) مطبوع مع ((تأسيس النظر)) للدبوسي (ص: 247)، ((قواعد الفقهـ)) للبركتي (16/20). . وصيغةِ: "قد يَثبُتُ تَبَعًا ما لا يَثبُتُ قَصدًا"
[1440] يُنظر: ((حاشية ابن عابدين)) (4/156). . وصيغةِ: "الشَّيءُ قد يَثبُتُ حُكمًا، وإن كان يَبطُلُ قَصدًا"
[1441] يُنظر: ((العناية)) للبابرتي (6/312). . وصيغةِ: "الشَّيءُ قد يَثبُتُ حُكمًا لغَيرِه، وإن كان لا يَثبُتُ مَقصودًا"
[1442] يُنظر: ((المحيط البرهاني)) لابن مازه (4/37). . وصيغةِ: "قد يَثبُتُ تَبَعًا ما لا يَثبُتُ أصلًا"
[1443] يُنظر: ((المغني)) لابن قدامة (4/420)، ((شرح المقنع)) للبهاء المقدسي (2/193)، ((شرح عمدة الفقهـ)) لابن تيمية (3/116). . وصيغةِ: "يَثبُتُ تَبَعًا ما لا يَثبُتُ استِقلالًا"
[1444] يُنظر: ((القواعد)) لابن رجب (2/504)، ((الفواكه العديدة)) للمنقور (1/122). .
ثانيًا: المَعنى الإجماليُّ للقاعِدةِ.يَتَسامَحُ الشَّرعُ في الشَّيءِ يَثبُتُ تَبَعًا لغَيرِه ما لا يَتَسامَحُ فيما لو كان هو المَقصودَ أصلًا، فالشَّيءُ قد يَثبُتُ تَبَعًا وحُكمًا لغَيرِه في مَوضِعٍ، وإن كان لا يَثبُتُ مَقصودًا، كَما أنَّ النَّسَبَ لا يَثبُتُ بشَهادةِ النِّساءِ، وتَثبُتُ بها الوِلادةُ، فإذا ثَبَتَتِ الوِلادةُ ثَبَتَ النَّسَبُ على وَجهِ التَّبَعِ للوِلادةِ
[1445] يُنظر: ((المبسوط)) للسرخسي (8/91)، ((المحيط البرهاني)) لابن مازه (4/37)، ((المغني)) لابن قدامة (4/420)، ((القواعد والضوابط الفقهية المتضمنة للتيسير)) لعبد الرحمن آل عبد اللطيف (2/597). .
وهذه القاعِدةُ مُتَفرِّعةٌ مِنَ القاعِدةِ الأُمِّ (يُغتَفرُ في التَّابِعِ ما لا يُغتَفرُ في المَتبوعِ)، ووَجهُ تَفَرُّعِها عنها أنَّ الشَّيءَ التَّابِعَ لغَيرِه يُتَسامَحُ فيه مِن حَيثُ كَونُه حُكمًا لغَيرِه، بخِلافِ ما لو كان مَقصودًا؛ لأنَّه يُغتَفرُ في التَّابِعِ ما لا يُغتَفرُ في المَتبوعِ.
ثالِثًا: أدِلَّةُ القاعِدةِ.يُستَدَلُّ لهذه القاعِدةِ بالقاعِدةِ الأُمِّ: (يُغتَفرُ في التَّابِعِ ما لا يُغتَفرُ في المَتبوعِ).
رابِعًا: أمثِلةٌ للقاعِدةِ.تَندَرِجُ تَحتَ هذه القاعِدةِ بَعضُ الفُروعِ الفِقهيَّةِ، مِنها:
1- مَرافِقُ العَينِ -كالطَّريقِ والشُّربِ- تَثبُتُ في بَيعِ العَينِ تَبَعًا، كَما يَثبُتُ المَنقولُ في وقفِ العَقارِ تَبَعًا للعَقارِ، وإن كان لا يَثبُتُ مَقصودًا؛ لأنَّه قد يَثبُتُ تَبَعًا ما لا يَثبُتُ مَقصودًا
[1446] يُنظر: ((شرح السير الكبير)) للسرخسي (ص: 631)، ((حاشية ابن عابدين)) (4/156). .
2- إذا تَصَرَّف البائِعُ في مُدَّةِ الخيارِ تَصَرُّفَ المُلَّاكِ، كَما إذا باعَ المَبيعَ، أو أن يَكونَ الثَّمَنُ عَينًا فتَصَرَّف المُشتَري فيه تَصَرُّفَ المُلَّاكِ فيما إذا كان الخيارُ للمُشتَري، فإنَّ العَقدَ يَنفسِخُ سَواءٌ في ذلك حُضورُ الآخَرِ وعَدَمُه؛ لأنَّه فَسخٌ حُكميٌّ، والشَّيءُ قد يَثبُتُ حُكمًا وإن كان يَبطُلُ قَصدًا
[1447] يُنظر: ((العناية)) للبابرتي (6/312). .
3- حُقوقُ الارتِفاقِ تُورَّثُ، سَواءٌ كانت تابِعةً للعَقارِ المُرتَفَقِ به أم مُنفرِدةً عنه، فتَنتَقِلُ إلى ورَثةِ مالِكِها كَما تَنتَقِلُ الأعيانُ؛ وذلك لأنَّ الوِراثةَ خِلافةٌ قَهريَّةٌ بحُكمِ الشَّارِعِ، ولَيسَت تَمليكًا اختياريًّا، ولأنَّ المِلْكَ بالإرثِ يَقَعُ حُكمًا لا قَصدًا، ويَجوزُ أن يَثبُتَ الشَّيءُ حُكمًا وإن كان لا يَثبُتُ قَصدًا
[1448] يُنظر: ((حاشية ابن عابدين)) (6/445)، ((الحق في الشريعة الإسلامية)) لعثمان ضميرية، مطبوع في ((مجلة البحوث الإسلامية)) (40/349). .
4- عَزلُ الوكيلِ وهو غائِبٌ يَثبُتُ تَبَعًا وحُكمًا؛ لتَصَرُّفِ الموكِّلِ فيه بنَفسِه، ولا يَثبُتُ مَقصودًا، فلَو عَزَلَه قَصدًا لم يَصِحَّ حتَّى يَعلَمَ به
[1449] يُنظر: ((أصول الكرخي)) مطبوع مع ((تأسيس النظر)) للدبوسي (ص: 247). .