موسوعة القواعد الفقهية

الفَرعُ الثَّالِثُ: لا يَلزَمُ مِن بُطلانِ التَّابِعِ بُطلانُ المَتبوعِ


أوَّلًا: صيغةُ القاعِدةِ.
استُعمِلَتِ القاعِدةُ بهذه الصِّيغةِ المَذكورةِ: "لا يَلزَمُ مِن بُطلانِ التَّابِعِ بُطلانُ المَتبوعِ" [1360] يُنظر: ((العناية)) للبابرتي (6/195). . وصيغةِ: "لا يَلزَمُ مِن بُطلانِ التَّبَعِ بُطلانُ الأصلِ" [1361] يُنظر: ((فتح القدير)) لابن الهمام (6/194)، ((حاشية ابن عابدين)) (4/327). . وصيغةِ: "رَفعُ حُكمِ التَّابِعِ لا يَستَلزِمُ رَفعَ المَتبوعِ" [1362] يُنظر: ((نهاية الوصول)) لصفي الدين الهندي (6/2382). . وصيغةِ: "لا يَلزَمُ مِن بُطلانِ الوصفِ بُطلانُ الأصلِ" [1363] يُنظر: ((العناية)) للبابرتي (4/455)، ((البحر الرائق)) لابن نجيم (1/366). .
ثانيًا: المَعنى الإجماليُّ للقاعِدةِ.
تُفيدُ القاعِدةُ أنَّه لا يَجوزُ إبطالُ المَتبوعِ لامتِناعِ حُصولِ التَّابِعِ، فيَبطُلُ التَّابِعُ وَحدَه؛ لأنَّ التَّابِعَ مَعَ المَتبوعِ كالصِّفةِ مَعَ المَوصوفِ، فهو كالتَّكمِلةِ والتَّتِمَّةِ للمَتبوعِ، فلا يَلزَمُ مِن بُطلانِه بُطلانُ مَتبوعِه؛ لأنَّه ليسَ مِن ضَرورةِ بُطلانِ الوصفِ بُطلانُ الأصلِ [1364] يُنظر: ((المغني)) لابن قدامة (10/424)، ((نهاية الوصول)) لصفي الدين الهندي (6/2382)، ((كشف الأسرار)) لعلاء الدين البخاري (1/236)، ((الموافقات)) للشاطبي (3/484). .
وهذه القاعِدةُ مُتَفرِّعةٌ مِنَ القاعِدةِ الأُمِّ (التَّابِعُ لا يُعارِضُ الأصلَ)؛ لأنَّ بُطلانَ التَّابِعِ لا يُؤَثِّرُ في المَتبوعِ؛ لأنَّ التَّابِعَ لا يَقوى على مُعارَضةِ الأصلِ.
ثالِثًا: أدِلَّةُ القاعِدةِ.
يُستَدَلُّ لهذه القاعِدةِ بالقاعِدةِ الأُمِّ (التَّابِعُ لا يُعارِضُ الأصلَ).
رابِعًا: أمثِلةٌ للقاعِدةِ.
تَندَرِجُ تَحتَ هذه القاعِدةِ بَعضُ الفُروعِ الفِقهيَّةِ، مِنها:
1- لا يَلزَمُ مِن بُطلانِ صَلاةِ المَأمومِ بُطلانُ صَلاةِ الإمامِ؛ لأنَّ المَأمومَ تابِعٌ لإمامِه، ولا يَلزَمُ مِن بُطلانِ التَّابِعِ بُطلانُ المَتبوعِ [1365] يُنظر: ((الأشباه والنظائر)) لابن نجيم (ص: 323). .
2- إذا أتى المُصَلِّي بما يُنافي الفَرضَ لا النَّفلَ، كَأن أحرَمَ القادِرُ بالفَرضِ قاعِدًا، أو أحرَمَ به قَبلَ وقتِه عامِدًا عالِمًا، لم تَنعَقِدْ صَلاتُه، فإن كان له عُذرٌ، كَظَنِّه دُخولَ الوقتِ فأحرَمَ بالفَرضِ، أو قَلَبَه نَفلًا لإدراكِ جَماعةٍ مَشروعةٍ وهو مُنفرِدٌ، فسَلَّمَ مِن رَكعَتَينِ ليُدرِكَها، أو رَكَعَ مَسبوقٌ قَبلَ تَمامِ التَّكبيرةِ جاهلًا، انقَلَبَت نَفلًا لعُذرِه؛ إذ لا يَلزَمُ مِن بُطلانِ الخُصوصِ -وهو الفرضُ- بُطلانُ العُمومِ، وهو مُطلَقُ الصَّلاةِ [1366] يُنظر: ((حاشية الجمل على شرح المنهج)) (1/333)، ((حاشية البجيرمي)) (1/347). .
3- إذا ماتَ أحَدُ الشَّريكَينِ بَطَلَتِ الشَّرِكةُ؛ لأنَّها تَتَضَمَّنُ الوَكالةَ، أي: مَشروطٌ ابتِداؤُها وبَقاؤُها بها ضَرورةً، فإنَّها لا يَتَحَقَّقُ ابتِداؤُها إلَّا بوِلايةِ التَّصَرُّفِ لكُلٍّ مِنهما في مالِ الآخَرِ، ولا تبقى الوِلايةُ إلَّا ببَقاءِ الوَكالةِ [1367] يُنظر: ((فتح القدير)) لابن الهمام (6/194)، ((حاشية ابن عابدين)) (4/327). وينظر أيضًا: ((العناية)) للبابرتي (6/195). .

انظر أيضا: