الفَرعُ الأوَّلُ: التَّابِعُ لا يَتَقدَّمُ على المَتبوعِ
أوَّلًا: صيغةُ القاعِدةِ.استُعمِلَتِ القاعِدةُ بهذه الصِّيغةِ المَذكورةِ: "التَّابِعُ لا يَتَقدَّمُ على المَتبوعِ"
[1338] يُنظر: ((العزيز)) للرافعي (1/238)، ((كفاية النبيهـ)) لابن الرفعة (4/179)، ((المنثور)) للزركشي (1/236)، ((عجالة المحتاج)) لابن الملقن (2/922)، ((كفاية الأخيار)) للحصني (ص: 139)، ((اللامع الصبيح)) للبرماوي (4/28)، ((الأشباه والنظائر)) للسيوطي (ص: 119). . وصيغةِ: "التَّابِعُ لا يُقدَّمُ على مَتبوعِه"
[1339] يُنظر: ((مغني المحتاج)) للخطيب الشربيني (3/424). .
ثانيًا: المَعنى الإجماليُّ للقاعِدةِ.تُفيدُ القاعِدةُ أنَّ التَّابِعَ لا يُقدَّمُ على المَتبوعِ؛ لأنَّ التَّابِعَ لشَيءٍ -بأن يَكونَ جُزءًا مِنه، أو كالجُزءِ مِنه، مِثلُ الصُّوفِ- لا يَتَقدَّمُ على مَتبوعِه الأصليِّ في الحُكمِ؛ لأنَّ التَّابِعَ يَتبَعُ مَتبوعَه؛ إذِ التَّابِعُ فرعٌ، والمَتبوعُ أصلٌ، والفَرعُ يَتبَعُ الأصلَ ولا يَتَقدَّمُ عليه
[1340] يُنظر: ((المنثور)) للزركشي (1/236)، ((الأشباه والنظائر)) للسيوطي (ص: 120)، ((الأشباه والنظائر)) لابن نجيم (ص: 103)، ((القواعد الفقهية)) لمحمد الزحيلي (1/466). .
وهذه القاعِدةُ مُتَفرِّعةٌ مِنَ القاعِدةِ الأُمِّ (التَّابِعُ لا يُعارِضُ الأصلَ)، فالتَّابِعُ لا يَتَقدَّمُ على أصلِه المَتبوعِ؛ لأنَّه فَرعُه، والفَرعُ لا يُساوي الأصلَ ولا يُعارِضُه.
ثالِثًا: أدِلَّةُ القاعِدةِ.يُستَدَلُّ لهذه القاعِدةِ بالسُّنَّةِ والقَواعِدِ:
1- مِنَ السُّنَّةِ:عن أبي هرَيرةَ رَضِيَ اللهُ عنه أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال:
((أما يَخشى أحَدُكُم -أو لا يَخشى أحَدُكُم- إذا رَفعَ رَأسَه قَبلَ الإمامِ أن يَجعَلَ اللهُ رَأسَه رَأسَ حِمارٍ، أو يَجعَلَ اللهُ صورَتَه صورةَ حِمارٍ )) [1341] أخرجه البخاري (691) واللفظ له، ومسلم (427). .
وَجهُ الدَّلالةِ:في الحَديثِ وعيدٌ شَديدٌ مفادُه أنَّ التَّابِعَ -وهو المَأمومُ هنا- لا يَنبَغي أن يَتَقدَّمَ على المَتبوعِ، وهو الإمامُ؛ لأنَّ المَسخَ عُقوبةٌ لا تُشبِهُ العُقوباتِ، ثُمَّ قيلَ: إنَّ هذا الفِعلَ تَبطُلُ به الصَّلاةُ، وأكثَرُ العُلَماءِ مَعَ شِدَّةِ كَراهَتِه لم يَرَوا إعادةَ الصَّلاةِ عليه، وإنَّما كان عليه أن يَعودَ للرُّكوعِ والسُّجودِ، حتَّى يَرفعَ الإمامُ
[1342] يُنظر: ((اللامع الصبيح)) للبرماوي (4/28). .
2- مِنَ القَواعِدِ:يُستَدَلُّ لهذه القاعِدةِ بالقاعِدةِ الأُمِّ (التَّابِعُ لا يُعارِضُ الأصلَ).
رابِعًا: أمثِلةٌ للقاعِدةِ.تَندَرِجُ تَحتَ هذه القاعِدةِ بَعضُ الفُروعِ الفِقهيَّةِ، مِنها:
1- لا يَصِحُّ تَقدُّمُ المَأمومِ على إمامِه في المَوقِفِ، ولا في تَكبيرةِ الإحرامِ، ولا في سائِرِ الأفعالِ؛ لأنَّ المَأمومَ تابِعٌ للإمامِ، والتَّابِعُ لا يَتَقدَّمُ على المَتبوعِ
[1343] يُنظر: ((الأشباه والنظائر)) للسيوطي (ص: 120)، ((الأشباه والنظائر)) لابن نجيم (ص: 103)، ((القواعد الفقهية)) لمحمد الزحيلي (1/466). .
2- إذا أرادَ المُسافِرُ جَمعَ الصَّلاتَينِ في وقتِ الأولى لم يَجُزْ إلَّا بأن يُقَدِّمَ الأولى مِنهما عِندَ جُمهورِ الفُقَهاءِ؛ لأنَّ وقتَ الثَّانيةِ لم يَدخُلْ، وإنَّما جُوِّز فِعلُها تَبَعًا للأُولى، والتَّابِعُ لا يَتَقدَّمُ على المَتبوعِ، فإذا صَلَّى العَصرَ قَبلَ الظُّهرِ لا تَصِحُّ؛ لأنَّ التَّابِعَ لا يَتَقدَّمُ على مَتبوعِه
[1344] يُنظر: ((كفاية النبيهـ)) لابن الرفعة (4/179)، ((النجم الوهاج)) للدميري (2/433)، ((كفاية الأخيار)) للحصني (ص: 139)، ((مغني المحتاج)) للخطيب الشربيني (1/530)، ((الموسوعة الفقهية الكويتية)) (15/287). .
3- عِندَ الشَّافِعيَّةِ إذا حَضَرَ الجُمُعةَ مَن لا تَنعَقِدُ به، كالمُسافِرِ والمَرأةِ، لم يَصِحَّ إحرامُهم بها إلَّا بَعدَ إحرامِ أربَعينَ مِن أهلِ الكَمالِ؛ لأنَّهم تَبَعٌ لهم
[1345] يُنظر: ((الأشباه والنظائر)) للسيوطي (ص: 120). .
خامِسًا: مُكمِلاتٌ للقاعِدةِ.استِثناءاتٌ:يُستَثنى مِنَ القاعِدةِ بَعضُ الفُروعِ، مِنها:
1- لو حَضَرَ الجُمُعةَ مَن لا تَنعَقِدُ به، كالمُسافِرِ والعَبدِ والمَرأةِ، فإنَّه يَصِحُّ إحرامُهم قَبلَ إحرامِ مَن تَنعَقِدُ به الجُمُعةُ
[1346] يُنظر: ((إيضاح القواعد الفقهية)) لعبد الله اللحجي (ص: 115). .
2- الغُرَّةُ والتَّحجيلُ يَصِحُّ فِعلُهما قبلَ غَسلِ مَحَلِّ الفَرضِ عِندَ بَعضِ العُلَماءِ؛ لأنَّ ما قارَبَ الشَّيءَ يُعطى حُكمَه
[1347] يُنظر: ((إيضاح القواعد الفقهية)) لعبد الله اللحجي (ص: 115). .