موسوعة القواعد الفقهية

الفَرعُ الرَّابِعُ: الأجزاءُ تابِعةٌ للأصلِ


أوَّلًا: صيغةُ القاعِدةِ.
استُعمِلَتِ القاعِدةُ بهذه الصِّيغةِ المَذكورةِ: "الأجزاءُ تابِعةٌ للأصلِ" [1130] يُنظر: ((تقويم النظر)) لابن الدهان (1/143)، ((شرح الزركشي على مختصر الخرقي)) (6/182). . وصيغةِ: "الأجزاءُ تابِعةٌ للعَينِ" [1131] يُنظر: ((المهذب)) للشيرازي (2/189)، ((التهذيب)) للبغوي (4/281)، ((كفاية النبيهـ)) لابن الرفعة (10/394). . وصيغةِ: "الفُروعُ تابِعةٌ للأصلِ" [1132] يُنظر: ((تمهيد القواعد)) لناظر الجيش (10/4937). . وصيغةِ: "جُزءُ الشَّيءِ يُعطى له حُكمُ ذلك الشَّيءِ" [1133] يُنظر: ((المحيط البرهاني)) لابن مازه (2/336). . وصيغةِ: "أجزاءُ الشَّيءِ تُضافُ إليه" [1134] يُنظر: ((المغني)) لابن قدامة (2/131)، ((الشرح الكبير)) لشمس الدين ابن قدامة (3/417)، ((شرح منتهى الإرادات)) لابن النجار (2/100). .
ثانيًا: المَعنى الإجماليُّ للقاعِدةِ.
تُفيدُ القاعِدةُ أنَّ الشَّيءَ المُكَوَّنَ مِن أجزاءٍ فإنَّ الأجزاءَ فيه تَكونُ تابِعةً لأصلِها في الحُكمِ، ولا حُكمَ لها في نَفسِها، فلا تُفرَدُ بحُكمٍ مُستَقِلٍّ، ولا يَثبُتُ الحُكمُ فيها إلَّا بثُبوتِه في الأصلِ، فتَأخُذُ حُكمَ أصلِها [1135] يُنظر: ((شرح مختصر الطحاوي)) للجصاص (4/430)، ((المبسوط)) للسرخسي (11/57)، ((بدائع الصنائع)) للكاساني (2/211)، ((تقويم النظر)) لابن الدهان (1/143)، ((شرح الزركشي على مختصر الخرقي)) (6/182). .
وهذه القاعِدةُ مُتَفرِّعةٌ مِنَ القاعِدةِ الأُمِّ (التَّابِعُ تابِعٌ)؛ لأنَّ الأجزاءَ لا تَستَقِلُّ بحُكمٍ، وإنَّما تَتبَعُ أصلَها؛ لأنَّ التَّابِعَ لشَيءٍ في الوُجودِ تابِعٌ له في حُكمِه.
ثالِثًا: أدِلَّةُ القاعِدةِ.
يُستَدَلُّ لهذه القاعِدةِ بالسُّنَّةِ، والإجماعِ، والقَواعِدِ:
1- مِنَ السُّنَّةِ:
عن مُعاويةَ بنِ الحَكَمِ السُّلَميِّ رَضِيَ اللهُ عنه أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال في الصَّلاةِ: ((إنَّما هو التَّسبيحُ والتَّكبيرُ وقِراءةُ القُرآنِ )) [1136] أخرجه مسلم (537). .
وَجهُ الدَّلالةِ:
أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم جَعَلَ التَّكبيرَ وغَيرَه مِنَ الصَّلاةِ، فلا تَصِحُّ بدونِها؛ لأنَّ أجزاءَ الشَّيءِ تُضافُ إليه، كَيدِ الإنسانِ وسائِرِ أطرافِه [1137] يُنظر: ((المغني)) لابن قدامة (2/131)، ((الشرح الكبير)) لشمس الدين ابن قدامة (3/417)، ((شرح منتهى الإرادات)) لابن النجار (2/100). .
2- مِنَ الإجماعِ:
فقد حَكى الشَّاطِبيُّ الاتِّفاقَ على صورةٍ مِن صُوَرِ القاعِدةِ [1138] قال: (اتَّفقوا على أنَّ ثَمَرةَ الشَّجَرةِ إذا لم تَظهَرْ تابِعةٌ للأصلِ في البَيعِ، وعلى أنَّها غَيرُ تابِعةٍ لها إذا جُذَّت). ((الموافقات)) (5/119). .
3- مِنَ القَواعِدِ:
يُستَدَلُّ لهذه القاعِدةِ بالقاعِدةِ الأُمِّ (التَّابِعُ تابِعٌ).
رابِعًا: أمثِلةٌ للقاعِدةِ.
مِنَ الأمثِلةِ على هذه القاعِدةِ:
1- لا يَمَسُّ الجُنُبُ المُصحَفَ بشَعرِه؛ لأنَّ الأجزاءَ تابِعةٌ للأصلِ [1139] يُنظر: ((تقويم النظر)) لابن الدهان (1/143). .
2- شَعرُ المَيتةِ وعَظمُها وعَصَبُها تَنَجَّسَ بالمَوتِ؛ لأنَّ الأجزاءَ تابِعةٌ للأصلِ طَهارةً ونَجسًا، فلا يُفارِقُ الشَّعرُ فيه أصلَه [1140] يُنظر: ((تقويم النظر)) لابن الدهان (1/142). .
3- إذا نَبَتَت شَجَرةٌ أصلُها في الحَرَمِ وأغصانُها في الحِلِّ، فهيَ مِن شَجَرِ الحَرَمِ. وإن كان أصلُها في الحِلِّ وأغصانُها في الحَرَمِ فهيَ مِن شَجَرِ الحِلِّ، فيُنظَرُ في ذلك إلى الأصلِ لا إلى الأغصانِ؛ لأنَّ الأغصانَ تابِعةٌ للأصلِ، فيُعتَبَرُ فيه مَوضِعُ الأصلِ لا التَّابِعِ. وإن كان بَعضُ أصلِها في الحَرَمِ والبَعضُ في الحِلِّ فهيَ مِن شَجَرِ الحَرَمِ؛ لأنَّه اجتَمَعَ فيه الحَظرُ والإباحةُ، فيُرَجَّحُ الحاظِرُ احتياطًا [1141] يُنظر: ((بدائع الصنائع)) للكاساني (2/211). وينظر أيضًا: ((خزانة المفتين)) للسمناقي (ص: 1098). .
4- المَبيعُ إذا كان مَضمونًا على البائِعِ كانت أجزاؤُه مَضمونةً عليه، ولَو كان مَضمونًا على المُشتَري كانت أجزاؤُه مَضمونةً عليه، فالأجزاءُ تابِعةٌ للأصلِ، وإذا كانتِ الأجزاءُ مَضمونةً، ولَم يَرِدْ فيها تَقديرٌ مِن جِهةِ الشَّرعِ، فالواجِبُ سُلوكُ هذه الطَّريقةِ لنَصِلَ إلى الواجِبِ [1142] يُنظر: ((شرح الزركشي على مختصر الخرقي)) (6/182). وينظر أيضًا: ((الكافي)) لابن قدامة (2/240). .

انظر أيضا: