موسوعة القواعد الفقهية

الفَرعُ الأوَّلُ: المانِعُ مِنَ الجَوازِ إذا استَوى بالمُجَوِّزِ يَتَرَجَّحُ المانِعُ.


أوَّلًا: صيغةُ القاعِدةِ.
استُعمِلَت القاعِدةُ بهذه الصِّيغةِ المَذكورةِ: "المانِعُ مِنَ الجَوازِ إذا استَوى بالمُجَوِّزِ يَتَرَجَّحُ المانِعُ" [789] يُنظر: ((المبسوط)) للسرخسي (4/142). .
ثانيًا: المَعنى الإجماليُّ للقاعِدةِ.
إذا ترَجَّحَ دَليلٌ على دَليلٍ فإنَّه يُقدَّمُ الرَّاجِحُ أيًّا كانت دَلالتُه، سَواءٌ دَلَّ على المَنعِ أو على الجَوازِ، أمَّا إذا استَوى دَليلانِ وكان أحَدُهما يُجيزُ شَيئًا ما -تَصَرُّفًا كان أو غَيرَه- والآخَرُ يَمنَعُه، أوِ اجتَمَعَ في شَيءٍ واحِدٍ أمرانِ أحَدُهما مانِعٌ مِن جَوازِه والآخَرُ يَقتَضي جَوازَه وتَساوَيا، فإنَّ المانِعَ يُقدَّمُ على المُجَوِّزِ ويَتَرَجَّحُ عليه؛ لأنَّ دَرءَ مَفاسِدِ المُحرَّمِ مُقدَّمٌ على جَلبِ مَصلَحةِ المُبيحِ، وقدِ انفرَدَ بذِكرِها السَّرَخسيُّ مِنَ الحَنَفيَّةِ، وتُعتَبَرُ هذه القاعِدةُ تَطبيقًا لقاعِدةِ (المانِعُ مُقدَّمٌ على المُقتَضي) [790] يُنظر: ((موسوعة القواعد الفقهية)) للبورنو (9/291). .
ثالثًا: أدِلَّةُ القاعِدةِ.
دَلَّ على هذه القاعِدةِ ما سَبَقَ مِن أدِلَّةٍ في قاعِدةِ (المانِعُ مُقدَّمٌ على المُقتَضي).
رابعًا: أمثِلةٌ للقاعِدةِ.
مِنَ الأمثِلةِ على هذه القاعِدةِ:
1- لا تُجْزِئُ في الأضاحيِّ مَقطوعةُ الأُذُنِ أوِ الطَّرَفِ عِندَ الحَنَفيَّةِ على تَفصيلٍ عِندَهم. وعِندَ أبي يوسُفَ: إذا كان الذَّاهِبُ مِنَ الأُذُنِ المَقطوعةِ في الشَّاةِ المُعَيَّنةِ للأُضحيَّةِ على قدرِ الباقي مِنَ الأُذُنِ -يَعني قُطِعَ نِصفُها فقَط- يَمنَعُ الأُضحيَّةَ بها؛ لأنَّه لمَّا استَوى المانِعُ والمُجَوِّزُ يَتَرَجَّحُ المانِعُ احتياطًا [791] يُنظر: ((المبسوط)) للسرخسي (4/142) و (12/16،15). .
2- إنِ اشتَرَكَ في البَدَنةِ مُسلِمٌ يُريدُ اللَّحمَ دونَ الهَديِ لم يُجزِئْ في الجَميعِ عِندَ الحَنَفيَّةِ؛ لأنَّ الذي نَوى اللَّحمَ فكَأنَّه نَفى مَعنى القُربةِ في نَصيبِه، والآخَرُ أثبَتَه، فاجتَمَعَ المانِعُ مِنَ الجَوازِ مَعَ المُجَوِّزِ، وهو لا يَتَجَزَّأُ، فيُقدَّمُ المانِعُ [792] يُنظر: ((المبسوط)) للسرخسي (4/144). .
3- إذا نُسِجَ ثَوبٌ بحَريرٍ وقُطنٍ مُتَساويَينِ لا يَجوزُ لُبسُه للرِّجالِ؛ لوُجودِ المانِعِ والمُجَوِّزِ بالتَّساوي [793] يُنظر: ((موسوعة القواعد الفقهية)) للبورنو (9/ 292). .

انظر أيضا: