موسوعة القواعد الفقهية

الفرعُ الثَّالثُ: تَخَلُّلُ المانِعِ بَينَ الطَّرَفينِ، هَل له أثَرٌ؟


أوَّلًا: صيغةُ القاعِدةِ.
استُعمِلَت القاعِدةُ بهذه الصِّيغةِ المَذكورةِ: "تَخَلُّلُ المانِعِ بَينَ الطَّرَفينِ، هَل له أثَرٌ؟" [754] يُنظر: ((المنثور)) للزركشي (1/266). .
ثانيًا: المَعنى الإجماليُّ للقاعِدةِ.
 العُقودُ والتَّصَرُّفاتُ حتَّى تَصِحَّ يَجِبُ تَوافُر شُروطِها وانتِفاءُ مَوانِعها، فإذا وُجِدَ مانِعٌ عِندَ إنشاءِ العَقدِ فإنَّه يَمنَعُ انعِقادَه، لكِن إذا نَشَأ عَقدٌ مِنَ العُقودِ أو تَصَرُّفٌ مِنَ التَّصَرُّفاتِ وبَعدَ نَشأتِه وقَبلَ تَمامِه حَدَث مانِعٌ، ثُمَّ زال المانِعُ قَبلَ تَمامِ العَقدِ، فهَل يَكونُ لتخَلُّلِ المانِعِ بَينَ نَشأةِ العَقدِ وتَمامِه أثَرٌ فيَمنَعُ انعِقادَ العَقدِ، أو لا يَكونُ له أثَرٌ لأجلِ انعِدامِ المانِعِ عِندَ النَّشأةِ وبَعدَ التَّمامِ؟ خِلافٌ بَينَ العُلماءِ، وقد أشارَ الزَّركَشيُّ إلى هذه القاعِدةِ، وأنَّه يُؤَثِّرُ غالبًا في صُوَرٍ، وهذه القاعِدةُ تُعتَبَرُ مُكملةً لقاعِدةِ (لا حُكمَ مَعَ قيامِ المانِعِ) [755] يُنظر: ((المنثور)) للزركشي (1/266)، ((موسوعة القواعد الفقهية)) للبورنو (2/260). .
ثالثًا: أدِلَّةُ القاعِدةِ.
دَلَّ على هذه القاعِدةِ المَعقولُ:
وهو أنَّ المانِعَ مُنتَفٍ في الابتِداءِ والانتِهاءِ، وما يَتَخَلَّلُ بَينَهما فلا مَعنى لاشتِراطِ شَيءٍ فيه [756] يُنظر: ((نهاية المطلب)) لأبي المعالي الجويني (3/178). .
رابعًا: أمثِلةٌ للقاعِدةِ.
مِنَ الأمثِلةِ على هذه القاعِدةِ:
1- لو فاتَته صَلاةٌ رُباعيَّةٌ في السَّفرِ، كالظُّهرِ أوِ العَصرِ أوِ العِشاءِ، فهَل يَجوزُ قَصرُها إذا قَضاها في سَفَرٍ غَيرِ ذلك السَّفرِ؟ وجهانِ عنِ الشَّافِعيَّةِ: أصَحُّهما: نَعَم، يَقصُرُها، وهو اختيارُ الحَنَفيَّةِ والمالكيَّةِ والحَنابلةِ أيضًا [757] يُنظر: ((المغني)) لابن قدامة (3/142)، ((المجموع)) للنووي (4/366)، ((المنثور)) للزركشي (1/266)، ((البناية)) للعيني (3/33)، ((عمدة السالك)) لابن النقيب (ص:76)، ((فتح القريب المجيب)) لابن قاسم (ص:95)، ((الفواكه الدواني)) للنفراوي (1/253)، ((لوامع الدرر)) للمجلسي الشنقيطي (2/578). .
2- إذا عَجَّل الزَّكاةَ إلى فقيرٍ ثُمَّ استَغنى هذا الفقيرُ ثُمَّ افتَقَرَ آخِرَ الحَولِ، فهَل يُجزِئُ المُزَكَّى عنِ الفَرضِ؟ في الأصَحِّ عِندَ الشَّافِعيَّةِ: يُجزِئُ؛ لأنَّه فقيرٌ حالَ الدَّفعِ وحالَ الوُجوبِ، وهو اختيارُ الحَنَفيَّةِ والحَنابلةِ أيضًا [758] يُنظر: ((الحاوي الكبير)) للماوردي (3/171،170)، ((المهذب)) للشيرازي (1/307)، ((الهداية)) للكلوذاني (ص:146)، ((التجريد)) للقدوري (3/1235)، ((المغني)) لابن قدامة (4/85)، ((المنثور)) للزركشي (1/267)، ((البناية)) للعيني (3/364)، ((مواهب الجليل)) للحطاب (2/363). .

انظر أيضا: