موسوعة القواعد الفقهية

الفرعُ الثَّاني: إذا اعتَرَضَ مانِعٌ بَعدَ القَضاءِ وقَبلَ الاستيفاءِ في الحَدِّ فهو كالمُقتَرِنِ بأصلِ السَّبَبِ


أوَّلًا: صيغةُ القاعِدةِ.
استُعمِلَت القاعِدةُ بهذه الصِّيغةِ: "المُعتَرِضُ بَعدَ القَضاءِ قَبلَ الاستيفاءِ في الحَدِّ كالمُقتَرِنِ بأصلِ السَّبَبِ" [748] يُنظر: ((المبسوط)) للسرخسي (9/186)، (العناية)) للبابرتي (5/407). . ويُعَبَّرُ عنها بـ"الحادِثُ بَعدَ انعِقادِ السَّبَبِ قَبلَ تَمامِه يُجعَلُ كالمَوجودِ عِندَ ابتِداءِ السَّبَبِ" [749] يُنظر: ((المبسوط)) للسرخسي (10/ 102) و(12/ 133)، ((تبيين الحقائق)) للزيلعي (3/ 286)، ((البحر الرائق)) لابن نجيم (5/ 141). .
ثانيًا: المَعنى الإجماليُّ للقاعِدةِ.
تُفيدُ القاعِدةُ أنَّ الحُدودَ إنَّما تُقامُ لوُجودِ أسبابِها وانتِفاءِ مَوانِعِها، وأنَّه لو وُجِدَ وصفٌ يَمنَعُ الحُكمَ قَبلَ قَضاءِ القاضي بالحَدِّ، فإنَّه يَلزَمُ القاضيَ مَنعُ الحُكمِ لأجلِه، كَأن كان الجاني صَبيًّا أو مَجنونًا، أمَّا لو طَرَأ المانِعُ بَعدَ قَضاءِ القاضي بالحُكمِ وقَبلَ الاستيفاءِ فالحَنَفيَّةُ يَجعَلونَه مانِعًا مِنَ الحُكمِ، كالمانِعِ المُقتَرِنِ بأصلِ السَّبَبِ، أو وقتَ حُدوثِ الجِنايةِ، وهذه القاعِدةُ مِمَّا انفرَدَ به الحَنَفيَّةُ، وتُعتَبَرُ تَطبيقًا للقاعِدةِ الأُمِّ [750] يُنظر: ((المبسوط)) للسرخسي (9/186)، (العناية)) للبابرتي (5/407)، ((البناية)) للعيني (7/63). .
ثالثًا: أدِلَّةُ القاعِدةِ.
دَلَّ على هذه القاعِدةِ المَعقولُ:
وهو أنَّ العُقوباتِ تَندَرِئُ بالشُّبُهاتِ، فيُجعَلُ المُعتَرِضُ قَبلَ الاستيفاءِ شُبهةً مانِعةً، كالمُقتَرِنِ بأصلِ السَّبَبِ استِحسانًا [751] يُنظر: ((المبسوط)) للسرخسي (9/74). .
رابعًا: أمثِلةٌ للقاعِدةِ.
مِنَ الأمثِلةِ على هذه القاعِدةِ:
1- إذا حُكِمَ على السَّارِقِ بالقَطعِ ببَيِّنةٍ أو بإقرارٍ، ثُمَّ قال المَسروقُ مِنه: هذا مَتاعُه، أو قال: لم يَسرِقْه مِنِّي، إنَّما كُنتُ أودَعتُه، أو قال: شَهِدَ شُهودي بزورٍ، أو قال: أقَرَّ هو بالباطِلِ، بطَلَ القَطعُ عنه عِندَ أبي حَنيفةَ لانقِطاعِ خُصومَتِه. وبَقاءُ الخُصومةِ إلى وقتِ استيفاءِ القَطعِ شَرطٌ للاستيفاءِ، والمُعتَرِضُ بَعدَ القَضاءِ قَبلَ الاستيفاءِ في الحَدِّ كالمُقتَرِنِ بأصلِ السَّبَبِ [752] يُنظر: ((المبسوط)) للسرخسي (9/187،186)، (العناية)) للبابرتي (5/407،406). .
2- إن شَهدَ أربَعةُ نَصارى على نَصرانيٍّ بالزِّنا فقُضيَ عليه بالحَدِّ، ثُمَّ أسلَمَ قَبلَ استيفاءِ الحَدِّ يُدرَأُ عنه الحَدُّ عِندَ الحَنَفيَّةِ؛ لأنَّ القاضيَ لا يَتَمَكَّنُ مِن إقامةِ الحَدِّ إلَّا بحُجَّةٍ، وشَهادةُ النَّصرانيِّ ليسَت بحُجَّةٍ على المُسلمِ، والعارِضُ قَبلَ إقامةِ الحَدِّ كالمُقتَرِنِ بالسَّبَبِ [753] يُنظر: ((المبسوط)) للسرخسي (9/74). .

انظر أيضا: